قطاية في فضاية

 


 

 

بسم الله الرحمن الرحيم
-مصدر القصة التالية هو كتاب التراث الشعبى لقبيلة البطاحين ، اعداد الطيب محمد الطيب1971 يونية من معهد الدراسات الافريقية والاسيوية جامعة الخرطوم طبعة2016.وقد حاولت ان اجد رواية اهلنا الشكرية فلم انجح رغم تواصلى مع احمد ابراهيم قلبوس من الشكرية الدريشاب . والدريشاب هم ابناء دريش ودعدلان زعيم الشكرية قبل اب على وهو انتقال افقى نادر في بيت الزعامة في العهد الاول.
اختلاف روايات القبائل للحدث الواحد امر مثير للتعجب حيث نلاحظ الاتفاق في النتائج والاختلاف العميق في التفاصيل. .
فمثلاً عند مقتل سقود على يد أب علي بتفاصيل أوردها بروفسير الحاردلو رحمه الله نجد رواية البطاحين تفاصيل مختلفة تهدف إلى التقليل من المصاب الذي حل يومها فتصفه أي سقود بالمتهور وأن أب علي خدعه باستفزازه حتى ألقى درقته .وذات الشئ نلاحظه حينما ندلف إلى قصة مقتل حمد ود أب سن على يد ود برير فنجد رواية الشكرية التي وردت تحكى استفزاز ودبرير لحمد حتى ألقى ترسه مما يدل على أن تغير التفاصيل كان أمراً شائعاً بين القبائل .
-القصة ايضا تبين اضرار الخمر وانها ام الخبائث فبداية القصة والشرارة التى اشعلتها هى )، والسبب في الحادث ناقة الشريف بابكر اللحيمر، من شرفة (بربة) وكان أبناء الزين يقيمون في ذلك اليوم مجلس (فدة ( شرب مريسة وطلبوا )(مزة) و لم يجدوا شيئاً غير ناقة الشريف وطلبوها منه فرفض أعطاءهم لها وراودوه أن يدفعوا له بدلاً عنها ناقة أفضل عند مجيء إبلهم من الوادي فأبی أيضاً ولما يئسوا عقروها عنوة بسيف محمد أبو عصبة وأكلوا اللحم وشربوا الخمر .( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ۝ إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ (91) وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ ۝ لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ [المائدة:90 - ).93]. .
-((أنا وجدت أولاد الزين قطاية في فضاية))بهذه العبارة المقتضبة نقل الشريف بابكر الخبر للشكرية ثم توالت الاحداث. وفيما يلى التفاصيل كما جاءت في كتاب (هو كتاب التراث الشعبى لقبيلة البطاحين صفحة 170 وما بعدها )
قصة ود الزين أب جبة يوم أب جبة(وادي في البطانة)وتوابعه في الشبيك والمزم.
وقعت القصة مع الشكرية الدريشاب(هكذا ذكرالطيب محمد الطيب والدريشاب هم أبناء عم اللدغم الذين ينتمي لهم آل أبوسن ) ناس عدلان أبو سن ودكين كان أولاد الزين نازلين في الوادي المسمى (أب جبة) وهم ثمانية أكبرهم النعيمة ثم الضوي حسن، محمود، عكور، وكسلا ومحمد وهو الملقب بأبو عصبة.
وهم من ذرية الفكي علي ود أبو نورة، والفكي علي من البطاحين (النيابة)، والسبب في الحادث ناقة الشريف بابكر اللحيمر، من شرفة (بربة) وكان أبناء الزين يقيمون في ذلك اليوم مجلس (فدة ( شرب مريسة وطلبوا )(مزة) و لم يجدوا شيئاً غير ناقة الشريف وطلبوها منه فرفض أعطاءهم لها وراودوه أن يدفعوا له بدلاً عنها ناقة أفضل عند مجيء إبلهم من الوادي فأبی أيضاً ولما يئسوا عقروها عنوة بسيف محمد أبو عصبة وأكلوا اللحم وشربوا الخمر وأكل معهم اللحم الشريف وهو يرتعد خوفاً واضمر في نفسه أن يذهب للشكرية ليستعين بهم على رد ناقته وإخطارهم بمكان أولاد الزين وهم أصحاب ثأر مع أولاد الزين فذهب الشريف ل(ريرة) حيث مضارب الشكرية وأخبرهم بقوله: ((أنا وجدت أولاد الزين قطاية في فضاية))، فهب جميع الشكرية لقتال أولاد الزين وتهيأوا وخرجوا إلى أن نزلوا حفير (الكليلية )بالقرب من وادي (أبو جبة) الذي يسكنه أولاد الزين، وكان حصان محمد ود أبو عصبة حصاناً معلماً ومجرب ومعد للحرب واسم ذلك الفرس( العليقي) وقد سمع ود الزين حمحمة وصهيل الحصان التي لا تنقطع فأوجس أبو عصبة