لماذا اختار الشعب التونسي رئيسه؟
27 October, 2009
من الصعب علي شخص غير ملم بالوضع الداخلي لدولة ما ان يحكم علي حدث كبير فيها مثل انتخاب رئيس الجمهورية. لكن استمرار الرئيس التونسي زين العابدين بن علي كل هذه الفترة يسترعي الانتباه. طبعا ليس غريبا ان يبقي رئيس في دولة عربية عشرات السنين في منصبه ، فتلك من طبائع الأشياء في الدول العربية و غيرها من دول العالم الثالث . لكن تونس لديها خصوصيتها فهي بلد تمتاز بوعي اجتماعي جيد و باستنارة مميزة كما ان المستوي التعليمي و المعيشي فيها يعتبر متقدم علي الكثير من دول العالم الثالث بما فيها ، و يا للغرابة دول الخليج العربي. هنا يمكن الاعتقاد بان استمرار الرئيس التونسي في موقعه دون ان تكون هناك إضطرابات اجتماعية عنيفة ، بالرغم من المشاكل الخاصة بالحريات العامة و حقوق الانسان ، يستند في جزء مهم منه علي الأداء الاقتصادي في تونس الخضراء النضرة التي تمتاز بجمال و سحر خاص يجعل كل من يزورها يقع في حبها.
مما يسترعي الانتباه في الشأن أعلاه هو التصنيف الذي جاء بالتقرير السنوي لمنتدي دافوس الاقتصادي حول التنافسية الاقتصادية . وضع ذلك التصنيف تونس في المرتبة الاولي علي مستوي القارة الافريقية ، كما احتلت المركز الرابع عربيا و ال 36 عالميا ، مقارنة بالاربعين للعام الماضي ، من مجموع 134 دوله ( راجع في تقرير التنافسية ، The" "Global Competitiveness Index 2009–2010 rankings and 2008–2009 comparisons ) . بني ذلك التقرير علي عدد من المعايير الاقتصادية من اهمها : المؤسسات و البنية التحتية ، إستقرار الاقتصاد الكلي ، الصحة و التعليم الابتدائي و العالي ، درجة تقنية الاسواق المالية ، المهارات التكنولوجية و حجم الاسواق و مناخ الاعمال ( بيئة الاعمال ) و التجديد. تلك هي المعايير التي علي اساسها تم تصنيف تونس في تلك المراكز المتقدمة في مجالها الإقليمي.
للمقارنة يمكن النظر الي الدول التي تقدمت عليها تونس وفقا لمنهجية القياس المتبعة من منتدي دافوس لتقييم مكانة تونس الاقليمية و الدولية. تقدمت تونس علي دولة مثل البحرين التي احتلت المركز 37 عالميا ، و البحرين تحتل مواقع متقدمة في تقارير التنمية البشرية علي سبيل المثال. كما تقدمت تونس علي سلطنة عمان 38 و الاردن 48 و المغرب 73 ، بينما جاءت مصر 81 و الجزائر 99 اما السودان فلم يصنف.. الأهم من ذلك هو تفوق تونس علي دول مثل البرتغال 43 ، ايطاليا 49 و اليونان في المركز 61 عالميا.
السجل التونسي اكثر تقدما ، حسب المنتدي الاقتصادي العالمي من ما ذكرنا فقد تم تصنيفها علي مستوي المؤسسات في المركز 22 عالميا ، اما في مجال التصرف في الاموال العامة فقد جاءت بالمرتبة الثانية ( عجبا ) ، كما احتلت الموقع 14 من حيث (مناخ الثقة في أصحاب القرار) و المركز 15 من حيث شفافية القرارات الحكومية و اخيرا جاءت ال 27 علي العالم في الصحة و التعليم و ال 30 من حيث نجاعة سوق الخدمات، ( انظر www.moheet.com).
ذلك التصنيف يدعو للعجب ، كونه صادر عن دولة افريقية تتهم بسوء سجلها في حقوق الانسان و الحريات ، مع انها دولة ذات شفافية و ثقة في القرارات الحكومية و بوضع متقدم مؤسسيا و ممتاز من حيث التصرف في المال العام و تحتل موقعا مشرفا من حيث الاهتمام بالتعليم و الصحة و الخدمات. اسمحوا لي ان اقول لكم انني شخصيا أجد العذر للشعب التونسي اذا انتخب فعلا رئيسه بتلك النسبة الكبيرة ، لان اختياره يكون مبررا علي الأقل من حيث الوضع الاقتصادي في البلاد ، و المعاناة من مشكلة الحريات و الديمقراطية مع انجازات اقتصادية خير من العيش في ظل ديكتاتوريات بدون انجاز ، و العافية درجات ، ذلك دون الخوض في قسمة الثروة و العدالة الاجتماعية.
Dr.Hassan.
hassan bashier [hassanbashier141@hotmail.com]