فاقد الشيء لا يعطيه
فيصل بسمة
27 July, 2023
27 July, 2023
بسم الله الرحمن الرحيم و أفضل الصلاة و أتم التسليم على سيدنا محمد.
مقدمة (١):
حرص/يحرص كثيرٌ من الناشطين في وسآئط التواصل الإجتماعي و كذلك بعض من المهنيين المحترفين في وسآئل الإعلام المقروءة و المسموعة و المشاهدة على تحميل أسافير الشبكة العنكبوتية و المطابع و الموجات الأثير و الفضآئيات بجميع أخبار الحرب و مستجداتها و كذلك تحركات الفرقآء المتقاتلين في بلاد السودان و مساعديهم ، و يتم ذلك بصورة راتبة و منتظمة مع الإنتباه إلى أدق تفاصيل القتل و الدمار و السلب و النهب و الإغتصاب و بقية الإنتهاكات ، هذا بالإضافة إلى المتابعة اللصيقة لحالات نزوح السودانيين إلى داخل و خارج القطر ، و ذلك مع توثيق المآسي الإنسانية الناجمة عن ذلك ، و قد ساهمت تلك التغطيات الشاملة الكاملة و المفصلة و التعليقات و الأرآء المصاحبة في إحداث حالات من الإرتباك/الرهق الذهني أصابت الكثير من السودانيين المتابعين للأحداث ، و كذلك المتعاطفين معهم من الجنسيات الأخرى ، بحالات نفسية سالبة و محبطة إختلطت فيها أحاسيس الحزن و الأسى مع الشعور بالغضب و إنعدام الحيلة ، مما قاد إلى ظهور حزمات من الأمراض النفسية مثل: الذهللة و الشرود و القلق و الإحباط و الإكتئاب...
مقدمة (٢):
الأحداث السياسية و الإقتصادية و الإجتماعية و الدينية و كذلك النزاعات و الإحتراب لا تحدث من فراغ ، و لكن يحدثها/يصنعها/يحركها أشخاص من بني الإنسان ، و معلومٌ أن شخصية الإنسان و سلوكه و قرارته و أفعاله تتحكم فيها و تُشَكِّلُها معتقدات و أفكار و قيم أخلاقية و أعراف و موروثات مكتسبة عبر السنين ، مكتسبات يختزنها الإنسان داخل ذاكرات العقل و القلب و الفؤاد في شكل علوم و معارف و كفآءات و مهارات و خبرات ، طبيعة هذه المكتسبات و ما ينجم منها/عنها و ما يترتب عليها من أفعال و أحداث و وقآئع تعتمد إعتماداً عظيماً على عدة عوامل متداخلة تؤثرُ بصورة مباشرة أو غير مباشرة على أمزجة صانعي القرارات و الأحداث ، عوامل مثل: البيئة و التجارب الحياتية و النوع و العرق و الوراثة و الإستعداد الفطري/الذهني للتلقي و المقدرة على الإدراك و الإستيعاب...
و الطبيعي هو أن يستخدم/يوظف الإنسان هذه المكتسبات المتراكمة عبر السنين في ممارسة العيش و في إعانته على السير في دروب الحياة المختلفة ، و يشمل ذلك التفاعل/التداخل الإجتماعي مع الآخرين من بني الإنسان و البيئة المحيطة من حوله و ما تحتويه من المخلوقات و الموجودات الأخرى...
و العظمآء هم أولئك الأشخاص الذين يمتلكون المعتقدات و القيم و الأفكار و العلوم و المعارف الصالحة/النافعة و الكفآءات اللازمة التي تؤهلهم لحيازة المقدرات و المهارات الضرورية التي تتيح لهم التفاعل الإيجابي مع الآخرين و البيئة ، و في إحداث التغيير الذي ينفع الناس ، و في خلق النقلات/الطفرات النوعية التي تقود إلى حياة أفضل ، العظمآء هم الذين يفلحون في حشد الناس و تحفيزهم و شحذ هممهم و جعلهم يعتقدون/يؤمنون بأن بإمكانهم إصلاح الحاضر و تشكيل المستقبل و جعله أفضل...
