عيال دارفور في حكومة البرهان حميددتي.. الكل يبكي ليلاه!!

 


 

 

الظروف الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والأمنية القاسية التي يعيشها السودان اليوم، تعود في الأساس للانقلاب الذي قام به البرهان ومن وألاه من الانتهازية السياسية في الخامس عشر من أكتوبر 2021 ضد الحكومة المدنية.
وكما سبق ان قلنا مرارا وتكرارا في مقالاتنا السابقة عن هذا الانقلاب المشؤوم، الذي لم نجاحه ممكنا لولا الغطاء الذي شكلته له الحركات الدارفورية المسلحة، ليصبح قادتها بموجب هذا الغطاء والتآمر، وزراء وولاة ولايات دارفور وغيرها.
إذن، تولى البرهان وحميددتاه وعيال دارفور السلطة، بعد ان شيطنوا -الحرية والتغيير (المركزي) وكل القوى الثورية الحية من لجان المقاومة وغيرها، وكنتيجة محتومة لهذا الانقلاب، تأزمت الأوضاع على كافة الصعد أكثر وأكثر، وبدأت السلطات الانقلابية تتخبط يمينا ويسارا تتهم (الآخر المجهول) في تأزيم الأوضاع في البلاد، بينما عيال دارفور في حكومة الانقلابيين، كل منهم يبكي ليلاه.
عندما انقلب الانقلابيين على الحكومة الانتقالية المدنية، كانوا يعتقدون ان تولي السلطة والمسؤولية من الأمور السهل، لكنهم وجدوها حملا ثقيلا عليهم، وبدأوا يهربون من تحمل هذه المسؤولية، ليلقوا الأخطاء على من حولهم دون تحمّل نصيبهم من الخطأ، يرغبون في ميزات الشيء دون تحمل واجباته، يسعون للوظيفة رغبة في الوجاهة دون الالتزام بمتطلباتها، يتملّصون من واجبهم تجاه الشعب السوداني ومن تأدية دورهم كسلطة، يرغبون في النجاة بأنفسهم فقط.
الأسبوع الماضي، وقعت مجزرة بشرية في منطقة (كرينك) بولاية غرب دارفور، وتحدث كل عيال دارفور في حكومة البرهان حميددتي، عن هذه المجزرة، لكن ليس تأثراً بها وتقديم الجناة للمحاكمة، بل خوفا من ان تؤثر مثل هذه الأحداث الفظيعة في اتفاق سلام جوبا الذي اتى بهم للخرطوم.
الكل منهم، يحلم بحكومة تحقق مطالبه وفق رؤيته واجندته السياسية الضيقة دون أي اهتمام لهموم اهل دارفور في بسط الأمن وتحسين الوضع المعيشي. الكل يسعى الى الحفاظ على مصلحته على حساب معاناة وآلام المواطنين.
حين نقرأ ما يجري على الساحة الدارفورية هذه الأيام، نجد تماثلا في الأداء الخرائي، وتيهاً عن تحقيق الأهداف المرجوة لنضالات شعب دارفور الذي لم تحترم إرادته قط من قبل هؤلاء القادة المزعومين العاجزين عن تجاوز معضلة انتهازيتها وانانيتها المفرطة.
كانت الحلول قريبة جدا بوجود حكومة مدنية انتقالية، لكن مع وقوع الانقلاب المشؤوم يوم 25 أكتوبر 2021، ابتعدت هذه الحلول وبدأت تغريدات متنوعة لا تعبر في جوهرها إلا عن أهواء من جاءوا من جوبا والذين عملوا ويعملون حتى الآن بمعزل عن الشعور الوطني والإحساس المسؤول تجاه تضحيات الشعب، حيث منحوا (الانقلابيين) القدرة على استخدام ما لديهم من أوراق ومغالطات تاريخية بغياب اهتمام هؤلاء القادة بتحقيق العدالة من خلال انجاح الثورة.
سقوط آلاف الشهداء والجرحى وكل ما ارتبط بحال غياب العدالة والدولة والتردي القيمي الفاضح، لم يشكل دافعا لدى ابطال سلام جوبا الوهمي، باستحضار تاريخ شعب مقاوم للظلم ويعشق الحرية ويأبى الاستعباد.
حتى مع فاتورة الدماء النازفة تقريبا في كل ولايات دارفور، لم نجد أدنى تبدل في الأداء على الصعيد السياسي، فمكامن العقد المتأصلة تسحب نفسها على أي أداء أو دعوات ومبادرات، إذ ما تلبث أن تتحول المبادرات إلى بناء مكونات وهكذا تمضي الأشياء باتجاه حالة من مغالطة الذات، والعمل المفكك الذي ليس فيه أدنى نفع للشعب الدارفوري الصابر.
عيال دارفور -أي ابطال (سلام جوبا)، ليسوا في عجلة من أمرهم، فهم وجدوا في الوضع القائم ما يمثل أهواءهم التي في مقدمتها ما يتم جنيه من مكاسب ومنافع ذاتية بغض النظر عن مستوى التضحيات الجسيمة لأبناء شعب دارفور، الذي لم يكن قد وقع في فخ الوضع الراهن، لو أن هؤلاء حرصوا منذ البداية على الانحياز لخيارات هذا الشعب في الحرية والعدالة والمساواة.
سلام جوبا عزيزي القارئ، تهديد حقيقي للمواطن الدارفوري، لأنه اعطى رخصة للجنجويد وزعيمهم محمد حمدان دقلو، ليفعل ما يشاء من قتل واستيلاء على أراضي السكان الأصليين.. وعليه يجب فسخ هذا الاتفاق المشؤوم اليوم قبل غد، ومجيء بسلام يخاطب جذور الأزمة ويحقق السلام المجتمعي الحقيقي.

bresh2@msn.com

 

آراء