مؤشرات بداية الاستخلاف العام الثانى للامه

 


 

 

sabri.m.khalil@gmail.com

اولا: ملخص الدراسه : أشار القرآن الكريم إلى الوعد الالهى باستخلاف الأمة ، في قوله تعالى (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ...)(النور:55). وتتضمن الآية الإشارة إلى أنماط متعددة من الاستخلاف هي :أولا: الاستخلاف الاصلى-المثال:ويتضمن ا/ الاستخلاف النبوي(المثال الاتباعي)، ب/الاستخلاف الراشدي(المثال الاقتدائى).ثانيا:الاستخلاف التبعى: ويتضمن :ا/ استخلاف الأمة في الماضي (الاستخلاف العام الاول للامه)،ب/ استخلاف الأمة في الحاضر (الاستخلاف العام الثانى للامه)،ج/ الاستخلاف العام للأمة في المستقبل الدنيوي" الشهادى ، د/ استخلاف العام للأمة في المستقبل الأخروي" الغيبي ".. وغاية الاستخلاف تفعيل الارادة الشعبية . أما غاية ثنائيه " الاستكبار- الاستضعاف" فهى إلغائها– وهو ما يؤدى إلى تعطيلها وليس إلغائها " لأنها غير قابله للإلغاء" , وهناك أنماط متعددة لتفعيل وتعطيل الإرادة الشعبية العربية: أولا : تضمنت مرحلة الاستخلاف العام الأول للامه انماط تفعيل و تعطيل الإرادة الشعبية التالية :ا/ التعطيل الاستبدادي"الداخلي، ب/ التعطيل الغزوى "الخارجي" ، ج/ التفعيل الزعامي . ثانيا: تتضمن مرحلة الاستخلاف العام الثاني للامه :ا/ مرحلة التعطيل الارتدادي للاراده الشعبيه العربيه على المستوى الرسمى. ب/ مرحلة تفعيل الاراده الشعبيه العربيه على المستوى الشعبى: وتشمل :ا/ مرحلة التفعيل التلقائي، ب/ مرحلة التفعيل القصدي. وشروط الاستخلاف تتضمن :شروط نصية مطلقة وتتمثل في جمله من المفاهيم والقيم والقواعد الكلية ، التي مصدرها النصوص اليقينية الورود القطعية الدلالة . ب/ شروط اجتهادية مقيدة
: وتتمثل في الحرية والعدالة الاجتماعية و الوحدة والجمع بين الأصالة والمعاصرة "التجديد" – على وجه لا يتناقض مع أصول الدين النصية الثابتة ، وباعتبارها قيم حث عليها الإسلام وهناك مرحلتين أساسيتين للتغير- تمثل أيضا مراحل لتحقيق الاستخلاف:المرحلة الأولى"الاستطاعة" ، ومضمونها الانتقال مما هو كائن إلى ما هو ممكن، ومستوى أصلى هو مستواها الاعتقادي"الفكري" ومستوى فرعى هو مستواها العملي"التطبيقي". . المرحلة الثانية "العزم" ،ومضمونها الانتقال مما هو ممكن إلى ما ينبغي ان يكون، ومستواها الأصلي هو مستواها العملي"التطبيقي" ، ومستواها الفرعي هو مستواها الاعتقادى"الفكري"......................

ثانيا:متن الدراسه التفصيلى:

الوعد الالهى باستخلاف الامه : أشار القران الكريم إلى الوعد الالهى باستخلاف أمه التكليف"اى الأمة الإسلامية "، بأممها وشعوبها التكوينية المتعددة " ومنها الأمة العربيه – المسلمة " في قوله تعالى (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ...)(النور:55).

انماط الاستخلاف: وتتضمن الآية الإشارة - الصريحة او الضمنية- إلى أنماط متعددة من الاستخلاف هي :

أولا: الاستخلاف الاصلى- المثال: وهو الاستخلاف الاصلى، اى الاستخلاف الذي تشير إليه الدلالة الأصلية للأيه،وهو المثال (النموذج) لاى استخلاف للامه ، ويتضمن أيضا نمطين من انماط الاستخلاف:

ا/ الاستخلاف النبوي(المثال الاتباعى): وهو استخلاف الرسول (صلى الله عليه وسلم) ، و هو قسم من أقسام الاستخلاف الخاص ،الذي مضمونه استخلاف الله تعالى لفرد معين، والذى ينفرد به الرسل والأنبياء ، ولا يجوز نسبته إلى غيرهم . وهو مثال"نموذج" اتباعى لاى استخلاف للامه ، اى مثال "نموذج"
واجب الإتباع لتحقيق الاستخلاف الاسلامى في اى زمان ومكان، قال تعالى: ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ ﴾ (آل عمران: 31- 32)، ومضمون هذا الإتباع أن السنة النبوية هي احد المصادر الأصلية للتشريع الاسلامى” بالإضافة إلى القران الكريم ” ، وان الأحاديث اليقينية الورود القطعية الدلالة مصدر لأصول الدين ،والأحاديث الظنية الورود والدلالة مصدره لفروعه .

