فليطمئن قلب السيسي في السودان
هناك مصطلحات أو قل عبارات تستخدم في الأمور السياسية و العلاقات بين الدول و هي تبين مدي ذكاء الأنظمة و كيفية تسيير أمورها في عالم اليوم بحكمة في زمن العداء و بحكمة في زمن السلم ، و كما يحدث من "خلف الكواليس" و ما يتم تداوله " تحت الطاولة" و ما يستخدم في الحالات الصعبة مثل " الكارت السري" و ما يشاع ان الأمر صادر من " بيت للكلاوي" .
فهل دولتنا لها من الذكاء ما يجعلها تتعامل بحكمة في الأزمان المختلفة ؟! و الأزمات المختلفة ؟! و ما هي ترتيبات و اضرار عدم التعامل بالحكمة في السلم و الحرب علي الدولة و المجتمع ؟!.
لن تكون اجابتي علي هذا السؤال بالطريقة البديهية المعروفة عندما تسأل : أجب بلا او نعم ؟. الا انني سأضع بعض المعطيات و الحقائق و الشواهد و بعد ذلك تأتي الإجابة منداحة لوحدها .
لحظة قيام الانقاذ لا ننكر أن السيد رئيس المجلس العسكري وقتذاك قد استخدم الحكمة عندما سأله نقيب الصحفيين المصري مكرم محمد احمد عن قدوته فلم يلتفت و قال بكل صراحة " أنه جمال عبد الناصر" الأمر الذي و كانه اوقع انقلاب الانقاذ بردا و سلاما علي الصحفي المصري و ربما علي حسني مبارك و الحكومةو الشعب المصري عموما .. لكن للاسف الشديد لم يواصل السيد الرئيس علي هذا النهج الدبلوماسي للتعامل مع بقية دول العالم و اعلامها و أنظمتها و لم تستمر الانقاذ فترة طويلة حتي استل اعلام الانقاذيين سيوف ألسنتهم و بدأوا يوجهونها شرقا و غربا و شمالا و جنوبا و هو ما لا يحتاج الي توضيح و للاسف حتي كبار الشيوخ الذين يفترض أنهم يعرفون التاريخ الاسلامي و المكايدات و الحروب و السِيَر للاسف لم يقدموا نصحاً بل ربما زادوا الطين بلة بتشجيعهم للعسكر و حماسهم و تصويرهم و كأنهم سينقذون العالم الإسلامي و ليس فقط السودان فكان الحصار و الأزمات و المشاكل . ان هؤلاء الشيوخ للاسف الشديد لم يتعرفوا أو قل لم يتعاملوا بابسط قاعدة إسلامية في كيفية التعامل الدبلوماسي الحذر و استخدام العبارات أعلاه و دعني اسميها قاعدة ( الحكمة ضالة المؤمن) ان صح التعبير .. كذلك أولئك الشيوخ و للاسف الشديد مع قراءتهم و معرفتهم للسيرة و تاريخ الحروب و مراسلات و وفود الرسول صلي الله عليه و سلم الا أنهم لم يستطيعوا بيان ذلك لعساكر الانقاذ كي يسيروا عليه فقد روي عنه صلي الله عليه و سلم انه عندما ابتعث احد أصحابه لإحدي القبائل و كانت غير مسلمة ، قال له : " اذا اتيتهم فأربض في دارهم ظبيا " ، كان بعثه إليهم يتجسس أخبارهم فأمره أن يكون منهم بحيث يراهم فإن أرادوه بسوء تهيأ له الهرب فيكون كالظبي الذي لا يربض إلا وهو متباعد فإذا ارتاب نفر ، (يعني بالدارجي كدة تمسكن حتي تتمكن ) فهذا الحديث يدل علي حكمة النبي و التي يجب ان يتحلي بها المسلمين من بعده.
للأسف الشديد كشرت الإنقاذ عن انيابها في فترة من الفترات ما جعل اغلب الجيران ان لم يكن جميعهم يهابونها و يتحسسون من التعامل معها و لكن للاسف الشديد ايضا شعرت الإنقاذ نفسها و كأنها اخافتهم بالحق و الحقيقة و صارت لهم بعبعا بدءا من اريتريا و اثيوبيا و يوغندا و تشاد و ليبيا و مصر و السعودية و للاسف إبان شدها و جذبها مع هذه الدول كانت تنشر كل "غسيلها" كما يقال و لم تترك شيئا تحت "الطاولة" الامر الذي عراها تماما لاحقا فكلما تريد التصالح مع هذه الدول او بعضها لا تستطيع او قل يصيبها الإرهاق و العناء في البحث عن الحيل لانها لم تستطيع استخدام فنون الحكمة في التعامل و التي من ابجدياتها ان لا تظهر كل حقيقتك او بمعني اخر ان لا يعرف الاخر كل ما عندك ، فتضطر الي تقديم تنازلات للأطراف الاخري و تضطر الي تغيير سياسات و لطالما امنت بها و ارتضيتها و تضطر الي التراجع و الارتكاز و الوقوف في خانات الدفاع .
كل مشاكلنا الماثلة الان الأمني منها و الاقتصادي سببه و مرجعه الأساسي عدم استخدام الحكمة في التعامل مع الدول او قل عدم الوعي الدبلوماسي و المعلوماتي و التسرع عدم التروي في اتخاذ القرارات الخطيرة و المصيرية . لذلك المخرج يحتاج الي أشياء خارقة تجعل الآخرين يأمنوا الشر الكامن للانقاذ ( حسب ظنهم) و الذي ذاقو مرارته من قبل و ما تخبئه لهم ، الا ان الإنقاذ لم تدع شيئا تحت الطاولة او خلف الكواليس او "كارتا" سريا تستخدمه كما ان امرها صار مكشوفا و لم يعد هناك " بيتا للكلاوي " ، فليطمئن الرئيس السيسي و الجيران و بقية العالم و يتعاملوا مع السودان واضعين المصالح المشتركة نصب أعينهم خاصة معيشة المواطنين .
صلاح حمزة/باحث
salahhamza@gmail.com
//////////////////