حسن حضرة.. نخلة على جدول المناضلين

 


 

 

( و ها أنت ..
تاجٌ على هامة النيل
لا يحتويك الغياب
و لا يحتويك الرحيل
تحتويك البلاد ..
التي أوغلت في العويل
تحتويك المدايح
صداحة بين صمت المقابر
تحتويك المدينة
تلك التي لم تغادرها
طائعا..
أنت غادرتها حينما
سادها الجهل
فجا.. قبيحا
و استباها العساكر )
.. ما كان حديثا يفترى .. أن حسن شيخ إدريس حضرة كان شامة في حيوات الأشقاء المعاصرين بل سرى في إلفة و روح اقتدار على الانتقال بين الأجيال باسطا ذراعيه و يدا طولى في ملمح جمع الأصالة و المعاصرة
ناقلا لتجارب السوابق في ميادين العمل العام نضالا و كفاح جيل، و هو الولِع بكرة القدم (حكما من الحكام ) في منافسات الدرجة الأولى و من المؤسسين لنادي الفلاح الرياضي الذي أصبح فيما بعد نادي شمبات لاعبا لكرة القدم رفقة أخيه الأكبر عمر حضرة (متعه الله بالصحة والعافية )في رحاب النادي الذي وهب أبوهما أرضه لأهل الحي..ليلبي نداء الوطن بالانضمام للجبهة الوطنية التي بنى دعائمها و شاد أركانها الشريف حسين الهندي و حينها عرف فقيدنا فَلَزِم ساحات العمل العام في جهد مضاعف تجردا و نكران ذات.
مثل الفقيد حلقة الوصل مع طلاب جامعة الخرطوم في انتفاضة شعبان 1973م في توصيل الدعم المالي و تأمين الاجتماعات.
عهد إليه القيام بأدوار كبيرة في تلك الحقبة، أبرزها ما كلف به في حركة يوليو 1976م فقد كان ممن اُستودِعوا المال، و ما أدراك ما المال في موائد السياسة.
لم ينقطع اتصاله بالشريف حسين إبان هذه الفترة سواء بالمراسلات أو السفر المتواصل إلى لندن و السعودية و أثيوبيا و كان من أبرز قيادات الداخل آنذاك الحاج مضوي محمد أحمد و الشريف زين العابدين و محي الدين عثمان و النقابيان العماليان محجوب الزبير و محمد توم محمد نور.
و كان فقيدنا العزيز خير مستودع سعيا بين أسر المعتقلين و الشهداء بعد فشل الحركة التي أوكل كتابة بيانها الأول للأستاذ علي محمود حسنين و كان جزاؤه هو جزاؤه صدور حكم بالإعدام.
(أي المشارق
لم نغازل شمسها
و نميط عن زيف
الغموض خمارها
أي المشانق
لم تزلزل بالثبات وقارها
أي الأناشيد السماويات
لم نشدد لأعراس الجديد
بشاشة أوتارها
نحن رفاق الشهداء ).
حسن حضرة (الصوفي المُطَّرِّق)، قدرة فائقة على قياس المسافات بين هذا التصوف و ذاك النزوع نحو بناء الحزب المؤسسة شدواً مع الراحلين من أنداده أمثال الأستاذين الزين حامد و عبدالوهاب خوجلي و غيرهما ابتلوا جميعهم ب ( آفة الحزب العِضِين).
لم تكن دار حسن حضرة العامرة فاتحة ذراعيها للأشقاء الاتحاديين فحسب بل كانت ترفع لواء الوفاء للأصدقاء و زملاء الدراسة في لقاء أسبوعي للمدارسة و الأنس و السمر.
رحل فقيدنا بعيدا عن تراب وطنه الذي أحبّه رحيلا(على نباح المقتلة ) و أوصى أن يوارى ثرى هذى الديار التي أرهقها الموت و الحزن و ارتداد المسير.
( نفد الرمل على أعمارنا إلا بقايا
تنتهي عمرا فعمرا و هي ند يحترق
ما انحنت قاماتنا من حمل أثقال الرزايا
فلنا في حلك الأهوال مسرى و طرق
فإذا جاء الردى كشر وجها مكفهرا
عارضا فينا بسيف دموي و درق
و مغيرا
بيد تحصرنا لم تبد للموت ارتعادا أو فرق
نترك الدنيا في ذاكرة الدنيا لنا
ذكر و ذكرى من فعال و خلق).
إلى جنات الخلد العم حسن حضرة.

 

 

آراء