في ظل ورطة الانتقال هل من حقنا المطالبة بتقرير طبي عن صحة الميرغني؟
رشا عوض
23 November, 2022
23 November, 2022
السيد محمد عثمان الميرغني – مع كامل الاحتفاظ بموقفي السياسي المعارض جملة وتفصيلا لسياسته العقيمة وطنيا والخادمة للدكتاتوريات – يظل رجلا كبيرا في مقام الآباء من حقه علينا احترامه وعدم الاساءة لشخصه، ولمصلحة التعايش السلمي يجب ان لا يتحول الخلاف السياسي لكراهية تحطم البعد الانساني في التعامل بين الناس.
تتداول مجالس المدينة ان السيد الميرغني أصابه الزهايمر منذ سنوات عديدة، ولم يعد قادرا على ممارسة اي دور سياسي، في حدود اطلاعي لم اجد هذه المعلومة موثقة بتقرير طبي ولكن يرددها كثيرون كمعلومة مؤكدة لا لبس فيها.
وهنا أسأل من الناحية القانونية والاخلاقية أليس من حق الشعب السوداني ان يعلم على وجه الدقة مدى الأهلية القانونية لرجل يلعب دورا في مصير الوطن في هذه المرحلة الحساسة ومن خلفه وباسمه تتلاعب بمصالح البلاد مافيات سياسية داخل الحزب الاتحادي الاصل واجهزة مخابرات اقليمية دفعت بالرجل الى ساحتنا السياسية بهدف تقوية العسكر الذين طردوا من استقباله ابنه محمد الحسن الذي انحاز للاعلان السياسي ودستور تسييرية المحامين في رسالة واضحة ان عودة الميرغني في اطار دعم العسكر وبالتالي مساندة ابنه جعفر الصادق الذي وقع على وثيقة سياسية مع تجمع للانقلابيين وجماعة اردول!
الزهايمر ليس عيبا، وعجلة الزمن دائرة على البشر جميعا بلا استثناء وكلنا تتآكل أعمارنا على مدار الثانية ولا نعلم ماذا تخبئ لنا الايام من أمراض عاجلا او آجلا، ورغم كامل احترامي لخصوصيات الناس وأسرارهم المرضية، ورغم عدم الارتياح العميق الذي يؤذي مشاعري وانا أخوض في مثل هذه القضايا ، إلا ان للشأن العام ضروراته وأحكامه، فإذا كان الحصول على رخصة لقيادة سيارة يتطلب كشفا طبيا يثبت الصحة الجسدية والعقلية للسائق، كيف لا يكون هذا مطلوبا لقيادة حزب سياسي والمشاركة في قيادة بلد في ظرف انتقالي معقد؟
في كل صراعات الاتحادي الأصل ، كل طرف من الأبناء يدعي ان مولانا معه ، الان مولانا تم تلقينه خطابا سجله في مقطع فيديو يوضح انه في صف الانقلابيين!
عموما حتى محمد الحسن الميرغني الذي يقف الان مع الحرية والتغيير المجلس المركزي هو من الفلول مثل أخيه حيث كان مساعدا للمخلوع عمر البشير حتى سقوطه في ابريل 2019
ما يعنينا من كل هذا هو مستقبل العملية السياسية التي اغرقت بالفلول والكيزان وحركات الارتزاق المسلح، إلى أين يمكن ان تقودنا مثل هذه العملية؟
هل من الواقعية ان ننتظر قطع خطوة نحو التحول الديمقراطي بواسطة تركيبة سياسية كهذه؟ تركيبة تجعل الحق الحصري الوحيد لقوى الثورة (القوى السياسية التي لم تكن جزءا من نظام البشير حتى سقوطه)هو اختيار رئيس الوزراء ورئيس مجلس السيادة، وتجعل الفلول من اتحادي أصل وانصار سنة ومؤتمر شعبي وحركات ارتزاق مسلح شركاء في اختيار الوزراء وفي المجلس التشريعي وفي المفوضيات المستقلة وفي مجلس الأمن والدفاع؟!.
انني لست من دعاة الحكم بالإعدام على اي تيار سياسي اجتماعي موجود في ارض الوطن، فمن أهم خصائص النظام الديمقراطي التي جعلته الأكثر تأهيلا لإبداع صيغ التعايش السلمي بين المختلفين هي طاقته الاستيعابية التي لا يحدها الا الدستور والقانون والحريات الاساسية ، وبهذا المعنى فان التحول الديمقراطي في السودان لا يعني طرد الاتحادي الاصل او حتى الاسلاميين انفسهم من العمل السياسي الذي هو حق بحكم الجنسية السودانية لا يقيده او يصادره الا حكم قضائي صادر من محكمة مؤهلة فنيا واخلاقيا. ولكن من الناحية الموضوعية يجب استبعاد فلول نظام البشير من هندسة التريبات الانتقالية كما يجب فرز وعزل ومحاكمة العناصر الاسلاموية التي تعمل الان ليل نهار على إعادة عقارب الساعة الى الوراء واستئناف مشروع الاستبداد والفساد الاسلاموي مجددا.
