مؤتمر المعارضة بجوبا – فشل أم يأس !؟ … بقلم: آدم خاطر

 


 

أدم خاطر
27 September, 2009

 

adam abakar [adamo56@hotmail.com]

لقد سبق لى أن تحدثت قبل أيام قلائل عن الأهداف العامة والرسائل المتعددة التى ظلت ترسلها وتقول بها الحركة الشعبية عن نواياها تجاه اقامة ملتقى كهذا لمناقشة قضايا الأمن والسلام فى البلاد وتبريراتها واصرارها لعقده كيفما كانت نتائجه وأطرافه المشاركة  ، ولكنها اتخذت من الآليات والطرق زالتكتيك ما جعل هذا العمل يتناقض وعنوانه ويفقد أى معنى يقود لهذه الغاية وجهود الحكومة التى تشارك فيها لم تتوقف للحظة فى توحيد المسار والبحث عن مخرج من الأزمات والتحديات الماثلة ولكنها بالمقابل ظلت تعمل داخل دولاب الدولة على نسف هذه الجهود وتقويضها  !. وقلنا أن  الظروف والملابسات التى لازمت الاعداد لهذا المؤتمر الذى تجرى ترتيباته منذ أكثر من أربعة أشهر كشفت عن جوهر أبعاده واتجاهاته المناهضة لمسيرة السلام فى البلاد والنيل من نجاحات الدولة واتصلاتها وحواراتها الماضية والتشويش عليها على نحو ما كان عليه منهج الحركة ( شريك السلام ) خلال الفترة الأخيرة ، و أن ثمة أطراف خارجية عديدة  بضغوط كثيفة هى من تقف خلف اقامة هذا المؤتمر وتحرص عليه  ، وأطرافه بالداخل تدرك أنه للعلاقات العامة وارضاء بعض هذه القوى حتى ولو أعلنت الحكومة والأحزاب الذى تشاركها مقاطعته وانتقاده بحسبانه يجافى مصالح الوطن العليا واستهدافا لوحدة البلاد التى جاءت على ذيل أجندته وأضحى معلما فى تكريس حالة  اللانقسام فى الساحة السياسية ، رأت فيه الحركة الشعبية مناسبة مساعدة لها للهروب من واقعها المفجع فى جوبا ومدن وأرياف الجنوب التى تمزقها النزاعات القبلية والصراعات التى فاقت فى ضحاياها الآلاف ، ويفتك بها الجوع والمرض وتجتاحها الأهوال والمهددات الأمنية ، ويلفها الفساد المالى والادارى وتسودها الفوضى العارمة فى كل شىء ويحاصرها الوجود الأجنبى فضلا عن الكبت والتضييق ومحاصرة خصومها السياسيين ومصادرة حقهم فى الحياة السياسية ، وقادتها يحدثون الشعب عن الحريات والديمقراطية ومطلوبات التحول الديمقراطى ويوالون الهروب من استحقاقات السلام ،  ولكنهم قدرا اختاروا المدينة الخطأ فى الوقت الخطأ والزمان الخطأ والأحزاب الخطأ ربما لحكمة يعلمها الله قدرها فى هذا الظرف لينفض اتفاق السلام بأيدى أرباب السودان الجديد عبر استحداث موسم للحج الى جوبا  !!. كيف يستقيم ظل هذا العمل وراعيته هى الحركة الشعبية التى تشارك المؤتمر الوطنى ميثاق السلام ، وقد أصبحت بحكم بروتوكولاته وترتيباته شريكة فى الحكم والمسئولية الوطنية حتى يصار الى انجاز الاتفاق بمواقيته وجداوله  ببلوغ الانتخابات العامة والاستفتاء ، كبف لشريك النهار أن بصبح معارضا بالليل ، يؤى المعارضة ويوفر لها المناخ لمحاكمة الدولة فى شخص الانقاذ والهجوم عليها وايجاد  البديل لها على نحو يصادم مخرجات السلام ومطلوباته  !!. كيف يعقل منطقا  أن تكون حاكما ومعارضا فى ذات الوقت تترك الواجبات الكلية الأصيلة بموجب الدستور والقانون وتحتضن اجندة المعارضة وخططها فى الاطاحة بالنظام على نحو ما أعلنت على لسان فاروق أبوعيسى من أيام  !. كيف يعالج سلفا قضايا البلاد والجنوب لم تجد قضاياه أدنى الاهتمام أو أية معالجة وكل أطرافه  تحت حكمه ترزح تحت وطأة جلاديه التى تمارس  دكتاتورية القرون الوسطى بسطوة أبناء ( السودان الجديد )!!.  أى حكمة يعملها قادة الحركة بهذا التوجه لعزلة شريكهم وهم عزل من هكذا سلاح و لا يملكون من الخبرة فى الحكم والسياسة غير القليل ، وليس لهم من الامكانات والقدرات المادية والبشرية سوى النذر اليسير ، ونفسهم فى مقارعة تيار سياسى متمرس منذ عقود خبروها فى ميادين القتال لسنوات متطاولة دون أن يحققوا مرادهم ، ولا يمكن لهذا التيار أن تصرعه هذه المحاولات الصبيانية ومعارضة ( مدافع الدلاقين ) التى ترتكز فى جوبا التى عجزت الحركة الشعبية أن تسيطر عليها ولو لساعة على سنوات الحرب والتمرد ، وباتت مقرها الآن بموجب السلام  الذى يهدده هذا الائتمار !؟ .