ب/الاستخلاف الراشدي(المثال الاقتدائى): وهو استخلاف الخلفاء الراشدين خاصة والسلف الصالح(الصحابة والتابعين) عامه، وهذا الاستخلاف هو أعلى درجات الاستخلاف العام ، وهو مثال " نموذج " اقتدائي لاى استخلاف للامه، اى مثال(نموذج) واجب الاقتداء لتحقيق الاستخلاف الاسلامى في اى زمان ومكان،قال تعالى (فَإِنْ آَمَنُوا بِمِثْلِ مَا آَمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ
اهْتَدَوْا)(البقرة: 137)، ومضمون هذا الاقتداء – على مستوى أصول الدين – الالتزام بفهم السلف الصالح للنصوص ، وما تتضمنه من عقائد وعبادات وأصول معاملات، كما أنها قائمة على إلغاء الإضافات التي طرأت علي فهم السلف لهذه الأصول .أما على مستوى فروع الدين فمضمون هذا الاقتداء هو اعتبار اجتهاد السلف الصالح في وضع قواعد فرعية لتنظيم مجتمعاتهم استجابة للمشاكل التي عاشوها، ، تجسيد لماضي الأمة وخبرتها، وبالتالي اتخاذه نقطة بداية لاجتهادنا فى وضع قواعد فرعية لتنظيم مجتمعاتنا استجابة للمشاكل التي نعيشها ، وليس نقطة نهاية له، وذلك بالالتزام بالقواعد الفرعية التي وضعوها كما هي ، أو بعد الترجيح بينها ، أو وضع قواعد جديدة استجابة لمشاكل جديدة لم يعايشوها..

ثانيا:الاستخلاف التبعى: و هو الاستخلاف الذي تشير إليه الدلالة التبعية للأيه، وهو الاستخلاف الأمة بعد الخلافة الراشدة ، وهو قسم من أقسام الاستخلاف العام، ويتضمن هذا الاستخلاف أيضا أنماط متعددة من الاستخلاف – تمثل مراحل متعددة للاستخلاف العام للامه منها :

ا/ استخلاف الامه في الماضي (الاستخلاف العام الاول للامه): وهو استخلاف الأمة بعد الخلافة الراشدة، وقد كان قائما على الاتصال الزمانى بالاستخلاف المثال - بنوعيه النبوي” والاقتدائى”الراشدي”- كما كان قائما على الاتصال المتناقص بالاستخلاف المثال بنوعيه ، بمعنى انه تضمن انقطاع قيمي تدريجي عنه.

ب/ استخلاف الامه في الحاضر (الاستخلاف العام الثانى للامه): وتحققه يكون بعد انقطاع زماني وقيمي عن الاستخلاف المثال بنوعيه - النبوى " الاتباعى"
والراشدى "الاقتدائى"-

ج/ الاستخلاف العام للأمة في المستقبل الدنيوي" الشهادى ": وهو غير معلوم المرات، لان زمن انقضاء الحياة الدنيا " عالم الشهاده" غير معلوم .

د/ استخلاف العام للأمة في المستقبل الأخروي" الغيبي ": وهو الاستخلاف
الذي سيتحقق فى آخر الزمان،المقترن بالحياة الآخرة "عالم الغيب "- والذي هو ممكن التحقق فى اى زمان، لان زمن هذا التحقق غير معلوم - وهو الاستخلاف العام الأخير للامه.

شروط الاستخلاف: كما تتضمن الايه الاشاره الى شروط الاستخلاف ، التى تنقسم الى:

اولا: شروط نصية مطلقة " تكليفيه": وتتضمن مفاهيم وقيم وقواعد الوحي الكلية.