ان مشكلتنا الآن هي ان البلاد مواجهة بتحدي إنشاء النظام الديمقراطي ووضع لبناته الأساسية التي تشكل الحد الأدنى من شروط اي ملعب سياسي ديمقراطي يسمح بالتنافس الحقيقي على السلطة ديمقراطيا.
إنشاء هذا النظام لا يمكن ان ينجح بقيادة او مشاركة فلول النظام الاسلاموي الذي أطلق على كل ملمح ديمقراطي في السودان رصاصة في القلب وما زال يعمل على وأد الثورة وتدمير اي انتقال!
لا يمكن ان ينجح إنشاء النظام الديمقراطي بقيادة او مشاركة واجهات للانقلابيين لن يكون دورها في العملية السياسية إلا تمرير اجندة قادة الانقلاب الذين سيغادرون الملعب صوريا لصالح وكلائهم المنوط بهم عرقلة التحول الديمقراطي لا تعزيزه!
إنشاء هذا النظام يتطلب في المقام الأول بناء كتلة سياسية واسعة تعكس التنوع السوداني، جيدة التنظيم ومتوحدة حول هدف “الانتقال المدني الديمقراطي في السودان” ، هذه الكتلة لا بد ان تكون هي النواة الصلبة للعملية الانتقالية ، الوجود الفاعل والمؤثر لهذه الكتلة والتحامها بالشارع الثوري ومشروعيتها الجماهيرية هي خط الدفاع عن التحول الديمقراطي ، وهي حائط الصد لهجمات الفلول ومؤامرات وكلاء الانقلابيين على الانتقال الديمقراطي، باختصار هي فرس رهان الشعب السوداني في الصراع السياسي، اجندة التغيير الديمقراطي لن تنتصر بإصدار أحكام مجانية مثل (اي كوز ندوسو دوس) ، بل ستنتصر بوجود الاصطفاف المدني الديمقراطي المنظم والقوي والمؤهل لإلحاق الهزيمة السياسية بالكيزان في ملعب ديمقراطي ، والقادر على ان يجعل الكيزان وأذيالهم يمتثلون لقواعد اللعبة الديمقراطية لأن هذا هو الخيار الوحيد المتاح والممكن أمامهم بحكم نضوج البديل الديمقراطي المحمي جيدا بالجماهير . هذه هي حدود التعامل مع الكيزان: من ثبتت عليه جريمة فساد او انتهاك حقوق إنسان يحاكم، من يتآمر على تخريب الانتقال تم مواجهته وعزله، من ارتضى قواعد اللعبة الديمقراطية من عامة التيار الكيزاني لا يمكن استبعاده لمجرد انتمائه الفكري الاسلاموي مهما اختلفنا معه، ولكن على الاسلامويين ان يكفوا عن الاستهبال واختزال الديمقراطية في عملية انتخابية متعجلة وزائفة مثل انتخابات عهد البشير محسومة النائج سلفا، إذ ان الالتزام الحقيقي بقواعد اللعبة الديمقراطية يستوجب التصدي بإرادة حقيقية لتدشين مشاريع الإصلاحات الهيكلية الضرورية لتهيئة الملعب السياسي لانتخابات حرة نزيهة ذات مصداقية في منح المشروعية السياسية لمن يكسبها، ولكي تستوفي الانتخابات هذا الشرط يجب ان تنجح الفترة الانتقالية في بلورة قانون ونظام انتخابي ملائم لظروف السودان وقادر على تحقيق اقصى ما يمكن من درجات التوازن وافساح مجال للشباب والنساء والقوى الحديثة وقوى الريف والهامش، واتخاذ اقصى ما يمكن من تدابير محاصرة المال الفاسد وكل الاساليب الفاسدة، اما عمليات اصلاح الاجهزة الامنية والعسكرية بشكل شامل ونوعي، واصلاح الخدمة المدنية واعادة بناء الاجهزة العدلية، واحراز تقدم حاسم في العدالة الانتقالية والاصلاحات الاقتصادية واجندة العدالة الاجتماعية ومشاريع إصلاح الأنظمة التعليمية والصحية الخ من مهام بناء الوطن ونهضته ، فهي سلسلة من العمليات التاريخية التي تحتاج لزمن وجهد ، ويستحيل تصور إنجازها في فترة انتقالية محدودة بعامين او كحد اقصى باربعة اعوام! والشرط المفتاحي لتحقيق مثل هذه الأهداف وإنجازها على مراحل هو السلام والاستقرار السياسي في ظل سلطة ذات مشروعية معترف بها محليا ودوليا.