و على النقيض من العظمآء فإن أضدادهم من السفلة المجرمين الفاسدين فاقدي القيم و الأخلاق يمتلكون حظاً وافراً من الجهل و المعتقدات و الأفكار الفاسدة و كميات مقدرة من الأنانية و النذالة و الوضاعة و الحقارة و بقية الصفات الغير إيجابية التي تحجبهم/تمنعهم عن التفكر و التدبر و العقل و الإدراك و عن فعل الخير و إحداث النفع ، و ذلك لأنهم أصلاً ليسوا مؤهلين للتفاعل الإيجابي مع الآخرين أو البيئة و تنقصهم المقدرة على إحداث التغيير و جعل حاضر أو مستقبل الآخرين أفضل و ذلك لمحدودية ملكاتهم العقلية و تواضعها و لعجزهم عن الفعل و عدم مقدرتهم على الإنجاز ، هذا إلى بالإضافة إلى قصر نظرهم الذي يجعلهم لا يرون أبعد من ذواتهم التي تصور لهم الموارد و الآخرين مجرد أدوات و وسآئل و مطايا أوجدت للإستغلال و لخدمة طموحاتهم الشخصية الفاسدة و الغير مشروعة...
و هكذا تلعب طبيعة المعتقدات و الأفكار و المكتسبات من العلوم و المعارف و المهارات و الخبرات و البيئة المحيطة و عوامل أخرى كثيرة معقدة و متداخلة دور كبير في تشكيل شخصية و سلوك بني الإنسان و في خلق العظمآء و الذين من دونهم ، و كذلك في تحديد ملامح الغرض/الهدف من وجود بني الإنسان في هذه الحياة الدنيا نفعاً أو ضرراً...
ما دفع صاحبنا إلى تسطير هذه المقدمات هو ما رأه و ما زال يراه من الأحداث التي نتجت و تلك التي ما زالت تقع/تحصل/تتشكل أمامه في الساحات السياسية و الإقتصادية و الإجتماعية و الدينية في وطنه المسمى جمهورية السودان ، و المصحوبة بمقادير/كميات مهولة من اللامعقول و العبث و الفوضى و الفساد و الإفساد و القتل و الخراب و الدمار...
و لما فارقت تلك الأحداث خطوط و حدود المعقول و المقبول ، و تجاوزت مرحلة الفوضى العبثية و الكارثية تسآءل صاحبنا و آخرون:
من هم هؤلآء الأشخاص الفاعلون في الساحات السياسية و الإقتصادية و الإجتماعية و الدينية؟
و ما هي ماهيتهم؟
و هل هم راشدون/عاقلون؟
و هل هم حقاً يعوون ما يفعلون؟
و هل يمتلكون المقدرات على إدراك نتآئج أفعالهم/سلوكهم/مكآئدهم و آثارها الغير إيجابية على الآخرين و الوطن و العالم؟
و ما هي الأفكار/البيئات التي شكلت هؤلآء الأشخاص الفاعلين و وجهتهم إلى إحداث ما أحدثوه من دمار و خراب في الساحات السياسية و الاقتصادية و الإجتماعية و الدينية؟
و ما هي أغراضهم و أهدافهم؟
و من الذي يقف ورآءهم بالتمويل و المساندة؟
و من المستفيد من هذا الوضع الكارثي الذي أحل ببلاد السودان؟
و ليس الغرض من إصدار هذا السيل من الأسئلة و التسآؤلات الحصول على إجابات فهي متوفرة ، و لكن الهدف هو محاولة للفت النظر إلى ظاهرة الأرزقية من الإنتهازيين و الطفيليين (غير القادرين) الذين تسيدوا الساحات السياسية و الإقتصادية و الإجتماعية و الدينية في جمهورية السودان و بجرآءة و قوة عين يحسدون عليهما ، و هي أيضاً سانحة لطرح المزيد من الأسئلة مثل:
هل يمكن معالجة هذه الظاهرة؟
و كيف يتم ذلك؟
و هل من الممكن إصلاح هؤلآء الناس؟
هل من الأجدى إعادة تأهيلهم؟
أم من الأفضل القضآء عليهم و التخلص منهم؟...
