كمسنجية السياسية السودانية !
د. محمد شرف الدين
12 August, 2023
12 August, 2023
معطيات :
العمل كقيمة أخلاقية لكسب الرزق بعرق الجبين فعلٌ مقدسٌ لدى شعوب الأرض كافة،وهو أيضاً نوع من العبادة في الدين الإسلامي،فكلما تعقدت الحياة وتطورت تكنلوجياً، خلقت أنواعاً جديدةً من المهن، وبنفس القدر تندثر أُخريات،وسرعان ما يحل الروبت وإنتاج الذكاء الإصطناعي محل الانسان في كثير منها، الشئ الذي أثار عواصف التوجس خيفة في بعض المؤسسات الدولية من تهديد الذكاء الإصطناعي المباشر لمستقبل الإنسان، فشرعت في قرع طبول الخطر باكراً...قبل أن يقع الفأس في الرأس كما يقول المثل...توجد في السودان مهن وحرف هامشية كثيرة قائمة على المهارات الفطرية والمكتسبة لبعض الأفراد فهى تدر عليهم دخلاً مناسباً حسب الظروف اليومية المتقلبة...،وقد ظل بعضها عصيٌ على التغيير ولا تسجيب لمتغيرات العصر ، لاسيما أن السودان محاط بدولٍ تقدمت شوطاً كبيراً ،وبلغت مرحلة باسقة في الارتقاء بالحياة إلى معايير الجودة، بينما نحن مازلنا قابعين في حُفر إحتياجات الحياة الأولية... وكأن السودان خارج مجرة التطور...ومن ضمن أشهر المهن الهامشية في بلادنا نجدها مهنة ( الكمسنجي) -أو (الطرّاح) وهو شخص تراه صباح مساء يتصبب عرقاً أو يرتعد برداً وهو ينادي الركاب إلى المركبات العامة مبيناً وجهتها صوتياً،تراه في المواقف الرئيسية أو في آخر المحطات
، فهذه المهنة ليس تعريف واضح في سلم الخدمة المدنية ،ولكن معترف بها في أطر فئوية،وعادة يمتهنها السائقون المتقاعدون أو الكماسرة العاطلون وأحيانا بعض الصبية والشباب وجزء من المعاشيين من كل حِرفة ومهنة...فهى عمل يقوم به أي إنسان ذو صوت جهور ونشط الحركة يمتاز بالجرأة (والشفتنة)، غير أن بعض الناس يستنكر عملهم هذا بأعتباره نوعاً من العطالة المحنطة،وضرب من الإستغلال خاصة حينما يمسك أحدهم بشباك الحافلة ولايتركها حتى ينتهي مجهوده ويستلم مايجود به السائق حتى لو لم يصعد راكب ... مما يتسبب في إمتعاض بعض السائقين منهم وأحياناً يتركونهم بدون مقابل بإعتبار مايقومون به إستغلال بحت لافائدة منه،وفيه إهدار لصحة والوقت تحت هجير الشمس ،المطر والبرد أحيانا ...غير أن القليل منهم يؤدي هذا العمل بتفان وإخلاص يعول من خلاله أسرته ويعلم أبناءه ،بيد أن هذه المهنة ليس لها مستقبل في ظل التقدم المتسارع في إستخدامات التكنلوجيا وتنظيم حركة النقل بطرق حديثة ستجد مكانها في بلادنا حالما تستقر الاوضاع ...وحتماً ستختفي مثل غيرها من المهن الهامشية بعدما يستهل السودان إنطلاقته نحو التطور وفق رؤية شاملة وخطط علمية مدروسة،ولن يتأتى ذلك طالما يقود تنسيق الحركة السياسية في السودان كمسنجية السياسة الذين فشلوا لأكثر من ستين عاماً في تقديم رؤية وطنية إقتصادية صناعية زراعية تعليمية خدمية لتطوير السودان في كافة المجالات،ويعمل أغلبهم في محطات السياسة برزق اليوم باليوم لافتقارهم أفق التخطيط بعيد المدى ،يكتفي أحدهم بما جناه من عطايا يومه السياسي ،سياسيونا