عن حميدتي حاحكي ليكم

 


 

صلاح الباشا
22 September, 2023

 

هل نبدأ بكلمات شاعرنا الراحل صديق مدثر حين كتب لكابلي وتغني بها ..
كان بالامس لقانا عابرا
كان وهما كان رمزا عبقريا ؟؟
فقد ضجت الوسايط منذ مساء امس واشتعلت كل منصات التواصل الاجتماعي واخبار الفضائيات .. ليس بمضامين خطاب قائد الدعم السريع حميدتي .. بل بظهوره هو شخصيا علي شاشات الفضائيات ووكالات الانباء وذلك بسبب ما ظلت تتناقله الوسايط في مجملها ومنذ عدة شهور بان الرجل قد اصيب اصابات مميتة واجريت له عدة عمليات جراحية بمستشفي شرق النيل بالخرطوم بحري وانه قد تم دفنه بشرق الحاج يوسف .. وقد تطوع اخرون يؤكدون انهم اشتركوا في التشييع قبل خمس شهور اي في الايام الاولي لبداية الحرب العبثية ( لعب عيال) والتي وصفها الاعلام الاسلاموي السوداني بانها معركة كرامة .. بالرغم من انهم هم الذين انشأوا هذا الجيش الجرار من الدعم منذ العام ٢٠٠٣م في حرب دارفور ثم اتوا بهم الي الخرطوم لحماية النظام وانهم اجازوا تقنين وجود الدعم عن طريق المجلس الوطني( برلمان الانقاذ) في العام ٢٠١٧م مما ادي الي الاعتراف السياسي بهم بل فتحوا المجال لتجنيس وتحشيد آلاف المجندين من دول غرب افريقيا كالنيجر وتشاد وغيرها من الذين لا اخلاق ولا اعراف لهم وقد رأيناهم كيف فعلوا في بيوت اهل العاصمة وممارسة سرقات ممتلكات المواطنين بما في ذلك سرقة الاف السيارات وادخالها الي النيجر وتشاد ومالي( بوكو سودان ) .
وبرغم ذلك فان اعلام المؤتمر الوطني لايعترف بان قياداتهم ارتكبت تلك الاخطاء ولايزال اعلامهم الذي ظل يسوق عضويتهم الساذجة ( بالخلاء) .
كل تلك الاخطاء القاتلة التي ظهرت اثارها الان لانرغب في الاسهاب فيها لان الامر مفهوم ومعلوم لابناء شعبنا ولا يتطلب كثير إضافة.
ولكن ... نعترف هنا كواحد من الاقلام المستقلة المشحونة حبا لهذا البلد ولمستقبل ابنائه ونقول بان اعلام وتاكتيكات قيادات الدعم السريع كانوا اكثر ذكاء من حيث النشر الالتكتروني والوجود الفضائي في نقطة هامة وهي مسألة وفاة قائدهم محمد حمدان دقلو .. فقد كان يؤكدون علي انه علي قيد الحياة ويناقشونه من وقت لآخر .. وفي ذات الوقت كانت هناك قيادات سياسية ذائعة الصيت ظلت تؤكد من وقت لآخر بأن الرجل قد شبع موتا.. للدرجة التي تحدي فيها سفير السودان بليبيا في حوار الجزيرة مباشر معه بأن حميدتي مات منذ عدة اشهر وانه اذا ظهر الي الوجود إلا يكون (بعاتي ) حسب وصفه .. فما رأي سعادته وهو برتبة فريق مهندس وقد كان مشرفا علي بناء كبري الدباسيين وايضا مشرفا علي انشاء المطار الدولي الجديد غرب ام درمان .. فلم تقم للاثنين قائمة( لا الكبري ولا المطار ) فترقي الي سفير من خارج اطار الدبلوماسية كما تفعل الانقاذ دائما وفي حالات عديدة سابقة.
المهم في القول ان حكاية السواقة بالخلاء والتي لا تعرف قوانين مرور حيث لاتوجد طرق مسفلتة او اشارات ضوئية تتحكم في المرور قد اصبحت سمة في اعلام الوسايط . إلي ان فاجأ دقلو الدنيا كلها بخطابه المسجل والذي تم بثه وفقا لترتيبات محددة مع الفضائيات في ذات وقت انعقاد جلسات الجمعية العامة للامم المتحدة السنوية والتي يحضرها قادة الدول حيث سبق بث الخطاب قبل خطاب السودان الرسمي الذي القاه الفريق اول عبدالفتاح البرهان في مبني الامم المتحدة.
