في نعي الأستاذ الزين حامد .. دمت مورقا وفي سيرتك دائم الألق

 


 

 

أعظم به من فقد و من فقيد ، الأستاذ المربي و المناضل الزين حامد، أحد أعلامنا الذين دخلوا عالم السياسة من باب واحد فجعلوا من ساحات الأحزاب السياسية دُورا للتربية و مدارس لقادة المجتمع.
كانت مدرسة كسلا الثانوية شاهدا على مدير من طراز فريد في الالتزام و الصرامة حتى أصبح مضربا للأمثال لمهابة في محبة من أضرابه و تلاميذه في آن معا فحققت المدرسة إبان إدارته نتائج باهرة أكاديميا و رياضيا شقت بها صفوف المدارس المسيطرة.
حجز أستاذنا العظيم مقعده في الجمعية التأسيسية في آخر انتخابات ديمقراطية ١٩٨٦م بعد أن فاز في دائرة كسلا الغربية ممثلا للحزب الاتحادي الديمقراطي و شهدت له الجمعية التأسيسية التي كان رائدا لها فترتئذٍ بأنه كان سيفا مسلطا على نواب الجبهة الإسلامية القومية الذين قلبوا ظهر المجن للحكومة الديمقراطية و انقلبوا عليها في يونيو ١٩٨٩م فأمثال أستاذنا لا تستهويهم المناطق الوسطى في عالم السياسة و قد مثل ذلك عبئا ثقيلا على كاهله في دوائر الحزب.
جمعتني به دروب العمل العام و أنا لست سوى تلميذ في دفتي كتابه المتزين بالبذل و العطاء شرُفتُ بأن يخاطبني بالإبن الصديق، و رأيت ثم رأيت كيف يكون الالتزام و الانضباط و معرفة قيمة الوقت و إدارته ، و تعجب حين يكون الحاضر في الموعد المضروب ووسيلته المواصلات العامة و يتأخر أولئك الذين يستغلون عرباتهم الخاصة من أشقائنا و حينها يعلو صوت (الزين) تأنيبا و توبيخا للجميع.
مثل فقيدنا بلاده ملحقا ثقافيا في بعض دول أوروبا بواكير ثمانينيات القرن الماضي ترقيا في هذا الدرج عبر سُلّم الخدمة المدنية و كانت له مواقف مشهودة سجلت في كتاب الدبلوماسية السودانية إبان نظام نميري بل كانت له مواقف إنسانية و اجتماعية قبل أن يحملها قيما يسير بها بين الناس ممثلا لجماهير دائرته التي انتخبته في ١٩٨٦م.
ظل أستاذنا الزين حامد ضمن المرابطين في أبواب البناء المؤسسي والإصلاح الحزبي في الحزب الاتحادي الديمقراطي(التاريخي) في تؤدة و طول بال و كرس جهده متكئا على تلك الخلفية التربوية و السياسية و الاجتماعية من أجل التجديد و بث روح التداول السلمي في المؤسسات الحزبية والأخذ بتلابيب الأصالة و المعاصرة حتى تستفيد الأجيال من تجارب بعضها البعض استشرافا لمستقبل مشرق لبلادنا.
( و زُفّ ) إلى مسكن جديد
عليه قماش جديد
إلى مخدع من تراب
بأرض يباب
هنا الحي كلهم غرباء
بلا سيد أو مسود
هنا الأثرياء بغير
صكوكهم و النقود
هنا المرهقون انتهوا من شقاء
و من ذلة و ازدراء
هنا تنتهي الخيلاء
هنا الطامحون بغير طموح
هنا الجامحون بغير جموح
هنا يخرس البلغاء
هنا تنتهي العنجهية و كل رياء
و يصبح حكم القضاة القضية
و ينقلب الزعماء بلا هيبة أو معية
و لا رتبة أو وسام
و تزحف نحو القبورِ القبورْ
بلا خطة أو نظام :
فقبر بلا شاهد أو علامة
كقبر عليه رخام و سور.)
أستاذنا الجليل طبت حيا و ميتا و سلام عليك في الخالدين.

 

آراء