لماذا هذه المسيرات المليونية..؟!!

 


 

 

لا نريد سماع أي نغمة تقلل من قيمة وجدوى هذه المواكب المتواصلة التي تطالب بالحرية والمدنية وتلك الهمسات غير الرشيدة التي تقول ما هي نتيجتها..؟! ناتجها وجدواها لو تعلمون هو الركيزة الأبقى للثورة والدليل الأوفى والميزان الأرجح والترياق الأنجع والبرهان الأسمى على حيوية هذا الشعب العظيم..!! بل هي السبيل الأوحد لبقاء ها الكيان الجليل الذي يُسمى السودان على ظهر الدنيا وحمايته من شرور العابثين واللصوص والقتلة الذين يريدون إطفاء الأنوار..! وهي الطريق الأقصر للنأي بالوطن عن مهاوي الفناء والضلال..إنها المدماك الأرسخ لمنافحة الشر والدكتاتورية والجهالات التي يريد الانقلاب والإنقاذيين والاخونجية فرضها على هذا الوطن الأبي الكريم..!
إن استمرار هذه المواكب الباسلة هو الذي يجعل كل من يريد شراً بالسودان أن ينمكش على إعقابه؛ سواء كان من الطامعين المحليين أو من (طرور بعض الحركات) أو عصابات الانقلاب آو فلول الإنقاذ أو كان من الإرهابيين من أنصار داعش والقاعدة أو من جماعات النهب واللصوصية الذين لا يهمهم من الوطن غير سرقة أصوله ومرافقه وثرواته ودلالتها في سوق الحرامية الدولي والمحلي..كما إن هذه المواكب هي الأمصال الواقية من الفيروسات الأجنبية الوافدة من الإقليم أو من العالم البعيد والمافيا الدولية ..!
إن استمرار هذه المواكب والاحتجاجات السلمية هو دليل سريان العافية في جسد الوطن..إنها مصدر الإلهام الفريد لأيفاعنا وأطفالنا القادمين على الطريق..وهي شهادة الميلاد الحقيقية للسودان الجديد والوعي الجديد الذي يريد من يمسح النعاس عن الجفون ويشعل الحيوية في أذيال التقاعس الذي قعد بنا طوال عقود وعقود..خاصة في أيام جهالات الانقلابات العسكرية..وأيضاً القصور الذي ران علينا خلال العهود الديمقراطية..ولا ننكر أن فترات الديمقراطية كانت قصيرة متقطّعة ولكننا لم نستطع أن نرسى خلالها خاصة في الفترة التي أعقبت الاستقلال القواعد التي يلزمها بناء الدولة الحديثة القائمة على العمل والإنتاج والتخطيط العلمي..والفطنة للتعددية الباهية والإيفاء بحقوق الريف وعدالة قسمة الثروة...!!
ألا ترى إنه ولأول مرة في تاريخ السودان تستجيب كل رقعة في السودان لنداء الحرية والمدنية والعدالة في إيقاع واحد تجاوباً مع ( بندول الثورة) في توقيت واحد بل في ساعة واحدة..فيستجيب لها النساء والرجال والشباب والأطفال في كل قرية ومدينة وفي كل مرحال وظعينة..!
لا تقل إلى ماذا أفضت هذه المواكب المليونية والاحتجاجات السلمية التي عمت القرى والحضر..؟! هل تريد الآثار القريبة لعظمة هذه الاحتجاجات وجدواها التي جعلت الانقلاب يرتجف فلا يصدر من متحدثه الرسمي غير الهلع والهذيان بقوله أن ما يدور على الحدود مع إثيوبيا هو جزء من (حراك داخلي)..! وهو يقصد مواكب الثلاثين من يونيو ولا يستطيع أن يسميها...!! ألا ترى الرجفة التي جعلت الانقلاب كلما وقع توتّر مع الجارة إثيوبيا إلا وجعل من (حبته قبة) حتى يصرف النظر عن الاحتجاجات الشعبية التي ملأت الآفاق..!! ألا ترى أن هذه المواكب السلمية الهادرة هي التي استبقها (رجل الانقلاب الثاني) بالرحيل إلى مناطق دارفور (في إجازة مفتوحة)...!!
ومن أين تجد الثورة اعتبارها في مقاعد المفاوضات وفي أرض الواقع وفي أنظار وقرارات المجتمع الدولي والإقليمي إذا لم تكن هذه المواكب المليونية المتدافعة والمتواصلة هي السند والبوصلة لقراءة إحداث السودان..!! لا لا لا لا نريد من أي فرد من أنصار الثورة إن يشكك في جدوى هذه المليونيات السلمية الهادرة..أتركوا هذا للانقلاب وللإنقاذيين..فهذا التخذيل العاطل لن يرتد إلا إلي جماعاتهم المذعورة من هبة الشعب ومن هذا الإصرار العنيد على إكمال مسيرة الحرية والمدنية.. ما أشجى الشاعر صلاح عبد الصبور وهو يقول:
الزمن الآتي بالنجمين الوضاءين على كفيه: الحرية والعدل..!
الزمن الكاسر للذلة والظلم كما تنكسر زجاجة سِم
الزمن المُطلق للأنسام لتحمل حبات الخصب السحرية..!!
الخزي والهزيمة والسجم والرماد لهذا الانقلاب الأرعن.. والمجد للشهداء..!!

murtadamore@yahoo.com
//////////////////////////

 

 

آراء