و الشاهد هو أن هؤلآء النفر قد تسيدوا الساحات السياسية و الإقتصادية و الإجتماعية و الدينية منذ عهد الإستقلال من المستعمر (المحتل) البريطاني ، لكن ظهورهم و تسيدهم كان أوضح ما يكون خلال الأربعة عقود الأخيرة من عمر جمهورية السودان ، و يبدوا أن لهم حضور و سند و قبول محلي و إقليمي و عالمي!!!...
و قد لاحظ المراقبون و المهتمون و المتابعون أن الساحات السياسية و الإقتصادية و الإجتماعية و الدينية في بلاد السودان و خلال عقود حكم الجماعة الإنقاذية المتأسلمة (الكيزان) و كذلك من بعد خلع الطاغية عمر البشير قد تسيدتها جماعات الفساد و الإفساد من أضاد العظمآء من: فلول الجماعة الإنقاذية المتأسلمة (الكيزان) و أمرآء الحروب من الحركات المتمردة المسلحة و الأرزقية و الإنتهازية و الطفيلية السياسية و الإقتصادية و الفواقد التربوية و المجتمعية و السواقط الحزبية و الدعاة الببغاوات الذين تنقصهم المؤهلات و الخبرات و الصفات القيادية ، و الذين ولجوا إلى عوالم السياسة و الإقتصاد و الإجتماع و الدين و العمل العام و الخآص عنوةً و أمام عيون الأشهاد بغرض الحصول على المكاسب الشخصية عن غير الطرق و السبل الصحيحة المشروعة...
و الناس في تلك الحالات المزرية المذكورة في الفقرات أعلاه تأتي المصادر بالأخبار عن طواف و إجتماعات هؤلآء و أولئك النفر و تلك الشخصيات من ذات جماعات الفساد و الإفساد (الغير القادرين) ، في هذه العاصمة أو تلك البلدة أو ذلك المنتجع ، تحت رعاية هذه الدولة الجارة الإقليمية و تلك العظمى العالمية بغرض مناقشة جذور الأزمة/المشكلة السودانية و البحث عن الحلول...
و الملاحظ أن الأشخاص الطآئفين/المجتمعين/المنفضين لحل الأزمة/المشكلة السودانية هم ذات الأشخاص فاقدو الأهلية (أصحاب العيون القوية) الذين تسببوا فيها و في خلق كل الأزمات الحالية و في إحداث الكوارث و الفوضى و العبث و بقية البلاوي التي تزرأ بها بلاد السودان...
و إنه لمن العبث و التفكير غير السوي أن يرتجي/يتوقع الناس من أشخاص مثل هؤلآء الجماعات الفاسدة الفاقدة للمقدرات و الأهلية و التي تنقصها الكفآءات و المؤهلات و القيم و الأخلاق و بقية الصفات القيادية أن يقودوا بلاد السودان إلى بر الأمان ، و أن ينقذوها مما هي فيه من الدمار و الخراب و الإبتلآءات العظيمة ، أو أن يساهموا في تشكيل حاضر أفضل أو في خلق مستقبل زاهر...
الخلاصة:
إن الكثيرين من الأشخاص الفاعلين حالياً في الساحات السياسية و الإقتصادية و الإجتماعية و الدينية في بلاد السودان من العسكريين و المدنيين تنقصهم كثيراً الكفآءات و الأفكار و الرؤى و الخبرات/التجارب و المهارات و الصفات و القيم و الأخلاق التي تؤهلهم للقيادة و الحكم و الإدارة و الإرشاد ، و تشير الدلآئل و الوقآئع و الأحداث على أنهم غير قادرين على الإنجاز ، و أن الكثيرين منهم قد إرتكبوا أفعال توقعهم في خانات الإجرام و مخالفة اللوآئح و القوانين و ربما الخيانة العظمى التي تتطلب المحاسبة و العقاب الرادع ، و الشاهد هو أن كثيرين منهم قد تجاوزوا مراحل العلاج و الإصلاح و إعادة التأهيل ، و أنه و إذا ما إستمر الأمر على ما هو عليه فإن بلاد السودان موعودة حتماً بخراب شامل و دمار غير مسبوق و ربما تصير إلى زوال دآئم...
