في رثاء الراحل: عبد الكريم الكابلي
محمد عمر الشريف عبد الوهاب
3 June, 2024
3 June, 2024
بسم الله الرحمن الرحيم
وترجل الفارس الفنان
(يا من طوى الأيام برقآ خاطفآ كالمهر يلهثُ في خطاه شهابُ
تبكي الجياد إذا ترجل فارسٌ
ومن الصهيل توجّعٌ وعذابُ
أرأيت دمع الخيل ؟ كم من عبرة في الروح
لم تعلم بها الأهدابُ )
غازي القصيبي
...................
عبد الكريم الكابلي
وترجل الفارس المغوار عن صهواته ... نعم هي صهوات كثرٌ ، وكان فارسها ، كان فارس التواضع الجم والأدب الرفيع ... كان فارس القول والحكاية ... كان فارس التراث المشبّع بالفروسية والأصالة...كان فارس اللحن والأداء...كان فارس الكلمة المموسقة واللحن البديع...كان الشاعر وكان المطرب الفنان... كان عصي الدمع شيمته الصبر ، سمح السجية ذرب اللسان وثابت الجَنان... ترجل عن أفراسه الصُّهب جميعها ثم رحل... رحل الكابلي الرجل الشاعر الفنان الإنسان من قبل ومن بعد... رحل وتركنا لعبرة في الروح تخنقنا والدمع في الهُدب ... وقد تغني بالعصي من الكلم الفصيح ( رامياتٍ بأسهمٍ ريشها الهدبُ تشقُ القلوب قبل الجلود) . رحل عبد الكريم الكابلي ، رحل طائر الهوى الذي أضرم نيران الهوى في أجيال الجوى بروائعه التي توقظ الطير في وكناتها . رحل وقد راشته سهام المنون بعد أن سقانا أكؤس الروعة واللوعة زانها صوت آتٍ من شفق الأماسي بلون قوس قزح يحطُّ ويرفع رفقة كل نسمة هفهافة وغيمة تنوءُ بالرعد والبرق والرذاذ فتهمي بردآ وسلامآ على أرواحنا المشرئبة للطرب الجميل ، فنطير من فرحٍ نحلق ونجلس مع حضرته فوق السحاب برغم ضراوة البروق ونتلبس معه حالة " الدرويش المتعلق في قدمي مولاه " حتى نتمرغ في شجنه ونتوهج في بدنه ، ثم يغني في العشق فيصبح سلطانآ للعشاق، ويتملكنا العشق بدورنا معه طربآ ثم حبآ وكرامة .
نسأل الله لك فردوسآ في أعالي الجنان تعشقك فيه الحور العين أيها الكابلي .ها هو أبو عزيز يرحل في سكون ويمتطي صهوة الروح الشفيفة إلى أعالي الجنان بإذن الرحمن الحي المنان ، يرحل عنا ونحن نعاني حيرتنا والفجاءة... نستحضر مناجاته " هاجر " في عز الليل " ساعة النسمة ترتاح علي هدب الدغش وتنوم " ، تعصرنا اللوعة وتسحرنا روعة اللحن والعبارة إذ نسهر على وجع الفراق، فراق الكابلي وليس هاجر ...لن ننساك يا إنسان، يا أبا عزيز . وكيف ننسى الفنان الذي طوّع الكلمات لحنآ خالدآ متفردآ في كل أغنية على حدة! وبين الذكرى والنسيان مسافة قريبة يا إنسان! لكنّا نسامر في الغيوم أشكال ونراك في كل غيمة أيها الوضّاح ! فقد أمطرتْ سحائب إبداعك حياتنا بكل جميل ، كيف ننساك وقد تغنيت ل" البت سعاد" وأدهشتنا بالعبارة " كبرت كراعي من الفرح " و " ضاقت نعالي من الزعل تحتها تململ تراب " . وإن ننسى لن ننسى " كسلا أشرقت بها شمس وجدي فهي في الحق جنة الإشراق " .وإن ننسى لن ننساك في " الزول السمح فات الكبار والقدرو " وانت السمح . لن ننساك يا " أغلى من عيني وأحلى من ابتسامي " . فأنت خالد في وجداننا مثلما خلُدتْ أغانيك...وهل لمثلنا ان ينسى أوبريت " السودان/ الوطن " بروعة أدائك وحضورك وتميزك، وقد أطربتَ حتى حجارة المسرح فوقف الجمع طربآ وسُكرآ ، فلقد أيقظت فيهم الشجون وحركت إنسان الطرب وجمعت في ألحانك سودان العجب .
آه آه... يطول الحديث عنك إنسانآ ومبدعآ وفنانآ ومطربآ وسفيرآ للنوايا الحسنة من قبل ومن بعد. وليس لي القدرة على شمول ما تركت لنا في بضع كلمات ولن تكفي الدفاتر للكتابة عنك، فأنت كنت ولا زلت بيننا أكبر من كل الكلمات، ولا نملك إلا أن ندعو لك ونبتهل إلى المولى العلي القدير أن يجعل مثواك الجنة ويجعل قبرك روضة من رياضها وينزلك منازل الشهداء والصديقين والابرار وحسن أولئك رفيقا.
وتعازينا الحارة لأسرتك الكريمة ولأحفادك وللشعب السوداني الذي أحبّك حتى الثمالة .
