في الشراكة الأوربيَّة مع أقطار في إفريقيا والبحر الكاريبي والمحيط الباسفيكي (2 من 2) 

 


 

 

 

shurkiano@yahoo.co.uk
 
 
لومي.. نمط جديد من الشراكة
 
في شباط (فبراير) 1975م تمَّ التوقيع على اتفاقيَّة لومي الأولى – أي بعد انقضاء فترة معاهدة ياوندي الثانية – بين تسع دول من المجموعة الاقتصاديَّة الأوربيَّة من جهة، و46 دولة في إفريقيا والبحر الكاريبي ومنطقة المحيط الباسفيكي من جهة أخرى.  فما الذي دفع هذه الدول النَّامية للدخول في شراكة مع الدول الأوربيَّة؟  أو بصورة أخرى ما هو السبب الرئيس لتنمية العلاقات بين الشمال والجنوب؟
في المبتدأ كانت تقوية العلاقات مع بعضها بعضاً هي التي دفعت مجموعة أقطار في إفريقيا والبحر الكاريبي ومنطقة المحيط الباسفيكي نحو هدف مشترك قبل الاتجاه نحو خلق علائق مع الدول الأوربيَّة.  فالتفكير في أنَّهم من الدول النامية هو الذي التحمهم سويَّاً، وشكل مصالحهم المشتركة.  وقد أدهشت هذه الرؤية المشتركة الأوربيين في ربيع العام 1974م، كما ورد على لسان الناطق الرَّسمي باسم المجموعة – أي مجموعة الدول النامية – باباكار با فيما يختص بمعاهدة لومي الرابعة، حيث قال: "ليست أمامكم ثلاث مجموعات تعبِّر عن مواقف موائمة بصوت واحد، لكن جسماً واحداً من مجموعة دول في إفريقيا والبحر الكاريبي ومنطقة المحيط الباسفيكي، والتي ترغب في الاعتراف بمصيرهم المشترك والرَّغبة في الصمود لتحقيق نتائج إيجابيَّة على طاولة هذه المفاوضات."
هذه هي الطريقة التي فيها ولدت مجموعة دول في إفريقيا والبحر الكاريبي ومنطقة المحيط الباسفيكي (44 دولة)، واعتمدت دستورها، وتمَّ الإقرار به في اتفاقيَّة جورج تاون في 6 حزيران (يونيو) 1975م، أي بعد أشهر قليلة من التوقيع على معاهدة لومي الأولى في 28 شباط (فبراير) 1975م.  وقد اتخذت هذه الدول قراراً سياسيَّاً بالتوقيع على هذه المعاهدة بمحض إرادتها دون أيَّة ضغوط خارجيَّة، مثلما هي الحال في بعض الأحايين.
مهما يكن من شيء، فقد احتفظت معاهدة لومي الأولى (1975-1980م) بالشروط القويَّة التي أتت بها معاهدة ياوندي، وبخاصة فيما يختص بنمطها التعاقدي حول طبيعة الإغاثة والملاحق الإضافيَّة الأخرى.  وقد وضح هذا جليَّاً على المستوى السياسي، مع التأكيد على سيادة كل دولة واحترام خياراتها.  فمثلاً، خلال فترة الحرب الباردة، احتفظت أوربا بعلاقات مميَّزة مع كل من الاتحاد السوفيتي والدول المتحالفة مع الولايات المتحدة الأميريكيَّة.  أما على المستوى التجاري، فقد أعطت معاهدة لومي مجموعة هذه الدول في إفريقيا والبحر الكاريبي ومنطقة المحيط الباسفيكي ما يلي:
(1)  شروط تفاضل تجاريَّة (غير متبادلة).
(2)  بروتوكولات على بعض المنتجات كالسكر والموز من موريشيوس وفيجي وغيانا وباربيدوس، ولحوم الأبقار من بوتسوانا وناميبيا.
(3)  ضمان أسعار عالية عما عليها الأسواق العالميَّة.
(4)  نظام تعويض للعجز التجاري الذي قد ينشأ من تذبذب إيرادات التصدير، وكذلك الضمانات لمنتجي هذه الدول.
فبعد التوقيع على اتفاقيَّة لومي الأولى، تمَّ تأسيس صناديق لتحقيق هذه الأهداف منها صندوق دعم استقرار صادرات المنتجات الزراعيَّة لهذه الأقطار في إفريقيا والبحر الكاريبي ومنطقة المحيط الباسفيكي بواسطة الاتحاد الأوربي، وهو الصندوق المعروف باسم "ستابيكس" (1976-2000م).  ومن السلع التي تُنتَج في هذه الأقطار هي الكوكا والقطن والبن والفول السُّوداني والشاي.  إذ يقوم هذا المشروع على تعويض أيَّة دولة من هذه الدول إذا ما تأثَّرت حصيلة صادراتها من جراء أسباب خارجة عن إرادتها.  