لا شرقية ولا غربية .. النأي بالنفس

 


 

 


كلام الناس

 

*عندما راهنت على عودة الرئيس اللبناني سعد الحريري إلى وطنه لم أكن اعتمد على حسابات الصراعات الفوقية المؤججة وإنما إعتمدت على الطبيعة العقلانية التي حفظت تماسك النسيج الجمتعي في لبنان.

*صحيح إن الأوضاع في لبنان لم تستقر بعد لكن الذي يطمئن هو وجود شبه إجماع وسط كل مكونات المجتمع اللبناني بمختلف إنتاماءاتهم وتوجهاتهم على أهمية الإستقرار، إضافة لتجاوب الحريري مع دغوة رئيس جمهورية لبنان ميشال عون التريث في تقديم الإستقالة لإعطاء فرصة لسياسة النأي بالنفس عن الصراعات والحروب.
*لذلك لن أمل الدعوة إلى النأي ببلادنا المنكوبة بالنزاعات والحروب الفوقية المدفوعة بخبث لتأجيج الفتن المجتمعية تحت مختلف الرايات والمبررات معززة من الحكومات القابضة على السلطة دون إعتبار لمصالح المواطنين واوضاعهم المتدهورة.
*لن أتناول هنا الربكة السياسية التي أحدثتها زيارة الرئيس البشير إلى روسيا فقد كتبت حولها الكثير من التعليقات والإجتهادات التي دارت جلها حول أثرها على المحاور والتحالفات الخارجية للسودان، دون أدنى إهتمام باثارها الماثلة على أوضاع المواطنين المتأزمة.
*بغض النظر عن مواقف المعارضة السياسية والعسكرية، خاصة الأحزاب والكيانات التي لحقت بركب الإنقاذ متعلقة ب"فتاقيت" ما تبقى من كيكة السلطة والثروة، لابد من تصويب الإهتمام بالمواطنين المغلوب على أمرهم وهم يتطلعون إلى غد أفضل بعيداً عن كل هذا الغبار السياسي.
*لا أحتاج لتذكير القراء الأعزاء إلى أنني كتبت مبكراً محذراً من مغبة الدخول في التحالفات والعواصف التي أدخلت السودان في حروب لا ناقه له فيها ولا جمل، دفع فيها الإنسان السوداني ثمناً غالياً في حروب غيره .. إضافة للإختناقات السياسية والإقتصادية والامنية الناجمة من إستمرار التوترات والنزاعات الداخلية.
*عادت بي ذاكرتي للهتاف العبقري الذي إستلهمه شعب السودان إبان ثورته الشعبية في أكتوبر1964م"لاشرقية ولاغربية .. سودانية ميه الميه" في إشارة ملهمة مبكرة إلى ضرورة النأي بالنفس في السودان.
*تظل سياسة النأي بالنفس - دون إنكفاء سلبي - مدخلنا لتحقيق الحل السياسي الشامل العادل في السودان وفي كل البلاد المنكوبة بالفتن والحروب المحمولة جواً، وذلك يستلزم إحداث إختراق إيجابي ملموس على أرض الوقع يحقق تطلعات المواطنين للخروج من عنق الإختناقات السياسية والإقتصادية والأمنية إلى رحاب السلام والديمقراطية والعدالة والحياة الحرة الكريمة.

 

آراء