مؤتمر جوبا طائر شؤم ثان

 


 

جمال عنقرة
28 September, 2009

 

          عندما أعلن الدكتور لام أكول تكوين حزبه الجيد الذي انشق به عن الحركة الشعبية وأسماه (الحركة الشعبية التغيير الديمقراطي) وحامت شبهات حول مساندة المؤتمر الوطني له في تكوينه، كتبت في هذه المساحة مقالاً أسميته (جزب لام أكول طائر شؤم) وقلت أن مثل هذه المناوشات الخشنة يمكن أن تؤثر سلباً علي مسيرة الشراكة بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية، وهي شراكة معقودة عليها آمال كبيرة للعبور بالسودان أصعب إمتحانات يتعرض لها منذ استقلاله قبل أكثر من نصف قرن من الزمان.

          والمؤتمر الذي تستضيفه الحركة الشعبية هذه الأيام لأحزاب المكايدة للمؤتمر الوطني هو أيضاً طائر شؤم. بل هو طائر شؤم أكبر لأنه يأتي في ظرف أكثر حرجاً من ذي قبل. وهو يعني أن التيار المناكف في الحركة الشعبية قد استطاع أن يخرج من سيطرة الرجل الحكيم زعيم الحركة الشعبية الفريق أول سلفاكير ميارديت الذي ظل يحاصر كل محاولات الإنفلات والنيل من الشراكة. ويكون الشؤم كله قد تحقق لوأن هذا التيار استطاع أن يكسب الزعيم إلي صفه. فتلك تكون كارثة ليس بعدها كارثة.

          وحرصنا علي استقامة الشراكة ليس حرصاً عليها لذاتها بقدرما هو حرص علي استدامة السلام في السودان. ودائماً ما أقول أن الخيارين المطروحين نظرياً هما الوحدة والإنفصال، ولكن الخيارين المتاحين حقيقة أمام أهل السودان هما الحرب أوالسلام. فلوتحقت الوحدة ــ وهذا ما نرومه ونسعي إليه ــ يكون في ذلك تعزيز لمسيرة السلام في السودان، وانفتاح لكل أبواب التنمية والنهوض. ولكن لو صار خيار أهل الجنوب إلي الإنفصال فذلك ليس له معني أو مدلول سوي اشتعال الحرب ثانية، وبأشرس مما كانت عليه في كل فتراتها السابقة. وليس معني ذلك أن حق تقرير المصير ليس حقاً كاملاً. ولكن لو اختار الجنوبيون الإنفصال فمعني ذلك أنهم لم يصلوا لاتفاق حول القضايا المطروحة. وإذا لم يتم الإتفاق فإن الإنفصال يزيد من الخلاف. والقضايا التي عجز الناس عن حلها وهم في وطن واحد، سيكونون أعجز عن حلها وهم قد صاروا دولتين منفصلتين. لذلك إذا وقع الإنفصال ــ لاقدر الله ــ فإن الحرب قائمة لامحال.

          ووحدة الشمال والجنوب رغم أنها مسئولية جماعية يشترك في تحقيقها كل أهل السودان في الجنوب والشمال، وتسأل عنها كل القوي السياسية الحاكمة والمعارضة، إلا أن المسئولية الأكبر تقع علي عاتق الشريكين. فلو اتفق الشريكان لن يضيرهما أي اختلاف آخر. ولكن أن يصل الخلاف بين الشريكين للدرجة التي يأوي فيها كل منهما أعداء الآخر ويتيح لهم المنابر للكيد للشريك، فإن نذر الخطر يعلو صوتها، ولابد من انتباهة سريعة لمعالجة هذه الأوضاع المختلة. وما زلت أراهن علي الزعيمين البشير وسلفاكير لإدراك ما يمكن إدراكه قبل فوات الأوان لمحاصرة مثل هذه الإتجاهات الشاطحة هنا وهنا، والتي يمكن أن تقضي علي كل آمال وأحلام أهل السودان في بناء وطن مستقر نام.

Gamal Angara [gamalangara@hotmail.com]

 

آراء