ليس لهم مواقف مبدئية ثابتة،تجدهم في كل (المواقف ) و(المحطات)،ينادي على الجماهير حسب (الخط)،وبعضهم يتخير الخطوط الحية ذات العائد السريع الدسم... وكثيراً ما يتقلبون بين المركبات بغرض إقناع السائقين لتغيير (الخط) ومعلوم أن كل (المركبات ) مستوردة من الخارج ...! ،فالكمسنجي يجتهد في جلب الركاب ،وأحيانا يخاطر بنفسه حينما يعدو مع المركبات الخاصة ،مثلما يتقلب بعض كمسنجية السياسة بين الأحزاب والكيانات السياسة حسب حجم المغريات... يجتهد الطراحون الحقيقيون خلال مواسم الاعياد تماماً كما يفعل كمسنجية السياسية فترة الإنتخابات... يتطلعون إلى كسب قوتهم بكل سهولة بدون مؤهلات أي كانت ،فقد ظل كمسنجية السياسية السودانية يدخلون هذا المعترك مطأبطين مختلف الشهادات العليا والدنيا وبعضهم بدون شهادات،فمنهم الاطباء،والمهندسون، والقانونيون وغيرهم من أصحاب المهن الذين إما فشلوا في مجالهم أو يستصعبونه ويستسهلون خوض سوق السياسية ولا يأبهون بأي (موقف) كان ،موجودون في كل (المواقف ),ويعملون مع أي (خط) مهما كان ،فكل هذه المعطيات تؤكد بجلاء أن مستقبل السودان في محك الضياع،طالما نحن ما زلنا نظن بأن السياسي السوداني شامل وكامل وليست له (مواقف) ثابتة أو. (خط ) واضح تجاه الوطن وقيمه ومصالحه وعاداته وتقاليده ،فالسياسي الحقيقي يجب أن يكون ثابث المواقف واضح الخط،متجرد من الأهواء والانتقائية،خادم لشعبه طموح لتقديم إنجازات وطنية تترك بصماته على جبين تطور بلاده ورفعتها وإزدهارها.
msharafadin@hotmail.com
/////////////////
العمل كقيمة أخلاقية لكسب الرزق بعرق الجبين فعلٌ مقدسٌ لدى شعوب الأرض كافة،وهو أيضاً نوع من العبادة في الدين الإسلامي،فكلما تعقدت الحياة وتطورت تكنلوجياً، خلقت أنواعاً جديدةً من المهن، وبنفس القدر تندثر أُخريات،وسرعان ما يحل الروبت وإنتاج الذكاء الإصطناعي محل الانسان في كثير منها، الشئ الذي أثار عواصف التوجس خيفة في بعض المؤسسات الدولية من تهديد الذكاء الإصطناعي المباشر لمستقبل الإنسان، فشرعت في قرع طبول الخطر باكراً...قبل أن يقع الفأس في الرأس كما يقول المثل...توجد في السودان مهن وحرف هامشية كثيرة قائمة على المهارات الفطرية والمكتسبة لبعض الأفراد فهى تدر عليهم دخلاً مناسباً حسب الظروف اليومية المتقلبة...،وقد ظل بعضها عصيٌ على التغيير ولا تسجيب لمتغيرات العصر ، لاسيما أن السودان محاط بدولٍ تقدمت شوطاً كبيراً ،وبلغت مرحلة باسقة في الارتقاء بالحياة إلى معايير الجودة، بينما نحن مازلنا قابعين في حُفر إحتياجات الحياة الأولية... وكأن السودان خارج مجرة التطور...ومن ضمن أشهر المهن الهامشية في بلادنا نجدها مهنة ( الكمسنجي) -أو (الطرّاح) وهو شخص تراه صباح مساء يتصبب عرقاً أو يرتعد برداً وهو ينادي الركاب إلى المركبات العامة مبيناً وجهتها صوتياً،تراه في المواقف الرئيسية أو في آخر المحطات