كيف لمؤتمر كهذا أن تكون أبرز مهامه حجب الشريك الأساس والبحث عن بدلاء هم الآن بموجب كتاب السلام خارج دائرة الحكم والتأثير ، وتجاربهم فى حكم السودان وارساء مطلوبات الاستقرار كانت صفرا كبيرا ، وقادة هذه الأحزاب الشائخة بلغوا سن اليأس عمرا لكنهم  استمرأوا استلاب البلاد قدراتها وطاقاتها بالتبديد وكثرة الكلام وقلة الفعل  ، والاستماتة فى تقديم مصالحهم الذاتية وأجنداتهم الخاصة على الأجندة القومية ، فان كان من نجاح يكتب لمعارضة جوبا أنها جمعت بين اللبن والفسيخ والتمر الهندى دون ترتيب ، وكلنا يعلم عن تاريخ هذه الرموز التى أرادت أن تغبر ما تبقى لها من تاريخ أمام قبر زعيم السودان الجديد بجوبا !!. ما الذى يمكن أن يحصده هذا المؤتمر والحركة الشعبية لم تأت للحكم الا بالتفاوض والتصالح مع النظام الحاكم وبه سادت جوبا ومدن الجنوب وأذاقت أهله العلقم وأغلقت الأبواب أمام حلمهم فى الأمان والاستقرار والعيش الكريم  !. ما هى قدرة هذه الحزاب التى تلتقى بجوبا الآن وقد فشلت فى أسمرا والقاهرة وبالداخل ولم تحصل على ما حصلت عليه من مكانة الا بمقررات السلام ومنهاجه  وقسمته التى ارتضتها أطرافه فى الثروة والسلطة !.  كيف لقادة يطرحون قضية دارفور ليس بغرض الحل والمساهمة فى تعزيز المساعى الجارية وانما للاثارة والتحريض والاستهلاك السياسى والمتاجرة وراعى الضأن يدرك أن هذه القضية حلها أطرافه الحكومة والحركات الدارفورية المتمردة وأهل دارفوروحدهم  ، وأن ما تقوم به هذه المجاميع بجوبا لا يعدو سوى مناورة ومزايدة سياسية مفضوحة ليس من مقاصدها الاسهام بأى حال فيما تواجهه البلاد من تحديات  !. ما هى الشواهد التى يرتكزون عليها فى نجاح ملتقاهم هذا  ووعائهم خالى من أى نجاح أو انجاز الا من اعاقة وارضاء لأطرافخارجية تسعى جاهدة لقطع الطريق أمام مسيرة السلام التى انطلقت دون قادة ائتلاف معارضة جوبا ( سلفا – نقد – المهدى - الترابى ) !. أى رابط يجمع هذا الرباعى سوى الكيد للانقاذ واستبدال البشير ومحامة عهده على ما حققه من معجزات !. وما الفارق بين تآمرهم اليائس وفشلهم المكرور  وما يفعله أوكامبو ودوله فى هذا التوقيت عبر الجنائية الدولية  الا من باب تلاقى الأهداف وتشابك المصالح !؟. كيف لهذا المؤتمر أن يأتى بفائدة للسلام الداخلى وحوالى ( 17) من الأحزاب الجنوبية تقاطعه بعد أن رأت الحكم على عهد الحركة الشعبية التى قالت أنها جاءت من رحم تهميش المركز والمعاناة التى تعيشها أقاليم البلاد وضيق الساسة ، فاذا بها تمارس التهميش فى أبشع صوره وبات الجنوب طارد لأهله وقبائله ما ان وقفت فى الصف الآخر منها  أو انتهجت نهجا يقود للوحدة والوفاق الوطنى أو تقاربت من النظام فى وطنها وأبقت على خيار الوحدة الذى غادرته هذه المجموعة وهى تنقض بناء السلام ومواثيقه !. من حق المعارضة أن تجتمع وتنتقد الدولة وتحاربها بشتى الوسائل السلمية المتاحة وطرح البرامج البديلة ، لكن على الحركة أن تختار بين كرسى الحكم ومسئولياته ومقاعد المعارضة وأدبياتها وهى باتت فى مقدمة صفوفها   !.

