في ذكري أول مايو: يوم العمال العالمي

 


 

 

 

 

1
تمر ذكري أول مايو هذا العام في ظروف تتفاقم فيها أزمة الأوضاع الاقتصادية والمعيشية والصحية بعد جائحة "كورونا "، وتراجع الدول الرأسمالية عن دعم خدمات الصحة والتعليم والضمان الاجتماعي مما أدي لوفيات كبيرة من "جائحة كورونا " أعلاها في الولايات المتحدة رائدة سياسة التحرير الاقتصادي ، ورفع الدعم ، فاليوم العالمي للعمال كان ومازال يعبر عن نضال العمال ضد كل أشكال القهر الطبقي والاجتماعي، والعنصري والنوعي، والاستغلال الرأسمالي بامتصاص فائض القيمة منهم ، وعن نضالهم من أجل حقوقهم المعيشية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية ، ولدورهم في الإنتاج ، ولذكرى شهداء الطبقة العاملة في أول مايو 1886 في شيكاغو واضرابهم الشهير من أجل تحديد ساعات العمل بثماني ساعات.
فقد أدت الأزمة العامة للرأسمالية الي تدهور أوضاع العاملين وتزايد البطالة والتشريد من العمل ، وتزايد الانفاق العسكري علي حساب دعم خدمات التعليم والصحة والضمان الاجتماعي علي سبيل المثال: نشر الاثنين 26 أبريل 2021 معهد استوكهولم لأبحاث السلام "سيبري" إلى أن إجمالي الإنفاق العسكري العالمي، ارتفع إلى حوالي تريليوني دولار خلال العام الماضي على الرغم من جائحة "كورونا".
مشيرا الي أن الولايات المتحدة كانت الرائدة في الإنفاق الدفاعي، حيث بلغ زهاء 778 مليار دولار، بزيادة قدرها 4.4% عن العام 2019.
هذا في الوقت الذي مازال فيه جائحة "كورونا " مستمرة في إلحاق البؤس والمصاعب بالناس العاديين، بينما يواصل الأثرياء مراكمة الثروات أكثر فأكثر. تعمل الطبقة السائدة على ضخ تريليونات الدولارات في شرايين النظام لإبقائه واقفا على قدميه، لكن حتى ولو حدث تعاف اقتصادي على المدى القصير، فإن ذلك سيفتح الطريق لانهيار أكثر عمقا في المستقبل.
هذا الوضع أدي الي تصاعد حدة الصراع الطبقي والاجتماعي الذي عبرت عنه الاحتجاجات الكبيرة التي جرت في بلدان العالم مثل: أمريكا التي ارتبطت احتجاجاتها بالصراع ضد العنصرية بعد حادث مقتل الزنجي فلويد، روسيا ، الهند ، أمريكا ، البرازيل،تركيا، وبقية دول العالم.
اضافة لتزايد حدة الاستقطاب الطبقي بين الذين يملكون، ومن لا يملكون ،مما أدي لاشتداد الصراع ضد هيمنة الأثرياء والمطالبة بالعدالة في مواجهة الأثرياء والأقوياء ، وضد النظام الرأسمالي وضرورة تغييره، كما تخوف صندوق النقد الدولي في تقرير الخميس 1/ 4/ 2021 من أنّ عدم المساواة التي تفاقمت بسبب جائحة كوفيد-19 قد تؤدّي إلى تآكل ثقة الناس بحكوماتهم وإلى اضطرابات اجتماعية.
وقال الصندوق في تقريره إنّ "جائحة كوفيد-19 أدّت إلى تفاقم مظاهر عدم المساواة والفقر التي كانت موجودة قبل وقوعها، كما برهنت على أهمية شبكات الأمان الاجتماعي".
2
في السودان تمر ذكرى أول مايو في ظروف يناضل فيها العمال من أجل انتزاع قانون ديمقراطي للنقابات، وتحسين الأوضاع المعيشية والاقتصادية التي تدهورت والزيادات المضطردة في الأسعار والضرائب ، وتدهور خدمات المياه والكهرباء والتعليم والصحة والدواء ، وتدهور صحة البيئة، اضافة للصراع ضد التوجه الخارجي بالخضوع لاملاءات وشروط صندوق النقد والبنك الدوليين في رفع الدعم عن السلع والتعليم والصحة وتخفيض الجنية السوداني وتعويمه وزيادة الدولار الجمركي التي جعلت الأوضاع الاقتصادية جحيما لا يطاق.