ومنذ العام 2000م تمَّ تبديل آليَّة التعويض بصندوق تعويض أقطار في إفريقيا والبحر الكاريبي ومنطقة المحيط الباسفيكي عن التذبذب قصير المدى في إيرادات التصدير، المعروف باسم "فليكس".  أما صندوق "سيسمين" (1981-2000م)، الذي أُنشأ بعد التوقيع على اتفاقيَّة لومي الثانية، فقد كان الهدف منه إعطاء قروض للدول التي تعتمد على معادن معيَّنة، وكذلك إعطاء منح للحفاظ على طاقتها الإنتاجيَّة، وأن – إن دعت الضرورة – تنوِّع اقتصادياتها.  وقد استفادت كل من زامبيا وجمهوريَّة الكونغو الديمقراطيَّة (زائير سابقاً) وغينيا-كوناكري وجامايكا من هذا الصندوق.  غير أنَّه وفق اتفاق لومي للعام 1975م الموقعة بين المجموعة الأوربيَّة وعدد خمسين قطراً في إفريقيا والبحر الكاريبي ومنطقة المحيط الباسفيكي، وفق مشروع ال"ستابيكس" أي استقرار الصادرات، تمَّ تعليق تعويضات السُّودان المستحقة، وقد كان السُّودان يستفيد من هذا البند في تلافي ذبذبة أسعار الحبوب الزيتية والصمغ العربي والجلود.(7)
أما على المستوى القطاعي، فكانت الأولويَّة في تحسين البنى التحتيَّة الزراعيَّة، فيما يختص بالقطاع المؤسساتي.  فقد أنشأت لومي مؤسسات مشتركة بين الدول المانحة والمستفيدة من القروض والمساعدات، ومن هذه المؤسسات: مركز التنمية الصناعيَّة، ومركز تنمية المشاريع، والمركز الفني للتعاون الزِّراعي.
والحال كذلك، تمَّ التوقيع على معاهدة لومي الثانية العام 1979م لتشمل الفترة ما بين (1980-1985م) بين المجموعة الأوربيَّة من ناحية، و58 دولة في مجموعة الدول في إفريقيا والبحر الكاريبي ومنطقة المحيط الباسفيكي من ناحية أخرى.  أما معاهدة لومي الثالثة (1985-1990م) فقد تمَّ التوقيع عليها العام 1985م، حيث بدأ الأوربيُّون ينظرون إلى التعاون بنظرة مختلفة.  وأخذت الآمال التي علَّقت عليها المستعمرات السابقة في الستينيَّات والسبعينيَّات من القرن الماضي حول مستقبل هذا التعاون تتبخَّر، وظهرت مرحلة ترهل الإغاثة (Aid fatigue).  ودفعت الفوضى الإداريَّة في بعض الدول النامية من ناحية، والمشكلات المكتظة الناتجة عن الديمقراطيات النَّامية من ناحية أخرى الدول المانحة إلى فقدان حماسها.  كذلك استشعر مواطنو الدول الغنيَّة حكوماتهم، وطلبوا منها الكف عن هذا الكرم الفياض والعطاء السخي للدول النَّامية، وبخاصة حينما أحسوا بناهية الرفاهيَّة التي كانوا بها ينعمون في الفترة ما بعد الحرب العالميَّة الثانية العام 1945م.  وفي هذه الأثناء ظهر مفهوم أهميَّة كرامة الإنسان (The importance of human dignity) في النقاش السياسي الذي بموجبه يتم توزيع الموارد، حيث لم يدخل مصطلح "حقوق الإنسان" في الاستخدام السياسي حينئذٍ.  إذ يعتبر التوقيع على معاهدة لومي الرابعة (1990-2000م) نقطة تحوُّل هام في الآتي:
(1)  أدَّى سقوط سور برلين إلى تغيير الخارطة الجيوسياسيَّة في عشيَّة وضحاها، وأخذت أوربا تبحث عن الاتحاد.
(2)  هزَّت أزمتا النفط اقتصاديات العالم، وأبدى سكان الدول الغنيَّة قلقاً جديداً حين أخذ أمنهم المادي يتآكل.
(3)  وضح بما لا يترك مجالاً للشك في أنَّ الإغاثة لم تحسِّن تنمية بعض الدول النامية، وبخاصة في إفريقيا، بل – وفي الحق – أصبحت أكثرها تزداد فقراً.
إذاً، ما هي أهم ميزات معاهدة لومي الرابعة؟
(1)  ربط الإغاثة واستمراريّتها بتحسين سجل حقوق الإنسان.
(2)  ضبط المساعدات الماليَّة بصورة حاسمة.
(3)  مضاعفة فترة سريان الاتفاقيَّة (10 سنوات) من أجل إعطاء استمراريَّة أفضل لبرامج التنمية.
(4)  مساعدة الدول التي ترغب في تطبيق موازنات بنيويَّة شاقة.
(5)  تنويع الاقتصاديات في مجموعة الأقطار في إفريقيا والبحر الكاريبي ومنطقة المحيط الباسفيكي، ومشاريع التعاون الإقليمي، والارتقاء بالقطاع الخاص.
 
