لا اتفاق مع وجود هذا الثلاثي المجرم

 


 

د. زاهد زيد
27 November, 2022

 

التنظيم الإجرامي ذو السبعين لونا من ألوان الكذب والفجور لا يعجزه شيء عن التلون والتشكَل على حسب ما تقتضي مصالحهم . ذلك عندهم منهج وطريقة ، لا تهمهم المبادئ ولا تحكمهم الضوابط ، فهم في ركاب المصلحة أينما كانت . دون حياء ولا خجل .
هذا ليس اكتشافا جديدا ، ولا وصفا اكتسبه الإخوان المتأسلمون بعد الثورة السودانية ، التي كل ما فعلته أن عرتهم تماما من شجرة التوت التي كانوا يتغطون بها .
وكما هو متوقع خرج علينا المدعي ، صاحب الفتوة بقتل ثلثي الأمة ، المدعو بالدكتور عبد الحي يوسف ، صنيعة وانتاج بني كوز ليضلل الناس من جديد ، ويتمسح بالديمقراطية ، والشورى ، وأن هذا من لب الإسلام وتعاليمه .
جلس هذا المتلون أمام شاشات التلفزيون ونقلته وسائل التواصل الاجتماعي ليقول لنا آخر ما وصلت إليه عبقريته من أنه لا ينبغي للعسكر أن يحكموا ، وأن مكانهم الثكنات ومهامهم هي الدفاع عن البلد والناس _ لاحظ اختفت مفردة الدفاع عن الدين والجهاد _ وأن أمر الناس هو شورى وديمقراطية .
ما قاله عبد الحى هو اللون الجديد و التحول الذي مهد له الكيزان من قبل ، وهو الدعوة للانتخابات مبكرا ، ظنا منهم وتوهما أن ما بيدهم من سلطة لازالوا في صدارتها وأموال نهبوها سيكسبون الانتخابات ويستعيدون ما فقدوه ليستمروا في نهب البلد والعبث بمقدراتها كما كانوا يفعلون طوال ثلاثين عاما من سنوات حكمهم المظلم .
ينسي او يتناسي هؤلاء ، اسباب ثورة الناس ضدهم وانهم اجبروا على ترك الحكم اجبارا وليس طوعا ولا زهدا فيه .
ولو صدقوا مع انفسهم ليفكروا قليلا لادركوا ان ما قاموا به من مؤامرات ومغامرات هو ما ادخل البلاد في كل الازمات التي تلت سقوطهم ، ليثبتوا للناس أن ما قاموا به من مظاهرات واحتجاجات خطأ وأنه لابديل لهم ، وأن لن يحكم البلد سواهم .
خططوا لافشال الفترة الانتقالية بكل ما لديهم من مكر وجداع وكذب ، ومارسوا أسوأ أنواع الخساسة و الدناءة ضد حكومة ما بعد سقوطهم ولم يتورعوا والى اليوم في قتل المتظاهرين السلميين وليس مجزرة القيادة ببعيدة .
لم يكتفوا بالفساد لثلاثين عاما بل اضافوا اليها رجسا ونجاسة وخساسة امتدت الى يومنا هذا وكل ذلك ليمهدوا لأنفسهم للعودة المتوهمة .

هذا الطريق الاجرامي الذي بدأ بالتعاون مع اللجنة الأمنية للمخلوع بقيادة البرهان وحميدتي لن يقود إلا لمزيد من الاجرام في حق هذا البلد وشعبه .
البرهان الذي يطمع في خلافة البشير ، حاول مرارا وتكرارا ولايزال أن يلعب أدوارا مختلفة والظهور بمظهر الحريص على مصالح الناس ، وأنه هو القائد الفذ الذي سيصلح ما أفسده غيره وغيره هؤلاء هم قوى الثورة ، يريد أن يركب على ظهر الثورة ليقود البلد ، وفي كل مرة يكون الفشل مصيره ، لانه لا يثق في أحد ولا أحد يثق فيه ، فكل الذين حوله لا يرون فيه ما يراه في نفسه ، والكيزان على وجه الخصوص هم لا يرون فيه إلا أن الظروف دفعت به لما هو فيه بقوة دفع الثورة التي جعلته يتقدم الصفوف ، فقد كان هو آخر من كانوا يتوقعون أن يصل لما وصل إليه بعد أن أبعدت قيادات لجنتهم الأمنية .
أما حميدتي فلم يكن في الحسبان ، ولم يكن يشكل لهم هما ، لأنه صنيعتهم وكان البشير مطمئنا إلى أنه ولو غدر به الجميع أو ضحوا به فلن يفعلها الرجل الذي جاء به من الضهاري ، ليضعه قربه ويكون عصاه لوقت الضيق ، ولكن الرجل له طموحاته التي هي أكبر من أن يكون عصا ، وطمع كغيره في الحكم ، ما دام الأمر أصبح سداح مداح كما يقولون .
الشيء الوحيد والعامل المشترك بين كل هؤلاء هو رغبتهم في الكرسي ، الكيزان و البرهان وحميدتي ، جميعهم كانت أعينهم على الاستيلاء على السلطة ، بكثير من الغدر والخيانة و العمالة وكان خصمهم الأول هو الشباب الثائر في الطرقات .
هؤلاء الشباب لم تلوثهم السلطة ولم يستطع أحد أن يشتري نضالهم صحيح أن بعض المرضى وذوي العاهات ممن برزوا في أيام الاعتصام فجأة تغيرت حالتهم وتم شراؤهم ولكن الغالبية الكاسحة من الشباب ظلت وفيه لمبادئها .
ولم تتراجع الثورة ولم تتغير شعارات الشباب ، وظلوا برغم القتل والقمع المفرط يملأون الشوارع ضد كل خائن وعميل ويرفضون مجرد الجلوس مع المجرمين .
سواء تم الاتفاق مع بقايا اللجنة الامنية او لم يتم فذلك لن يكون نهاية المطاف ، لن يقبل الشارع أي اتفاق لا يحاسب القتلة ، ولا يبعد الجيش وخاصة اللجنة الأمنية من المشهد .
أكبر ضمانة لنجاح الثورة هو محاسبة المجرمين و عدم السماح بعودة الثلاثي إلى الصدارة مرة أخرى ، يجب أن يذهب البرهان ويحاسب ويجب أن يذهب حميدتي وتحل مليشياته ، ويجب محو كل أثر لحكم الكيزان .
وأن يحاسب كل هؤلاء أمام قضاء نزيه وعادل بما ارتكبوه من جرائم في حق هذا البلد ، ولا يخاف المحاسبة إلا المجرمون .
لن يستقيم الظل والعود أعوج ، هكذا تعلمنا ، ومادامت اللجنة الأمنية ضمن المشهد وعلى رأسها البرهان ، وما دام هناك حميدتي ومليشياته ، ومادام هناك قبضة كيزانية تكتم أنفاس الدولة فلا طريق لإنهاء الأزمة ، ولا مخرج للبلد من مصائبه .
والشباب يعلم هذا ويدرك أن الطريق شاق وصعب ، وأن الأمور لازالت كما هي ، وأن كبيرهم البرهان لا يوثق بكلامه ولا يؤخذ بوعوده ، وها هو في لقاء مع العسكر يقول بالحرف أنه مستعد لتكرار انقلابه متى ما راى أن الامور لا تسير وفق هواه ، هذا التصريح وحده كاف لنسف كل جهود الاتفاق ، ولو عقلها المتفاوضون لانسحبوا فورا وانضموا للشوارع التي لا تخون .

zahidzaidd@hotmail.com

 

آراء