لا للإتجار بالدين! . . بقلم: د. محمد بدوي مصطفى
mohamed@badawi.de
مولانا باصق ديما!
تداولت مواقع التواصل الاجتماعي وبكثافة ڤيديو ولايفات الثوّار وهم يحاصرون الشيخ الذي انقطع نَفَسَه من الخوف حتى طار بناظريه في الآفاق البعيدة باحثا عن الأمن لنفسه بيد أنّه حرّمه على غيره من بني آدم. هذا الشيخ حاز، من بين بني الشيوخ، على الرقم القياسيّ في البصق والتُّفاف التي تُخَوِّلُ له من دخول موسوعة غينيس للأرقام القياسيّة من أوسع أبوابها. فلابد أنكم عرفتموه؟! حقيقة مولانا ممثل بارع ودراميّ محنك، امتهن حرفة القذف ونشر الكراهيّة بين الناس لكنه احتمى الأمس في باحات المنطقة الصناعة بالشرطة. انتهج في منبره المكتظ بالزُّوار أن يدنس كرامة الشرفاء ويزلّ نبل العقلاء ويجاهر بمحارم الأوفياء ببذاءة القول فضلا عن التفّاف والبصق، لذا أسماه الناس مولانا الباصق ديما (على وزن الصائم ديما). مولانا محمد مصطفى عبد القادر ظاهرة فريدة في نوعها في عالم الإنقاذ وبكل ما تحمل هذه الكلمة من مقاييس. من خلال تحليل نفسيته يتراءى أنه مريض بداء الكراهيّة ومدمن لمرض البغضاء. لم أر من بين مئات الفيديوهات التي ينشرها في موقعه إلا تلك التي تَبُثُّ الكراهية وتبعث الحقد وتنشر الفتنة بين الناس وهو يحسب أنه يُحسنُ صُنعا. لذلك عقد الثوار بالأمس العزم أن يلقنوه درسا لن ينساه طيلة حياته، إذ قنصوا له بالقرب من دكان حينما كان يتسوق ومن ثمّة حاصروه. ومن حسن حظ مولانا يا سادتي أن حمته الشرطة من إعصار هؤلاء – الذين سماهم شماسة وأطلق عليهم لفظ صعاليك الشيوعيين.
الزموا الجحور عندما يشتد الوطيس
ومن المفارقات أن نراه خائفا مندسا في جحر وبعدها آخذا طريقه إلى السيّارة التي أمنّها له رجال الجيش والشرطة. دخل إليها وقل تبدّت عليه علامات الخوف والزعر من جرّاء زئير الأسود التي طوقته فكانت بردا وسلاما عليه. ولولا سلميّة الثورة لأكلته تلك الأُسود شرّ أكلة، لكن ثورتنا سلميّة، نعم، سلميّة تسقط بلا سلاح، وعتادها سلاح العقل والحكمة.
على أيّة حال تجمع الثوار في تلك البقعة بكثافة وأطلقوا العنان لغضبهم الذي تراكم السنين الطوال بسبب خُلقِ مولانا باصق ديما ومن على شاكلته من الشيوخ بائعيّ بضاعة الحقد والكراهيّة في أسواق التكفير والرّدّة التي تعجّ بها مُدُنِنا وضواحيها. أليس من حقّهم أن يغضبوا هذا الغضب العارم؟! أليس من حقّهم أن تملأ صيحاتهم وهتافاتهم وصراخهم وأصداءها الأفق؟! وفي خضمّ هذا الطوفان ظهر أحد الثوّار وهو يشقّ طريقه في الزحام مناديا: يا شباب افسحوا الطريق، افسحوا الطريق! أنا في بث لايف ومن ثمّة صارخا بأعلى صوته محاولا دفع الناس من أمامه، شير يا شباب دا كوز قبضوهه في المنطقة الصناعيّة، الناس تَشَيّر وتشوف إنحنا الصعاليق بنعمل شنو. دا كوز ... مندسي جوّه. أنحنا ما صعاليق، وما دايرين تجّار الدين. نهاية الفيديو.
