في ذكرى ميدان التحرير وثورة ٢٥ يناير المصرية المجهضة .. أحكي لكم :

 


 

عمر الحويج
25 January, 2024

 

قصة قصيرة/ الزنزانة رقم ٣٠ / ٦

بقلم/ عمر الحويج

أنا ألآن ، داخل الزنزانة رقم : ٣٠ / ٦ ، فات زمان ، لم أعد أذكره : طويلاً كان ، أم قصيراً .. لست أدري . ماأدريه فقط .. ما أعلمه فقط .. أننى ظللت طيلة هذه المدة ، التى لا أعرف مداها .. أتلقى عدداً لا يحصى من الوجبات .. (هكذا سمعتهم ، يسمونها ) . الخفيف منها ، والثقيل ..المتنوعة ، والمتجددة : في الشكل واللون . لا تظنوا بي الظنون ، فهى ليست تلك الوجبات التى يسيل لها اللعاب ، وإنما هى تلك الوجبات ، التى تسيل فيها الدماء ، دمائي أنا .. أعني !! .

والآن .. وأنا أسجل لكم في مدونتي .. ( لا تندهشوا كثيراً ، نعم مدونتي ) . . تجدونني ، قد خرجت من إحدى تلك الوجبات . أنا الآن غارق في دمائي .. لا تسألوني كيف كان شكل الوجبة ، التى ناولوني إياها ، طعمها .. لونها .. وشكلها . لا تتعجلوا ، هذا ما سأحدثكم عنه لاحقاً - فقط : انتبهوا معى .. أنا الآن أو بالأحرى قبل لحظات ، ضغطت على زر التشغيل في حاسوبي .. وأنا الآن أشتغل على مدونتي ، كما تلاحظون .. كيف ذلك ؟؟ .. صبراً ، أنتم دائماً متعجلون !! سوف أقول لكم أصدقائي , بشرط أن لا تفغروا أفواهكم دهشة ، فالمسألة في غاية البساطة : أنا أحمل حاسوبي , داخل دماغي .. ألم أقل لكم ألا تفغروا أفواهكم دهشة ، و أحمده تعالى ، رغم الوجبات المتكررة والعنيفة .. إلا أنهم حتى الآن لم يستطيعوا إختراق دماغي .. بعد !! .
سأتوقف عن التسجيل في مدونتي . كى أتجول في صفحاتكم ، على الفيسبوك ، عساي أجدكم عليها .أعرف عنكم ، أنكم أدمنتم ( مثلي ) حواسيبكم ، حتى ربما ، تكونوا خزنتموه ( مثلي تماماً ) في أدمغتكم ، لاستخدامه عند الضرورة .. خاصة إذا شرفتم ، الزنزانة رقم : ٣٠ / ٦ ، قطعاً سيساعدكم ذلك ، على تحمل تلك الوجبات .. الخفيف منها ، والثقيل .. لا تظنوا في أنفسكم الظنون .. فهى ليست تلك الوجبات التى يسيل لها اللعاب .. وإنما تلك الوجبات التى تسيل فيها الدماء .. دماؤكم أعني .. !! .