الفترة الانتقالية من واجبها انجاز حزمة من الاصلاحات الامنية والعسكرية واصلاح المنظومة العدلية وتفكيك النظام الاسلاموي بالقدر الذي يسمح بتحقيق شرطين لا غنى عنهما في فتح صفحة جديدة في تاريخ السودان السياسي وهما: إغلاق باب الانقلابات العسكرية، وتأمين حرية ونزاهة الانتخابات كمدخل للاستقرار السياسي الذي بدونه لا امل في تحقيق اي تقدم اقتصادي او اجتماعي.
لو نجحت الفترة الانتقالية في ذلك ،وتوافقت التيارات الرئيسية في الساحة السياسية على طي صفحة الانقلابات العسكرية والقبول بالانتخابات الحرة النزيهة كآلية وحيدة مشروعة لحيازة السلطلة، يكون الانتقال المدني الديمقراطي قد نجح في السودان لأنه نقل البلاد الى خانة “القابلية للتغيير بوسائل سلمية ” بلوغ هذه الخانة كتتويج لحزمة من الاصلاحات هو من وجهة نظري الهدف الذهبي للفترة الانتقالية التي من شروط نجاحها إدراكنا لطبيعة وحدود وظائفها او مهامها التي ألخصها في الآتي “الانتقال الى خانة القابلية للتغيير بوسائل سلمية عبر تهيئة الملعب السياسي لانتخابات حرة نزيهة بعد استيفاء الاصلاحات الضرورية لجعل الانتخابات ذات مشروعية ومصداقية وقابلية للتكرار بصورة دورية”
لو كانت البوصلة الهادية للتفكير هي بناء نظام ديمقراطي فلن يكون للفترة الانتقالية أفقا ابعد من ذلك، ولكن هناك آفة مسكوت عنها من آفات الانتقال في السودان وهي استبطان فكرة “التمكين البديل” لأحزاب أقليات باسم الشرعية الثورية، وكذلك استبطان فكرة ان في صدارة اهداف ثورة ديسمبر معارضة سياسات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومواجهة الامبريالية ، باختصار افتراض ان الثورة يسارية ويجب ان تكون الفترة الانتقالية مسرحا لنصب الرايات اليسارية، ونتيجة لهذه التوجهات غاب الى حد كبير “هم كيفية انجاح اول انتخابات حقيقية بعد ثلاثين عاما” عن صدارة المداولات في الفترة الانتقالية، كما غابت نقاشات العدالة الانتقالية وكيفية بناء السلام الحقيقي، فلم نسمع عن خطة لتعداد سكاني بطريقة مهنية، لم تناقش قضية النظام الانتخابي وقانون الانتخابات وكيفية تكوين مفوضية انتخابات مؤهلة، لم نشهد مبادرة جدية لصياغة نموذج سوداني للعدالة الانتقالية او تصور لاسس المصالحة الوطنية والوحدة الوطنية في حين شهدت الساحة حروبا كلامية ومعارك في قضايا ايدولوجية وبرامجية ليست من اختصاص الفترات الانتقالية كما رأينا خلطا مريعا بين قضايا المدى البعيد والقضايا العاجلة والآنية.
شخصيا اصنف نفسي ضمن تيار “اليسار الديمقراطي” اتبنى علمانية الدولة، ومنحازة لقضايا العدالة الاجتماعية والتنمية المتوازنة والحقوق الاقتصادية والاجتماعية في سياق ديمقراطي، ولكنني رغم ذلك لن ازعم ان الثورة تقف خلف اجندتي! فالمواطنون الذين يتظاهرون في الشوارع من خلفيات فكرية وسياسية متنوعة، القاسم المشترك الأعظم بينهم هو رفض الاستبداد والفساد والتطلع للحرية والسلام والعدالة والتخلص من سيطرة الاسلامويين على البلاد سياسيا واقتصاديا، وبالتالي ان كان هناك شرعية ثورية لفكرة ما او برنامج ما ، فمن الناحية الموضوعية ستكون تلك الشرعية لانتقال مدني ديمقراطي ناجح يضع البلاد في خانة القابلية للتغيير بوسائل سلمية المفصلة اعلاه، والتحرر من وصاية الاسلامويين المفروضة بالقوة، هذه الخانة التي تسمح لأمثالنا من الاقليات الفكرية والسياسية حرث الأرض وزراعة الجديد وحصاده والحصول على فرص عادلة لتسويقه، وبلوغ هذه الخانة يحتاج لفنون السياسة والمساومة وهندسة التحالفات الذكية داخليا وخارجيا ببصيرة وطنية راشدة.