(قوم يا شماسي شوف ليك شغل، يا ملحد يا مرتد!)
من المدهش يا سادتي أنّ انتشار ذلكم الفيديو يتزامن ونفس اليوم الذي نُشر به مقالي (امنعوا الخطاب التكفيريّ في المساجد!). سبحان الله ولحكمة ما، فقد سمع الرحمن جلّ وعلا صراخات البشر من أولادنا ودعاء بناتنا تجاه تجّار الدين وأمنياتهم في أن يُعزلوا من المشهد السياسي والاجتماعي تماما. إن ردّة الفعل هذه طبيعيّة؛ إذ ساقت الثوار تلك النعوت القبيحة والمزرية التي أطلقها بائعيّ الدين عليهم وعلى كل الأشراف. لقد قذفهم مولانا باصق ديما، المدعو عبد القادر، بأقذع الألفاظ (يا وسخ، يا معفن، تُفِي عليك، يا شماسي، يا زنديق، يا مرتد، يا ملحد) ولم يكتف مولانا بكل هذه النعوت بل زاد الصاع صاعين عندما وصفهم بشرذمة تنتمي للحزب الشيوعيّ باصقا على شرفهم.
التجريم باسم الدين
إن مشكلة بلدنا يا سادتي ليست مع اليساريين ولم يكن هؤلاء قد شكّلوا في يوم من الأيام معضلة أو احتباسا. لكن مشكلتنا مع الذين كسدت بضاعتهم وهم يعتقدون أنهم أحسنوا صنعا وما زالوا يحسنون. بصريح القول، المشكلة مع تجّار الدين والأفاكين المنافقين، الذين ربّوا الدقون وأطلقوا اللحى وصارت هي زيهم الرسميّ. وللأسف إن الاعتقاد السائد للأمة والمنعكس هو أنّ اللحيّة رمز للوقار وأن تلك الزبية التي نشأت من حكّ أبسطة المساجد من علامات الصلاح والتقوى. تعلمنا الحكم على البشر بالمظاهر، ألم نعي أن الآية التي تقول سيماهم في وجوههم من أثر السجود، تعني أن جباههم يوم القيامة يشع منها نور من أثر السجود. مع التركيز على (يوم القيامة – ليس الآن يا سادتي). لكن هذه اللعبة قد نفذت صلاحيتها الآن وقبل حول وخريف كما تنفذ صلاحيّة المعلبات الفاسدة. فلا رجعة إلى التباس المفاهيم ولا رجعة إلى ذُلٍّ ذاقه الشعب طوال الثلاثين سنة الماضية. فقد وعينا الدرس وجاري تطبيق الوصفة كما ينبغي!
مليونيّة د. عبد الحيّ لنصرة الشريعة
ماذا يعني أن ينادي عبد الحيّ يوسف بمليونيّة نصر الشريعة؟ هذا الرجل الذي تنعّم بالخيرات في عهد الإنقاذ وكان من شيوخ البشير المقرّبين، ومعروف عنه أنه يمتلك أكثر من عشر فضائيات. لماذا قصد أن يحشد تظاهرة مليونيّة لنصرة الشريعة، كما يدعي؟ لقد وصلتنا أخبار من جهات موثوق بها أنه تحت المجهر وسوف يقوم المعنيون بفحص ممتلكاته وأمواله في القريب العاجل: يمهل ولا يهمل! فصبرا آل ياسر ... لكن السؤال الذي يطرح نفسه أو بالأحرى الأسئلة، لأنها عديدة ولن تنتهي: أين كان هذا الرجل طوال الثلاثين سنة الماضية؟ لماذا لم يخرج لنصرة أهله في عهد الإنقاذ الفاسد عندما سُجنوا، وقُتلوا وسُرقت أموال الدولة أي أموالهم؟ لماذا لم ينصح أولي الأمر من أهل السلطان بأن يتخلّوا عن فسقهم وفجورهم وانتهاكهم حرمات البلد؟ ألم يرَ بأمِّ عينيه الفساد والمفسدين من بينهم؟ لماذا لم ينتفض؟ لماذا لم يثُر؟ ألا يستحي أن يأتي بعد مرور ثلاثين عاما لينادي بنصرة الإسلام، بعد أن سخّر له البشير خير المنابر وأجمل المساجد وأفخم الڤلل التي وُهِب إيّاها ليسكن إليها؟