من المستغرب عدم تواجدكم على صفحاتكم ، في الفيسبوك ، في هذه اللحظة التى احتاجكم فيها .. أين تكونون في هذه اللحظة .. ياترى ؟ ربما أنتم الآن في الميدان .. أو ربما أنتم في حالة بحث دائم عني .. فقد وصلني تضامنكم معي .. قرأت نداءاتكم ، لإطلاق سراحي ، في كافة مواقع التواصل الاجتماعي .. أنا أُثمن ذلك كثيراً ، ولكن حذار ، لن تجدوني في كل الأمكِنة الممكنة .. فأنا في المكان غير الممكن !! .
ولحين ظهوركم .. سوف أغلق حاسوبي مؤقتاً ، لكي اُلملِم شتات نفسي و جسدي .. وأجفف ما علق بِكافة أطرافي من دماء .. وجراح .. !!.
إليكم الآن أعود ، بعد أن ضغطت على زر التشغيل ، في حاسوبي ، مرة اخرى . فأنا شغوف ، بل ومتلهف للقائكم .. ولكن ويا أسفي ، أنتم لستم هناك ، أنتم لا تواجد لكم في صفحاتكم ، على الفيسبوك .. يا تُرى ماذا يجري خارج هذه الزنزانة اللعينة ؟؟ .. لا أظُنني أدري ، ما أدريه فقط إنني غارق في دمائي !! .
دعوني إذن أذهب بحثاً ، في بريدي الإلكتروني .. أرغب فى مُراسلة شاهيناز ، سأنتظر حتى ترُد ، ثم بعدها أعود لأواصل معكم في مدونتي . أعرف أن ردها سيبعث الحياة في داخلي ، ويريحني من هذا العناء الذي لا يُحتمل ، في عُزلَتي هذه غير المجيدة . لا.. رد ، سأدعم الرسالة بِأخرى .. عسى ولعل . أنتظر بفارغ الصبر ، ردك العاجل يا شاهيناز .. أنتظر لا زلت . انشغلت بعدها للحظة ، بتجفيف بعض الدماء ، التى تدفقت فجأة ، حيث شعرت ببرودتها ، تلسع ظهري .. بقساوتها !!.

عدت إلى شاهيناز مرة اخرى ، ولكن .. لا رد . هذه الزنزانة اشتددت برودتها ، هذا شتاءٌ قاسٍ ، لا يرحم .. وأنا دون غطاء أتدثر به . أين تكونين الآن يا شاهيناز ..ربما تبحثين عنى أنت أيضاً مع الآخرين ، لا ترهقوا أنفسكم كثيراً ، فهم لن يجعلوكم تتعرفون على مكاني . لقد سمعت أحدهم ، بأُذني هذه – التى لا أحس بوجودها في مستقرها المعتاد – يقول لي : الداخل هنا مفقود ، والخارج مولود .. وأجزم أننى من المفقودين !! .
سامحيني شاهيناز ، سامحوني أصدقائي ، فأنا أثرثر الليلة كثيراً .. ربما بحثاً عن الأمان المفقود ، أو ربما بحثاً عمن يشعرنى بأنى موجود لا أزال .. ولحين تلَقَي رد شاهيناز .. سوف أسرد لكم سريعاً ( بعد عودتي إلى مدونتي ) كيف التقينا أنا . و .. شاهيناز !! .
كنا جميعُنا – وهذا طبعاً معلوماً لديكم – حين تشاركنا على صفحاتنا في الفيسبوك : التقينا ، حين التقت أفكارنا .. أصبحنا نتبادل المعلومات : ارتقينا .. فتبادلنا المُقترحات : تطورنا .. فانتقلنا .. للتخطيط ، ومن ثم .. التنفيذ . حتى أوصلنا كل ذلك إلى الميدان . . ومن ثم التحرير . كل ذلك تعلمونه .. ولكن ما لا تعلمونه .. سأحكيه لكم الآن :

ففى أحد الأيام العاصفة . وكنت مكلفاً حينها ، بمهمة التنظيم و المراقبة ، في أحد أركان الميدان ، حين لمحت أحدهم ، وهو يهم بالتحرش ، بإحدى الفتيات ، بصورة واضحة .. بل فاضحة ، هرولت مسرعاً نحوه : وصلتهُ ، إنتهرتهُ ، زجرتهُ ، بل هممتُ بضربه .. لولا أنه اختفى عني ، وسط الجموع . وأظنها التفتت نحوي لتشكرني ، على ما فعلت ، وتذهب في طريقها . إلا أنه وفى تلك اللحظة بعينها ، ظهر صديقنا ( ناجي ) .. الذى فيما يبدو أنه لحق بى , حين لمحنى أهرول ، إلى هذه الجهة من الميدان ، ولدهشتي حين وصوله ، لم يلتفت ناحيتي ، وإنما إلى جهة الفتاة ، منادياً : شاهيناز .. !! . حينها ارّتجت كل أطرافي ، عند سماعي لاسمها . ثم بعدها التفت ناحيتي ، ممازحاً .. ( إيه الشهامة دي كلها يا سي حمدي ) . وأظنها أيضاً ، ارّتجت كافة أطرافها عند سماعها لاسمى .
رددت مندهشة :أنت حمدي .. !!
رددت مندهشاً : أنت شاهيناز..!!

