تغلف القاهرة غبشة الشتاء الحلوة وسحائب (الهرع) العجلى التي تسير على ارتفاع خفيض نحو الجنوب.. فتذكر الشخص بحلفا دغيم والعتمور والرحلة عبر انحناءات النيل والشلالات الى (أرض الحبيب) عبر أشواق مبارك المغربي وأنغام الطيب عبد الله.. (هابي عليا طيب.. من ذكراك دوام.. أطراك لو أبين.. كل صباح جديد… كم لي فيك شجون.. كل ما بقيت بعيد. حبك لي دين.. قربك ليا عيد.. عاشقك ما بخون.. غيرك ما بريد) .. .!!
علاوة على صحف اليوم ومجلات الأسبوع ومنتصفه؛ و(كتاب اليوم) تقذف المطابع كل ساعة أكثر من كتاب.. واليوم تتحدث مجالس السياسة والاجتماع والصحف والوراقين في القاهرة عن كتاب (نزل السوق) مؤلفه مصطفى الفقي بعنوان (رحلة الزمان والمكان) والفقي شخصية مصرية لها احترام عام وكان قد فقد فرصة أن يكون أميناً عاماً للجامعة العربية بسبب (نكرة) من مليشيات الإنقاذ ولكنه (عَلَم) في ملف مذبحة العيلفون.. وهو سوداني يجلس الآن في مقعد السودان في الجامعة العربية. (قف تأمل مغرب العمر وإخفاق الشعاع)…! القصة معروفة أن الإنقاذ كانت تعارض وجود مصطفى الفقي في منصب قيادة الجامعة العربية… لماذا..؟ لأن مصطفى الفقي من محبي السودان ومن عقلاء المثقفين والسياسيين المصريين الذين يعرفون قدر السودان ويحفظون له الود والمكانة.. والإنقاذ لا تحب من يحب السودان..! والخلاصة تم قبول هذه المعادلة وهي ألا تعارض حكومة الإنقاذ مرشح مصر الآخر للجامعة في مقابل تمرير قبول مرشح الإنقاذ كمال حسن علي (زول الدفاع الشعبي) لمنصب نائب الأمين العام لشؤون اقتصاد العالم العربي.. وإذا كانت هذه هي (المقايطة) التي تمت مع حكومة الإنقاذ فلماذا لا تزال حكومة الثورة تتحمل هذا العبء الثقيل بوجود هذا (البوكمال) في مقعد من نصيب السودان..؟! هذا هو اللغز الذي حارت البرية فيه.. فمتى يتم اقتلاع هذا الخازوق..؟! القاهرة تحتشد بالحياة رغم ارتقاع إصابات كورونا ومقاهيها ممتلئة (رازة بالسكان على رواية خليل فرح) والأسواق لا ترى أنها تعيش مرحلة الجائحة ودور السينما والمنتديات تعمل كالمعتاد والشوارع على حالها؛ مسارح مفتوحة تضج بالحياة والأفيهات والمشاغبات والمداعبات والدراما الارتجالية… وارتفاع الأسعار فيها يجري بنسبة معتدلة لا تشبه الأرقام الفلكية التي ضربت السودان خاصة أسعار رغيف الخبز والمواد الاستهلاكية والبقوليات.. و(طلب الفول) أدنى من عشرة جنيهات وساندوتش الطعمية لا يتجاوز ثلاثة جنيهات وما زال للجنيه والجنيهين قيمة.. يمكن لمن يظفر بهما أن يبوس باطن يده وظهرها .!! السودانيون موجودون لا يخلو منهم مقهى أو مول أو مطعم أو شارع أو عطفة أو مستشفى أو حارة أو مجمع سكني.. بعضهم في الاستشفاء وبعضهم في بزنس صغير ومتوسط.. وقلة غير قليلة دخلوا عالم العقارات بالامتلاك أو الوساطة الإيجارية وبعضهم في بزنس من النوع (اللي مش بطال) وآخرون ينظرون الى رحلة أخرى عبر البحر أو من خلال إعادة التوطين رغم تضاؤل فرص هذا الخيار .. وحلايب سودانية…!