خيفة في نفسه وأيقن أن الحصان يرى ما لا يراه غيره، وظل الحصان ينظر ويمرح في رباطه وينظر ويدور حول مربطه وأيقن ود الزين أبو عصبة أن في الأمر شيئاً خطيراً ولا بد أن عدواً يتربص بهم فجمع أب عصبة أباه وإخوانه وذويه وأخبرهم بحال حصانه و تخوفه من غدر الأعداء، وقال لإخوانه أفضل لنا أن نرحل تحت ظلام الليل فأهانوه ورموه بالجبن والضعف وذهبوا لمرقدهم ورحل ود الزين في ليلة ذاك وسار حتى وصل حفير (أم كاكلو) ونزل عندها ورجع إلى أبيه وإخوانه في الوادي أبو جبة فوجد رأس أبيه مقطوعاً وإخوانه الستة موتى وقد قتلوا وهم نيام غيلة وغدراً، عند الفجر وبعد لحظة رأي فرسان الشكرية فرس محمد أبو عصبة تقف عند الجنائز فهرولوا نحوه على ظهور الخيل ولأمر ما فر أبو عصبة وانطلقوا خلفه وعندما توغلوا في الجري تعبت بعض خيول الشكرية وتبعه أفراد قلائل على رأسهم الفارس الشكري دكين، وتصدى له ود الزين وصرعه في الحين فخر عن جواده ميتاً، وكانت لود الزين محمد هذا طريقة خاصة في فنون الحرب حيث إنه يشتبك مع الفرسان فيجري أمام الخيل وتتبعه الخيل واحداً إثر واحد فيلتفت عليهم في أثناء الجري فيقتل واحداً تلو الآخر. وبهذه الطريقة قتل أغلب الشكرية الذين اشتبكوا معه وعلى رأسهم عدلان أبو سن ودكين أبو سن. فوقفت الحرب ورجع محمد أبو عصبة إلى أهله ورجع بقية الشكرية وحملوا جنائزهم على الإبل وساقوا ما كسبوه من مال ورقيق كان يخص الزين و أولاده، ولما وصلوا ودفنوا جنائزهم سألهم ود أب سن الكبير شيخ العرب عن خبر المعركة وتحدث معه رجل من الرجال المشهود لهم بالرأي والحنكة فسأله ود أب سن (ليس لابوسن ابن باسم دكين ولعله يقصد دكين من الدريشاب )عن الرجال الذين قتلوهم فأخبره: بأننا قتلنا فلاناً وفلاناً وراح يعدد له أسماء الرجال واحداً واحداً وعد له اسم الزين وأبنائه ولم يرد اسم محمد أبو عصبة، فقال أبو سن: وأين محمد أبو عصبة؟ فقال الرجل: فلت مننا يا شيخ العرب والخيل تابعته إلى القلع الأحمر فصدت منه. فقال أبو سن: أنتم لن ترتاحوا ما دام العبد الأسود موجود. (عادة يقولون العب من غير دال ؟)
ولما وصل محمد أبو عصبة إلى دياره رحل بأهله لأرض الجعليين جهة شندي في العام التالي جاء الشكرية ونزلوا في منازل أولاد الزين بالوادي (أبو جبة) وأصبحوا يوقدون النار ويقولون: يا ضهبان یا ضهبان شوف النيران.
وهذا الكلام يعني أننا ملكنا دار أولاد الزين بالسيف ومن أراد أخذها فليجرب، أما محمد أبو عصبة فإن أول شيء فعله بعد وصوله دیار الجعليين أنه جلد يده اليمنى بجلد ثور وعلقها في عنقه، وعادة ربط اليد بالجلد حتى أخذ الثأر عادة من عادات عرب السودان، وكان ود الزين يأكل بيده اليسرى (ولاشك ان هذا من عمل الجاهلية فقد نهى لنبي صلى الله عليه وسلم: «لا يأكل أحدكم بشماله ولا يشرب بشماله؛ فإن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله». فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك ) وشاع خبره في ديار الجعليين فأكبروا فعله و آزروه وأعانوه، وفي العام الثاني، كما أسلفنا، أعلن الشكرية بالقتال، ولما وصلهم الخبر رحل بعض من الشكرية وتوغلوا ناحية ديارهم ونزلوا بالوادي المسمى(الشبيك)، فلما استقروا هناك سمعوا إنذار الحرب مرة ثانية من ود الزين، فقام أحد فرسان الشكرية واسمه (الحريرين)، وكان رجلاً شجاعاً ومدبراً، بعد أن سمع أن بعض الشكرية قرروا الرحيل، قام ومعه رهط من الشباب وجمعوا (الحوايا) - سروج الجمال- وأحرقوها منعاً للرحيل، ولما رأى العرب هذا الفعل قرروا البقاء والقتال وقد عزموا على القتال، وقال شاعر الحريرين:
بشوف حافر على درب الظعائن قن
وداك ود الزين وديل ود كرادم جن
فقال الحريرين لشاعره: شد الحصان والبجفل مرته طلقانة .