لا مجال لثنائيات حدية بين تسوية وتغيير جذري في السياق السوداني في هذه اللحظة التاريخية، الأفق الممكن هو للتغيير المتدرج، وأقصى ما يمكن بلوغه بعد عمل وجهد كبيرين (الى حين اشعار اخر) هو التسوية التاريخية التي تنقل البلاد الى مربع جديد، وهي الان بكل اسف لا تلوح في الأفق القريب لأن ادواتها التي فصلت الحديث عنها في مقالات سابقة غير موجودة، وان كنا لا نمتلك أدوات التسوية التاريخية فمن باب اولى لا نمتلك ادوات التغيير الجذري الذي يحتاج بالاضافة الى الرؤية الفكرية والكتلة السياسية المنظمة التي تتبناها وادوات العمل السياسي والاعلامي والحركي النافذة ، يحتاج الى ذراع عسكري يوجه الضربة القاضية للقابضين على السلطة، هل يمتلك الجذريون في السودان وعلى رأسهم الحزب الشيوعي شيئا من ذلك؟
الإجابة لا بكل تأكيد ، كل ما يمتلكونه شعارات معلقة في الهواء، وكلام مجاني ومواثيق محتشدة بالأماني الكبيرة والاهداف الطموحة، اي سقف من الخرصانة يحتاج لأعمدة خرصانية او جدران قوية لحمله، اما الاصرار على وضع ذلك السقف الخرصاني الثقيل على جالوص فسوف يؤدي لان يخر السقف على رؤس من استظلوا به ويقتلهم.
العقل الطفولي يريد ان يعتقلنا في سؤال هل انت جذري ام تسونجي! وعلى هذا الاساس اما ان تنال صكوك البراءة الوطنية والغفران الثوري ام وصمة الخيانة والتآمر على الثورة!
في حين ان المشكلة الرئيسية هي افتقار كل من اهل التسوية واهل التغيير الجذري للأدوات المطلوبة لإنضاج وانجاح خيارهم! وما يحتاجه إصلاح الشأن العام ليس توزيع صكوك الإدانة او البراءة ، ما يحتاجه هو التفكير العقلاني المنطقي القادر على ربط المقدمات بالنتائج والوصول بكل اطروحة الى نهاياتها المنطقية.
أما المتعجلون للتسوية الجارية حاليا(وهي تسوية ظرفية وليست تاريخية) بحجة انها الافق المتاح ، فعليهم ان يفتحوا عقولهم جيدا لكل نقد موضوعي لنقاط ضعفها الكثيرة ولا سيما إغراقها بالفلول ووكلاء العسكر، وضعف الصف الممثل لقوى الثورة، نتيجة لفشل الحرية والتغيير في توسيع وتطوير تحالفها السياسي بالانفتاح على قوى الثورة ، وكذلك فشلنا جميعا كقوى مدنية وديمقراطية حتى الان في بناء احزاب سياسية ومؤسسات ديمقراطية متجذرة وهندسة تحالفات سياسية قادرة على ان تكون متغيرا مستقلا في معادلة توازن القوى، وعمليات تسميم المناخ السياسي بالمزايدات والتخوين وبث المواقف العدمية الامر الذي أعاق كثيرا العمل المشترك بين قوى الثورة، من كل هذه الحقائق يجب ان نعقد العزم على الشروع في واجب المرحلة أي توحيد الصف المدني الديمقراطي الحادب فعلا على الديمقراطية، ورفع مطلوبات التحول الديمقراطي بسواعد الجماهير ومحاصرة كل أطراف التسوية المقبلة بها، التعامل الراشد مع الواقع السياسي الذي يتخلق الان يقتضي إعمال الفكر بعمق في أسباب ضعف الصف المدني الديمقراطي وتوليد أفكار خلاقة في استنهاضه وبناء مؤسساته والاستثمار للمستقبل، أما الحاضر فسوف يكون محكوما بناتج توازن القوى على الأرض، وفي هذا السياق يجب ان ننتظر ما ستسفر عنه التسوية من وثائق نهائية وهياكل ومؤسسات ومن ستأتي بهم من شخوص، ومن ثم التقييم والتقويم والحصار على اساس الأداء العملي، المهم ان لا نتورط في رفع سقف التوقعات من عملية سياسية واضح انها ستولد بعيوب بنيوية، ومن الراجح انها لن تخدم اجندة التحول الديمقراطي إلا بتنظيم وتكثيف الضغوط الشعبية وحصار الرأي العام وربما تصحيح مسار العملية بوسائل مدنية في وقت لاحق.
اتمنى ان ننجح كسودانيين في وقف نزيف الدم في كل أقاليمنا وفي الحفاظ على بلادنا موحدة وان نطرد شبح اي حرب أهلية ان نضع أقدامنا في طريق الاستقرار السياسي والنهوض الاقتصادي والتنموي، انها اهداف عزيزة وليست مستحيلة، فقط تحتاج لإدراك جميع الفاعلين السياسيين في السودان ان تحقيق تلك الاهداف رهين في المقام الاول لما يفعلونه هم وما يتبنونه من خيارات وما يبذلونه من جهود. نعم التدخلات الخارجية كثيفة وكل ما يجري الآن يتم بقوة دفع الوسطاء من آلية ثلاثية ووساطة رباعية ولكن اي متابعة لخطابات المسؤولين الغربيين وخصوصا خطابات رئيس بعثة اليونتامس فولكر بيريتس تقول صراحة ان النجاح في الانتقال المدني الديمقراطي رهين لما يفعله السودانيون انفسهم.