فقد تمّ تحرير أسعار المحروقات وعدد من السلع الأساسية ، مما زاد أسعار المحروقات بنسبة 500% ، وارتفع معدل التضخم الي 337% رغم ذلك يستمر الشح و النقص في الوقود كما في شكاوي المزارعين وغيرهم، كما تبع ذلك زيادة كبيرة في أسعار الكهرباء بنسبة 433% ( ارتفع سعر الكيلو وات من 80 قرشا الي 6.35 جنيها) ، ورغم ذلك الكهرباء غير مستقرة مستمرة في التدهور ، مما زاد من تكاليف المعيشة للكادحين ، والأثر علي الصناعة ، بارتفاع تكلفة الإنتاج ، والأعباء الاضافية لزيادة أسعار المنتجات الصناعية علي المواطنين ، واغلاق المصانع وتشريد العاملين.
وجاء قرار توحيد سعر الصرف تحت إسم " التعويم" ليصب الزيت علي نار الغلاء ، فقد حدد بنك السودان 375 جنيها للدولار مقارنة ب 55 جنيها ، وهو في الواقع تخفيض كبير في قيمة الجنية السوداني بلغ حوالي 681% ، مما كان له الأثر الكبير في تدهور الأوضاع المعيشية والاقتصادية، رغم ذلك فشلت هذه السياسة في اللحاق بسوق العملة الموازي الذي هزمها جراء تمكن الرأسمالية الطفيلية في مفاصل الاقتصاد، فقد واصل الدولار ارتفاعه ليصل الي 400 جنية ، مما يؤكد فشل هذه السياسة كما حدث في فترة النظام البائد.
كما استمرت الزيادات في الأسعار كما في الوقود وتعريفة شركة الاتصالات " زين"، وارتفاع سعر الدولار الجمركي من(20) جنيها الي (28) جنيها . الخ هذا اضافة الي اضافة لدفع التعويضات عن الجرائم الارهابية التي ارتكبها النظام الارهابي البائد، فقد أعلنت الإدارة الأمريكية أن حكومة السودان دفعت مبلغ 335 مليون دولار تعويض لضحايا إرهاب تنظيم القاعدة علي سفارتي واشنطن في كينيا وتنزانيا عام 1998، التي لا علاقة لشعب السودان بها الذي ثار واسقط النظام الارهابي، وهو يعاني من الفقر ونقص الدواء والوقود والخبز وخدمات الماء والكهرباء. الخ.
سياسة حكومة "الهبوط الناعم" الحالية تنذر بانفجار ثوري ، يؤدي للاطاحة بها التي استمرت في سياسة النظام البائد الاقتصادية والقمعية والتفريط في السيادة الوطنية، كما حدث في انتفاضة ابريل 1985 ، وثورة ديسمبر 2018.
3
وأخيرا في ذكرى أول مايو ، التحية للطبقة العاملة السودانية التي تواصل نضالها من أجل انتزاع قانون ديمقراطي للنقابات يؤكد ديمقراطية واستقلالية الحركة النقابية بعد إلغاء قانون نقابة المنشأة ، وتحسين الاوضاع الاقتصادية والمعيشية والأجور التي تآكلت ، وضد التشريد القادم بعد صدور قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص الذي يعني مواصلة سياسة النظام البائد في الخصخصة وتشريد العاملين. اضافة لاوسع احتفال جماهيري بعيد العمال يجسد مطالب وقضايا العاملين بمختلف الأشكال طيلة شهر مايو ، ومواصلة النضال حتى تحقيق الثورة لأهدافها في الديمقراطية والسلام الشامل والعدالة ، وقيام الحكم المدني الانتقالي الديمقراطي.

alsirbabo@yahoo.co.uk
//////////////////

 

آراء