أنا أعرفكم .. أصدقائي ، أنتم جد فضوليين ، تودون معرفة أسباب هذا الاندهاش .. صبراً ، سوف أخبركم :
حين تشاركنا ، صفحاتنا في الفيسبوك ، كنا أنا وهي ، الأقرب لبعضنا بين المجموعة .. كانت أفكارنا ، وإن لم تكن متطابقة ، فهى متقاربة .. وكثيراً ما توافقنا في الآراء والمقترحات ، دون تعمد من جانبي ، ودون قصد من جانبها .. وأدى ذلك إلى التقارب فيما بيننا . انعكس ذلك ، على تواصلنا عبر البريد الإلكتروني ، وهى خطوة للتعارف أكبر – كما تعلمون – ورغم ذلك لم نلتق أبداً ، وجهاً لوجه ، إلا فى هذه اللحظة .. لحظة اكتشافنا الحقيقي لبعضنا ، وليس اكتشافنا الافتراضي لبعضنا ، ومن وقتها لم نفترق أبداً .. أعنى في حدود الميدان !!.
أعرف : أصدقائي .. أننى لم أشبع فضولكم بعد ، تسألوني .. إلى أى حد وصلت علاقتنا ، أقول لكم .. مرة اخرى : لم تتعدى حدود الميدان ، مع كثير من المشاعر الطيبة التى نكِنُها لبعضنا : أعرف أنا .. وتعرف هي ، أن هناك عائق كبير يقف بيننا ، اكتشفناه صدفة .. !!.
تجمعنا يوماً ، للتوقيع على مذكرة ، كنا ننوي رفعها لإحدى الجهات الحقوقية ، سبقتنى هي إلى التوقيع ، لأول مرة سجلت اسمها كاملاً أمامي ( شاهيناز احمد البدري ) .. دعتني بعدها للتوقيع ، سجلت اسمي كاملاً (حمدي يوسف حنا ). تبادلنا نظرات تائهة ، لا معنى لها ، في اليوم التالي ، تبادلنا الرسائل .. !! .

كتبتُ أنا : سأجيء بي ، إليك .. لنلتقي .
كتَبت هى : لا.. سأجيء بي أنا ، إليك .. لنلتقي .
كتبت أنا : ربما يجئ بى وبك .. إلينا ، الميدان .. لنلتقي .

وحين التقينا فيما بعد .. ضحكنا معاً بحزن .. حتى طَفَرَ دمُعنا .. لهذا المستحيل المُمكن . وواصلنا عملنا فيما يخص الميدان .. !! .
وأواصل الآن ، البحث في بريدي ، عن رد من شاهيناز .. ولكن ، أيضاً لا رد ، ازداد قلقي عليها ، وعلى الآخرين ، ولكن ماذا في يدى لأفعله . فقط سأهرب من قلقي هذا ، بالتجوال في بريدي المتراكم من قديم ، فأنا لا أحذف من بريدي إلا ذاك الذي لا يعنيني .. !!.
أفتح أحدَثُها .. هذه رسائل من شاهيناز ، وأخرى منكم أصدقائي ، وأكثرها فيما يخص الميدان . دعوني أتجاوزها ، وأعبُرها إلى الرسائل الأقدم .

