كل عام وجيشنا حسن السير والسلوك (رسالة للجيل القادم من قادة الاصلاح والتغيير من ابناء وبنات القوات المسلحة)

 


 

 

م/ شريف محمد شريف علي

كل عام وجيشنا حسن السير والسلوك (رسالة للجيل القادم من قادة الاصلاح والتغيير من ابناء وبنات القوات المسلحة)

استميحكم عذرا في ان اكون صريحا في خطابي في هذا الظرف الاستثنائي واود ان تسمعوه بعقل وقلب مفتوح ثم تختاروا بين طريقي الرشد والغي وكلاهما متاح. الاول طريق يقود للتقدم والرقي والاخر يقود للتأخر والانحطاط والتسفل.

حقيقة يجب الاعتراف بها ان اي مؤرخ منصف سيتفق مع حقيقة ان الجيش ما برح يفسد علي الشعب السوداني اعياده ويجعل حالهم كماهو معلوم وغصة في حلوقهم.

نعلم ان للجيش ايجابيات ونقاط مضيئة ولكن سلبيات الجيش وبقعه السوداء طغت وتدفقت فاصبح ضرر الجيش اكثر من نفعه.

اسمحوا لي ان اقول نحن لسنا بخير مادام جيشنا ( عديم) التربية. وعديم التربية في كلامنا تعني( سئ) التربية . وسوء التربية في المؤسسات كما في الافراد يحتاج لمجهودات جبارة للتغيير والاصلاح.

وجذور هذه التربية السيئة تعود للنشأة والتكوين لان جيشنا الحالي ولد وترعرعت نواته الاولي في زمن الاستعمار وكان الغرض الاساسي من تكوينه التوسع الامبريالي قليل التكلفة وان يكون كلب حراسة تستعمله سلطة الاستعمار وتسلطه من اجل قهر وقمع واخضاع الشعوب الحرة لسلطان المستعمر ولضمان امنها. تشرب جيشنا قيم ملموسة وغير ملموسة ( خفية) بوعي او بدون وعي لازمة لحمل رسالة سلطة الاستعمار .

هكذا غابت عن جيشنا منذ فجر التكوين قيم الديمقراطية الراسخة مثل احترام كرامة الانسان واحترام حقوق الانسان واحترام حقوق المواطنة والالتزام باستقلال القضاء والفصل بين السلطات والمساءلة والشفافية واحترام سيادة القانون واحترام النظام الدستوري الديمقراطي وهكذا . غابت القيم مع انها مهمة وضرورية وتعرف بداهة في يومنا هذا فلا تحتاج لبيان او شرح. هذه القيم هي عماد الامن القومي للدول المحترمة التي تنشد التفوق والتقدم . بل ان التفريط في اي من هذه القيم يعتبر تقويض لعنصر من عناصر الامن القومي وهذا ايضا بداهة لاتحتاج لشرح او تنظير .

انظر كيف ضرب الطيران الحربي السكان الامنين في مدينة نيالا مرات ومرات ليلا باعتبارها حاضنة للدعم السريع. و نيالا هنا مثال قريب فقط وهنالك امثله كثيرة عبر تاريخ المؤسسة تكشف ضرب الطيران الحربي الاهالي في مدن مختلفة في السودان تنفيذا لاوامر ( عليا) مثل ضرب النميري للجزيرة ابا بالطيران او ضرب الاهالي في جبال النوبة او مدن الجنوب قبل الانفصال وما ضرب الطيران المؤكد والموثق لقري دارفور وحريقها بداية الالفينات ببعيد.

هكذا تهزم المؤسسة العسكرية وقواتنا المسلحة الامن القومي ممثله في عناصره الاولية وقيمه ومعانيه مثل الوحدة والمواطنة والجسد الوطني الواحد . لقد هزمنا جيشنا مدينة مدينة وشعبا شعبا ونظاما ديمقراطيا تلو نظام ديمقراطي كل وقت وحين.

وبينما يتم تعريف الجيش بمادتي احتكار القوة والالتزام بالشرعية الدستورية ماانفك جيشنا يفرخ المليشيات ويقوض الشرعيات الدستورية بيان بالعمل وتنزيلا لمعني ( سوء التربية) . وهذا وجه اخر لتقويض الامن القومي وتراكمت اثار تلك الافعال طوال عهود العسكر التي شغلت اكثر من ٥٤ عاما من عمر الدولة السودانية ما نتج عن ذلك تأخر الامة السودانية عن ركب العالم وانحطاطها بدلا عن الدفع نحو التقدم والرقي.

اما اذا تناولنا جانب اخر وهو مادة وخطابات قادة الجيش وخبراءه في الفترة من ٢٠١٩ وحتي ٢٠٢٤ ستجد العجب العجاب من الجهل و ركوب الموجة واللعب علي الحبال وخداع الجماهير باساليب مدروسة والفهلوة وغيرها مما يعكس قيم ( التربية) في داخل هذه المؤسسة. لقد استوقفتني قيمتين بغيضتين اولها الاستعلاء والطغيان والشعور بالتفوق ومن ثم مصادرة الحقوق وانتهاكها وممارسة ( الوصاية ) علي طريقة ( ليس لنا في الأميين سبيل) - انظر سلوك القيادة ابان الحكومة الانتقالية التي ترأسها حمدوك وروح الاستعلاء وانظر ايضا خطابات البرهان فتارة يصرح امرا وتارة يؤكد النقيض وثانيها قيمة تفسخ القيم الاخلاقية داخل المؤسسة حيث تم استبدال العهد (المسئول) الي العهد (المنقوض) ظلما وعلوا .

اما حادثة فض الاعتصام التي تمت بالتنسيق مع احد دول الجوار وامام القيادة العامة وتحت بصر ونظر قادة المؤسسة ورؤسائها فهي علامة فارقة لانها تعبير طاغ عن مفارقة القيادة للقيم الاخلاقية وانحيازها للاستبداد .

صفوة القول: لقد طغت في جيشنا كما بينت اعلاه قيم فضحتها سيرة وسلوك وخطابات المؤسسة العسكرية ( الجيش) اي ان السيرة والسلوك والخطابات ( الفعل والقول) للمؤسسة وقادتها تعكس قيم المؤسسة الراسخة كما بينت في الامثلة اعلاه .

يتساءل البعض عن المستقبل؟

يقول تعالي ( وان تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا امثالكم) في تقديري والله اعلم ان القادة الحاليين للمؤسسة في المستوي الاعلي قد تولوا وقضوا واختاروا طريق الندامة ولا رجعة لهم وهم اجساد تتنظر يومها او مصرعها كما ان كثير من قادة المؤسسة في المستوي الاوسط قد تشربوا التربية ( السيئة) ومخيلتهم لاتستوعب قيم الديمقراطية الا في قوالب (مؤدلجة) مادتها لجاجة وقصر نظر . في تقديري اكثر المهام الحاحا امام الاجيال في المستويات الدنيا القادمة من قادة المؤسسة في المستقبل هو تغيير هذا البرادايم واساسيات التربية والتدريب في المؤسسة وغرس قيم جديدة بعكس ما ساد في المؤسسة منذ التكوين.فهل يقبل قادة المستقبل التحدي ويسطروا سفرا جديدا يسهم في تحقيق الامن القومي ويعيد تموضع المؤسسة لتسهم في تقدم ورقي الامة السودانية؟

م/ شريف محمد شريف علي
٩/٤/٢٠٢٤

sshereef2014@gmail.com

 

آراء