محمد عمر الشريف عبد الوهاب
الرياض/ السعودية
في ٧ / ١٢ / ٢٠٢١
m.omeralshrif114@gmail.com
وترجل الفارس الفنان
(يا من طوى الأيام برقآ خاطفآ كالمهر يلهثُ في خطاه شهابُ
تبكي الجياد إذا ترجل فارسٌ
ومن الصهيل توجّعٌ وعذابُ
أرأيت دمع الخيل ؟ كم من عبرة في الروح
لم تعلم بها الأهدابُ )
غازي القصيبي
...................
عبد الكريم الكابلي
وترجل الفارس المغوار عن صهواته ... نعم هي صهوات كثرٌ ، وكان فارسها ، كان فارس التواضع الجم والأدب الرفيع ... كان فارس القول والحكاية ... كان فارس التراث المشبّع بالفروسية والأصالة...كان فارس اللحن والأداء...كان فارس الكلمة المموسقة واللحن البديع...كان الشاعر وكان المطرب الفنان... كان عصي الدمع شيمته الصبر ، سمح السجية ذرب اللسان وثابت الجَنان... ترجل عن أفراسه الصُّهب جميعها ثم رحل... رحل الكابلي الرجل الشاعر الفنان الإنسان من قبل ومن بعد... رحل وتركنا لعبرة في الروح تخنقنا والدمع في الهُدب ... وقد تغني بالعصي من الكلم الفصيح ( رامياتٍ بأسهمٍ ريشها الهدبُ تشقُ القلوب قبل الجلود) . رحل عبد الكريم الكابلي ، رحل طائر الهوى الذي أضرم نيران الهوى في أجيال الجوى بروائعه التي توقظ الطير في وكناتها . رحل وقد راشته سهام المنون بعد أن سقانا أكؤس الروعة واللوعة زانها صوت آتٍ من شفق الأماسي بلون قوس قزح يحطُّ ويرفع رفقة كل نسمة هفهافة وغيمة تنوءُ بالرعد والبرق والرذاذ فتهمي بردآ وسلامآ على أرواحنا المشرئبة للطرب الجميل ، فنطير من فرحٍ نحلق ونجلس مع حضرته فوق السحاب برغم ضراوة البروق ونتلبس معه حالة " الدرويش المتعلق في قدمي مولاه " حتى نتمرغ في شجنه ونتوهج في بدنه ، ثم يغني في العشق فيصبح سلطانآ للعشاق، ويتملكنا العشق بدورنا معه طربآ ثم حبآ وكرامة .
نسأل الله لك فردوسآ في أعالي الجنان تعشقك فيه الحور العين أيها الكابلي .ها هو أبو عزيز يرحل في سكون ويمتطي صهوة الروح الشفيفة إلى أعالي الجنان بإذن الرحمن الحي المنان ، يرحل عنا ونحن نعاني حيرتنا والفجاءة... نستحضر مناجاته " هاجر " في عز الليل " ساعة النسمة ترتاح علي هدب الدغش وتنوم " ، تعصرنا اللوعة وتسحرنا روعة اللحن والعبارة إذ نسهر على وجع الفراق، فراق الكابلي وليس هاجر ...لن ننساك يا إنسان، يا أبا عزيز . وكيف ننسى الفنان الذي طوّع الكلمات لحنآ خالدآ متفردآ في كل أغنية على حدة! وبين الذكرى والنسيان مسافة قريبة يا إنسان! لكنّا نسامر في الغيوم أشكال ونراك في كل غيمة أيها الوضّاح ! فقد أمطرتْ سحائب إبداعك حياتنا بكل جميل ، كيف ننساك وقد تغنيت ل" البت سعاد" وأدهشتنا بالعبارة " كبرت كراعي من الفرح " و " ضاقت نعالي من الزعل تحتها تململ تراب " . وإن ننسى لن ننسى " كسلا أشرقت بها شمس وجدي فهي في الحق جنة الإشراق " .وإن ننسى لن ننساك في " الزول السمح فات الكبار والقدرو " وانت السمح . لن ننساك يا " أغلى من عيني وأحلى من ابتسامي " . فأنت خالد في وجداننا مثلما خلُدتْ أغانيك...وهل لمثلنا ان ينسى أوبريت " السودان/ الوطن " بروعة أدائك وحضورك وتميزك، وقد أطربتَ حتى حجارة المسرح فوقف الجمع طربآ وسُكرآ ، فلقد أيقظت فيهم الشجون وحركت إنسان الطرب وجمعت في ألحانك سودان العجب .
آه آه... يطول الحديث عنك إنسانآ ومبدعآ وفنانآ ومطربآ وسفيرآ للنوايا الحسنة من قبل ومن بعد. وليس لي القدرة على شمول ما تركت لنا في بضع كلمات ولن تكفي الدفاتر للكتابة عنك، فأنت كنت ولا زلت بيننا أكبر من كل الكلمات، ولا نملك إلا أن ندعو لك ونبتهل إلى المولى العلي القدير أن يجعل مثواك الجنة ويجعل قبرك روضة من رياضها وينزلك منازل الشهداء والصديقين والابرار وحسن أولئك رفيقا.
وتعازينا الحارة لأسرتك الكريمة ولأحفادك وللشعب السوداني الذي أحبّك حتى الثمالة .
محمد عمر الشريف عبد الوهاب
الرياض/ السعودية
في ٧ / ١٢ / ٢٠٢١
m.omeralshrif114@gmail.com