كان منطقيا أن يرجأ انعقاد الجلسة الافتتاحية لهذا المؤتمر وتختلف أطرافه حول أجندته ومقرراته لأن عربة القيادة فيه تمضى برؤى الخارج وتوجهياته وبعض الحضور الأجنبى المنتقى بجوبا يقف شاهدا على حملة الابتزاز  السياسى وفرض الارادة لكنها لن تقود الى النتيجة التى تطمح لها الدول الكبرى التى تسير هذا العمل من خلف الستار !. كيف يشارك البشير وحزبه فى عمل هو مصوب بالاساس لمحاكمته والانتقاص من قدر حزبه ودحره تآمرا بعد أن فشلت كل مخططات الخارج والاستراتيجيات الكبرى فى هزيمة الانقاذ أو تمزيق البلاد !.كيف يناصر المؤتمر الوطنى حملات التآمر عليه ويدعمها بالحضور والمشاركة الا أن يكون من باب السفه الذى أصاب عقلية من يقفون على أمره ويقودون مسيرته التى أعيت مكائدهم وشراكهم المنصوبة !. أى مصلحة قومية  يمكن أن يجنيها الوطن وجميع من يجتمع بجوبا الآن  قاتل الانقاذ وناصبها العداء وسعى لوأدها فعجز ولم يبقى غير أن تنادى جوبا فى مقرراتها بصافرة الجلبى وكرزاى على نحو ما أودى بحياة الحكم والاستقرار فى العراق وأفغانستان !. هذه هى الغاية التى ينشدها أرباب مؤتمر جوبا ومن يقفون خلفهم وشعب السودان يدرك هذه المحاولات بفطنته وصبرهم الذى استطال باتجاه هؤلاء القادة الذين مكنوا للفشل والهزيمة فى تاريخهم ويريدون للانقاذ أن تستسلم أو تنهار البلاد بكاملها !. على قادة الانقاذ أن يتعظوا من الروح التى تحاول الحركة الشعبية  وحلفائها بثها عبر هذا النفير المعارض من جوبا وسط هذه الأجواء المحفوفة بالمخاطر والنذر !. من يريد قطع الطريق على هذا النحو المكشوف يلزمه نهج يوازى هذا العمل القبيح فى روحه التى تستبطن العداء وتعلن الحرب على الدولة لأن الذى يظهر من جبل الجليد هو المؤتمر ولكن الصفقات من حوله كثيرة كلها تريد رأس الدولة والفتنة وتقزيم الانقاذ وشق صفها على أقل تقدير !. الذين يرون ببراءة هذا العمل ومعقوليته وسط ما نواجهه من مهددات عليهم تحسس بنادقهم وجاهزيتها وقدرتها على رد الحرب القادمة التى يضمرها قادة جوبا بسناريوهات  مظلمة ينبغى أن لا نقلل من تبعاتها على ضعف هؤلاء وخوارهم لأن الذى يخطط هو الأجنبى بعقلية اسرائيلية ماكرة وسند أمريكى غربى كنسى تضمر للبلاد وتوجهها عداءا مشهودا و حقدا متأصلا !!.  سلفاكير وحركته بعد هذا المؤتمر غادروا قطار السلام وشراكة الحكم وأصبحوا قادة للعمل المعارض للانقاذ والدولة يتوجب علينا أن نتعاطى معهم وفق هذا المفهوم وننسى أنهم كانوا شركاء معنا لنا عليهم ولهم علينا !. الذى يريد بناء السلام لا يطعن من الظهر أو ينقلب على ميثاق السلام وخطاه بلغت فى التنفيذ ما يفوق ال80% !. أى اسنطلاع للرأى العام بالداخل أو لقادة الاعلام والصحف والمستنيرين من شأنه أن يوقف الناس على حقيقية الأبعاد التى ترسم اليها الأحزاب الرئيسة فى قيادة هذه المنازلة وبعض أهل الانقاذ لا يحسنون تقدير الموقف ويتعاملون بمثالية وعواطف ليس هذا مجالها ولا وقتها وقوة الانقاذ الكامنة فى من أرسوا نهجها الأول بالقتال والشهادة والتضحيات سبق بهم الزبير وحقه علينا أن نبقى على دمه الطاهر وروحه التى مضت الى ربها تنشد السلام والاستقرار للبلاد وقادة جوبا قرروا هدمه وقبره بعد أن فشلوا فى المضى به الى نهاية أشطواطه وبعد أن بئسوا فى الاحاطة بالانقاذ ومحاصرتها لذا لزمنا أن نعمل على رد هجمتهم القاتلة قبل أن تبلغ مكانها  الذى يخططون  !. الا هل بلغت اللهم فأشهد ،،،

 

آراء