الحكمة تفرض علينا أن نخترق الركود المظلم والتوجُّه مباشرة نحو آفاق الحل، أقترح التالي:
أن يلتزم المجلس العسكري باتفاقاته السابقة مع قوى الحرية والتغيير. أن تسمِّي قوى الحرية والتغيير قائمة الجهاز التنفيذي كاملة (رئيس الوزراء وبقية الوزراء)، ويلتزم المجلس العسكري باعتمادها كاملة. يُعاد النظر في المجلس التشريعي “البرلمان” وفق الرؤية التالية: المجلس التشريعي يُعَدُّ السلطة الأكثر تأثيرًا في مستقبل السودان بحكم تخصصه في صناعة القوانين (فهو السوفت وير الذي يتحكم في ماكينة البلاد).. ومن الحكمة أن يكون قوامه خبراء في مختلف التخصصات بدلا عن المحاصصة الحزبية. أقترح أن يتشكَّل البرلمان من (100) عضو فقط يمثِّلون في الغالب قطاعات مهنية وليست سياسية، مثلا:
عشرة نواب لكل من: القانونيين، المغتربين، المهنيين، الدبلوماسيين، القوات النظامية، رجال وسيدات الأعمال، الاقتصاديين وأساتذة الجامعات بجانب عشرين عضوا يمثلون التيارات السياسية.
ولأن البرلمان غير منتخب، فيتفق الجميع على تجنُّب الخوض في القضايا الحساسة مثلا: لا يجب إطلاقا مناقشة هيكلة المؤسسات النظامية ولا القرارات المتصلة بتفاصيل أعمالها ونشاطاتها وترك ذلك لهذه المؤسسات.
ويستمر الحوار بين الطرفين في تكوين المجلس السيادي، وبما أن نائب رئيس المجلس العسكري الفريق أول محمد حمدان دقلو “حميدتي”، قال أمس أنهم موافقون على تبادل التنازلات، تتنازل قوى الحرية والتغيير في البرلمان مقابل تنازل العسكري في المجلس السيادي، فإن تعديل محاصصة البرلمان لتكون قطاعية بدلا من سياسية تُعتَبر تنازلا كبيرا من قوى الحرية والتغيير بما يتوجَّب معه تنازل المجلس العسكري عن الغالبية في المجلس السيادي.
في تقديري أن الأزمة تطاولت بما يضع البلاد في مهب الريح العاصفة، ومن الحكمة رفع شأن المصلحة القومية فوق الحسابات الأخرى.
ولو استمر الوضع على حاله المخزي الراهن، فإن لحظة الانهيار لن تنتظر قرارا من أحد، مثل صخرة عظيمة تهوي من قمة الجبل، دون أن تدفعها للسقوط يدُ.
الحكم والإدارة هما مجرد أدوات في صناعة المستقبل الزاهر، فإذا غرقت البلاد في شبر ماء، الخلاف حولهما لن يحقِّق أمل الشعب في وطن كريم مزدهر.
بالله عليكم اطْوُوا هذه الصفحة، فالعمل المطلوب كبير وكثير، وما ضاع من الوقت لا يفوقه ثمنًا إلا أرواح الشهداء الذين وهبوها ثمنًا لمستقبل كريم.