كوتونو (2000-2020م).. الانتقاليَّة المؤدِّية لإكمال العمليَّة
 
بعد اللحظة التأريخيَّة الانعطافيَّة في 23 حزيران (يونيو) 2000م، والتي فيها تمَّ التَّوقيع على اتفاقيَّة الشراكة بين الاتحاد الأوربي من ناحية، ومجموعة الأقطار في إفريقيا والبحر الكاريبي ومنطقة المحيط الباسفيكي من ناحية أخرى، جرت مياه غزيرة تحت الجسر.  إذ دشَّنت هذه الاتفاقيَّة بداية عهد جديد للعلاقات بين الأقطار في إفريقيا والبحر الكاريبي ومنطقة المحيط الباسفيكي من جهة، والاتحاد الأوربي من جهة أخرى.  وكذلك جاءت أجندة تعزيز التنمية الدوليَّة على خلفيَّة عمليَّة العولمة المتسارعة، وتنامي الإرهاب الدولي، وشيوع النِّزاعات في الدول الأكثر فقراً، وتزايد سريان الهجرة، وتصاعد التهريب البشري، والتغيُّرات البيئيَّة التي أمست تهدِّد دول وسكان العالم نتيجة الاحتباس الحراري.
وفي العام 2005م – أي بعد مضي خمسة أعوام من التَّوقيع على اتفاقيَّة كوتونو – أمست الحوجة إلى التقدُّم في التنمية أكثر إلحاحاً من ذي قبل.  وانحصرت الأولويَّة – وما تزال – في محاربة الفقر، وتحقيق التنمية المستدامة.  ويعتبر الاتحاد الأوربي أكبر مانح للإغاثة في العالم (أي 55% من الإغاثة)، وهو الأكبر كذلك في الشراكة التجاريَّة مع الدول الأكثر فقراً، والفاعل الأساس في الحوار السياسي، ودرء الكوارث، وإدارة الأزمات على المستوى العالمي.  والاتحاد عليم كل العلم بمسؤوليَّته الخاصة في تحقيق أهداف الألفيَّة في التنمية، وسيظل ملتزماً بتعزيز دوره القيادي في مجالات التنمية الاقتصاديَّة والاجتماعيَّة والبشريَّة.
وتُعد اتفاقيَّة كوتونو دوماً اتفاقاً استثنائيَّاً لأنَّها تُعتبر أنموذجاً لاتفاقات الاتحاد الأوربي مع الطرف الثالث، ويلعب فيها البعد السياسي للشراكة دوراً رائساً، وكذلك منظومة المجتمع المدني وأصحاب المصلحة الآخرون، حيث يشاركون كلهم أجمعون أبتعون في تحسين كفاءة التعاون.  وقد وافقت مجموعة الأقطار في إفريقيا والبحر الكاريبي ومنطقة المحيط الباسفيكي من جهة، ودول الاتحاد الأوربي من جهة أخرى على تحسين البعد السياسي للشراكة عن طريق الحوار الرَّسمي-السياسي الأكثر انتظاماً والمؤسَّس على مبادئ الشراكة والملكيَّة.  إذ تركَّزت التعديلات التي جرت على الاتِّفاق على التوكيد على الحوار المؤثِّر ذي النتائج الموجَّهة، بحيث تجعل في نهاية الأمر الحكم الرَّاشد، وحقوق الإنسان، ومبادئ الدِّيمقراطيَّة وحكم القانون بناءً وعمليَّاً.  وقد توصَّلت الأطراف المعنيَّة بالأمر إلى ثمة اتِّفاق يقضي بالتعاون على الحد من إنتاج أسلحة الدَّمار الشَّامل، والذي يعد اختراقاً في مجال العلاقات الدوليَّة، ويعكس الإقرار المشترك ل 78 دولة في إفريقيا والبحر الكاريبي ومنطقة المحيط الباسفيكي من جانب، و25 دولة أوربيَّة من جانب آخر في مكافحة إنتاج أسلحة الدَّمار الشَّامل؛ وهناك ثمة اتِّفاق يشمل الإشارة إلى محكمة الجزاء الدوليَّة وقانون روما، والتي تؤكِّد إقرار الشركاء في مؤسسات الحكم الدولي؛ ثمَّ إنَّ في الاتِّفاق فقرة تؤكِّد التعاون الدولي عند الشركاء في مجال محاربة الإرهاب.  إذاً، فيم يمكن تلخيص أهداف اتفاقيَّة كوتونو؟
(1)  أعطت اتفاقيَّة كوتونو دوراً أكبر للمجتمع المدني والقطاع الخاص.
(2)  تحديد أولويَّة الإستراتيجيَّات وأهداف التنمية المعروفة باسم أهداف الألفيَّة التنمويَّة (The Millennium Development Goals).
(3)  إعطاء الأولويَّة للتكامل الإقليمي لأقطار في إفريقيا والبحر الكاريبي ومنطقة المحيط الباسفيكي.
(4)  إدخال فكرة المرونة، بحيث تستطيع الدول التي تستخدم المساعدات الماليَّة بكفاءة أن تنال موارد إضافيَّة.
(5)  تمدُّد الحوار السياسي ليشمل تعزيز السَّلام، وحل النِّزاعات وإيقاف الصراعات.
وقد وفَّرت مراجعة اتفاقيَّة كوتونو العام 2005م فرصة للحوار السياسي بين الشركاء.  ومن نتائج اتفاقيَّة كوتونو على أرض الواقع ما يلي:
(1)  ابتعاث القوات الأوربيَّة لمساعدة قوات الأمم المتحدة في جمهوريَّة الكونغو الديمقراطيَّة العام 2006م.
(2)  دعم بعثة الاتحاد الإفريقي في إقليم دارفور.
(3)  الاجتماع المشترك بين المفوضيَّة الأوربيَّة من ناحية، ومفوضيَّة الاتحاد الإفريقي من ناحية أخرى في تشرين الأول (أكتوبر) 2006م، ولأول مرة في التأريخ تجتمع المفوضيَّة الأوربيَّة خارج الاتحاد الأوربي.
وعند الإعلان عن اتفاقيات الشراكة الاقتصاديَّة (Economic Partnership Agreements) اكتملت دائرة التعاون بين المجموعة الأوربيَّة من جانب، ومجموعة أقطار في إفريقيا والبحر الكاريبي ومنطقة المحيط الباسفيكي من جانب آخر.  هذه الاتفاقات، التي كان من المفترض الفراغ منها بنهاية العام 2007م، كانت تهدف – فيما تهدف – إلى تسهيل التكامل المرن بين مجموعة أقطار في إفريقيا والبحر الكاريبي ومنطقة المحيط الباسفيكي والاقتصاد العالمي، لأنَّ "التفاضل التجاري" الذي منحته الاتحاد الأوربي إلى مجموعة أقطار في إفريقيا والبحر الكاريبي ومنطقة المحيط الباسفيكي يتعارض مع لوائح منظمة التجارة العالميَّة.
 