تتداول مجالس المدينة ان السيد الميرغني أصابه الزهايمر منذ سنوات عديدة، ولم يعد قادرا على ممارسة اي دور سياسي، في حدود اطلاعي لم اجد هذه المعلومة موثقة بتقرير طبي ولكن يرددها كثيرون كمعلومة مؤكدة لا لبس فيها.
وهنا أسأل من الناحية القانونية والاخلاقية أليس من حق الشعب السوداني ان يعلم على وجه الدقة مدى الأهلية القانونية لرجل يلعب دورا في مصير الوطن في هذه المرحلة الحساسة ومن خلفه وباسمه تتلاعب بمصالح البلاد مافيات سياسية داخل الحزب الاتحادي الاصل واجهزة مخابرات اقليمية دفعت بالرجل الى ساحتنا السياسية بهدف تقوية العسكر الذين طردوا من استقباله ابنه محمد الحسن الذي انحاز للاعلان السياسي ودستور تسييرية المحامين في رسالة واضحة ان عودة الميرغني في اطار دعم العسكر وبالتالي مساندة ابنه جعفر الصادق الذي وقع على وثيقة سياسية مع تجمع للانقلابيين وجماعة اردول!
الزهايمر ليس عيبا، وعجلة الزمن دائرة على البشر جميعا بلا استثناء وكلنا تتآكل أعمارنا على مدار الثانية ولا نعلم ماذا تخبئ لنا الايام من أمراض عاجلا او آجلا، ورغم كامل احترامي لخصوصيات الناس وأسرارهم المرضية، ورغم عدم الارتياح العميق الذي يؤذي مشاعري وانا أخوض في مثل هذه القضايا ، إلا ان للشأن العام ضروراته وأحكامه، فإذا كان الحصول على رخصة لقيادة سيارة يتطلب كشفا طبيا يثبت الصحة الجسدية والعقلية للسائق، كيف لا يكون هذا مطلوبا لقيادة حزب سياسي والمشاركة في قيادة بلد في ظرف انتقالي معقد؟
في كل صراعات الاتحادي الأصل ، كل طرف من الأبناء يدعي ان مولانا معه ، الان مولانا تم تلقينه خطابا سجله في مقطع فيديو يوضح انه في صف الانقلابيين!
عموما حتى محمد الحسن الميرغني الذي يقف الان مع الحرية والتغيير المجلس المركزي هو من الفلول مثل أخيه حيث كان مساعدا للمخلوع عمر البشير حتى سقوطه في ابريل 2019
ما يعنينا من كل هذا هو مستقبل العملية السياسية التي اغرقت بالفلول والكيزان وحركات الارتزاق المسلح، إلى أين يمكن ان تقودنا مثل هذه العملية؟
هل من الواقعية ان ننتظر قطع خطوة نحو التحول الديمقراطي بواسطة تركيبة سياسية كهذه؟ تركيبة تجعل الحق الحصري الوحيد لقوى الثورة (القوى السياسية التي لم تكن جزءا من نظام البشير حتى سقوطه)هو اختيار رئيس الوزراء ورئيس مجلس السيادة، وتجعل الفلول من اتحادي أصل وانصار سنة ومؤتمر شعبي وحركات ارتزاق مسلح شركاء في اختيار الوزراء وفي المجلس التشريعي وفي المفوضيات المستقلة وفي مجلس الأمن والدفاع؟!.
انني لست من دعاة الحكم بالإعدام على اي تيار سياسي اجتماعي موجود في ارض الوطن، فمن أهم خصائص النظام الديمقراطي التي جعلته الأكثر تأهيلا لإبداع صيغ التعايش السلمي بين المختلفين هي طاقته الاستيعابية التي لا يحدها الا الدستور والقانون والحريات الاساسية ، وبهذا المعنى فان التحول الديمقراطي في السودان لا يعني طرد الاتحادي الاصل او حتى الاسلاميين انفسهم من العمل السياسي الذي هو حق بحكم الجنسية السودانية لا يقيده او يصادره الا حكم قضائي صادر من محكمة مؤهلة فنيا واخلاقيا. ولكن من الناحية الموضوعية يجب استبعاد فلول نظام البشير من هندسة التريبات الانتقالية كما يجب فرز وعزل ومحاكمة العناصر الاسلاموية التي تعمل الان ليل نهار على إعادة عقارب الساعة الى الوراء واستئناف مشروع الاستبداد والفساد الاسلاموي مجددا.
