لِمَ لَم تُدَبّج البيانات لمناصرة ميثاق سُلطَة الشّعب ! 

 


 

 

لَم يَبقَ لَنَا أن نَكْتُب إلّا للتاريخ. ليسَ من بابِ تبرِئةِ ساحَتِنا فالثَوراتُ ، رغمِ ما يُصَاحِبُها من تَضحيات ، تُجْهَض عندَما يَعتَلي قيادَتِها مَن ليسوا بِحَجمِ المسؤوليه والّذين هُم ليسوا بأصحابِ هَمٍّ تجاه الوَطَن.

 

عارضنا بكل ما نملك من قوه ومُرُوّه إستصحاب لجنة البشير الأمنيّه في ما بَعد الثوره ثم وبعد أن جُعِلَ الإستِصحاب أمراً واقعاً ، رغم تَفَوُّق الشارع حينَها. عارَضُنا تَرْك وزارة الداخليه للمكوّن العسكري ثُم قامت قحت نفسها ، التي تؤيّدها البيانات الآن ، بجعل هذا الأمر واقعاً دفَع ثمنهُ المواطن والوطن وما زال الدَفْعُ مستمراً.

من الواضح البيِّن أن القوات النظاميّه الخارِجَه من أتون الإنقاذ ( لن) يمكِن إصلاحها بنَفس القيادات القادِمَه مَعَها مِن نفس بؤرَة الإنقاذ. ولذلك كان السبب الرئيس في فشل سنوات الإنتقال وما بَعْدَها هو الفَشَل الأمني الذي لازَم الفتره المَعنيّه لا لشيئٍ سوى سلوك المدنيين الذينَ تَولّوا أمر الوَطَن.

 

( في يناير للعام ٢٠٢٣ )مصادر الشرق قالت عن مصادر عسكريه :

" أن الاجتماع أوصى بأن يكون الجيش مسؤولاً عن إصلاح الأجهزه الأمنيّه والعسكريه. "

" أكدت المصادر ذاتها أن هيئة قيادة الجيش اوصت بتكليف جهاز المخابرات العامّه و ( الشرطه ) بإعداد وتقديم رؤاهُم بشأن إصلاح المنظومه الأمنيّه والعسكريّه ".

" في السياق قال متحدث قوى الحريه والتغيير المركزي لوسائل اعلاميه محليه ان التوصيات المتعلقه بهيكلة الأجهزه النظاميه والقوات المسلحه ستكون ملزمه للعسكر. .."

يأتي الإتفاق الإطاري كخطأٍ ثانٍ ، وقع الحافر ، بعد اربع سنواتٍ من تَوْأمِهِ الإتفاق الأول وكلنا يعلم ما ترتب على الأول. قلنا مراراً انّهُ لا توجد علاقه تربط ما بين الجيش والشرطه وما بَين الجيش والأمن الداخلي فمجال عمل كلٌّ منهُما ، في الحالَتين ، يختلف عن الآخر وأنّ بينهما بُعدَ المشرِقين. الشرطه ليست قوه عسكريه فهي ( قوه مدنيه نظاميه ) تدريبها ليس قتالياً وإنما وُجدت لتعمل وسط المدنيين فلا صفه للجيش ليكونَ مسؤولًا عنها هذا أوّلاً. ثُمّ أنّ إيكال أمرها ( طواعيةً ) لقادة اللجنه الأمنيّه والدعم السريع هو الذي ادّى لأن تحتفظ هذه القوه بشكلها الانقاذي الصرف وأدّى أيضاً لإستِماتَتِها في حماية الأنقلاب ونحن على بعد سنواتٍ أربع من ثورةٍ دُفِعَ فيها الكثير. يبقى السؤال عن دافِع المُصالحين في هذا التَرك الغريب للمرة الثانيه.

 

إن وجود قادة الأمنيّه و الدعم السريع و( مليشياتِهم ) في هذا الاتفاق هو بلاءٌ كارِثي اوّلاً وأمّا البلاءُ الثاني فهو ترك القوات الأمنيّه تحت سلطتهم بهيئتِهِم وهيئتِها وهذا يعني ( التصالُح ) البيّن على إبقاءِ الأمرِ الأمني المُرَشّح للتدهور على ما هو عليه زائداً التدخُّلات المُتَوَقّع سَوْقَها إلى صفوف الشرطه والامن الداخلي من المليشيات التي خَبِرنا سوءَها مما يعني أنّ كل ما حدث في مُحيط الأمن والشرطه والجيش أيضاً ليس لهُ علاقه بهذه الثوره التي كانَ من أفدَحِ أخطائها أن زَجّت بالتسوويين في مقدّمة صفوفها بعد نجاح الثوره.

 

لم تشهد البلاد عبر تاريخِها إنفلاتاً أمنياً كالذي شهِدَتهُ منذ نجاح الثوره وحتى كتابة هذه السطور وذلك على كافّة الصُعُد إنْ داخِل المُدُن أو خارجها وها هي المخدرات المَحمِيّه تتربّع على عرش البلاد ولا يدخل ذلك تحت الهَم الأمني الذي ، وبحكم الإنتِماء ، يعمل على إعادة عقارب الساعه لكي يأتي بسيادة سُلطة الإنقاذ مرةً أخرى.

لم يدهشني أبداً ما قام به التسوويون الآن بقدرما ادهشتني الكثير من مواقف البعض التي دعمت هذا الاتفاق فكأنّما الخطأ الذي أودى بالبلاد وأوصلها لما هي فيه الآن والذي قامت به مركزية قحت بلا مُنازِع ولم يحاسبها أحد لا ضَير من تكرارِه بنفس الخُطا والأشخاص رغم الموت والقمع المستمِرَّيْن ورغم الخُطَب المستمرّه والمُستَعِرَه لقائد الانقلاب التي يؤكد من خلالها ما يُبَيّتهُ لهذا الشعب وللوطن.

 

هل يعتقد كلّ هؤلاء أنّ مليشيا الدعم السريع ولَجنة البشير الأمنيّه سَوفَ يعملان معهم لخير يُرجَى لهذا الوطن؟ هل يتخوّفون من إنزلاق البلاد للفوضى وسَيل الدماء ولذلك يُسانِدون الأيدي التي مُدَّت لتعضيد وتقوية وتقنين المليشيات والقوات النظاميّه التي تقتُل الآن ؟ لماذا لم تتراص صفوف التسوويون والمساندون خلف ميثاق سُلطَة الشعب الذي قامَ به ( الأسياد ) الحقيقيون لهذه الثوره؟ هل يُقِرّون جميعاً أطماع القوى الأجنبيه التي ما أخفَت أطماعها ولم تستطع إخفاء لُعابَها الذي سال في أبو عُمامه والفشقه ووادي الهواد ؟ هل لم يستمعوا لأنين أسفلت طريق شريان الشمال وهو يَنُوءُ تحت ثِقَل ثرواتنا المَنهوبه شمالاً؟

 

سنظلّ نَكتُبُ للتذكير وللتاريخ. بعد الفشل الأول ها نحنُ نُجَرُّ الى الفشلِ الثاني. نستقوي بمليشيات صارت دوله داخل الدوله بما لها من مفوضيّات اراضي وسلطة استخراج الرقم الوطني وتهريب الذهب والمعادن وإزاحة سكان أصل دارفور والتغيير الديمغرافي للمدن كل ذلك حقناً للدماء ووقفاً لإنهيار الدوله حَسَب ظَن الأيادي المُساوِمَه وتلك التي تؤيّدها.

 

melsayigh@gmail.com

//////////////////////

 

آراء