عودة المرحلة الوسطي نكتة بايخة واكذوبة لم يصدقها إلا القائمون علي أمر التعليم … هؤلاء الجهلاء !!..

 


 

 

تمخض الجبل فولد فأرا كبيرا من فصيلة ( الجقور ) ورأينا بعد الإعلان عن عودة المرحلة الوسطي مدارس بأكملها تحول الي مدارس أخري أشبه بعملية الشحن والتفريغ في الموانئ وهذه المدارس التي خصصت للمرحلة الوسطي صارت رشيقة وعدد طلابها بسيط في حين أن مدارس المرحلة الأولية اكتظت فصولها حتي كادت أن تنفجر وصارت مثل قطر نيالا زمان لا موضع فيه لقدم !!..
تخيلوا معي المعلم المسكين وغالبا يكون بينه وبين التدريب بعد المشرقين يدخل لحجرة دراسة داخلها تسعون طالبا ادواتهم غير مكتملة واجلاسهم غير مريح والتهوية تعبانة والنوافذ والأبواب محطمة يدخل هذا المعلم الي تلاميذه من غير تحضير ومن غير وسائل ايضاح ومن غير أن يجهز نفسه ذهنيا وبدنيا وينظر الي الساعة بين حين وآخر في عصبية شديدة ويتطلع الي سماع جرس نهاية الحصة لأن فيه الخلاص من الضيق والعذاب الذي يكابده طيلة فترة الاربعين دقيقة التي يراها وكأنها دهر طويل !!..
لو سألنا عن توفير المعينات التعلمية لكافة مدارس البلاد وخاصة كتب المكتبة العربية والإنجليزية لاتهمونا بالجنون وفي اعتقاد أصحاب الشأن أن القراءة الحرة نوع من الترف وهم اصلا لا يريدون طالبا يفكر وله راي مستقل بل يريدونه تابعا وامعة ينقاد للآخرين الذين يكفونه مؤونة العمل الذهني ويستوصون به خيرا ويوفرون له الهتاف للزعيم ويشغلونه بالتلقين ويصنعون منه ببغاء علي أبدع ما يكون !!..
اذكر في المرحلة الوسطي كان لنا ناظر حجة في اللغة الإنجليزية اوصل تلاميذه ل ( Reader 7 ) المقرر علي طلاب الثانويات هذا الناظر ختم حياته أستاذا في جامعة الاحفاد ... أنه طيب الذكر الراحل الاستاذ عبد الخالق حمدتو ... وزميل اخر له سبقه كناظر لمدرسة المسلمية الوسطي كان يدرس الصف الاول والرابع وبعد أداء حافل في التدريس قاده طموحه ليخوض غمار الشهادة السودانية التي كان لها بريق وهيبة ودخل كلية الآداب وبكل تواضع وثقة جلس مع طلاب في سن أبنائه ولكنه التفت الي تحصيل العلم من أساتذة أيضا هم اصغر منه وتخرج في الجامعة بلغة إنجليزية أهلته لبعثة في بريطانيا وعاد أستاذا في الجامعة وختم حياته وقد أسس جامعته الخاصة أنه استاذ الأجيال حسن سلمان نصر ( رحمه الله تعالى وجعل الجنة متقلبه ومثواه ) .
أما بالنسبة لتلميذ المرحلة الوسطي في الزمن الجميل دعونا نختار أحدهم كنموذج لأصالة وفرادة التعليم ايام زمان كان بالصف الأول وهو يافع يحفظ الكثير من اغاني الحقيبة ويرددها بنفس طريقة سرور وكرومة والأمين برهان وغيرهم من فطاحلة هذا الضرب من الغناء الساحر الفتان وكان له معرفة ومقدرة تحليلية ويستطيع ان يشرح القصيدة مثله مثل أي نطاسي بارع في علم الجراحة كان يمثل الرائع الراحل السر قدور وقد سطع قبل أوانه !!..
في الوسطي القديمة علي مدار الزمان واختلاف المكان راينا تلاميذا ملكوا ناصية البيان وتحدثوا لغة جون بتناول مثل تناولهم الماء العذب السلسبيل أما لغتهم الأم فقد جعلت منهم شعراء وأدباء في تلك الفترة الباكرة من أعمارهم الغضة !!..
أن الوسطي التي اخرجوها لنا من تحت الرماد من غير وميض نار ستكون وبالا ولن تكون باية حال اضافة لان المعلم المدرب والقدوة والمثال قد ذهب مع الريح !!..

حمدالنيل فضل المولي عبد الرحمن قرشي.
معلم مخضرم .
ghamedalneil@gmail.com
////////////////////////

 

آراء