قراءة كاريكاتيرية للانتخابات … بقلم: محمد محمد خير

 


 

 

 

أقاصي الدنيا

Sudaninexile195@hotmail.com

 

 

 

انسحب عدد من مرشحي رئاسة الجمهورية قبيل أسبوع من بدء إجراء العملية لكن مفوضية الانتخابات اعتبرت أن انسحابهم غير قانوني على خلفية قانوني الانتخابات الذي يبيح الانسحاب قبل شهرين وليس في الأيام الحُرم فأبقت على صورهم ورموزهم واعتبرتهم مرشحين كاملي الأهلية فاقترع الناس لهم.

من البداهة أن كل المرشحين الذين انسحبوا في الأيام   الحُرم يعرفون بطلان هذا الانسحاب لأنهم على الأقل يترشحون لمنصب رئيس الجمهورية وليس لمنصب (ضابط مجلس) وطبيعة رئيس الجمهورية تقتضي بأن يكون ملماً بالقوانين واللوائح التنظيمية التي تحكم مسارات عملية هو محورها وقلبها وهمزة وصلها الواعية ولما كنت على قناعة بأن كل المرشحين يتمتعون بهذا الوعي العارف بقانون الانتخابات فإنني على يقين أيضاً بأنهم (انسحبوا) كي (لا ينسحبوا) اللهم إلا إذا كان المرشح (مسحوباً) !!

المرشحون المنسحبون أرادوا إرسال رسالة فحواها أنهم حصلوا على كذا من الأصوات رغم انسحابهم وهم في الغالب من المرشحين الذين يعتدون بالأوزان وظلت هذه الكلمة لا تبارح أفواههم طوال سنوات عمرهم السياسي بل وظلت كل القوى السياسية تتعامل على أساس هذا الوزن ودون أن يخضع للاختبارات في ظل التحولات الكبرى والانعطافات الكبيرة إلى أن هيأ الله مقياس المفوضية.

قلت أنني لا أشكك في الوعي الراجح لمرشحي الرئاسة بقانون الانتخابات كما أصر على أن الهدف النهائي كان يتجه للتباهي بحصد أصوات وفيرة رغم الانسحاب وإلا فلماذا لم يتفق المنحسبون والمسحوبون على حاتم السر مثلاً للحفاظ على  وحدة السودان لأن المنسحبين ظلوا يرددون أن فوز البشير سيخترق تلك الوحدة ؟

أما اكثر المنسحبين رهاناً على الأوزان فهو بلا منازع مبارك عبد الله الفاضل المهدي من كثرة ما ظل يرددها لكنه حصل فقط على 40 ألف صوت من جملة العشرة ملايين بما يؤكد أن هذا السيد لا (وزن) له إلا عندما يكون مسافراً بأحد خطوط الطيران !!

ما هي يا ترى العلل التي تصيب السياسي فتتسبب في نقصان (الوزن) رغم انفتاح شهيته على السلطة؟ ربما تكون الإجابة مجهولة فهناك الكثير من الأمراض لا تزال هويتها مجهولة للطب الحديث ولكن الطب البلدي الذي يعالج بالكي والأعشاب وأحياناً (بالجردقة والعطرون) يشير إلى أنها ظاهرة (الشلاقة السياسية) فلمبارك يعود فضل لم يألفه علم الاجتماع السياسي من قبل فقد أنشأ حزباً اختار له اسم (الإصلاح والتجديد) ، والحزب عادة ما يتكون لمناهضة سلطة لكن عبقرية مبارك حولت اتجاه التاريخ فكان هدف الحزب الالتحاق بالسلطة ولما التحق الحزب بالسلطة وزادت طموحات رئيسه المنتخب ضد إرادة التسمية (الإصلاح والتجديد) لأن التجديد ـ يقتضي بأن يكون رئيسه من غير آل المهدي ـ فأوض رئيس الجمهورية الذي هو رئيس المؤتمر الوطني كي ينقلب على المؤتمر الوطني فكانت النتيجة أن مبارك (أخذ تكسي ورجع تاني) فيما ظل حزبه داخل السلطة حتى اليوم يناصبه العداء (نهاراً مساراً) !!

عاد مبارك من جديد محاولاً الرجوع لكنفه الذي فارقه (بالإصلاح والتجديد) ليقبل بشروط أكثر قسوة من قبل لالتحاقه من جديد لحزب الأمة القومي، فيما قام أحد قياداته بالزواج للمرة الثانية مؤكداً أن (الإصلاح والتجديد) لم يكن سوى في هذا الميدان، أما قياداته فقد ثقلت موازينها بمكاييل المؤتمر الوطني فأصبحت في عيشة راضية وفازت في الانتخابات الأخيرة بما يفوق ما حصل عليه في انتخابات الرئاسة.

نلتقي غداً في كاريكاتير آخر عنوانه (حاتم والقصر).

دعاء :

اللهم إن (السترة والفضيحة متباريات) فاسترنا، ونسألك اللهم الرجاحة في العقل والكياسة عند التصريح كما نسألك (الزيادة في الوزن) .

 

 

* نقلاً عن (آخر لحظة).

 

آراء