ولذلك حينما قلنا ان الدعم السريع لديه ذكاء اعلامي كان متواجدا خلال اشهر الحرب وكان توقيت بث خطاب قائدهم حميدتي بالامس بعد ان اقتنع الناس بان الرجل اصبح في رحاب الله منذ منتصف ابريل الماضي فقد وجدنا العديد من الانتقادات في حساباتنا بالوسايط وصلت لدرجة الاستفزاز واحيانا ( الشتائم) لكننا لا نرمي لها بالا لان رسالتنا التنويرية تجاه شعبنا تتطلب القفز فوق مطبات النقد الهادم.
وفي تقديرنا الشخصي والاستقرائي بان بقاء دقلو علي قيد الحياة سيساعد كثيرا في احتواء هذه الحرب العبثية والتي تعتبر الاولي في تاريخ البشرية ان يتم حرق عاصمة دولة حيث لم يسبقها غير حرق ( نيرون) امبراطور ايطاليا في التاريخ القديم حين قام بحرق عاصمته ( روما) .
فهل يتحول اعلام المؤتمر الوطني الي اعلام وطني حقيقي وصادق ويحاول تغيير خططه الاعلامية بتغذية اوردة صحافته وكوادره الفاعلة واجهزة امنه بثقافة وطنية عالية المقام تساعد في اقرار السلام وان ويعترفوا بثورة الشباب السوداني التي اذهلت البشرية كلها منذ اشتعال شرارتها الاولي في ١٩ ديسمبر ٢٠١٨م في كل المدن وامتدت لست شهور حيث كان المهر غاليا فسالت دماء شبابنا جراء عنف كتائب الظل والامن الشعبي تطبيقا لتوجيهات علي عثمان ( منظر الحركة الاسلامية) حين كان يخاطب البرلمان ذات يوم بعبارة ( Shoot to kill)
والتي رددها مرتين وقد كان نوابه حزبه وقتذاك في حالة وجوم وصمت رهيب فلم يجرؤ احدا للاعتراض او فرملة الرجل الذي يهوي دائما استخدام لغة القتل والابادة .. والنائب الوحيد الذي تحدث بكل جرأة هو السيد علي ابرسي في نقاط محددة بالبرلمان حينذاك.
وكيف ننسي فتوي شيخ عبدالحي يوسف للمخلوع بابادة ثلث الشباب المعتصمين بالقيادة ( ويؤجر الرئيس علي ذلك) اي ان الله تعالي سيكافيء المخلوع علي قتل الشباب المسالم الثائر .
وهنا نؤكد مرة اخري بان وجود حميدتي علي قيد الحياة سيكون له القدح المعلي في توافر الحلول عبر منبر جدة التفاوضي جنبا الي جنب مع الرئيس البرهان تماما مثلما حدث بين دكتور جون قرنق وعلي عثمان في نايفاشا الكينية.
فكل الحروب تنتهي دائما باتفاق سلام متي ما نجح الوسطاء في تذليل الصعاب وازالة ما احتقن في الصدور من قتل وتشريد ونهب واغتصاب وتدمير لبنية عاصمة البلاد وتشريد اهلها بالملايين الي داخل السودان وخارجه مع توقف كامل لدولاب العمل والاقتصاد المنهك اصلا .
فقد كانت لنا في اتفاقية السلام في نايفاشا اسوة حسنة حين انهت اطول حرب افريقية وهي حرب الجنوب التي اندلعت منذ العام ١٩٥٥م حتي العام ٢٠٠٥م برغم ان نتائجها كانت فصل الجنوب.
ولابد من اختفاء عبارات فلول وكيزان وقحت وعملاء ومرتزقة وسفارات من قاموس الاحتكاك السياسي الحالي عبر منصات التواصل الاجتماعي ليحل محلها روح السلام والنظرة الوطنية الثاقبة من اجل استقرار مستقبل هؤلاء الشباب بعد ان ادي الكبار ادوارهم في تفتيت وحدة البلاد وسرقة ثرواته والهروب بها الي الخارج عبر سنوات طويلة حتي قبل انطلاقة الثورة الديسمبرية.
والله المستعان.

bashco1950@gmail.com
/////////////////////

 

آراء