ثانيا: شروط اجتهادية مقيدة "تكوينيه" : تتضمن أهداف الاراده الشعبية للامه“الحرية والعدالة الاجتماعية والوحدة والأصالة والمعاصرة”، والتي يتضمن تأصيلها:

اولا: أنها تطبيق لقيم دعا إليها الإسلام :

ا/ فقد أكد المنظور القيمي الإسلامي على قيمه الحرية بأبعادها المتعددة قال عمر بن الخطاب ( رضى الله عنه )( متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهم
أحراراً) (فتوح مصر ، ص 290 )

ب/ كما اعتبر المنظور الاجتماعي والاقتصادى الاسلامى أن العدل الاجتماعي غاية للنشاط الاقتصادي للفرد والدولة ”كممثل للمجتمع” ، وذلك من خلال تقريره لشرطي العدل الاجتماعي: الشرط الأول هو تكافؤ الفرص، ومثال له قول عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) ( والله ما احد أحق بهذا المال من احد ، وما من احد إلا وله نصيب في هذا المال نصيب أعطيته أو منعته)، والشرط الثاني هو عدالة توزيع الثروة ،ومثال له روي أن ابوعبيدة تحدث يوماً مع عمر(رضي الله عنه) في استخدام الصحابة في العمل فقال ( أما إن فعلت فأغنهم بالعمالة عن الخيانة) .

ج/ كما حثت النصوص المسلمين على الوحدة- بشكليها التكليفي “الديني”
والتكويني” السياسي” ، كما في قوله تعالى (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا
تفرقوا) .

ثانيا: ان السياسة الشرعية هي ما كل يحقق مصلحة الجماعة ولو لم يرد فيه ، يقول ابْنُ عَقِيلٍ(السِّيَاسَةُ مَا كَانَ فِعْلاً يَكُونُ مَعَهُ النَّاسُ أَقْرَبَ إلَى الصَّلَاحِ، وَأَبْعَدَ عَنْ الْفَسَادِ، وَإِنْ لَمْ يَضَعْهُ الرَّسُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا نَزَلَ بِهِ وَحْيٌ)( ابن القيم / كتاب الطرق الحكمية في السياسة الشرعية).

الاستخلاف وتفعيل الاراده الشعبيه للامه : يثبت المنظور السياسي الإسلامي الاراده الشعبية للامه، لأنه يسند اليها السلطة " المقيدة " ، بموجب الاستخلاف العام ﴿ وأمرهم شورى بينهم) – بعد إسناده الحاكمية (السيادة "السلطة المطلقة ") لله تعالى - أما الحاكم فنائب ووكيل عن االامه ، لها حق تعيينه ومراقبته وعزله اذا جار- بالاساليب السلمية - يقول أبو يعلي (الخليفة وكيل للمسلمين ) (المارودي، الأحكام السلطانية، ص
7 ). بناء على ما سبق فان غاية الاستخلاف تفعيل الاراده الشعبية للامه.
أما غاية ثنائيه " الاستكبار- الاستضعاف" فهى إلغائها– وهو ما يؤدى إلى تعطيلها وليس إلغائها " لأنها غير قابله للإلغاء" –

انماط - مراحل تفعيل وتعطيل الاراده الشعبية لامه التكوين" الامه العربيه المسلمه":

أولا: في مرحله الاستخلاف العام الأول للامه : تضمنت هذه المرحلة أنماط - مراحل تفعيل و تعطيل الاراده الشعبية للامه التالية :

ا/ التعطيل الاستبدادي"الداخلي ": تمثل فى عدم الالتزام – بدرجات متفاوتة – بقيمه الشورى، التي كانت متحققة في مرحلتي الاستخلاف الاصلى "
النبوي والراشدي".

ب/ التعطيل الغزوى "الخارجي" : تمثل في تعرض الامه لغزوات خارجيه متتاليه ( الغزو المغولى – التترى ، الغزوالصليبى، الاستعمار القديم …) .

ج/ التفعيل الزعامي : تمثل في نجاح الاراده الشعبية للامه في تحقيق أهدافها، والتي تضمنت نجاحها في مقاومة وهزيمة الغزوات الخارجيه المتتالية ، من خلال توحدها حول بعض المواقف المعبره عن اراده الامه لبعض حكامها ، ومنها المواقف المقاومه للعدوان الخارجى على الامه ، والتى بسببها حولتهم ذاكرتها الى زعماء تاريخيين ورموز تاريخيه للمقاومه لها – دون انكار ما شاب عهودهم من سلبيات- وتمثل اخر مظهر لهذا النمط – المرحله فى توحدها حول المواقف الوطنيه والقوميه لجمال عبد الناصر ( رحمه الله تعالى ) ليس باعتباره حاكم سابق لمصر ، لكن باعتباره قائد حركه التحرر العربى، من الاستعمار القديم " البريطانى، الفرنسى، الايطالى..." ، والجديد " الامبريالي - الامريكي " ، والاستيطاني " الصهيوني". فالحديث عن الاخير ليس كشخص ، لكن كرمز تاريخى للمقاومه ، ملك للامه العربيه بشعوبها المتعدده ، وليس ملك لحزب معين .

