لا إحتفاء (بالمُتأخِّرين) ..! بقلم: هيثم الفضل

 


 

هيثم الفضل
28 September, 2022

 

صحيفة الجريدة
سفينة بَوْح -
(نعم ولوعلي أنفسنا نقولها للشعب السوداني : لقد فشلنا كحركات كفاح مسلحه ومكوِّن عسكري وقوي الحرية والتغيير جناح الميثاق من بعد 25 أكتوبر ، وعلي الجميع تدارك الفشل السياسي والأمني والإقتصادي المُريع ، ووجودنا داخل السلطة كان من أجل النهوض بالوطن سياسياً واقتصادياً وأمنياً ، فإذا لم يتحقَّق ذلك فلا مُبرِّر لوجودنا داخل سُلطة معزولة فاشلة وسلام جوبا ليس مُنزل ، ومطالب الثورة أعلي من سلام جوبا ومن ظن غير ذلك فليتحسَّس السقوط مثل غيره).
ما سبق تصريح إنتشر في السويعات الماضية عبر فيسوبوك وتويتر وهو منسوب للقائد الطاهر حجر رئيس تجمع قوى تحرير السودان المنضوي تحت لواء الجبهة الثورية ، وبالرغم من أن ما ورد بين طيَّاته من حقائق معلومة بالضرورة (للذين لم يهتز إيمانهم بثورة ديسمبر المجيدة ولو لوهلة) ، إلا أن الخوض في (تامُّل) محتواه يمثِّل بالنسبة لي (عِبرةً) لمن لم يعتبِر في باب (مصير) الذين يصارعون المستحيل ويقاومون بالأوهام إرادة الشعب الحُرة ومسيرته المُقدسة نحو التحوُّل الديموقراطي.
كُنا نتوقَّع أن رجلاً بقامة الطاهر حجر ستكفيه خبرة السنوات العديدة في ملاحم النضال الوطني ضد شمولية الإنقاذ الفاسدة على مستوى وعيه السياسي العام ، وكذلك على مستوى إلمامه بخصوصية المرحلة التي تمرُ بها البلاد الآن ، ليخوض ملاحم المواقف (المُشرِّفة) بعد الثورة ، ولكنهُ إتخذ موقفهُ (المُناصر) لإنقلاب 25 أكتوبر المشئوم الذي أعلن قائدهُ (الحرب) على الديموقراطية ، ثم وضع كل ما يمكن تدبيرهُ من مُعيقات تحول دون تقدُّم مسيرة التحوُّل الديموقراطي ، كيف فات على ذوي الخبرة والتجارب الواسعة من أمثال الطاهر حجر أن إنقلاباً يواجه شعبهُ بالرصاص ويقف ضده الإتحاد الإفريقي ، ويخاصمهُ المجتمع الدولي ، وتحاربهُ الولايات المتحده بعزله سياسياً وإقتصادياً وتكنولوجياً ، مصيرهُ لا محالة الفشل ، ومصير البلاد والعباد تحت إمرته ِ بالتأكيد لن يكون سوى الوبال ؟ ! ، هل كان يعتقد حجر أن إنقلاب البرهان هو عصاة موسى التي سيقوم عليها نماء وإستقرار وسلام السودان ؟!.
هناك خيطٌ رفيع بين (فضيحة) القفز من المركب الغارقة ، وبين (فضيلة) الركون إلى مبدأ الرجوع إلى الحق فضيلة ، فبعض الاخطاء يسميها المتطرِّفون في الخصومة (أخطاءٌ قاتلة) ، خصوصاً إذا كان موضوعها عظيماً كخيانة الوطن والأمة والعهود ، فلا حصانة بإسم الرجوع إلى الحق إذا ترتَبَّت على أقوالكم وأفعالكم (حقوق) و(مظالم) و(خسائر) وطنية فادحة ، فمّنْ يملك العفو فيها أو إقرار إنطواء صفحاتها بعد أن أصبح لكل سوداني فيها (حقوق) تبدأ بالأرواح وتنتهي بكل أنواع الضرر الجسدي والمادي والمعنوي التي عانى منها معظم شُرفاء الثورة الذين ما زالوا يقاومون بأسكم عُزَّلاً في قارعة الطريق كل يوم.
الغريب في الأمر أن البعض إحتفى بتصريح الطاهر حجر ، ومنهم من ردَّد مقولة (أن تأتي مُتأخِّراً خيراً من أن لا تأتي) ، لكني ألفت الإنتباه إلى أن هذه المقولة كانت وما زالت ترفع من شأن (التنصُّل والتأخير والتسويف) في مُجمل تفاصيل حياتنا بما فيها الوقائع السياسية ، وهي أيضاً دعوة داعمة للتلكوء في أداء الواجب من قولٍ وعمل ، وذات المقولة ليست سوى مدخل لمبدأ (عفا الله عن ما سلف) ، والذي أعتبره من أهم الأسباب والعوامل التي أودت بمصالح البلاد والعباد على مدى تاريخنا السياسي المعاصر ، هذه دعوة للمحاسبة وأن يتحمَّل كل شخص مهما علا شأنهُ تبعات أخطاءهُ ومواقفهُ وما جنت يداه.

haythamalfadl@gmail.com
////////////////////////////

 

آراء