مجالات التعاون الأخرى بين الاتحاد الأوربي وبين أقطار في إفريقيا والبحر الكاريبي والمحيط الباسفيكي
 
كل هذه الاتفاقات قد ركَّزت على الشراكة في ثلاثة مجالات: المجال السياسي والتجاري والإغاثة.  كما أنَّ اتفاقيَّة كوتونو قد خلقت جسماً إضافيَّاً هو اللجنة الاقتصاديَّة والاجتماعيَّة، التي تمنح صوتاً لمنظمات المجتمع المدني للدول الشركاء، وكذلك عملت هذه الاتفاقيَّة في المادة التاسعة على تعزيز البعد السياسي في مجالات الديمقرطة وحقوق الإنسان كعناصر أساسيَّة، والحكم الرَّشيد كعنصر مبدئي.  هذه القضايا لم تزل تتصدَّر الحوار السياسي الجاري، حيث أنَّ بعضاَ من الأقطار في إفريقيا والبحر الكاريبي ومنطقة المحيط الباسفيكي يعتبر هذا المجال فرضاً لشروط سياسيَّة معلنة، وتدميراً للشراكة السابقة.(8)  إذاً، فيم تتركَّز مجالات التعاون بين الاتحاد الأوربي من ناحية، وبين مجموعة الأقطار في إفريقيا والبحر الكاريبي ومنطقة المحيط الباسفيكي من ناحية أخرى؟  تتمحور مجالات التعاون بينهما في كل من الآتي:
(1)  العلوم والتكنولوجيا لتضييق الفجوة التكنولوجيَّة عقب إعلان مدينة الكاب في جمهوريَّة جنوب إفريقيا في تموز (يوليو) 2002م، مع الاستفادة من جهود "شبكة الأكاديميين الأفارقة في العلوم" (The Network of African Science Academics- NASAC) المكوَّنة من 13 مؤسسة أكاديميَّة وإفريقيَّة.
(2)  ففي قمة لشبونة في كانون الأول (ديسمبر) 2007م تبنَّى المؤتمرون البحث في مجالات الزراعة والأمن الغذائي، والمعلومات وتكنولوجيا الاتصالات.
(3)  في العام 2001م أقرَّ الاتحاد الأوربي التعاون مع الدول النامية في إجراء التجارب الطبيَّة على الأمراض ذات العلاقة بالفقر، مثل: الإيدز والملاريا والسل.
إذاً، ما الذي يجعل مكافحة الفقر أمراً عصيَّاً في الدول النامية؟  تعاني هذه الدول من المشكلات الآتية:
(1)  إنَّ المواطنين الفقراء ليعانون من غياب التمكين والاحتياجات الأساسيَّة، وهم في غالبهم الأعم من ذوي الدخول المحدودة.
(2)  إنَّ النمو الاقتصادي ليس بالضرورة أن تقود إلى التقليل السريع للفقر؛ إذ أنَّ الأمر يتطلَّب وجود إستراتيجيَّة محدَّدة لصالح الفقراء.
(3)  إنَّ الإستراتيجيَّة الموجَّهة لصالح الفقراء قد تكون فعَّالة فقط إذا باتت الحكومة الشريكة مع الاتحاد الأوربي ملتزمة بها، وإنَّ الشروط المفروضة من الخارج نادر ما تكون فعَّالة في اختلاق هذا الالتزام.
عليه، نجد أنَّ مسؤوليَّة مكافحة الفقر تقع جليَّاً – وفي الأساس – على عاتق حكومات الدول الفقيرة.  بيد أنَّ الوكالات الخارجيَّة يمكن أن توفِّر المساعدة الفعَّالة عن طريق الاتجاه السائد بهدف تقليل الفقر في كل النشاطات وعلى جميع مستويات منظماتها.  وينبغي أن تراعي هذه الوكالات المظاهر الآتية في أجهزتها الداخليَّة: التوجيهات القويَّة والواضحة والحوافز، وأفضل سبل لمراقبة برنامج الدولة، وتحسين الخبرات، وإعطاء فرص أكبر للامركزيَّة الخبرة والسلطة.(9)  والدول التي تعاني من الحكم الرشيد غالباً ما يسود فيها الفساد، وليست لها المقدرة على تحويل الإغاثة إلى عامل إيجابي في سبيل التنمية.  ومن هنا ينبغي البحث عن سبل جديدة لمساعدة هذه الدول الفاشلة.  إذ أخذت عمليات الإغاثة في الآونة الأخيرة تأتي كجزء من الاستجابة السياسيَّة للأزمات الممتدَّة في هذه الأقطار.  بيد أنَّ ارتباط الإغاثة بالتدخُّلات السياسيَّة وتوصيل المساعدات الإنسانيَّة بواسطة القوات العسكريَّة قد يعوق مفهوم الحياد، ومن ثمَّ شرعيَّة المساعدات الإنسانيَّة في نهاية الأمر.
 