ان مشكلتنا الآن هي ان البلاد مواجهة بتحدي إنشاء النظام الديمقراطي ووضع لبناته الأساسية التي تشكل الحد الأدنى من شروط اي ملعب سياسي ديمقراطي يسمح بالتنافس الحقيقي على السلطة ديمقراطيا.
إنشاء هذا النظام لا يمكن ان ينجح بقيادة او مشاركة فلول النظام الاسلاموي الذي أطلق على كل ملمح ديمقراطي في السودان رصاصة في القلب وما زال يعمل على وأد الثورة وتدمير اي انتقال!
لا يمكن ان ينجح إنشاء النظام الديمقراطي بقيادة او مشاركة واجهات للانقلابيين لن يكون دورها في العملية السياسية إلا تمرير اجندة قادة الانقلاب الذين سيغادرون الملعب صوريا لصالح وكلائهم المنوط بهم عرقلة التحول الديمقراطي لا تعزيزه!
إنشاء هذا النظام يتطلب في المقام الأول بناء كتلة سياسية واسعة تعكس التنوع السوداني، جيدة التنظيم ومتوحدة حول هدف “الانتقال المدني الديمقراطي في السودان” ، هذه الكتلة لا بد ان تكون هي النواة الصلبة للعملية الانتقالية ، الوجود الفاعل والمؤثر لهذه الكتلة والتحامها بالشارع الثوري ومشروعيتها الجماهيرية هي خط الدفاع عن التحول الديمقراطي ، وهي حائط الصد لهجمات الفلول ومؤامرات وكلاء الانقلابيين على الانتقال الديمقراطي، باختصار هي فرس رهان الشعب السوداني في الصراع السياسي، اجندة التغيير الديمقراطي لن تنتصر بإصدار أحكام مجانية مثل (اي كوز ندوسو دوس) ، بل ستنتصر بوجود الاصطفاف المدني الديمقراطي المنظم والقوي والمؤهل لإلحاق الهزيمة السياسية بالكيزان في ملعب ديمقراطي ، والقادر على ان يجعل الكيزان وأذيالهم يمتثلون لقواعد اللعبة الديمقراطية لأن هذا هو الخيار الوحيد المتاح والممكن أمامهم بحكم نضوج البديل الديمقراطي المحمي جيدا بالجماهير . هذه هي حدود التعامل مع الكيزان: من ثبتت عليه جريمة فساد او انتهاك حقوق إنسان يحاكم، من يتآمر على تخريب الانتقال تم مواجهته وعزله، من ارتضى قواعد اللعبة الديمقراطية من عامة التيار الكيزاني لا يمكن استبعاده لمجرد انتمائه الفكري الاسلاموي مهما اختلفنا معه، ولكن على الاسلامويين ان يكفوا عن الاستهبال واختزال الديمقراطية في عملية انتخابية متعجلة وزائفة مثل انتخابات عهد البشير محسومة النائج سلفا، إذ ان الالتزام الحقيقي بقواعد اللعبة الديمقراطية يستوجب التصدي بإرادة حقيقية لتدشين مشاريع الإصلاحات الهيكلية الضرورية لتهيئة الملعب السياسي لانتخابات حرة نزيهة ذات مصداقية في منح المشروعية السياسية لمن يكسبها، ولكي تستوفي الانتخابات هذا الشرط يجب ان تنجح الفترة الانتقالية في بلورة قانون ونظام انتخابي ملائم لظروف السودان وقادر على تحقيق اقصى ما يمكن من درجات التوازن وافساح مجال للشباب والنساء والقوى الحديثة وقوى الريف والهامش، واتخاذ اقصى ما يمكن من تدابير محاصرة المال الفاسد وكل الاساليب الفاسدة، اما عمليات اصلاح الاجهزة الامنية والعسكرية بشكل شامل ونوعي، واصلاح الخدمة المدنية واعادة بناء الاجهزة العدلية، واحراز تقدم حاسم في العدالة الانتقالية والاصلاحات الاقتصادية واجندة العدالة الاجتماعية ومشاريع إصلاح الأنظمة التعليمية والصحية الخ من مهام بناء الوطن ونهضته ، فهي سلسلة من العمليات التاريخية التي تحتاج لزمن وجهد ، ويستحيل تصور إنجازها في فترة انتقالية محدودة بعامين او كحد اقصى باربعة اعوام! والشرط المفتاحي لتحقيق مثل هذه الأهداف وإنجازها على مراحل هو السلام والاستقرار السياسي في ظل سلطة ذات مشروعية معترف بها محليا ودوليا.
الفترة الانتقالية من واجبها انجاز حزمة من الاصلاحات الامنية والعسكرية واصلاح المنظومة العدلية وتفكيك النظام الاسلاموي بالقدر الذي يسمح بتحقيق شرطين لا غنى عنهما في فتح صفحة جديدة في تاريخ السودان السياسي وهما: إغلاق باب الانقلابات العسكرية، وتأمين حرية ونزاهة الانتخابات كمدخل للاستقرار السياسي الذي بدونه لا امل في تحقيق اي تقدم اقتصادي او اجتماعي.