ثانيا: فى مرحله الاستخلاف العام الثاني للامه :

مرحله التعطيل الارتدادي للاراده الشعبيه للامه على المستوى الرسمى: وهي مرحله الانتهاء " الفعلي " للاستخلاف العام الأول للامه . مع تضمنها مؤشرات لبداية الاستخلاف العام الثاني للامه . وهي المرحلة التي بدأت بالارتداد " السياسى" للرئيس محمد أنور السادات، بعد توليه السلطة فى
مصر1970 ، عن المواقف الوطنيه والقوميه لسلفه "جمال عبد الناصر " ، والتى كانت حققت خطوات كبيره، تجاه أهداف الاراده الشعبية للامه، فى الحرية والعدالة الاجتماعية والوحدة – رغم ما شاب تجربته من سلبيات - وهو الارتداد السياسى الذى تم بدعم من الغرب الرأسمالي- الاستعماري، بقياده الولايات المتحدة الأمريكية والكيان الصهيونى … ثم تبنى العديد من الأنظمة العربية نفس المواقف لاحقا ... وفى هذه المرحلة تعطلت الاراده الشعبية للامه على المستوى السياسي ، نتيجة لتردى النظام السياسي العربي من التجزئة " الشعوبية " إلى التفتيت" الطائفي "، فضلا عن انزلاق بعض أجزائه نحو الفوضى لاحقا .

مرحله تفعيل الاراده الشعبيه للامه على المستوى الشعبي: غير أن هذا التعطيل "الارتدادي" للاراده الشعبية للامه على المستوى الرسمي ، أدى إلى تفعيلها على مستوى آخر ، هو مستواها الشعبي ، فضلا عن انه مهد الطريق أمام انتقال الاراده الشعبية العربية من نمط التفعيل الزعامي - المشار اليه اعلاه- الى نمط تفعيل آخر هو نمط التفعيل الجماهيري ، والذي دعمه تطور وسائل الإعلام والاتصال وظهور الخاصية التفاعلية للإعلام. وتشمل هذه المرحلة مرحلتين هما:

ا/ مرحله التفعيل التلقائي: وفيها أخذت حركة الاراده الشعبيه للامه شكل رد فعل عاطفي " انفعالي"، ضد مظاهر تردي النظام السياسي الرسمي العربي ، ومحاولات تطبيق المشاريع التي تهدف إلى – أو يلزم منها – إلغاء الإرادة الشعبية العربية"كمشروع الشرق الأوسط الجديد الامبريالي - الصهيوني"
..وقد حققت الاراده الشعبية للامه في هذه المرحلة العديد من الانتصارات الجماهيريه، بدون ان يدعمها او يمثلها نظام سياسى عربى معين . ويتمثل الامتداد الطبيعى لها فى المسار الأصلي للموجات الكمية لثورة الشباب العربي، والتى تتضمن موجتيها :

الموجه الاولى:التي نجحت فى إسقاط عدد من الأنظمة الاستبدادية ، بأساليب سلمية في بعض الدول العربية، قبل أن تنجح النظم والقوى" العالمية والاقليميه والمحلية" ، التي تتعارض مصالحها مع غايات الاراده الشعبية العربي ،في تحويل مسارها في دول عربيه أخرى،إلى صراع طائفي مسلح بغرض تشويه صورتها ومن ثم منع انتشارها الى دول اخرى، من خلال اساليب متعدده اهمها أسلوب الإسقاط العنيف.

الموجة الثانية: وتتمثل فى الحراك الشعبي السلمي - والذي طليعته الشباب
أيضا- في العديد من الدول العربية ،والذى نجح أيضا فى إسقاط العديد من الانظمة بأسلوب سلمى، وهى الموجة التى تعمل ذات النظم والقوى على إجهاضها وافراغها من مضمونها، من خلال العديد من الأساليب ، أهمها أسلوب "الهبوط الناعم" ، والذي يتضمن :إجراء تغيير شكلى يشمل تغيير الأشخاص ، دون اى تغيير حقيقى السياسات الاقتصاديه والسياسيه والاجتماعيه... التى تتعارض مع غايات الاراده الشعبيه للامه فى الحريه والعدالة الاجتماعية والوحدة ...