مستقبل التعاون بين الاتحاد الأوربي وبين مجموعة أقطار في إفريقيا والبحر الكاريبي والمحيط الباسفيكي
 
يتوقَّف مستقبل التعاون بين الاتحاد الأوربي وبين مجموعة أقطار في إفريقيا والبحر الكاريبي ومنطقة المحيط الباسفيكي على الآتي:
(1)  تفعيل اتفاقيات الشراكة الاقتصاديَّة.  إذ أنَّ التفاوض حول هذه الاتفاقيات قد خلق سخطاً محدوداً من جانب بعض الأقطار في إفريقيا والبحر الكاريبي ومنطقة المحيط الباسفيكي.  وإذا أحسَّت هذه الدول بنوع من التخوين فإنَّها قد تلجأ إلى شركاء آخرين – مثل الصين والهند، أو – في حال الدول الكاريبيَّة تحديداً – فإنَّها ستلتف حول الولايات المتحدة الأميريكيَّة.
(2)  ينبغي أن تركِّز الشروط التي تُفرض على الإغاثة بصورة رئيسة على قضايا مثل:
1)   وضع حد للاعتقال التعسُّفي.
2)   انهاء استخدام التعذيب في دول معروفة.
3)   استقلال القضاء.
4)   ضبط عمل الشرطة.
(3)  هناك تقدُّم ملحوظ في بعض المجالات، مثل:
1)   ارتفاع معدلات الناتج الداخلي الإجمالي.
2)   نمو نسبة الأطفال في المدارس الأوليَّة والذين يتلقون التعليم في ساعات الدراسة العاديَّة من 71% إلى 93% بين الأعوام (1991-2004م).
(4)  موضوع التغيُّر المناخي والقضايا العالميَّة الأخرى.
(5)  الاعتراف بالعلاقة بين سياسات الهجرة والتنمية.
(6)  على إفريقيا أن تكون على قمة المسؤوليَّة، وتعتمد في الأساس على طاقاتها.
بيد أنَّ الاتحاد الإفريقي في حد ذاته مواجه بتحدِّيات داخليَّة تتمثل في مدى التزام بعض الدول الأعضاء (أو مواطنين في هذه الدول الأعضاء) نحو أوربا، وكذلك الالتزام بمكافحة الفقر.  إذ أنَّ من بعض السيناريوهات المحتملة في المستقبل، وحسب مقتضيات مصالح السياسة القوميَّة والخارجيَّة للاتحاد الأوربي أن تسير الإغاثة في جزءٍ كبير منها إلى الأقطار المجاورة لأوربا والدول ذات الدخل المتوسِّط، وأن يقوم الاتحاد بتقوية الاتفاقات الإقليميَّة، وبخاصة في مجالي الشؤون الخارجيَّة والأمن.  لذلك لا يزال النقاش جارياً حول هل يركِّز الاتحاد الأوربي اهتمامه بأوربا العظمى بما فيها أقطار أوربا الشرقيَّة والبحر الأبيض المتوسِّط أم يتم التركيز على مكافحة الفقر في الدول الفقيرة؟  إذ أنَّ هجرة الآلاف من مواطني الدول النامية عبر البحر الأبيض المتوسِّط قد بات هاجساً أمنيَّاً ومشكلاً اجتماعيَّاً وسياسيَّاً لأوربا، مما دفع الاتحاد إلى عقد اتفاقات مع بعض الدول الإفريقيَّة – السُّودان تحديداً – لاحتواء هذه الأزمة، وتمويل هذا المشروع بواسطة الاتحاد الإفريقي لإيواء الفارين من جحيم حكوماتهم في السُّودان.  وفي هذا المشروع يسعى الاتحاد الأوربي إلى دعم الأجهزة الأمنيَّة في السُّودان بمعدات أكثر وتمويل مالي لإيقاف اللاجئين.  كما يرغب الاتحاد في مساعدة القضاء الإريتري للحد من الهجرة غير القانونيَّة.  وكذلك يسعى الاتحاد في إستراتيجيَّته المقترحة بإرسال المساعدات والدعم الفني لعشرين دولة، منها الأردن ولبنان والنيجر وليبيا وإثيوبيا في محاولة منه لإقناع هذه الدول للعمل أكثر من أجل السيطرة على الهجرة غير المنتظمة.  