إن الأمور السياسية و الإقتصادية و الإجتماعية و الدينية في جمهورية السودان لن تنصلح أو تستقيم إلا بمحاسبة و معاقبة هؤلآء الأشخاص و إبعادهم/نفيهم/حرمانهم من ممارسة السياسة و تولي الأمر العام و الإرشاد...
الختام:
و على الرغم من كل الكوارث و المآسي و التعقيدات و المتغيرات تستمر الحياة في وجود قدر معقول من التفآؤل ، و الثابت المؤكد هو أن بلاد السودان في حوجة مآسة/ضرورية إلى قيادات وطنية نزيهة و صادقة ، قيادات تمتلك الكفآءات و المهارات و القيم و الأخلاق و كذلك الجرآءة/الشجاعة و الرؤى اللازمة/الخلاقة لبنآء دولة القانون و المؤسسات التي تمكن الشعوب السودانية من العيش في أجوآء يسودها الأمن و الحرية و السلام و العدالة و ينتفي فيها الظلم...
و خير ختام:
{ أَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَاۤءِ مَاۤءࣰ فَسَالَتۡ أَوۡدِیَةُۢ بِقَدَرِهَا فَٱحۡتَمَلَ ٱلسَّیۡلُ زَبَدࣰا رَّابِیࣰاۖ وَمِمَّا یُوقِدُونَ عَلَیۡهِ فِی ٱلنَّارِ ٱبۡتِغَاۤءَ حِلۡیَةٍ أَوۡ مَتَـٰعࣲ زَبَدࣱ مِّثۡلُهُۥۚ كَذَ ٰلِكَ یَضۡرِبُ ٱللَّهُ ٱلۡحَقَّ وَٱلۡبَـٰطِلَۚ فَأَمَّا ٱلزَّبَدُ فَیَذۡهَبُ جُفَاۤءࣰۖ وَأَمَّا مَا یَنفَعُ ٱلنَّاسَ فَیَمۡكُثُ فِی ٱلۡأَرۡضِۚ كَذَ ٰلِكَ یَضۡرِبُ ٱللَّهُ ٱلۡأَمۡثَالَ }
[سُورَةُ الرَّعۡدِ: ١٧]
و الحمد لله رب العالمين و أفضل الصلاة و أتم التسليم على سيدنا محمد.
فيصل بسمة
fbasama@gmail.com
مقدمة (١):
حرص/يحرص كثيرٌ من الناشطين في وسآئط التواصل الإجتماعي و كذلك بعض من المهنيين المحترفين في وسآئل الإعلام المقروءة و المسموعة و المشاهدة على تحميل أسافير الشبكة العنكبوتية و المطابع و الموجات الأثير و الفضآئيات بجميع أخبار الحرب و مستجداتها و كذلك تحركات الفرقآء المتقاتلين في بلاد السودان و مساعديهم ، و يتم ذلك بصورة راتبة و منتظمة مع الإنتباه إلى أدق تفاصيل القتل و الدمار و السلب و النهب و الإغتصاب و بقية الإنتهاكات ، هذا بالإضافة إلى المتابعة اللصيقة لحالات نزوح السودانيين إلى داخل و خارج القطر ، و ذلك مع توثيق المآسي الإنسانية الناجمة عن ذلك ، و قد ساهمت تلك التغطيات الشاملة الكاملة و المفصلة و التعليقات و الأرآء المصاحبة في إحداث حالات من الإرتباك/الرهق الذهني أصابت الكثير من السودانيين المتابعين للأحداث ، و كذلك المتعاطفين معهم من الجنسيات الأخرى ، بحالات نفسية سالبة و محبطة إختلطت فيها أحاسيس الحزن و الأسى مع الشعور بالغضب و إنعدام الحيلة ، مما قاد إلى ظهور حزمات من الأمراض النفسية مثل: الذهللة و الشرود و القلق و الإحباط و الإكتئاب...
