أعلم بأن العالم مشغول ونحن أيضاً بتداعيات خطر إنتشار فايروس كورونا في كل بلاد العالم إلا من رحم ربي، ونحمده إذ جعل نسبة إنتشار الفايروس في السودان ضئيلة مقارنة بنسبة إنتشاره في العالم.
لذلك لا أميل للترويج للأخبار المحبطة دون أن أقلل من أهمية الحذر والإلتزام بالموجهات الصحية على الصعيدين المجتمعي والخاص، كما لاينبغي ان يشغلنا الخوف من إنتشار الفايروس من القيام بواجباتنا تجاه الوطن والمواطنين. دون مبالغة في التقدير أرى أن الحكومة الإنتقالية - رغم بطء خطواتها في تنفيذ أهدافها وبرامجها السياسية والإقتصادية والعدلية والأمنية - قد شرعت في اتخاذ خطوات طيبة امل أن تطبق عملياً خاصة فيما يتعلق ببرنامج الإسعاف الإقتصادي والحراك الإيجابي الرسمي والشعبي لمكافحة خطر إنتشار فايروس كورونا. على الصعيد السياسي أرى شجراً يتحرك ينذر بالخطر جراء الهجوم المنظم على الأحزاب التي ارتبطت بالطائفية وتعميم الأحكام على رموزها دون تفريق بين الفاعل والمؤثر وبين الخامل القاعد الذي أسهم في زعزغة أوضاع حزبه. هذا لايعني سد الطريق أمام النقد البناء الهادف للإصلاح السياسي في كل الأحزب بما في ذلك الأحزاب التي تدعي التقدمية واللبرالية رغم أن داء عبادة الأفراد قد أصابها هي ذاتها. لذلك لابد من إستمرار الحراك السياسي بكل مكوناته الحزبية والنقابية والمجتمعية، ليس فقط لحماية ثورة ديسمبر الشعبية التي تكالبت ضدها قوى الظلام والغدر وكراهية الاخر إنما لبناء سودان الغد على قواعد متينة من المؤسسات الحزبية والنقابية والمجتمعية الأخرى. هذا يقودنا إلى ملف السلام وأكرر الدعوة لكل الحركات المسلحة خاصة تلك التي استعصمت بالخارج للإسراع بالعودة للسودان والعمل مع الحكومة الإنتقالية وسط مواطنيهم لاستكمال إستحقاقات السلام. لذلك أيضاً لابد لابد من إستعجال تشكيل المجلس التشريعي وإعادة هيكلة كل القوات النظامية لتأمين إستقلاليتها ومهنيتها بعيداً عن السياسة والحكم وأحلام التسلط والقهر، واستعجال إنفاذ خطوات الإصلاح القانوني والعدلي ومحاربة الفساد والمفسدين وسد الطريق أمام أي محاولة للردة السياسية. إن المرحلة الحالية بكل ما يحيط بها من تحديات ومخاطر ومهددات تتطلب أكثر تكثيف الجهود الرسمية والشعبية للإنتقال إلى مرحلة بناء سودان السلام والديمقراطية والعدالة والكرامة الإنسانية لكل المواطنين..