وقد وعد الاتحاد بتقديم 1.8 بليون يورو لثلاث وعشرين دولة إفريقيَّة لمشاريع محاربة البطالة ومراقبة الحدود لإقناع المهاجرين والعدول من نيَّة السفر إلى أوربا.  واستفاد السُّودان من 45 مليون دولار من هذه الميزانيَّة المرصودة لهذا الغرض من الاتحاد الإفريقي (صندوق الطوارئ في إفريقيا)، كما رصد الاتحاد مبلغ 112 مليون دولار كحزمة ماليَّة لمعالجة الأسباب الجذريَّة للهجرة غير النظاميَّة والنزوح الإجباري في دارفور وشرق السُّودان وجنوب كردفان والنيل الأزرق.
غير أنَّ السُّودان ليس هو بالدولة المؤهَّلة للقيام بتنفيذ هذا المشروع الأوربي-الإفريقي.  إذ أنَّ هؤلاء الفارين ينطلقون من السُّودان ذاته، والسُّودان دولة عديمة الشفافيَّة، ويسود فيه الفساد الذي بالكاد يزكم الأنوف، ثمَّ إنَّ العاملين في أجهزة الدولة الأمنيَّة في السُّودان نفسه ليساعدون في تهريب البشر إلى أوربا في هذه الهجرة غير الشرعيَّة.  وفي سبيل إقناع الاتحاد الأوربي بأنَّهم في استطاعتهم مكافحة الهجرة غير الشرعيَّة عبر بلادهم، قام القادة السُّودانيُّون بنشر ميليشياتهم المسلَّحة في المعبر الشمالي-الغربي المنفذ إلى ليبيا.  إذ أخذت هذه الميليشيات تبتز المهاجرين، وتعتنف بهم، وتنتهب ممتلكاتهم.  لقد تسبَّبت هذه العمليات في تجاوزات إنسانيَّة مروعة في حقوق الإنسان بما فيها القتل خارج نطاق القضاء والاغتصاب وغيرهما.
والجدير بالذكر أنَّ مجموعة الأقطار في إفريقيا والبحر الكاريبي ومنطقة المحيط الباسفيكي تمتلك البناء الأقوى في الشراكة السياسيَّة، ولها قوى متعدِّدة، غير أنَّ من المؤسف أنَّ هناك ثمة مجموعات هامة من الأقطار التي تحوي كثراً من السكان الفقراء – ولأسباب تأريخيَّة – تمَّ استثناؤها من هذه العلاقة، ويعتبر جنوب آسيا مثالاً هاماً لذلك.  والأسئلة المطروحة حاليَّاً هي هل ستزدهر مجموعة هذه الأقطار في إفريقيا والبحر الكاريبي ومنطقة المحيط الباسفيكي وتحيى؟  وهل يمكن الحفاظ على شراكة حقيقيَّة بصور أخرى؟  هناك ثمة مهدِّدات يمكن أن تؤثِّر على هذه الشراكة، وبخاصة من ظهور تجمعات جديدة، والتي تتقاطع مع الحدود التقليديَّة لمجموعة الأقطار في إفريقيا والبحر الكاريبي ومنطقة المحيط الباسفيكي.  فعلى سبيل المثال ليس من الأمر العسير أن نتخيَّل أنَّ منظَّمة الشراكة الجديدة لتنمية إفريقيا، المعروفة ب"النيباد" (New Partnership for Africa’s Development – NEPAD) بعد إصلاحها، يمكن أن يدفع بالمصالح الإفريقيَّة بعيداً عن الحوار مع الاتحاد الأوربي من خلال مجموعة الأقطار في إفريقيا والبحر الكاريبي ومنطقة المحيط الباسفيكي.  و"النيباد" هو برنامج اقتصادي من الاتحاد الإفريقي، والذي تمَّ تبنِّيه في الجلسة ال37 لاجتماع رؤساء الدول والحكومات في تموز (يوليو) 2001م في العاصمة الزامبيَّة لوساكا.  وهو برنامج طموح يهدف إلى تسريع التعاون والتكامل الاقتصادي وسط الأقطار الإفريقيَّة.
 
