في وداع أستاذ الجيل أبو الخيرات

 


 

 

الاستاذ عبد الهادي ابوالخيرات اخر اقمارنا التي غاب سناها بين النيلين الان فقط توقفت مسبحته التي طالما شوهدت بين اصابعه أكثر من ستون عاما مخبتا لربه عاش متبتلا بين محاريب العشق السماوي تهيم نفسه بين صبابات الصوفية ونقاء الزاهدين كان صواما قواما خبر دروب ومسالك العارفين عرف كنز الحقيقة المدفون تحت غرف للاستغفار المبطنة بالاستبرق والمنسوجة بخروز الحوقلة والمعطرة والمفضوضة بالصلاة علي نبي الرحمة سيد ولد ادم
الاستاذ عبد الهادي من بين ثناياه تدفقت حروف المبتدأ والخبر فعمت امكدادتها وروابيها والحضر علمنا كيف نرحب بالخريف اذا حل علمنا ما معنا صياح الديك فجرا غرس في عقولنا الاماني وجميل الذكريات وعلمنا الطموح ياتري ماذا اصير عندما اغدو كبيرا كان يسافر بنا من القولد الي ريرة ودسلفاب وعطبرة يصحبنا الي الجفيل وبابنوسة ودفضل حتي اذا ما نزلنا في ربعة بفلاة تسمي كيلك فتمددنا بين فضاء عربانها وزرابيها المبثوثة لم نكترث لدخان روث الابقار المنبعثة من تبنها
شربنا حليب ودفضل البقارة ورحنا في نوم عميق رغم قساوة وطنطنة ذبابة التسي تسي
باكرا تعلمنا منه حب الوطن وعبقرية المكان التي تصنع المعجزات علمنا التعلق بالمستحيل حتي وان كان فوق الثريا او تحت الثري هكذا تعلموه وهكذا علمونا انهم عباقرة زمانهم وافذاذ عصرهم فلولاهم لم تكن لامكدادة ظيط بين العالمين ولولا جهدهم لتاخر سرجنا بين الوري وكنا من الغابرين لمع اسمه وسطع نوره فامتلأت سماء شرق دارفور بابهي الاضواء وتزينت بأجمل الحلل
الاستاذ ابو الخيرات كان احد حراس الضمير الوطني في بلادنا وهو الصندوق الاسود للمعرفة والمحبة والجمال انجب افذاذا متفردين تقدمهم راشد وجمال ومحمد ودسوقي وجيلاني ورشيدة وافراح وداد وعفاف والدتهم سليلة ال الصديق خديجة بنت خويلد معلمة وضعت بصماتها حيثما حلت فالعود الطيب له افتضاح يدخل الانفاس بلا استئذان
ماذا يفعل فينا الغياب؟ نكبر كل يوم ويتوقع منا الآخرون أن نتوقف عن البكاء.. أن نكون أكثر صلابة.. أن نصبح على قدر المسؤولية.. أن نعتاد الغياب والرحيل..
كل يوم يمر علينا ينعى الناعي لنا احد احبتنا كيف نبقى أحياء بينما تموت أجزاء منا كل يوم.. يموت الأحبة.. ويرحل الأصدقاء ونمنع من لقاء احبتنا
رحل استاذ الاجيال بعد عمر مديد وصحائفه مكللة بجلائل الاعمال وترك مقعده خاليا وسيظل خاليا لا احد يتجاسر الجلوس عليه رحل سيد المتصوفة والعابدين الزاهدين رحل عبد الهادي سيد الصالحين ورحيل الصالحين راحة لهم
فرنسا 🇫🇷 باريس
يس 00753302162
Ms.yaseen@gmail.com

 

آراء