تقطعت نياط القلب وطار النوم وكاد الحزن أن يفتك بنا منذ فجر اليوم التاسع وعشرين من رمضان ونحن نشاهد الفديوهات التى نقلتها الجزيرة والحدث والفيسبوك - لشباب كأشبال الأسود يلفظون حيواتهم في ساحة الإعتصام، وجندرمة الجنجويد بسحناتهم ولكنتهم المعروفة يضربون الشباب والكهول والنساء ضرباً ينم عن كميات هائلة من الحقد الدفين؛ ولقد رأيت صورة لجنجويدي بخيمة نسوية مهترئة وثمة تعليق بأسفلها يشير إلى حادث اغتصاب. أي أننا نتعرض لنفس الهجمات البربرية التى تعرضت لها قبائل الزرقة بجنوب دار فور بدءً بعام 2003 على أيدي نفس هؤلاء الجنجويد, ورغم أنني من دعاة المقاومة السلمية وظللت أكتب عنها منذ عدة سنين، إلا أني تمنيت لو كان بيدي مدفعاً رشاشاً لأفرغه في رأس حميدتي وبرهان وكل أعضاء المجلس العسكري. وتذكرت أبا تمام: (السيف أصدق إنباءً من الكتب، في حده الحد بين الجد واللعب، بيض الصفائح لا سود الصحائف، في متونهن جلاء الشك والريب!) ولكن العاجز من يتصرف بردود الأفعال، وليس هنالك ما يثبت حتى الآن فشل "سلمية سلمية". ونسأل الله أن يثبت قلوبنا كي لا نحيد عن المقاومة السلمية، حتى لا ينتهي بنا الأمر في الفخ الصومالي والليبي واليمني والسوري.
رغم ذلك، فلو تحرك الجيش بالإنابة عن الشارع وقام بإلقاء القبض على الجناة برمتهم، أي كتيبة الدعم السريع بقضها وقضيضه، وكتائب الظل وشرطة فض الشغب إلخ، فإن ذلك أمر مشروع بل مرغوب بكل المقاييس الأخلاقية والإنسانية والسياسية. وأتمني أن يفعل الجيش ذلك حتى لا تحل به لعنة التاريخ، فالكلمة أطول من العمر كما يقول أهلنا.
وإذا استمر الجيش في الجبن والطأطأة والخذلان وأبناء عمومته المسالمين يقتالون بالعشرات على مرآى ومسمع منه، وبنات عمومته الكنداكات الباسلات تنتهك حرماتهن فى الصباح الرمضاني، فإن الحركات الحاملة للسلاح قد تأتي لنجدتنا كما فعل دكتور خليل ابراهيم عام 2010، خاصة وأن عدوهم موجود الآن بالعاصمة السودانية، (مقنطراً) في معسكرات معروفة وعلى تاتشرات موسومة بأركان معينة، وقد ارتكب نفس الجرائم التى ظل يرتكبها في حق الفور والزغاوة المسالمين بقرى وحواكير جنوب دارفور منذ 2003 حتى اليوم. ها هو العدو في المصيدة، (كالطير في الولفة)، فماذا تنتظرون؟ وإذا حدث أو لم يحدث أي من ذلك فإن الاستمرار في الإضراب السياسي والحراك الذى ينتظم كل الحواضر والقرى السودانية يجب أن يستمر إلى أن يجعل الله أمرا كان مفعولا. والسلام.
الفاضل عباس.
fdil.abbas@gmail.com
////////////////