 
خلاصة
 
من أكبر التحدِّيات التي تواجه الاتحاد الأوربي بعد خروج بريطانيا منه هو تنامي الشعور القومي المفرط ضد الاتحاد، وبخاصة من الأحزاب السياسيَّة اليمينيَّة في فرنسا وهولندا والتي باتت تهدِّد بخروج دولها من منظومة الاتحاد في حال فوزها في الانتخابات الرئاسيَّة أو البرلمانيَّة.  ولكن يبقى السؤال الهام الذي يبرز من هذا كله هو من ذا الذي يستفيد أو يحرِّك هذه الموجة العدائيَّة ضد الاتحاد الأوربي؟  لا ريب في أنَّ روسيا هي المستفيدة أو هي التي تقف وراء كل ذلك.  فحين جاء فلاديمير بوتين إلى السلطة في روسيا عشيَّة رأس السنة العام 1999م كان أمامه خياران: إما أن ييستقوى بالصفوة بما فيهم المفكِّرين، أو يركب موجة الجماهير، ومن ثمَّ اختار الأخير وشرع يتودَّد إلى الأوليغاركيين ويهمِّش الليبراليين، حتى نال إعجاب العامة في روسيا، وعمل على تقوية القوميَّة الروسيَّة بالاستنجاد بالتأريخ الروسي الحديث، والتقرُّب إلى الكنيسة الأرثوذوكسيَّة، وتكسير عظام الحزب الشُّيوعي، وتعزيز مقدرات الجيش الرُّوسي لإنهاء التمرُّد في إقليم الشيشان، وخوض الحرب في جورجيا، والاستيلاء على القرم من أوكرانيا، والمشاركة في العمليات العسكريَّة ضد الدولة الإسلاميَّة في العراق والشام (سوريا) لصالح نظام الرئيس السوري بشَّار الأسد.  ولكي يحكم الرئيس بفعاليَّة فإنَّه ليحتاج إلى 60% من التأييد الشَّعبي، ولكي يحكم بارتياح فإنَّه ليحتاج إلى 70%؛ أما الاقتراب إلى 50%، الذي هو حسن في الغرب، فإنَّه لمشحون بمخاطر الحرب الأهليَّة في روسيا.(10)
أما تجاه سياسته في الغرب فقد عمل بوتين على مساعدة القادة السياسيين في الغرب، ومن ذوي الأهداف القوميَّة الصارخة والعنصريَّة للوصول إلى السلطة عن طريق الاعتلاء على أمواج "الشُّعوبيَّة" (Populism).  فعلى سبيل المثال تزعم رئيسة الجبهة القوميَّة في فرنسا – ميري لي-بي – "أنَّ أوربا قد غرقت بالمد المتصاعد من المهاجرين المسلمين، والذين أمسوا يهدِّدون بقاء قارتهم سياسيَّاً وثقافيَّاً وقانونيَّاً.  وإنَّ خاسري العولمة هم الذين ينتفضون ضد الأنظمة القائمة، والهجرة الكثيفة، وعدم المساواة المتصاعد الذي لا يمكن احتماله، والتضاؤل في سلطاتهم على مصير أممهم."(11)  وقد شرعت لي-بين تتوجه برسالتها إيَّاها وإستراتيجيَّتها إلى اليسار واليمين على حدٍ سواء، متوسِّلة إلى العمال العطالة الذين كانوا يعملون في المصانع وفقدوا وظائفهم، وكانوا في السَّابق يصوِّتون لصالح الاشتراكيين والشُّيوعيين، وكذلك العنصريين القدامى والجدد الذين لا يزال الحزب – بلا شك – يجتذبهم.  وعلى هذا النحو، ترك الحزب قضايا هامة مثل سن الإحالة إلى المعاش، والضمان الاجتماعي، وتنامي معدَّل الجريمة، وإدمان الخمور والمخدِّرات، ومسألة البدانة، وحمل صغار السن وغيرها من الأسئلة السياسيَّة والاجتماعيَّة الشائكة التي تكتظ بها وتشتكي منها المجتمعات الأوربيَّة، والتي أخذت المرتبة الثانية في أجندة الحزب.