استوقفتني رسائل صديقنا " عبد الهادي" ، تذكُرونه .. كان من ضمن مجموعتنا ، إذن .. لأتجول في رسائله ، عساها تخفف عني هذا الصمت القاتل ، وقد تجدونها مفيدة لكم ..أظن ، كما هى مفيدة لى حتماً .. وأنا ، داخل الزنزانة رقم : ٣٠ / ٦ ..!! .
رسالته الأولى : وهى عبارة عن حوار مطول ، أجراه أحد الكُتّاب ، مع أستاذ جامعي بدرجة ( بروفسور ) ، كان معتقلاً سابقاً وهو حتماً ، قد زار الزنزانة رقم ٣٠ / ٦ . حيث تم تعذيبه بواسطة ، تلميذه سابقاً ، وزميلهُ لاحقاً ، حتى إحالته للصالح العام – وهى تسمية غير مُعلنة – للتمكين . فهم قد سبقونا إلى الزنزانة رقم : ٣٠ / ٦ . وإن طال زمن مكوثهم فيها ، فحراس هذه الزنزانة ، من عادتهم أن : يتدثروا .. ثم يتمسكنوا .. حتى يتمكنوا .. ويا خوفى لو تمكنوا ..!! . دعوني " بعد إذنكم " أن تسمحوا لى بوقف التسجيل مؤقتاً في مدونتي ، غرضي البحث : عنكم .. وشاهيناز كذلك . ولكن ايضاً (لاحِس .. لا خبر ) ..وحتى شاهيناز لم أجد لها رداً على بريدي الإلكتروني . مالها .. هذه الليلة المشؤومة , تزيدني ألماً على ألمي . إذن دعوني أعود إليها " أعني مدونتي " فهي على الأقل ، لازمتني في وحدتي هذه الموحشة ، في حين اختفيتم عني ، عند الحاجة إليكم ، وهى حاجة ماسة .. تعلمون . إذن أعود لأكمل لكم ذلك الحوار الذى أخبرتكم عنه ، و أنا صراحة لا أدري إن كنتم تقرأوني الآن ، أم أنتم في شغل شاغل .. عني .!!

ولأنه حوار مطول سأرسله لكم على بريدكم الإلكتروني ، لأن مدونتى لا تسعه . وإذا رغبتم فيه كاملاً ، أبحثوا عنه بطريقتكم ، أما هنا في مدونتي ، سأكتفي ببعض منه . . فإليه :

س : ( أخبرنا عن مأساة المعتقل " بدر الدين " ؟ )
ج : ( تعرض ذلك الشاب ” بدر الدين ” لتعذيب لا أخلاقي ، شديد البشاعة ، ولم يطلق سراحه ، إلا بعد أن فقد عقله . قام بعدها بذبح زوجته ووالدُها ، وآخرين من أسرته ) .
رسالته الثانية : ( جلد فتاة في الطريق العام ) .. وهي رسالة .. عبارة عن فيديو في اليوتيوب .. فقط أنبه الزميلات آلا يشاهدنه .. حتى لا يُصبن بالغثيان .. !!.
رسالته الثالثة : بعنوان ( الحكم بالجلد ، على صحفية ، بتهمة ارتداء البنطلون ) .

وأنتم " أصدقائي " تجولوا تحت هذا العنوان ما شاء لكم الوقت ، فقط تَجلَدوا بالصبر ، حتى لا يُحكم عليكم بالجلد ، لعدم الصبر. فقط أٌنبه الزميلات ، بتحسس مؤخراتهن ، لأنه قد يأتى عليهن اليوم ، الذى تطالهن فيه ، هذه العقوبة ، ما دمن يتحركن مازلن ، ببنطلوناتهن الجينز ، وهن يتبخترن بها ، متفاخرات .. !! .
رسالته الرابعة : هذه الرسالة من صديقنا " عبد الهادي " عبارة عن كاريكاتير لخارطة بلاده ينزف نصفها الآسفل .. دم أحمر . وأُرفق معها هذه الأسطر ، نقلاً عن قاص حجب إسمه :
( تحمل الأم الأولى ، نصفها .. الـ – يقطر دماً .. وتنطلق .
تحمل الأم الثانية ، نصفها .. الـ – يقطر ? دماً ..وتنطلق .
وقد تصادف ، أن كانت هُنالِك :
أم ثالثة ، تأخرت .. فقط .. عن الحضور . )
و .. يا للرعب ، الذى تملكني ، وقد تخيلت بعض أجزاء منا .. تنزف دماً .. أحمر .. قاني ..!!.

