لجان الأحياء .. لجان الأحياء .. لاستمرار الثورة!

 


 

 

 

لجان الأحياء هي القاعدة الجماهيرية والحاضنة الشعبية والواجهة التعبوية والخدمية.. ولا يمكن أن نترك الثورة ونمضي إلى بيوتنا وكان شيئاً لم يكن.. ثم نكثر الحديث عن الوزارات والدستور والبرلمان والوزراء وماذا فعلوا وماذا تركوا.. وأين اخطأوا وأصابوا...هذا إذا كان الأمر أمر ثورة، وحقوق جماهير، وإصلاح بلد ومجتمع.. وحياة كريمة..!

لا بد من نشأة لجان الأحياء الآن الآن الآن.. فهي الجهة التي تقوم بخدمة الناس في كل حي على مختلف الأصعدة والاحتياجات؛ نظافة الأحياء إصحاح البيئة ومراقبة الأسعار ومواصفات المواد الغذائية والخبز، والتشجير وتحسين بيئة الحي ومحو أمية كبار السن ومن فاتهم قطار التعليم ورعاية الطلاب وصيانة المدارس ومتابعة أدائها والأشراف على ميادين الحي وساحاته وجعلها بؤرة أسرية معافاة ورعاية مُبدعي الحي وتفقد أحوال الناس وإشاعة قيم والتكافل وإنشاء التعاونيات وتنشيط الحياة الاجتماعية والثقافية، وتقديم الأفكار والمقترحات لترقية الحياة، وربط الناس بمفاهيم الثورة حتى تبقى الشعلة متقدة حيّة والثورة حاضرة في الأذهان والوجدان.. وحتى متى دعا الداعي وصلت الرسائل بسرعة البرق إلى لجنة الحي فلا يزيد التلاقي عن لمحة ثواني مع بقية الأحياء والمدن والقرى والمواقع السكانية.. ثم كافة الوطن..!
هذا ويجب أن يمتد ذات الأمر إلى القرى والفرقان والمضارب و(المراحيل) والظعائن.. حتى لا نترك خلفنا أي مواطن؛ فاختلاف نظام السكن ونمط الحياة وسبل كسب العيش لا تمنع التلاقي الوطني، ولكن ستكون الأولويات مختلفة بين متطلبات ومطالب ساكني المدن والمناطق الطرفية والبيئات الزراعية والرعوية.. فقد تكون الحاجة في بعض المناطق إلى مناقشة حقوق المزارعين وإدارة المياه أو تنظيم الرعي أو مراقبة سلامة الأسمدة أو توفير المدخلات أو المحطات البيطرية أو مراجعة الرسوم وتسعيرة المحاصيل..الخ أما من حيث تكوين لجان الأحياء فإنها يمكن أن تضم مختلف مشارب ومهن ساكني الحي بالانتخاب أو التراضي المُعافى ؛ فقد يكون فيها (صاحب الكارو) والطبيب والعامل والمدرس وصاحب الكنتين..الخ على أن يكون عنصر المرأة في الصدارة.. (ليس من باب التحبُّب والدَحْلسة) ولكن لأن المرأة كانت بحق إيقونة الثورة و(جوهر صدر محافلها) وهذه حقيقة رآها كل صاحب عينين وكل أرمد أو أعشى.. بل كانت مثار دهشة العالم..ألم نقل إن ثورتنا هذه مثلها مثل عبقرية شعراؤنا الأذكياء الموّلهين بالجمال.. الذين قالوا: (بدر الحُسن فاق.. القبلو ووراهو/ بين أجيالو حايز حُسن الكون براهو).. ؟!
هذه اللجان هي الحاضنة الشعبية والهيئات القاعدية الثورية والخدمية التي قد تلتقي إذا اقرها الناس بالمستويات القاعدية الأخرى في المدينة والمحافظة والولاية أو الإقليم (لشد ما أفسدت الإنقاذ مصطلح "الولاية والوالي" حتى أصبح من المُستكرهات) ولجان الأحياء هي هيئات شعبية خدمية ثورية (عابرة للأحزاب والأيدلوجيات)؛ ولكنها على النقيض من لجان الإنقاذ الشعبية (سيئة الذكر) التي تشكّلت من المتبطلين فاقدي التأهيل..واللصوص الخرّاصين الجواسيس عديمي الضمير والمروءة.. من رميم الناس و(عواطلية الحي) و(سواقط التربية) الذين يراقبون الأحرار ويحصون أنفاسهم ويبلّغون عن أهلهم وذويهم بالكذب والدناءة ومن غير زلّة غير أنهم من انتماءات سياسية تُعارض الإنقاذ القميئة التي ذهب ريحها وانفض سامرها بإذن الله ..!
إنها لجان الثورة لتأمين الأحياء ودحر الثورة المضادة وتحجيم (مناديب) الدولة العميقة الفاسدة والموازية.. فلا اقل من أن نضرب الأمثلة لإفهام من لم يفهم بعد، بأنها لجان لخدمة الناس وترقية الحياة ونشر القيم الفاضلة وثقافة التعاون وحماية حقوق المواطنين والمستهلكين ومنع الغش ومطاردة (السلع والممارسات المضروبة) والتحدث باسم الحي في خدمات الدولة من ماء وكهرباء ونفايات ومجاري خريف..الخ وتأمين الحي من لصوص الليل و(حرامية النهار) والمتغوّلين على الأراضي والميادين.. و(نطاطي الحيط)..!
إن النقلة الوطنية العملاقة التي أحدثها شباب الثورة فحيّرت الدنيا وقلبت الموازين؛ تمثل في جوهرها رصيداً هائلاً لاجتراح المبادرات العظيمة والأفكار الجريئة التي تماثل عظمة هذا الانتصار الهائل بتضحياته الغالية.. ويجب ألا يتبدد هذا الرصيد النفيس، بل ينبغي استثماره حصاده الثمين في تطوير الواقع السوداني.. وما أشرنا إليه أعلاه حول تكوين لجان الأحياء على وجه السرعة كان مما تداولته بالأمس مجموعة في بقعة خارج الوطن، مع العلم بأن هذا المُقترح لا بد أن يكون قد جرى تداوله داخل السودان أو خارجه.. وربما الشروع في تطبيقه؛ إلا إننا أردنا التأكيد على أهميته القصوى وإلحاحه العاجل من أجل استمرارية الثورة، ومن أجل جني ثمار غرسها الطيب في التغيير.. من أجل رفاه المواطنين وسلامة الوطن وإعلاء شأنه.. وحتى نؤكد لأنفسنا وللعالمين أن ثورتنا ثورة حقيقة شاملة ومتقدة وبناءة..وليست مجرد هبّة عابرة لإزالة رؤوس الإنقاذ وهياكلها الفاسدة.. والله المُستعان...!

murtadamore@yahoo.com

 

آراء