فبعد تدخُّلها السافر في الانتخابات الرئاسيَّة الأميريكيَّة العام 2016م لصالح المرشَّح الجمهوري دونالد ترمب لضمان وجود رئيس "دمية" أو "محايد" في البيت الأبيض صارت روسيا تطلق يدها حول العالم، وقد نجحت في ذلك.  إذ أنَّها واجهت سياسة أميريكيَّة عدائيَّة من إدارة الرئيس الديمقراطي السَّابق باراك أوباما في سوريا وأوكرانيا، وكذلك من الاتحاد الأوربي مما دفع بهذه الدول على فرض عقوبات اقتصاديَّة ضدها في احتلال إقليم القرم.  فلا شك في أنَّ روسيا تسعى لتفتيت الاتحاد الأوربي حتى لا تصبح قوَّة مهدِّدة لنفوذها وتقف في طريق مطامحها، وبخاصة بعد انضمام عدد من دول أوربا الشرقيَّة وجمهوريات بحر البلطيق بعد ما كانت من قبل جزءً من الاتحاد السوفيتي السَّابق أو دولاً دائرة في فلك حلف وارسو تحت النفوذ السياسي والعسكري للاتحاد السوفيتي.  ولعلَّ تأليف ستانلي جونسون – والد وزير الخارجيَّة البريطاني بوريس – الذي ألقى به إلى المطبعة يلمِّح إلى هذا الدور الرُّوسي في خروج بريطانيا من الاتحاد الأوربي.  ورؤية ستانلي هذه لها قدر كبير من الأهميَّة، وبخاصة لأنَّه خدم في السَّابق في جهاز الأمن الداخلي البريطاني المعروف باسم "أم آي فايف".
مهما يكن من شيء، فبينما كان بوريس جونسون من عتاة دعاة الخروج من الاتحاد الأوربي المتطرِّفين، كان والده أكثر حنكة وحصافة حين صوَّت لصالح البقاء في الاتحاد.  وقد طفق المناوئون للاتحاد الأوربي يجادلون بأنَّهم حينما التحقت بريطانيا بالمجموعة الاقتصاديَّة الأوربيَّة في الفاتح من كانون الثاني (يناير) 1973م لم تدخلها لأنَّها كانت أمة مؤسَّسة منذ أمد بعيد، أو لأنَّها الأقوى أو متجانسة، بل لأنَّها منظومة فوقويَّة (متخطٍ الحدود أو السلطة القوميَّة) تجريبيَّة، والتي جاءت إلى البقاء في أقلَّ من الستة عشر عاماً الماضية.
كذلك يواجه الاتحاد الأوربي قضيَّة تنامي ظاهرة التطرَّف الإسلامي والدعوة إلى الجِّهاد، وتصاعد وتيرتها.  إذ أمسى لهذه الظاهرة امتداد خارجي وارتباطها بالصِّراعات الجارية في الشرق الأوسط وشمال وشرق إفريقيا.  وقد انعكست هذه الظاهرة سلبيَّاً على تنامي جماهير أحزاب اليمين المتطرِّف في الدول الأوربيَّة، وبروز ما يسمَّى ب"الشُّعوبيَّة".  إذ ليس هناك ما هو أشرس من النِّزاع الدِّيني أو الطائفي، وذلك حين يؤمن كل طرف من طرفي الصِّراع بأنَّه يقوم بتنفيذ أوامر السَّماء في الأرض.  أفلم يستمر النِّزاع بين الكنيسة الغربيَّة والشرقيَّة العام 1054م حوالي 39 عاماً، وكذلك حينما شهدت الفترة ما بين 1378-1417م نشوب نزاع بين البابا في روما وآخر في أفيغنون!  أما الانشقاق بين الكاثوليكيَّة الرومانيَّة من ناحية، والكنيسة الأرثوذوكسيَّة من ناحية أخرى فما يزال مستمرَّاً حتى يومنا هذا.
ثم هناك مسألة الهجرة الإفريقيَّة أو العربيَّة (السوريَّة) إلى أوربا، وكيف أنَّها تسبَّبت في الضغط الاجتماعي في الخدمات والحراك السياسي.  إذ يتململ مواطنو هذه الدول الأوربيَّة بأنَّ تصاعد معدَّلات الهجرة الأجنبيَّة قد أدَّت إلى تزايد الأعباء الإداريَّة على المجالس البلديَّة في توفير الخدمات الصحيَّة والتعليميَّة والسكنيَّة ومحاربة البطالة وغيرها. ومن تداعيات الاحتكاكات الاجتماعيَّة لهذه الهجرات إفراز بعض جرائم الكراهيَّة ضد المسلمين أو الأثنيات العرقيَّة الأخرى.  وقد ذكرنا في الأسطر الآنفة كيف شرع الاتحاد الأوربي في التعامل مع هذه المسألة، ولئن كانت مساعيه تشوبها أخطاء لأنَّها تعاملت مع دول عديمة الشفافيَّة، ويكثر فيها الفساد وسط العباد.
 
 
 

 

آراء