مقدمة (٢):
الأحداث السياسية و الإقتصادية و الإجتماعية و الدينية و كذلك النزاعات و الإحتراب لا تحدث من فراغ ، و لكن يحدثها/يصنعها/يحركها أشخاص من بني الإنسان ، و معلومٌ أن شخصية الإنسان و سلوكه و قرارته و أفعاله تتحكم فيها و تُشَكِّلُها معتقدات و أفكار و قيم أخلاقية و أعراف و موروثات مكتسبة عبر السنين ، مكتسبات يختزنها الإنسان داخل ذاكرات العقل و القلب و الفؤاد في شكل علوم و معارف و كفآءات و مهارات و خبرات ، طبيعة هذه المكتسبات و ما ينجم منها/عنها و ما يترتب عليها من أفعال و أحداث و وقآئع تعتمد إعتماداً عظيماً على عدة عوامل متداخلة تؤثرُ بصورة مباشرة أو غير مباشرة على أمزجة صانعي القرارات و الأحداث ، عوامل مثل: البيئة و التجارب الحياتية و النوع و العرق و الوراثة و الإستعداد الفطري/الذهني للتلقي و المقدرة على الإدراك و الإستيعاب...
و الطبيعي هو أن يستخدم/يوظف الإنسان هذه المكتسبات المتراكمة عبر السنين في ممارسة العيش و في إعانته على السير في دروب الحياة المختلفة ، و يشمل ذلك التفاعل/التداخل الإجتماعي مع الآخرين من بني الإنسان و البيئة المحيطة من حوله و ما تحتويه من المخلوقات و الموجودات الأخرى...
و العظمآء هم أولئك الأشخاص الذين يمتلكون المعتقدات و القيم و الأفكار و العلوم و المعارف الصالحة/النافعة و الكفآءات اللازمة التي تؤهلهم لحيازة المقدرات و المهارات الضرورية التي تتيح لهم التفاعل الإيجابي مع الآخرين و البيئة ، و في إحداث التغيير الذي ينفع الناس ، و في خلق النقلات/الطفرات النوعية التي تقود إلى حياة أفضل ، العظمآء هم الذين يفلحون في حشد الناس و تحفيزهم و شحذ هممهم و جعلهم يعتقدون/يؤمنون بأن بإمكانهم إصلاح الحاضر و تشكيل المستقبل و جعله أفضل...
و على النقيض من العظمآء فإن أضدادهم من السفلة المجرمين الفاسدين فاقدي القيم و الأخلاق يمتلكون حظاً وافراً من الجهل و المعتقدات و الأفكار الفاسدة و كميات مقدرة من الأنانية و النذالة و الوضاعة و الحقارة و بقية الصفات الغير إيجابية التي تحجبهم/تمنعهم عن التفكر و التدبر و العقل و الإدراك و عن فعل الخير و إحداث النفع ، و ذلك لأنهم أصلاً ليسوا مؤهلين للتفاعل الإيجابي مع الآخرين أو البيئة و تنقصهم المقدرة على إحداث التغيير و جعل حاضر أو مستقبل الآخرين أفضل و ذلك لمحدودية ملكاتهم العقلية و تواضعها و لعجزهم عن الفعل و عدم مقدرتهم على الإنجاز ، هذا إلى بالإضافة إلى قصر نظرهم الذي يجعلهم لا يرون أبعد من ذواتهم التي تصور لهم الموارد و الآخرين مجرد أدوات و وسآئل و مطايا أوجدت للإستغلال و لخدمة طموحاتهم الشخصية الفاسدة و الغير مشروعة...
و هكذا تلعب طبيعة المعتقدات و الأفكار و المكتسبات من العلوم و المعارف و المهارات و الخبرات و البيئة المحيطة و عوامل أخرى كثيرة معقدة و متداخلة دور كبير في تشكيل شخصية و سلوك بني الإنسان و في خلق العظمآء و الذين من دونهم ، و كذلك في تحديد ملامح الغرض/الهدف من وجود بني الإنسان في هذه الحياة الدنيا نفعاً أو ضرراً...
ما دفع صاحبنا إلى تسطير هذه المقدمات هو ما رأه و ما زال يراه من الأحداث التي نتجت و تلك التي ما زالت تقع/تحصل/تتشكل أمامه في الساحات السياسية و الإقتصادية و الإجتماعية و الدينية في وطنه المسمى جمهورية السودان ، و المصحوبة بمقادير/كميات مهولة من اللامعقول و العبث و الفوضى و الفساد و الإفساد و القتل و الخراب و الدمار...