، فهذه المهنة ليس تعريف واضح في سلم الخدمة المدنية ،ولكن معترف بها في أطر فئوية،وعادة يمتهنها السائقون المتقاعدون أو الكماسرة العاطلون وأحيانا بعض الصبية والشباب وجزء من المعاشيين من كل حِرفة ومهنة...فهى عمل يقوم به أي إنسان ذو صوت جهور ونشط الحركة يمتاز بالجرأة (والشفتنة)، غير أن بعض الناس يستنكر عملهم هذا بأعتباره نوعاً من العطالة المحنطة،وضرب من الإستغلال خاصة حينما يمسك أحدهم بشباك الحافلة ولايتركها حتى ينتهي مجهوده ويستلم مايجود به السائق حتى لو لم يصعد راكب ... مما يتسبب في إمتعاض بعض السائقين منهم وأحياناً يتركونهم بدون مقابل بإعتبار مايقومون به إستغلال بحت لافائدة منه،وفيه إهدار لصحة والوقت تحت هجير الشمس ،المطر والبرد أحيانا ...غير أن القليل منهم يؤدي هذا العمل بتفان وإخلاص يعول من خلاله أسرته ويعلم أبناءه ،بيد أن هذه المهنة ليس لها مستقبل في ظل التقدم المتسارع في إستخدامات التكنلوجيا وتنظيم حركة النقل بطرق حديثة ستجد مكانها في بلادنا حالما تستقر الاوضاع ...وحتماً ستختفي مثل غيرها من المهن الهامشية بعدما يستهل السودان إنطلاقته نحو التطور وفق رؤية شاملة وخطط علمية مدروسة،ولن يتأتى ذلك طالما يقود تنسيق الحركة السياسية في السودان كمسنجية السياسة الذين فشلوا لأكثر من ستين عاماً في تقديم رؤية وطنية إقتصادية صناعية زراعية تعليمية خدمية لتطوير السودان في كافة المجالات،ويعمل أغلبهم في محطات السياسة برزق اليوم باليوم لافتقارهم أفق التخطيط بعيد المدى ،يكتفي أحدهم بما جناه من عطايا يومه السياسي ،سياسيونا ليس لهم مواقف مبدئية ثابتة،تجدهم في كل (المواقف ) و(المحطات)،ينادي على الجماهير حسب (الخط)،وبعضهم يتخير الخطوط الحية ذات العائد السريع الدسم... وكثيراً ما يتقلبون بين المركبات بغرض إقناع السائقين لتغيير (الخط) ومعلوم أن كل (المركبات ) مستوردة من الخارج ...! ،فالكمسنجي يجتهد في جلب الركاب ،وأحيانا يخاطر بنفسه حينما يعدو مع المركبات الخاصة ،مثلما يتقلب بعض كمسنجية السياسة بين الأحزاب والكيانات السياسة حسب حجم المغريات... يجتهد الطراحون الحقيقيون خلال مواسم الاعياد تماماً كما يفعل كمسنجية السياسية فترة الإنتخابات... يتطلعون إلى كسب قوتهم بكل سهولة بدون مؤهلات أي كانت ،فقد ظل كمسنجية السياسية السودانية يدخلون هذا المعترك مطأبطين مختلف الشهادات العليا والدنيا وبعضهم بدون شهادات،فمنهم الاطباء،والمهندسون، والقانونيون وغيرهم من أصحاب المهن الذين إما فشلوا في مجالهم أو يستصعبونه ويستسهلون خوض سوق السياسية ولا يأبهون بأي (موقف) كان ،موجودون في كل (المواقف ),ويعملون مع أي (خط) مهما كان ،فكل هذه المعطيات تؤكد بجلاء أن مستقبل السودان في محك الضياع،طالما نحن ما زلنا نظن بأن السياسي السوداني شامل وكامل وليست له (مواقف) ثابتة أو. (خط ) واضح تجاه الوطن وقيمه ومصالحه وعاداته وتقاليده ،فالسياسي الحقيقي يجب أن يكون ثابث المواقف واضح الخط،متجرد من الأهواء والانتقائية،خادم لشعبه طموح لتقديم إنجازات وطنية تترك بصماته على جبين تطور بلاده ورفعتها وإزدهارها.
msharafadin@hotmail.com
/////////////////