غرفُ الأخبارِ المضللةِ

 


 

سامر عوض حسين
28 February, 2023

 

أصبحتْ الأخبارُ الكاذبةُ مشكلةً منتشرةً ومتفشيةً بكثرةٍ في مجتمعِ اليومِ الذي يعتمدُ على الإعلامِ الإلكترونيِ ووسائلُ التواصلِ الاجتماعيِ ، لما يحملهُ منْ عواقبَ وخيمةٍ في العديدِ منْ جوانبِ الحياةِ ، بما في ذلكَ السياسةُ والمجتمعُ والاقتصادُ. ويعتبرَ السودانُ منْ الدولِ التي عانتْ منْ الآثارِ الضارةِ للأخبارِ الكاذبةِ خلالَ الفترةِ الانتقاليةِ . يمرَ السودانَ بفترةٍ انتقاليةٍ سياسيةٍ مضطربةٍ بعدَ الإطاحةِ بالرئيسِ السابقِ عمرْ البشيرْ في أبريلَ 2019 . تعملَ الحكومةُ الانتقاليةُ التي وصلتْ إلى السلطةِ منْ أجلِ الإصلاحِ الديمقراطيِ واستعادةُ سيادةِ القانونِ في البلادِ . ومعَ ذلكَ ، فقدْ تمَ تقويضُ هذا التقدمِ بسببِ انتشارِ الأخبارِ المزيفةِ والمعلوماتِ المضللةِ على منصاتِ التواصلِ الاجتماعيِ .

خلقُ انتشارِ الأخبارِ الكاذبةِ في السودانِ بيئةً خطرةً يمكنُ أنْ تنتشرَ فيها الشائعاتُ والمعلوماتُ الكاذبةُ بسرعةٍ ، مما يؤدي إلى الاضطراباتِ والعنفِ . وخيرَ مثالٍ على الضررِ الناجمِ عنْ الأخبارِ الكاذبةِ خلالَ الفترةِ الانتقاليةِ في السودانِ هوَ انتشارُ الشائعاتِ حولَ شرعيةشِ الحكومةِ الانتقاليةِ. غالبا ما كانتْ هذهِ الشائعاتِ تنشرُ منْ قبلِ أنصارِ النظامِ السابقِ الذينَ سعوا إلى تقويضِ التقدمِ الذي أحرزتهُ الحكومةُ الانتقاليةُ . أدتْ المعلوماتُ الكاذبةُ إلى انعدامِ الثقةِ بينَ الشعبِ السودانيِ، مما أعاقَ جهودَ الحكومةِ في تنفيذِ الإصلاحاتِ .

لعبتْ الأخبارُ الكاذبةُ أيضا دورا مهما في انتشارِ جائحةٍ COVID - 19 في السودانِ . تمَ تداولُ معلوماتٍ كاذبةٍ عنْ الفيروسِ ، بما في ذلكَ نظرياتُ المؤامرةِ والمعلوماتِ الخاطئةِ عنْ أصولهِ وانتشارهُ ، على نطاقٍ واسعٍ على منصاتِ التواصلِ الاجتماعيِ . أدتْ هذهِ المعلوماتِ الخاطئةِ إلى انعدامِ الثقةِ في استجابةِ الحكومةِ للوباءِ وعرقلتْ جهودُ احتواءِ انتشارِ الفيروسِ . كانَ لانتشارِ الأخبارِ الكاذبةِ في السودانِ خلالَ الفترةِ الانتقاليةِ عواقبَ وخيمةً على الديمقراطيةِ والاستقرارِ والتقدمِ في البلادِ . فقدٌ ساهمَ في خلقِ مناخِ منْ عدمِ الثقةِ والانقسامِ ، وقوضَ جهودُ الحكومةِ لتنفيذِ الإصلاحاتِ، وغذى الاضطراباتِ والعنفَ . لمعالجةِ هذهِ المشكلةِ ، يجبَ على السلطاتِ السودانيةِ اتخاذَ إجراءاتٍ حاسمةٍ لمكافحةِ الأخبارِ الكاذبةِ والمعلوماتِ المضللةِ . قدْ يشملُ ذلكَ تعزيزُ القوانينِ واللوائحِ المتعلقةِ بنشرِ معلوماتٍ كاذبةٍ، والاستثمارُ في برامجِ التثقيفِ الإعلاميِ ، والعملُ معَ منصاتِ التواصلِ الاجتماعيِ للحدِ منْ انتشارِ الأخبارِ المزيفةِ . منْ الضروريِ أيضا أنْ تعطيَ الحكومةُ الأولويةُ للشفافيةِ والمساءلةِ لبناءِ الثقةِ معَ الشعبِ السودانيِ.

وأخيرا كانَ للأخبارِ الكاذبةِ والمعلوماتِ المضللةِ تأثير كبيرٍ على الفترةِ الانتقاليةِ في السودانِ ، حيثُ أعاقتْ التقدمَ وساهمتْ في عدمِ الاستقرارِ والعنفِ . تتطلبَ معالجةَ هذهِ المشكلةِ تضافرَ الجهودِ منْ الحكومةِ والمجتمعِ المدنيِ ومنصاتُ التواصلِ الاجتماعيِ لتعزيزِ الثقافةِ الإعلاميةِ ومكافحةُ انتشارِ المعلوماتِ الكاذبةِ . فقطْ منْ خلالِ العملِ الجماعيِ يمكنُ للسودانِ التغلبِ على التحدياتِ التي تطرحها الأخبارُ الكاذبةُ والاستمرارُ على طريقِ الديمقراطيةِ والاستقرارِ .

د. سامر عوض حسين
28 فبراير 2023

samir.alawad@gmail.com

 

آراء