كهرباء السد … بقلم: د. حسن بشير محمد نور – الخرطوم
7 February, 2009
hassanbashier141@hotmail.com
عندما يقال السد معرفا هذه الايام فان المقصود في السودان هو سد مروي ، ذلك ان كل السدود من قبله كانت تعرف ( بالخزان). مع الدوران التجريبي لتوربينين من توربينات السد العشرة استبشر السودانيون خيرا بان يكون لديهم اخيرا استقرارا في الامداد الكهربائي و باسعار في متناول كل من يفترض ان يصل اليه ذلك الامداد في القطاعات السكانية و الانتاجية و الخدمية. اكثر ما يعاني منه الاقتصاد السوداني هو ارتفاع تكاليف الانتاج التي أضرت بالإنتاجية و التنافسية و اضرت بالمستوي المعيشي و كبحت دوران عمليات التنمية. و اهم اسباب زيادة تكاليف الانتاج هي السياسة الاقتصادية في السودان و بالتحديد الادق السياسة المالية التي تثقل كاهن المواطن بكثرة الرسوم و ارتفاع العبء الضريبي قياسا علي الطاقة الضريبية المتاحة اضافة لاختلال اولويات الانفاق و انصرافها في ثقلها المرجح عن التنمية الاقتصادية و الاجتماعية اضافة لطبيعة الحكم الفيدرالي و الحروب و تضخم الجهاز الاداري للدولة لدرجة وصلت بالبعض الي القول بان المسئولين الدستوريين في السودان اصبحوا اكثر من الموظفين.
وسط تلك الصورة يأتي دخول سد مروي الي الانتاج ب 250 ميغاواط ابتدأ من 10 مارس القادم ، و اذا اختصرنا أهميته في الاهداف الاساسية له فقط المتمثلة في توليد الطاقة الكهربائية بطاقة كلية تبلغ 1250 ميغاواط فان ذلك الانتاج اذا احسن توظيفه في الاقتصاد فسيؤدي الي نتائج بالغة الايجابية. سيؤثر الامداد الكهربائي باسعار رخيصة - خاصة مع ادراك ان التوليد المائي هو الارخص – فان الآثار ستكون واضحة من حيث تخفيض تكاليف الانتاج و زيادة الانتاجية و حفز المنتجين لزيادة انتاجهم و توسيع فرص الاستثمار خاصة بادخال التكنولوجيا الحديثة في الزراعة . بزيادة الانتاج و ارتفاع الانتاجية ستزيد الدخول و ستوجد فرص جديدة للعمل مما يوسع قاعدة الاستهلاك و مع ارتفاع الدخول ستزداد القدرة الادخارية. سيزيد كل ذلك من الايرادات الحكومية من الضرائب المباشرة و غير المباشرة كما يزيد من الرسوم الخدمية المرتبطة بمنافع مباشرة ملموسة. بهذا الشكل سيتم تعويض تكلفة السد عبر الانتاج و توسيع الفرص امام الصادرات السودانية خاصة في قطاعات الانتاج الحقيقي التي اظهرت اهميتها بشكل جلي الازمة المالية العالمية.
اما اذا حاولت الحكومة التعامل بعقلية تجارة القطاعي و بيع كهرباء السد باسعار تجارية مرتفعة كما هو حال الشائعات التي تستقبل الدفعة الاولي من انتاج السد فان ذلك هو الطامة الكبري بعينها. ان الفكر التنموي يحتاج الي عقليات مبدعة و خلاقة و لا يحتمل ضيق الافق و الكسب السريع ، لان الربح السريع هو حال المرابين و صائدي الجوائز و واحدا من اسباب الازمة المالية التي تطحن العالم اليوم. اما الفكر التنموي فيتوافق مع الاستثمار طويل الاجل و المثابر. نتمني ان تفي الهيئة القومية للكهرباء بوعودها التي اطلقتها سابقا بان اسعار الكهرباء ستنخفض و ان تدحض الشائعات و ان تستقبل تحية السد باحسن منها.