كردفان أولاً …. بقلم: جمال عنقرة
11 March, 2010
لكردفان سحر عجيب علي أهلها وساكنيها. والإنتماء إليها لا يدانيه انتماء آخر. فالذين جاءوا إلي كردفان من بقاع السودان الشتي لم يفارقوها، وسكنوا فيها سكنة دائمة وصاروا من أهلها وصارت لهم بلداً ووطناً. ومهما بعد الكردفانيون عن إقليمهم يظلون به مرتبطين. وتظل قضاياه عندهم مقدمة علي أية قضايا أخري. ومهما ناديت الكردفاني بأعز شيء عنده فإن استجابته يمكن ألا تكون مضمونة مائة في المائة مهما كانت عزة المنادي به، ولكن لو ناديته بصوت كردفان فأضمن استجابته الفورية. ولقد جربت ذلك في نفسي. فكثيرة هي النداءات التي وجهت لي للعودة لأرض الوطن بعد خروج الغضب قبل نحو ثلاثين شهراً شطر وطني الثاني مصر المؤمنة بأهل الله، لكنني لم أجدها كلها مقنعة رغم منطقية أكثرها وإغراءاتها، ولكن عندما جاءني نداء كردفان لم أتردد لحظة رغم أني لم أعد للعودة عدتها.
وكذا الحال بعد العود فالحماسة التي وجدناها عند أهلنا الكردفانيين فاقت كل تصوراتنا وتوقعاتنا. فالتف حول الدعوة لبناء وتنمية ونهضة كردفان كل أبناء كردفان بمختلف أحزابهم السياسية وميولهم الفكرية والثقافية، وانتماءاتهم القبلية. ولم يختلف في ذلك أحد ولم تحدث أحد نفسه بالقعود عن الإستجابة لهذه الدعوة الكردفانية الصادقة المجردة. فوجدنا الأمر أكبر من كل حزب وكل حركة، وأكبر منا جميعاً. فأدرنا حواراً مع مجموعة كبيرة من الفاعلين من أهل كردفان بالعاصمة القومية، وفي ولايتي كردفان الكبري، فوجدناهم جميعاً متحمسين للعطاء لتنمية ونهضة كردفان. ووجدناهم جميعاً يدعون لأن تأخذ كردفان حقها العادل في البناء والإعمار والمشاركة في كافة مناحي الحياة بما يعادل ما قدمت هذه البقعة المباركة لهذا الوطن العريض من خيرات بشرية وطبيعية. فلقد ظلت ولايات كردفان الكبري ترفد الوطن ساعة بعد ساعة بخيرة أبنائها في جميع التخصصات، وظلت تقدم أرتالاً من الموهوبين والمبدعين في كل المجالات. وظل خير أرض كردفان من زروع ونفط ومعادن، وما نما علي أرضها من بهم ودواب هو الذي يدعم خزينة السودان، ويشيل متعثرها، ويقيل عثرة عاجزها. ومع ذلك ظل حظها ضعيفاً فيما يأتيها من عطاء قومي. وظل حظ بنيها في المشاركة العامة أضعف بكثر مما يمتلكون من مؤهلات وخبرات.
وبقدرما حمل أهل كردفان الحكومات المتعاقبة علي السودان كلها وزر هذا العجز في العطاء لكردفان وأهلها، حملوا أنفسهم مثل ذلك ويزيد. ذلك بأن أكثرهم لم يعط الأم الحنون ما تستحق من عطاء. ورأوا أن يعملوا بالمثل القائل (البكاء بحرروا أسياده) وأهل كردفان هم أسياد وجعتها. فكان قرارهم الإجماعي أن يخرجوا يداً واحدة من أجل العطاء لكردفان، وقرروا أن يخرجوا لذلك زرافات ووحداناً. ثم جاء الرأي بتكوين كيان جامع لكل أبناء كردفان ليقود التنمية بما يمتلك أبناؤها من إمكانات وعلاقات تعين علي ذلك، ويدعون كل من بيده أمر أو شأن أن يعطي لكردفان وأهلها ويتعاونون في ذلك مع كل الساعين في هذا الدرب من جهات رسمية وشعبية ومنظمات محلية وإقليمية ودولية لأجل نهضة وإعمار كردفان. وكان الإقتراح الأول لذلك بناء وعاء جامع باسم (منبر كردفان للتنمية والعدالة) يقود هذا المشروع ويدعو له ويبشر به ويمد يده بيضاء لكل صاحب عطاء. وأول ما ننتظره في ذلك الأفكار والآراء والمقترحات. ومعاً من أجل كردفان شامخة وقوية.
Gamal Angara [gamalangara@hotmail.com]