و لما فارقت تلك الأحداث خطوط و حدود المعقول و المقبول ، و تجاوزت مرحلة الفوضى العبثية و الكارثية تسآءل صاحبنا و آخرون:
من هم هؤلآء الأشخاص الفاعلون في الساحات السياسية و الإقتصادية و الإجتماعية و الدينية؟
و ما هي ماهيتهم؟
و هل هم راشدون/عاقلون؟
و هل هم حقاً يعوون ما يفعلون؟
و هل يمتلكون المقدرات على إدراك نتآئج أفعالهم/سلوكهم/مكآئدهم و آثارها الغير إيجابية على الآخرين و الوطن و العالم؟
و ما هي الأفكار/البيئات التي شكلت هؤلآء الأشخاص الفاعلين و وجهتهم إلى إحداث ما أحدثوه من دمار و خراب في الساحات السياسية و الاقتصادية و الإجتماعية و الدينية؟
و ما هي أغراضهم و أهدافهم؟
و من الذي يقف ورآءهم بالتمويل و المساندة؟
و من المستفيد من هذا الوضع الكارثي الذي أحل ببلاد السودان؟
و ليس الغرض من إصدار هذا السيل من الأسئلة و التسآؤلات الحصول على إجابات فهي متوفرة ، و لكن الهدف هو محاولة للفت النظر إلى ظاهرة الأرزقية من الإنتهازيين و الطفيليين (غير القادرين) الذين تسيدوا الساحات السياسية و الإقتصادية و الإجتماعية و الدينية في جمهورية السودان و بجرآءة و قوة عين يحسدون عليهما ، و هي أيضاً سانحة لطرح المزيد من الأسئلة مثل:
هل يمكن معالجة هذه الظاهرة؟
و كيف يتم ذلك؟
و هل من الممكن إصلاح هؤلآء الناس؟
هل من الأجدى إعادة تأهيلهم؟
أم من الأفضل القضآء عليهم و التخلص منهم؟...
و الشاهد هو أن هؤلآء النفر قد تسيدوا الساحات السياسية و الإقتصادية و الإجتماعية و الدينية منذ عهد الإستقلال من المستعمر (المحتل) البريطاني ، لكن ظهورهم و تسيدهم كان أوضح ما يكون خلال الأربعة عقود الأخيرة من عمر جمهورية السودان ، و يبدوا أن لهم حضور و سند و قبول محلي و إقليمي و عالمي!!!...
و قد لاحظ المراقبون و المهتمون و المتابعون أن الساحات السياسية و الإقتصادية و الإجتماعية و الدينية في بلاد السودان و خلال عقود حكم الجماعة الإنقاذية المتأسلمة (الكيزان) و كذلك من بعد خلع الطاغية عمر البشير قد تسيدتها جماعات الفساد و الإفساد من أضاد العظمآء من: فلول الجماعة الإنقاذية المتأسلمة (الكيزان) و أمرآء الحروب من الحركات المتمردة المسلحة و الأرزقية و الإنتهازية و الطفيلية السياسية و الإقتصادية و الفواقد التربوية و المجتمعية و السواقط الحزبية و الدعاة الببغاوات الذين تنقصهم المؤهلات و الخبرات و الصفات القيادية ، و الذين ولجوا إلى عوالم السياسة و الإقتصاد و الإجتماع و الدين و العمل العام و الخآص عنوةً و أمام عيون الأشهاد بغرض الحصول على المكاسب الشخصية عن غير الطرق و السبل الصحيحة المشروعة...
و الناس في تلك الحالات المزرية المذكورة في الفقرات أعلاه تأتي المصادر بالأخبار عن طواف و إجتماعات هؤلآء و أولئك النفر و تلك الشخصيات من ذات جماعات الفساد و الإفساد (الغير القادرين) ، في هذه العاصمة أو تلك البلدة أو ذلك المنتجع ، تحت رعاية هذه الدولة الجارة الإقليمية و تلك العظمى العالمية بغرض مناقشة جذور الأزمة/المشكلة السودانية و البحث عن الحلول...
و الملاحظ أن الأشخاص الطآئفين/المجتمعين/المنفضين لحل الأزمة/المشكلة السودانية هم ذات الأشخاص فاقدو الأهلية (أصحاب العيون القوية) الذين تسببوا فيها و في خلق كل الأزمات الحالية و في إحداث الكوارث و الفوضى و العبث و بقية البلاوي التي تزرأ بها بلاد السودان...