لو نجحت الفترة الانتقالية في ذلك ،وتوافقت التيارات الرئيسية في الساحة السياسية على طي صفحة الانقلابات العسكرية والقبول بالانتخابات الحرة النزيهة كآلية وحيدة مشروعة لحيازة السلطلة، يكون الانتقال المدني الديمقراطي قد نجح في السودان لأنه نقل البلاد الى خانة “القابلية للتغيير بوسائل سلمية ” بلوغ هذه الخانة كتتويج لحزمة من الاصلاحات هو من وجهة نظري الهدف الذهبي للفترة الانتقالية التي من شروط نجاحها إدراكنا لطبيعة وحدود وظائفها او مهامها التي ألخصها في الآتي “الانتقال الى خانة القابلية للتغيير بوسائل سلمية عبر تهيئة الملعب السياسي لانتخابات حرة نزيهة بعد استيفاء الاصلاحات الضرورية لجعل الانتخابات ذات مشروعية ومصداقية وقابلية للتكرار بصورة دورية”
لو كانت البوصلة الهادية للتفكير هي بناء نظام ديمقراطي فلن يكون للفترة الانتقالية أفقا ابعد من ذلك، ولكن هناك آفة مسكوت عنها من آفات الانتقال في السودان وهي استبطان فكرة “التمكين البديل” لأحزاب أقليات باسم الشرعية الثورية، وكذلك استبطان فكرة ان في صدارة اهداف ثورة ديسمبر معارضة سياسات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومواجهة الامبريالية ، باختصار افتراض ان الثورة يسارية ويجب ان تكون الفترة الانتقالية مسرحا لنصب الرايات اليسارية، ونتيجة لهذه التوجهات غاب الى حد كبير “هم كيفية انجاح اول انتخابات حقيقية بعد ثلاثين عاما” عن صدارة المداولات في الفترة الانتقالية، كما غابت نقاشات العدالة الانتقالية وكيفية بناء السلام الحقيقي، فلم نسمع عن خطة لتعداد سكاني بطريقة مهنية، لم تناقش قضية النظام الانتخابي وقانون الانتخابات وكيفية تكوين مفوضية انتخابات مؤهلة، لم نشهد مبادرة جدية لصياغة نموذج سوداني للعدالة الانتقالية او تصور لاسس المصالحة الوطنية والوحدة الوطنية في حين شهدت الساحة حروبا كلامية ومعارك في قضايا ايدولوجية وبرامجية ليست من اختصاص الفترات الانتقالية كما رأينا خلطا مريعا بين قضايا المدى البعيد والقضايا العاجلة والآنية.
شخصيا اصنف نفسي ضمن تيار “اليسار الديمقراطي” اتبنى علمانية الدولة، ومنحازة لقضايا العدالة الاجتماعية والتنمية المتوازنة والحقوق الاقتصادية والاجتماعية في سياق ديمقراطي، ولكنني رغم ذلك لن ازعم ان الثورة تقف خلف اجندتي! فالمواطنون الذين يتظاهرون في الشوارع من خلفيات فكرية وسياسية متنوعة، القاسم المشترك الأعظم بينهم هو رفض الاستبداد والفساد والتطلع للحرية والسلام والعدالة والتخلص من سيطرة الاسلامويين على البلاد سياسيا واقتصاديا، وبالتالي ان كان هناك شرعية ثورية لفكرة ما او برنامج ما ، فمن الناحية الموضوعية ستكون تلك الشرعية لانتقال مدني ديمقراطي ناجح يضع البلاد في خانة القابلية للتغيير بوسائل سلمية المفصلة اعلاه، والتحرر من وصاية الاسلامويين المفروضة بالقوة، هذه الخانة التي تسمح لأمثالنا من الاقليات الفكرية والسياسية حرث الأرض وزراعة الجديد وحصاده والحصول على فرص عادلة لتسويقه، وبلوغ هذه الخانة يحتاج لفنون السياسة والمساومة وهندسة التحالفات الذكية داخليا وخارجيا ببصيرة وطنية راشدة.
