لمن يود أن يعرف الإجابة .. لماذا نجح الإخوان في السودان وفشلوا في مصر ؟؟؟

 


 

سارة عيسى
19 July, 2013

 





صديق مصري سألني : لماذا سقط الإخوان في مصر في أقل من عام بينما نجح نظراؤهم في حكم السودان لأكثر من ربع قرن ؟؟ وهذا السؤال يظل منطقياً بحكم أن مصر تُعتبر دولة المنبع لفكر الإخوان ، وعمر التنظيم هناك مدته ثمانيه عقود ، وغير ذلك يمتلك التنظيم الذخيرة الفكرية والتنظير السياسي ، ولكن سقوط تنظيم الإخوان المسلمين في حكم مصر وبهذه السرعة والكيفية يجعلنا نعمل مقارنة سريعة بين تجربتهم في مصر والسودان ، فأوجه الإختلاف عديدة بين التجربتين ، ويأتي من اولها أن الدولة المصرية عميقة ومتجذرة  في التاريخ على العكس من السودان والذي حتى كتابة هذه السطور تنقصه مفهومي الدولة والمواطنة ، والدليل على ذلك أنه وبعد خمسة عقود من خروج المستعمر البريطاني أكتشفنا أن الجنوب لا يتبع للدولة السودانية ، وهذا ينطبق على دارفور وجبال النوبة وشرق السودان  في المستقبل ، اما المفارقة الثانية أن البشير في 89 عندما نفذ إنقلابه نفى علاقاته بالجبهة الإسلامية القومية  ، بل أنه وضع الترابي في السجن حتى يبعد  عنه الشكوك ، وثم  أغلب الضباط الذين نفذوا الإنقلاب  في عام 89 لم يكونوا من الجبهة الإسلامية القومية ، لذلك إنطلت هذه الخدعة على الجميع  وصدق الناس مقولة أن ضباط وطنيين هرعوا لإنقاذ الشعب من الفوضى والفساد ، وهناك مفارقة أخرى ،  وهي أن نظام الحكم  في السودان من الناحية الأمنية يُعتبر هشاً مقارنة بمصر ، فالشخص الذي يستولى على كل من كبري أمدرمان والنيل الأزرق والإذاعة السودانية والقيادة العامة يستطيع أن يحكم السودان ،  وذلك عكس  مصر والتي تملك أجهزة أمنية متعددة  واحياناً تعمل بشكل شبه مستقل ، كما أن قيادة الجيش المصري مقسمة بشكل هرمي  يصعب من خلالها تنفيذ الإنقلابات ، وهناك مفارقة أخرى  وهي أن المجتمع المدني في مصر غير التقليدي في السودان ، مصر بها شعراء وأدباء وفنانين وصحفيين ورموز إعلامية مبدعة نجحت في إقصاء الإخوان المسلمين وكشفت عورتهم في فترة وجيزة ، هذا بالإضافة لتطور حركة التواصل الإجتماعي بين الشباب  في مصر والتي لعبت دوراً  كبيراً في حسم الصراع مع الإخوان ، وهذا لا يمنعنا من القول إن إخوان السودان حكموا السودان عن طريق حمامات الدم وقطع الأعناق ، فمقتل الستة عشر جندياً  مصرياً في معبر رفح  كان الشرارة الأولى ، وعلى الرغم من ضبابية هذه المجزرة إلا أن المسؤولية وقعت على تنظيم الإخوان المسلمين وساعدت في كشف إزدواجيتهم بين السلطة والتنظيم ، وفي السودان أعدم الإخوان 28 جنرالاً في الجيش ولم يحاسبهم أحد  ، ولا حتى المؤسسة العسكرية وقفت ضد هذه المجزرة ، فنجاح  حكم الإخوان في السودان هو قابليتهم للتكيف مع الظروف الدولية  وتركهم للشعارات مثل الشريعة الإسلامية وعودة الخلافة ، وقد  قبلوا بفصل الجنوب والسماح للقوات الدولية بالقدوم للسودان وإستبدالهم عقيدة التنظيم بعقيدة القبيلة ،  فكل هذه التنازلات مقابل الإحتفاظ بسدة الحكم ، وقد ساعدهم في الحكم   تلاشي الطبقة الوسطى وضعف مؤسسات المجتمع المدني و تفشي الجهل والأمية ، فكل هذه الظروف جعلت إخوان السودان يحكمون حتى اليوم .
sara issa [sara_issa_1@yahoo.com]

 

آراء