رسالته الخامسة : أصدقائي ، هذه الرسالة لها وقع خاص ، أذكُر أنه عاتبنا حينها ، على موقفنا المُحزن والمُخجل .. كما قال ، حين تحدث عن " مجزرة مسجد مصطفى محمود " وأنه لم يجِدُنا عند حدوثها . والحق يقال ، أننا لم نسمع بها ، الا من رسالته تلك . ربما يكون عُذرنا " وهو أقبح من الذنب " أننا كنا حينها " كلنا " لا ندري ما يدور حولنا . ولما لم نجد ما نقوله . أرسل لي على بريدى الإلكتروني ، رسالةز غاضبة . تعرفون ماذا كتب !! . ” أرسِلوا لنا جثث القتلى حتى نواريها الثرى بمعرفتنا .. فأنتم ربما لا تجيدون ذلك .. أو : "ربما لا ترغبون في ذلك .. !! " وبعدها انقطع عنا ، ولم يَعُد إلينا إلا بعد أن وصلنا الميدان . أذكر يومها كانت أول رسالة لي ، كتب فيها .. " أنتم السابقون ، ونحن اللاحقون " ونَسِيَ أنهم فعلوها قبلنا مرتين ..كما ونَسِيَ أننا تعلمنا أخيراً .. الكثير .
بعدها أرسل لي رسالة غامضة . سأبحث عنها في بريدي الإلكتروني . فقط بعد أن أبحث عنكم .. وشاهيناز . و إن لم أجدُكم .. وأجدها ، عدت أدراجي ، الى مدونتي .

رسالته السادسة : هاهي .. لقد وجدتها .. سأدوِنُها لكم الآن : – الرسالة – ( عسكر و حرامية ) هكذا وصلتني ، دون تعليق ، وحتماً صديقنا عبد الهادي لا يعني لعبة الأطفال .. تلك البريئة ، إنما قطعاً كان يعني ، لُعبة الكبار المُدمرة ، التى يُمارس فيها ، الطرفين لعبة القتل المجاني .. على الآخرين . فقد فهمت معناها في حينها ، ووصلني مغزاها : تذكرون أصدقائي ، حين احتدمَ الخلاف بيننا ، وكان الإصرار من جانبكم على عصّرِ مِعدَاتِكُم ، وكان الإصرار من جانبي ، ومعي شاهيناز – بعد أن اقتنعت برائي – أن لا نعَصِر مِعداتُنا : لا .. لهذا . ولا لذاك .. ربما لهذا السبب أنا هنا ، داخل الزنزانة رقم : ٣٠ / ٦ .. !! .
وقبل أن أواصل تجوالي في رسائل – صديقنا عبد الهادي – تأتيني الآن .. أصوات أقدام متعددة .. ومتعجلة ، تتحرك خارج الزنزانة – اسمحوا – لي الآن : سوف أضغط على عجل .. زر الإغلاق في حاسوبي ، لاستجلي الأمر , ربما هي وجبة جديدة ، تسيل فيها الدماء .. وليس اللُعاب .. !! .
أعِذروني أصدقائي لقد تأخرت عليكم كثيراً .. لقد عُدت الآن فقط ، ليس محمولاً على الأكتاف .. إنما مسحولاً على الأرض الصلبة .. أنا الآن في غيبوبة تامة .. أحس بأن أعضائي قد فارقت جسدي .. لقد أخذوا جسدي .. دون أعضائي . لقد سرقوا كامل جسدي .. ورغم ذلك .. سأحرك إصبعي الذى وجدته .. لا زال يعمل .. من بين كافة أعضاء جسدي . أضغط به على زر التشغيل في حاسوبي : يا فرحي .. !! . أخيراً .. قد وجدتكم أصدقائي .. أنتم متواجدون على صفحاتكم في الفيسبوك .. ولكن ماذا أرى ؟؟ .. حروفكم المصفوفة أمامي ، أقرأها بصعوبة .. ( استشهــــاد الناشطة شاهيناز احمد البدرى) : لا .. لا .. حاسوبي لا يعمل .. حاسوبي ليس معي .. لقد اخترقوا حاسوبي . حاسوبي في دماغي .. لهذا اخترقوا دماغي .. لقد أخذوا مني جسدي .. و تركوني عارياً دون جسدي .
***

تنبيه : الرسائل في القصة : عناوين حقيقية يمكن متابعتها على مواقع التواصل الاجتماعي .

عمر الحويج
مارس / 2013م

omeralhiwaig441@gmail.com

 

آراء