لا مجال لثنائيات حدية بين تسوية وتغيير جذري في السياق السوداني في هذه اللحظة التاريخية، الأفق الممكن هو للتغيير المتدرج، وأقصى ما يمكن بلوغه بعد عمل وجهد كبيرين (الى حين اشعار اخر) هو التسوية التاريخية التي تنقل البلاد الى مربع جديد، وهي الان بكل اسف لا تلوح في الأفق القريب لأن ادواتها التي فصلت الحديث عنها في مقالات سابقة غير موجودة، وان كنا لا نمتلك أدوات التسوية التاريخية فمن باب اولى لا نمتلك ادوات التغيير الجذري الذي يحتاج بالاضافة الى الرؤية الفكرية والكتلة السياسية المنظمة التي تتبناها وادوات العمل السياسي والاعلامي والحركي النافذة ، يحتاج الى ذراع عسكري يوجه الضربة القاضية للقابضين على السلطة، هل يمتلك الجذريون في السودان وعلى رأسهم الحزب الشيوعي شيئا من ذلك؟
الإجابة لا بكل تأكيد ، كل ما يمتلكونه شعارات معلقة في الهواء، وكلام مجاني ومواثيق محتشدة بالأماني الكبيرة والاهداف الطموحة، اي سقف من الخرصانة يحتاج لأعمدة خرصانية او جدران قوية لحمله، اما الاصرار على وضع ذلك السقف الخرصاني الثقيل على جالوص فسوف يؤدي لان يخر السقف على رؤس من استظلوا به ويقتلهم.
العقل الطفولي يريد ان يعتقلنا في سؤال هل انت جذري ام تسونجي! وعلى هذا الاساس اما ان تنال صكوك البراءة الوطنية والغفران الثوري ام وصمة الخيانة والتآمر على الثورة!
في حين ان المشكلة الرئيسية هي افتقار كل من اهل التسوية واهل التغيير الجذري للأدوات المطلوبة لإنضاج وانجاح خيارهم! وما يحتاجه إصلاح الشأن العام ليس توزيع صكوك الإدانة او البراءة ، ما يحتاجه هو التفكير العقلاني المنطقي القادر على ربط المقدمات بالنتائج والوصول بكل اطروحة الى نهاياتها المنطقية.
أما المتعجلون للتسوية الجارية حاليا(وهي تسوية ظرفية وليست تاريخية) بحجة انها الافق المتاح ، فعليهم ان يفتحوا عقولهم جيدا لكل نقد موضوعي لنقاط ضعفها الكثيرة ولا سيما إغراقها بالفلول ووكلاء العسكر، وضعف الصف الممثل لقوى الثورة، نتيجة لفشل الحرية والتغيير في توسيع وتطوير تحالفها السياسي بالانفتاح على قوى الثورة ، وكذلك فشلنا جميعا كقوى مدنية وديمقراطية حتى الان في بناء احزاب سياسية ومؤسسات ديمقراطية متجذرة وهندسة تحالفات سياسية قادرة على ان تكون متغيرا مستقلا في معادلة توازن القوى، وعمليات تسميم المناخ السياسي بالمزايدات والتخوين وبث المواقف العدمية الامر الذي أعاق كثيرا العمل المشترك بين قوى الثورة، من كل هذه الحقائق يجب ان نعقد العزم على الشروع في واجب المرحلة أي توحيد الصف المدني الديمقراطي الحادب فعلا على الديمقراطية، ورفع مطلوبات التحول الديمقراطي بسواعد الجماهير ومحاصرة كل أطراف التسوية المقبلة بها، التعامل الراشد مع الواقع السياسي الذي يتخلق الان يقتضي إعمال الفكر بعمق في أسباب ضعف الصف المدني الديمقراطي وتوليد أفكار خلاقة في استنهاضه وبناء مؤسساته والاستثمار للمستقبل، أما الحاضر فسوف يكون محكوما بناتج توازن القوى على الأرض، وفي هذا السياق يجب ان ننتظر ما ستسفر عنه التسوية من وثائق نهائية وهياكل ومؤسسات ومن ستأتي بهم من شخوص، ومن ثم التقييم والتقويم والحصار على اساس الأداء العملي، المهم ان لا نتورط في رفع سقف التوقعات من عملية سياسية واضح انها ستولد بعيوب بنيوية، ومن الراجح انها لن تخدم اجندة التحول الديمقراطي إلا بتنظيم وتكثيف الضغوط الشعبية وحصار الرأي العام وربما تصحيح مسار العملية بوسائل مدنية في وقت لاحق.
اتمنى ان ننجح كسودانيين في وقف نزيف الدم في كل أقاليمنا وفي الحفاظ على بلادنا موحدة وان نطرد شبح اي حرب أهلية ان نضع أقدامنا في طريق الاستقرار السياسي والنهوض الاقتصادي والتنموي، انها اهداف عزيزة وليست مستحيلة، فقط تحتاج لإدراك جميع الفاعلين السياسيين في السودان ان تحقيق تلك الاهداف رهين في المقام الاول لما يفعلونه هم وما يتبنونه من خيارات وما يبذلونه من جهود. نعم التدخلات الخارجية كثيفة وكل ما يجري الآن يتم بقوة دفع الوسطاء من آلية ثلاثية ووساطة رباعية ولكن اي متابعة لخطابات المسؤولين الغربيين وخصوصا خطابات رئيس بعثة اليونتامس فولكر بيريتس تقول صراحة ان النجاح في الانتقال المدني الديمقراطي رهين لما يفعله السودانيون انفسهم.