هويّة السِّلم ورخصة الإمامة
إنني أناشد من هذا المنبر السيد رئيس المجلس العسكري البرهان ونائبه حميدتي أن يصلحا حال المساجد وأن يوصدا الأبواب من دون تجّار الدين ومن دون أولئك الذين يبثّون الكراهيّة والبغضاء بين أبناء الأمّة الواحدة وفي صفوف أحفاد الوطن الواحد. لذا فينبغي أن تقنن قضايا الإمامة في المساجد وأن ترجأ لمصلحة الشؤون الدينيّة والأوقاف حتى تضع لها المساطر واللوائح القويمة لتصحيح المسار. ففي هذا الشأن يجب على المرشح أو الطالب الذي يريد إمامة الناس، أن يكون مؤهلا أكاديميا أولا، ثمّ أخلاقيا ثانيا، وأن يعرف عنه حسن النيّة والسراط المستقيم ثالثا، حتى يتمكن من الحصول على هويّة السلم ورخصة الإمامة لممارسة المهنة، كما هي الحال في دول فهمت التجربة ووعت الدرس، كالمغرب وتركيا، حتى تنقشع هذه السحابة السوداء عن سماء الوطن.
نداء التيارات الإسلاميّة والتفافها حول الثورة
ثلاثون سنة مضت من حكم جائر، ظالم وبغيض لم يشهده تاريخ السودان من قبل ولا زالت تيارات إسلاميّة عديدة تنادي بحشد الحشود لمسيرة إسلامهم هم ورفع شأن شريعتهم هم، بيد أنهم أنفسهم الذين شاركوا في حكم المشير عمر البشير كل هذه السنوات التي انعدم فيها التعامل بالدين، اللهم إلا في الهتافات الراقصة تحت أنغام الموسيقى الصاخبة. كنت في حديث مع أحد الأصدقاء، عُرفَ أنه "كوز كبير" عمّا حدث بصالة قرطبة. احتدّ النقاش بيننا لدرجة لم نعهدها نحن في سنيّ تعاملنا بعضنا البعض. فكانت أوّل مرّة أتجابد وإيّاه أطراف الحديث في قضايا الدين، وعن موضوع اخفاق كل التيارات الإسلاميّة الذريع في تولي الحكم. لم يع البتة ما أردت أن أوصله إليه من رسائل. فبادرني بغضبه قائلا: ما حدث في صالة قرطبة لا يُشبِهنا ولا تربيتنا! نحن تربينا على احترام الكبير. والكبير مثل الأب، ما بترفع عينك عليه، ناهيك عن رميه بحجر. حزنت شديد على ما حصل وعلى الثورة اللي كنا منتظرنها. وأنا ما أظنك عارف أني ضد السلفيين وأنصار السّنة.(نهاية النقل)
الكيزان ضحية الثورة؟!
ومن ثمّة مرسلا رسالة تتضمن الآتي: مرفوض ما تعرض له دكتور عوض الله حسن المراقب العام للإخوان المسلمين ومرافقيه في أرض الاعتصام يوم الجمعة الماضية. مرفوض ما تعرض له ذو النون على مسرح الاعتصام ليلة وصوله أرض السودان. مرفوض ما تعرض له حزب المؤتمر الشعبي (نهاية النقل). نعم، أقولها لا للعنف بأي شكل من أشكاله فثورتنا تبقى، حتى تحقق أهدافها، سلميّة ودون جدال، لكن هذا المكتوب أعلاه لا يحتاج مني إلى تعقيب، وأقول ما قاله الشاعر: لقد أسمعت لو ناديت حيـًا ولكن لا حياة لمـن تنادي، ولو نارٌ نفخت بها أضاءت ولكن أنت تنفخ في الرماد.
