عن كرتي واليزابيث الثانية !!

 


 

 

هذا الانقلاب لا يستجلب من النماذج ولا يهش له سوى هذه العينة من السودانيين: فقيه اسطنبول الهارب وأردول وعلي كرتي وقناة طيبة و(متلازمة التوم هجو)..! وقد كتبت مرة مقالاً قصيراً بعنوان (كرتي 99) وتساءل بعض الزملاء: هل هذه ماركة سيارات جديدة...؟! قلت لهم حباً وكرامة..إنما هو قيادي انقاذي اسمه "علي كرتي" وجدوا في حيازته خارج نطاق القانون 99 قطعة ارض (حتة واحدة)..! وأبدوا دهشة وقالوا سبحان الحي الباقي..هذا ما لم يظفر به (هنري الثامن) ملك انجلترا وايرلندا وويلز والرئيس الأعلى للكنيسة الرومانية الكاثوليكية..! فلعل كرتي يرى نفسه البارون الأشهر واللورد الذي لا يشق له غبار في حيازة الاقطاعيات؛ وربما ظن أنه كونت أو فيكونت أو بارون من بارونات انجيليا وهاتفورد من (سلالة الانقاذ) بعد ان عبر مرتبة دوق الدفاع الشعبي الى أن اصبح (ارشيدوق الحركة الاسلامية الانقاذية)...! وبهذه المناسبة فإن اشهر مجرم اراضي في بريطانيا في العصر الحديث هو (بيتر راشمان)..كان مثار حديث بريطانيا العظمي لمجرد أنهم وجدوا تحت حيازته فقط (30 عقاراً) في منطقة الطرف الغربي وحي سوهو ونوتنج هيل بلندن (حيازات كرتي المذكورة في بحري وحدها)..! وسارت بذكر الرجل الركبان ووضعته بريطانيا في قائمة المجرمين الخطرين وفي نهاية الأمر تم حرمانه من الجنسية البريطانية (أصوله بولندية)..طبعاً تذكرون ملايين الافدنة في الولاية الشمالية التي حازها فرد واحد من اصحاب كرتي...! وعندما رجعنا لقائمة أملاك المؤسسة الملكية العقارية في بريطانيا وما هو تحت مسؤولية العائلة المالكة من مساحات وجدنا انها (678) فدان فقط لا غير..!
كان على كرتي ان يختار بين ثلاثة: أن يكون أميراً للجماعة وحامياً للشريعة والمشروع الحضاري: أو ان يكون رئيساً تنفيذياً للانقاذ؛ أو الثالثة (سمساراً للاراضي)..! لأن الجمع بين اطراف هذا (المجد الثلاثي) مما لم ينعقد لأحد من الناس على طول التاريخ الانساني.. هذا حتى ولو كان المتطلع يمتلك النصيب الأوفر من الثقافة الدينية والكاريزما القيادية والخبرة الإدارية ورحابة النفس وصباحة الوجه والقبول والجاذبية والألمعية واللماحية و(الاستهبال الذكي) والمقدرة على الاقناع...فكيف يا مولاي (والحال كما نرى)..!!
من المعلوم ان نظام الحكم المدني الذي يلزم مَنْ يتطلع إليه باتباع نهجه..يقتضي الشفافية والصدق والمشاركة الشعبية والعلنية في العمل وحرية تدفق المعلومات واستقلالية اجهزة الصحافة والإعلام والوفاء بشروط المواطنة ونزاهة الحكم باعلان ثروات السياسيين ومقدار ما يؤدونه من ضرائب.. والانصياع لقانون (من أين لك هذا) ووضعه موضع التطبيق.. فهل يقوى كرتي على ذلك..؟! وهل كان كرتي يدفع الضرائب عندما كان في (سوق السجانة )وعندما كان يبيع الأسمنت وعندما كان يتحصّل على العطاءات وعندما كان في الدفاع الشعبي وعنما كان نائباً لأمين عام حركتهم الاسلامية.. وعندما كان تاجراً (بالجملة والقطاعي) وفي ذات الوقت وزيراً للخارجية..؟!
حتى لا نظلم كرتي كانت لجنة ازالة التمكين قد وجدت في حيازة أمين الحركة الإسلامية في مدني ومدير مكتبها في ولاية الجزيرة (77) قطعة ارض..وهكذا الانقاذيون (ذرية بعضها من بعض)..ولكن (ما يحرجم في الحلق) هو أن يملك كرتي الجرأة ليخاطب الشعب السوداني بالكلام (الكُبار) عن الحاضنة الشعبية وعن ادارة الفترة الانتقالية..وهو في ضيافة قناة السحت في تركيا..!! هل هان السودان إلى هذا الدرك..؟!

murtadamore@yahoo.com

 

آراء