وبعد فترة تلاقى الفرسان وبرز ود الزين فخرج له من الشكرية، الحريرين فضربه ود الزين على رأسه ففلقه نصفين ونزل سيفه حتى (کربوس) (40) المسرج فوق الحریرین وفاضت روحه ثم التحم الفريقان وعلا الصياح وكان ود الزين رجلاً أشول (41) وصار في تلك المعركة يضرب بسيفين يميناً وشمالاً
40- کربوس: الكربوس يكون في مقدمة سرج الجواد. 41- أشول: الأشول الذي يستعمل يده اليسرى بدل اليمني.
وبكلتا يديه، وقد ساق الفرسان أمامه جماعات جماعات حتى أوصلهم إلى مكان يقال له (الشبيك) وكر راجعاً إلى مكان يقال له(المزم)، وكانت ساحة الحرب بين الشبيكة والمزم وانهزم الشكرية وغنم ود الزين وجماعته الإبل الحمر وكانت كثيرة. .
ويروى أن الجعليين الذين استمالهم ود الزين لقتال , الشكرية شكوا له أنهم لا يملكون سلاحاً فقال لهم: أنا لا أريد منكم سلاحاً فقط أريدكم أن تسوقوا الغنائم فقبلوا وتوجهوا للشبيك حيث دارت المعركة التي انتهت بانتصار ود الزين فقالت فيه ( الغناية فاطمة:
ود الزين يا عيال
ليلة يقع المغار
ود الزين السداسي
(42) یا نقارة نحاسي
أكان تجري وايباسي
من التراب يملى راسي
ود الزين يا جدع
(43) أكرب الثوب لا يقع
ما بتباري لي المرع (44)
بعلموك الجلع (45)
ود الزين يالسلوقي (46)
وشال السيف هز فوقي
قال لي يا درعه (47) قوقي (48)
42- السداسي: الرمل الكثير العظيم ... ... .. . . . . . 43- جدع : الجمل الفتي .. .. .. . .. ان 44- المرع: الضعيف. . . . . . . . . . . . . . 45- الجلع: ضرب من حركات الأنثى. . . . . . . . 46- السلوقي: الكلب العظيم.
47- درعة: اسم خادمة. 48 قوقي: غني.
ود الزين یا رهيف
خاتم الفضة النضيف
بيتك للضيفان خريف
سو العد وليك صريف (49
وكوكب (50) الدرقة وأقيف
یا قاعدين للكسار (51)
ود الزين ركبو سار
جاب حمرات البكار (52)
وشقق ريرا أم حجار
ورمی دكين (53) الخيار
ود الزين يا الأصم
وحجر الصاقعة الرزم
کارن (54) كؤر البهم
من الشبيك (55) للمزم
49- صريف: السور الضعيف الذي لا يعتمد عليه وکتت به الشاعرة لضعف العدو. 50- کوکب: بمعنی قلب المجن والاستعداد للقتال. 51- الكسار: جمع كسرة وهم الذين لاهم لهم غير الأكل52- البكار: جمع بكرة وهي الناقة الفتية قبل أن تلد. 53- دکین: فارس ورجل عظيم من الشكرية. 54- کارن: الضمير يعود على الأعداء أي أجمعهم وسلقهم. 55- الشبيك: واد وكذلك المزم.
وكل شقلة ملاها دم (56)
يا قاعدين للنفاسا57) 57)
ود الزين تور عفاسا (58)
رمی دكين في المحاصا59) )
جاب الكيك (60) ب حراسا(61)
یا قاعدين لكلكن
بي حركن ومركن
ود الزين ضلكن
وجاب حمرایه تطلكن (62)
ود الزين العفيف
خاتم الفضة النضيف
ما تمشي مع اللفيف (63)
56- الشقلة: الشجر الصغير ، أو الشوك البارز ویسمی به المكان. 57- النفاس: ويعني بهم الجبناء الذين يمكثون بالبيوت ولا يفوتهم شيء من أمر النساء حتى النفاس. 58- تور عفاسا: التور هنا الجاموس ، البري: عفاسا ، عفاسا من عفس إذا وطئ الشيء. 59- المحاصا: میدان الحرب 60- الكيك: الجمل الضخم 61- الجمل الضخم تحمل عليه النساء وتربط في عنقه أجراس من النحاس . 62- حمراية: الناقة الحمراء وهي ناقة الشكرية التي سباها63- اللفيف: الخفيف الضعيف.
بعلموك الرفيف (64)
كوكب الدرقة واقيف
ود الزين قيقني (65)
و فارس ما بندنی
یا قشاش الخلی (66)
وجاب ناقة أب علي(67)
وقالت في قصيدة أخرى:
داك الجبل أب حز
الفوقو النادر هز (68)
أكان الأشول فز (69)
كدي البقر ينجز (70)
64- الرفيف: ضرب من الجري.: 65- القيقني: تطلق على الفيل وغيره من السباع. . 66- الخلي: النوق. 67- أب علي: جد الشكرية الأكبر. 68- النادر: محمد ود الزين. 69- الأشول: أيضا محمد ود الزين. ... 70- البقر ينجز: وتکنی بجر البقر للمحال ومثل هذا الحال إن هرب ود الزين..

 

ganaboo@gmail.com

 

آراء