أتعجب أن صديقي لم يذكر في سياق حديثنا ولو لمرّة أنه يحزن ولو لمرّة واحدة، لما فعله الكيزان والإخوان المسلمين بنا في أرض البلد الطاهرة طيلة الحقبة المنصرمة وفي غصون حقب أخرى – على سبيل المثال في آواخر حكم نميري حينما طبقت الشريعة على الفقراء والمساكين ونكل بهم شرّ تنكيل. إن خطورة الموقف تكمن في أن هؤلاء يعتقدون الآن اعتقادا راسخا أنهم هم كبش الفداء وأنهم ضحية الثورة. أمالكم كيف تحكمون؟!
لا إكراه في الدين
علينا أن نُفصّل القول في هذا المقال بين الاسلام كديانة سماوية لها كل القداسة وبين الإسلاميين الذين هم في نهاية الأمر مجرد بشر ليسوا معصومين من الخطأ. والآن بانت للعالم سوأتهم في عهد الإنقاذ بعد أن فضحوا أنفسهم بأفعال لم نحسب أن تكون بهذه الجسامة وبأمور وصلت إلى حدّ الفظاعة. حسبهم يكدسون المليارات في المكاتب والمجالس والمنازل والشعب يبحث عن خبزة يسدّ بها الرمق! فحتى لو رجعوا بإنقاذهم مرّة وثانية وثالثة فهم قد أثبتوا لنا وبجدارة أنهم لا يصلحون لإدارة شؤون البلد. شاهدوا المظهر العام لهم في كل دول العالم، هل نجحوا في ارساء السلام والمحبة والرخاء في بلد أيّا كانت؟ شوفوا العراق، أفغانستان، سوريا، فلسطين، إيران، اليمن، السعوديّة، البحرين أليس فيها من عبر؟
تجارب الحكم الدينيّ الثيوقراطيّ
يجب علينا في هذا السياق أن نُذكّر بتجارب الحكم الدينيّ الثيوقراطيّ في كل مراحلها. إذ أنها لم تحقق لشعوبها ومواطنيها إلا الكوارث والنكبات. وخطر تأطير الدين في الدولة يظهر في تعامل الحكومات الدينية مع شعوبها انطلاقا من مبادئ احتكار الرأي الصائب وامتلاك الحقوق الإلهية المقدسة الملزمة للجميع بالطاعة المطلقة وبالولاء الخارق للعادة وإلا أصبحوا من الضالين، أو من أولئك الذين يستمعون القول ولا يتبعون أحسنه، إن كان الحكم خفيفا، وإن كان ثقيلا فإنه قد يرقى إلى درجة التهميش ثم التكفير أو الردّة ثم الاستئصال الجذري وفي هذا الشأن، فإن الأحداث - لا التاريخ - تعيد نفسها، ذلك منذ عهد الحلاج وحتى الحقب التاريخية المعاصرة. الجدير بالذكر أن خطورة هذه التدخل المُعنّف للدين في إطار الدولة لا ينحصر على ديانة دون أخرى ولا تنفرد به أيديولوجية دون نظيرتها. فالتاريخ يقف شاهدا على العديد من "شطحات" السلطان بل قل البطش السلطانويّ منذ القرون الوسطى لحكومات حاولت سدى الربط التعسفي بين الدولة والدين في إطار واحد. لن تنسى الإنسانية المذابح الفظيعة خلال الحكم الديني المسيحي في أوروبا وعهد الركونكستا (التفتيش) التي وما آلت إليه مجتمعاتها من انحطاط واظلام في شتى مجالات الحياة سيما في الأندلس المفقود لقد استمرت هذه الفوضى حتى جاء عصر التنوير وفصل الدولة عن الكنيسة.
القرضاوي: حان الآن زمن الإسلاميين!