و إنه لمن العبث و التفكير غير السوي أن يرتجي/يتوقع الناس من أشخاص مثل هؤلآء الجماعات الفاسدة الفاقدة للمقدرات و الأهلية و التي تنقصها الكفآءات و المؤهلات و القيم و الأخلاق و بقية الصفات القيادية أن يقودوا بلاد السودان إلى بر الأمان ، و أن ينقذوها مما هي فيه من الدمار و الخراب و الإبتلآءات العظيمة ، أو أن يساهموا في تشكيل حاضر أفضل أو في خلق مستقبل زاهر...
الخلاصة:
إن الكثيرين من الأشخاص الفاعلين حالياً في الساحات السياسية و الإقتصادية و الإجتماعية و الدينية في بلاد السودان من العسكريين و المدنيين تنقصهم كثيراً الكفآءات و الأفكار و الرؤى و الخبرات/التجارب و المهارات و الصفات و القيم و الأخلاق التي تؤهلهم للقيادة و الحكم و الإدارة و الإرشاد ، و تشير الدلآئل و الوقآئع و الأحداث على أنهم غير قادرين على الإنجاز ، و أن الكثيرين منهم قد إرتكبوا أفعال توقعهم في خانات الإجرام و مخالفة اللوآئح و القوانين و ربما الخيانة العظمى التي تتطلب المحاسبة و العقاب الرادع ، و الشاهد هو أن كثيرين منهم قد تجاوزوا مراحل العلاج و الإصلاح و إعادة التأهيل ، و أنه و إذا ما إستمر الأمر على ما هو عليه فإن بلاد السودان موعودة حتماً بخراب شامل و دمار غير مسبوق و ربما تصير إلى زوال دآئم...
إن الأمور السياسية و الإقتصادية و الإجتماعية و الدينية في جمهورية السودان لن تنصلح أو تستقيم إلا بمحاسبة و معاقبة هؤلآء الأشخاص و إبعادهم/نفيهم/حرمانهم من ممارسة السياسة و تولي الأمر العام و الإرشاد...
الختام:
و على الرغم من كل الكوارث و المآسي و التعقيدات و المتغيرات تستمر الحياة في وجود قدر معقول من التفآؤل ، و الثابت المؤكد هو أن بلاد السودان في حوجة مآسة/ضرورية إلى قيادات وطنية نزيهة و صادقة ، قيادات تمتلك الكفآءات و المهارات و القيم و الأخلاق و كذلك الجرآءة/الشجاعة و الرؤى اللازمة/الخلاقة لبنآء دولة القانون و المؤسسات التي تمكن الشعوب السودانية من العيش في أجوآء يسودها الأمن و الحرية و السلام و العدالة و ينتفي فيها الظلم...
و خير ختام:
{ أَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَاۤءِ مَاۤءࣰ فَسَالَتۡ أَوۡدِیَةُۢ بِقَدَرِهَا فَٱحۡتَمَلَ ٱلسَّیۡلُ زَبَدࣰا رَّابِیࣰاۖ وَمِمَّا یُوقِدُونَ عَلَیۡهِ فِی ٱلنَّارِ ٱبۡتِغَاۤءَ حِلۡیَةٍ أَوۡ مَتَـٰعࣲ زَبَدࣱ مِّثۡلُهُۥۚ كَذَ ٰلِكَ یَضۡرِبُ ٱللَّهُ ٱلۡحَقَّ وَٱلۡبَـٰطِلَۚ فَأَمَّا ٱلزَّبَدُ فَیَذۡهَبُ جُفَاۤءࣰۖ وَأَمَّا مَا یَنفَعُ ٱلنَّاسَ فَیَمۡكُثُ فِی ٱلۡأَرۡضِۚ كَذَ ٰلِكَ یَضۡرِبُ ٱللَّهُ ٱلۡأَمۡثَالَ }
[سُورَةُ الرَّعۡدِ: ١٧]
و الحمد لله رب العالمين و أفضل الصلاة و أتم التسليم على سيدنا محمد.
فيصل بسمة
fbasama@gmail.com