كاكي واخفاق بعثة السودان بلندن .. بقلم د. محمد بدوي مصطفى
د. محمد بدوي مصطفى
12 August, 2012
12 August, 2012
mohamed@badawi.de
أوشكت الألعاب الأولمبية لعام ٢٠١٢ والمقامة بلندن أن تسدل أستارها وهانحنذا نقف على أخفاق السودان المريع في إحراز أي تفوق بين الدول، وهذا دليل بيّن على إخفاقنا في تقديم "المواهب المدفونة" التي تتراكم في "العِلَب إلى أن يجئ الطلب"، إن صح التعبير، ناهيك عن تقديم الدعم والسند لتلك المواهب التي أثبتت جدارتها في المسابقات العالمية، مثال العدائين كاكي واسماعيل. لقد حقق هذان العداءان فيما قبل انتصارات حقيقية تجعلنا نفتخر بها ونضعها في ميزان اجتهاداتهما الفردية فليس للدولة أي حظ فيها، فعداؤو البعثة ليس لهم أي ذنب في هذه الفضيحة، فهم فعلوا ما بوسعهم وبمجهودهم الفردي، فلهم منّا كل الشكر والتبجيل. ولو وجد الفرد منهم الاهتمام كالذي وجده البطل الإنجليزي الجنسية الصومالي الأصل "محمد فرح"، لبلغوا قمم الأولمب، لكن "يا زول ما في مشكلة" كما نقول دوما، والشعوب تمضى أمامنا و"نِحنَ يا نا نِحنَ!، لا نغادر، بل نتسكع إلى الوراء!
من شاهد منا الافتتاحية، ربما يكون قد لاحظ تواجد السودان بعدد أربعة أعضاء فقط، يلبسون الجلابيب، كل حسب ذوقه وحسه في اختيار القماش والقطعة، دون النظر إلى أنهم بعثة واحدة تمثل دولة وشعب وقضية واحدة، إذا: ألم تتمكن الوزارة من تجهيز الوفد بزي رياضيّ وحضاري كبقية الدول المشاركة، عوضا عن ذاك الملبس الفلكلوري، الذي لا يتناسق والتظاهرات الرياضية، مع العلم أن الدول الأخرى من الصين إلى البرازيل ومن السويد إلى جنوب أفريقيا لها كلها زيها الفلكلوري الخاص بحضارتها لكنها لا ترتديه في مثل هذه المحافل؛ وكما يقولون لكل مقام مقال ولكل زي مكان، أليس كذلك؟
المثير في الأمر أنه، كما يبدو، قد تم تكوين البعثة قبل بضع أيام قلائل من انطلاق المسابقات، ذلك عكسته ضآلة أعضاء البعثة وهذا ينبثق ربما من حرص الحكومة التقيّة على خفض اهدار المال العام وتخفيف النفقات على المواطنين، يا سلام! والله لو بيعت بعض السيارات الفارهة التي يقدل بها مئات الوزراء لما لجأت الحكومة للشحذة، كما تفعل دوما، إلى شركة زين التي أبدت استعدادها في التكفل ببعض نفقات البعثة والباقي على الله. لقد كنت فرحاً يومها بلقاء ثلاثة من العدائين الشباب بزي السودان الرياضي والذين قابلتهم في مطار الخرطوم (الخطوط القطرية)، ولقد أخبروني بأنهم في طريقهم إلى لندن، لكنني لم أرهم في المسابقات، كما أعلموني أن الجالية السودانية، لا السفارة، سوف تهيأ لهم المأكل والمشرب مع بعض الأسر السودانية؟ فماذا بالله يمكن أن نقول؟
ما زال الحال ياهو الحال و ما عاد احد من المسئولين الكبار بالحكومة أو بوزارة الشباب والرياضية يهمه سمعة السودان، ربما، كما قال أحدهم في بعض التعليقات: "علي اعتبار أن سمعة السودان اصلاً سيئة و(بايظة) في كل المحافل الدولية ويستحيل ارجاع الاحترام له، فتركوا الحال علي ما هو عليه (...)"، لذلك فمن الطبيعي أن تمرّ هذه الطامة والفضيحة الكبرى دون أي تحليل أو تعليل أو استنكار أو أو؛ حتى الصحف صارت تخشى مخابل النظام، لذا أبدت اكثريتها التجاهل التام لفضيحة الوفد الرياضي وللنتائج المتواضعة المخيبة للآمال التي أحرزها، وهانحنذا يا سادتي تتكرر علينا تلك الفضائح وما يزال دم فضائح الدوحة لم يجف، فلماذا بربكم لماذا ونحن نشاهد الجزر الصغيرة، كجمايكا وكوبا وحتى الدول الأفريقية المجاورة تشارك بالنساء والرجال وتسجل في كل محفل الميداليات الذهبية التي ترفع من سمعتها ومن معنويات شعوبها المغلوبة على أمرها والجارة إثيوبيا خير مثال لهذه الدول الفتيّة. فماذا نقول في بلد به ثلاثون مليون نسمة ويقدم أربعة عدائين؟