ذكر الشيخ القرضاوي، الحائز على الجنسيّة القطريّة، في غير مقال الآتي قائلا: أننا الآن في زمن الإسلاميين (نهاية الاقتباس). لكن العالم كله يعيش مرحلة الليبرالية والديموقراطية وليس الثيوقراطية. ونحن لا ننكر أن الدول المسماة دول العالم الثالث أو الدول المتخلفة، هي معظمها من الدول الإسلامية، والتي تعيش عالة وعبء على الحضارة العلمانية اللبرالية في شتى وسائل الحياة. فبالنظر إلى حال العالم العربي منذ حرب الخليج وإلى الآن فنحن نجد أن حكوماتنا تلجأ في حل مشاكلها إلى أنظمة ليبرالية مسيحية، إذ لا توجد دولة اسلامية واحدة تمتلك العتاد الفكريّ، العسكري أو القوة السياسية والاقتصادية التي تعطيها حقّ الطموح لتعلِيم العالم أو قيادة الدنيا. والعكس هو الصحيح فموجة تقليد العالم العلماني المسيحيّ أو الغربيّ قد بلغت أوجها في زماننا هذا سيما في دول شبه الجزيرة العربية ودول الخليج؛ فالتقنيات، الأنظمة السياسية، الجامعات، المتاحف، وحتى الفكر أصبح مستوردا من أوروبا وأمريكا. نراهم بنوا العمارات الشاهقة لكنهم نسوا بناء الإنسان، مصدر الفكر والتحضر، نسوه فصار في حسابتهم نسيا منسيا، فضاعت عليهم عقود من الزمان ضاعفت الفجوة بين العالم الغربي والإسلامي والتي صارت في وقتنا هذا عميقة ويمكن أن تقاس حتى بمئات السنين الضوئية وذلك في كل المجالات: العلم، الحضارة وحقوق الإنسان.
الأندلس المفقود
لا أعني هاهنا رفض ما جاء من الغرب من تقنيات وأدوات تساعد في ترسيخ قواعد الرقيّ والتقدم لكني أقصد أننا في سبات السلحفاء الشتويّ العميق الذي استمر ولا زلا دهورا. إننا يا سادتي لا نبتكر، أقصد أننا ميّتون فكريّا، ولا ننتج حتى إبره، وقد كانت الحال في دولة الأندلس مختلفة تماما. كان الأمن والسلام والطمأنينة يسود في تلك الدولة، فاستطاعت هذه الأخيرة أن تحفظ الحريّات مما مهّد لها الطريق في أن ترقى إلى أعلى درجات العلم والمعرف وإلى أسمى غايات حقوق الأفراد والإنسانيّة حتى صار يُضرب بها المثل الأعلى في التعايش السلميّ والرقيّ الحضاري.
الانحطاط الفكريّ للدول الاسلاميّة
يجب علينا هنا أن نقف وقفة صادقة مع أنفسنا فيما آل إليه حال الأمة العربية والإسلامية من انحطاط في كل المجالات. بل ينبغي علينا أن نحدد مفهوم الاجتهاد في الفكر الإسلامي وكيفية الانتقال منه - بل وضرورة هذا الانتقال كما ذكر المفكر محمد أركون - إلى مرحلة نقد العقل الإسلامي ولا نقصد هنا التجربة الروحية للإسلام فهي تجربة عظمية بدون أدني شك. إن فكرة الصحوة الإسلامية المعاصرة والمنتشرة في كل أرجاء الوطن العربي تتلخص في انتشار التدين والتصوف وتعميم مبادئ الالتزام الديني بين الشباب. هذه صفات حسنه، يفتقد إليها عالم الغرب، إذ أنها تدعم العلاقة بين المخلوق وخالقه وبين العبد وربه ولكنها نائية وبعيدة في مضامينها عن عوامل القوة المادية التي يجسدها التقدم العلمي الحضاري ويلخصها الفكر الليبرالي بكل ما يتيحه من حرية للجميع بصرف النظر عن الدين أو الجنس أو العرق. فهذا نداء للأمّة إلى ربط التقوى بالعمل كما هو صريح في الدين الحنيف: الدين المعاملة، أي العمل، الاجتهاد والمثابرة. ومن أراد اللؤلؤ خاض ومن رنا إلى النجاح سهر الليالي. فأعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله.
نشر بصحيفة أخبار اليوم في يوم الأربعاء الموافق 1 مايو 2019