ب/ مرحله التفعيل القصدي: إن تردى النظام السياسي العربي نحو مزيد من التجزئة "التفتيت"، يزيد من احتمال انزلاقه نحو الفوضى – وخاصة أجزائه التي تتصف بضعف الروابط الوطنية والقومية ، لشيوع الطائفية أو القبلية أو العشائرية فيها – وهذا ما يقتضى ضرورة انتقال الاراده الشعبية للامه، إلى مرحله جديدة من مراحل تفعيلها، وهي المرحلة القصدية ، والتي يجب ان تتجاوز فيها حركتها شكل رد الفعل العاطفي- التلقائي/ المؤقت- إلى شكل فعل عقلاني- مستمر – منظم / مؤسساتي ، يهدف إلى تحقيق ما هو ممكن من خطوات ، تجاه أهداف الارادة الشعبية للامه ، بأساليب سلمية - وهي بذلك ستتضمن الموجه الكيفية لثورة الشباب العربي – وهذه المرحله ستمثل مرحله تحقيق الاستخلاف العام الثانى للامه .

الاستخلاف ومنهج التغيير ” كيفيه ومراحل تحقيق الاستخلاف “:وهناك مرحلتين أساسيتين للتغير- تمثل أيضا مراحل لتحقيق الاستخلاف:

المرحلة الأولى"الاستطاعه": هي مرحله الانتقال مما هو كائن، إلى ما هو ممكن ، والتي يمكن التعبير عنها بمصطلح الاستطاعة ، ومن أدلتها: تقرير النصوص لقواعد متعددة مها قاعدة الاستطاعة (فَاتّقُوا ْاللّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُواْ وَأَطِيعُواْ). ولهذه المرحلة مستويان :

مستوى أصلى: هو مستواها الاعتقادى"الفكري" . ويتضمن الاجتهاد فى وضع الحلول النظريه للمشاكل التى يطرحها واقع الامه المعاصر- والتى تتضمن مشاكل (التبعيه "الخارجيه والاستبداد "الداخلى" / التخلف الاقتصادى والظلم الاجتماعى / التجزئه والتفتيت/الانشطارالحضارى بين جمود التقليد وتخريب التغريب) ، كمظاهر لثنائيه الاستكبار- الاستضعاف بابعاده المتعدده :السياسيه/الاقتصاديه/ الاجتماعيه/ الحضاريه) - وتتضمن هذه الحلول(الحريه والعداله الاجتماعيه والوحده والجمع بين الاصاله
والمعاصره"التجديد") –كمظاهر للاستخلاف بابعاده المتعدده :السياسيه/الاقتصاديه/ الاجتماعيه/ الحضاريه), والتى هى فى ذات الوقت غايات للاراده الشعبيه للامه ، وشروط مقيده اجتهاديه للاستخلاف.

تيار الاستخلاف: ويتضمن هذا المستوى التاسيس لتيار فكرى شامل - لا يقصى اى فئه من فئات الامه - فيشمل كل من يلتزم بهذه الحلول النظريه- او بعضها- حتى ولو لم يكن هناك رابط تنظيمى بينهم . وياخذ الالتزام بها احد الاشكال التاليه- التى تمثل مستويات متعدده لهذا التيارالفكرى-

ا/ التاسيس والامامه" الفكريه" : الاجتهاد العلمى فى وضع هذه الحلول النظريه بماهى غايات للاراده الشعبيه للامه ، وشروط مقيده اجتهاديه للاستخلاف.

ب/الطليعيه "الفكريه ": نشر الوعى "النظرى" بها.

ج/ القاعديه الفكريه: التبنى "الفكرى" لها.

مستوى فرعى: هو مستواها العملي"التطبيقي". ويتضمن ان تنبثق من هذا التيارالفكرى الشامل مبادرات شعبية منظمة "مؤسسيه"، تسعى لتحقيق ما هو ممكن من هذه الحلول النظريه، فى الواقع العملى للامه بابعاده المتعدده "السياسيه الاقتصاديه الاجتماعيه الحضارية.."، بأساليب سلمية وشكل تدريجى.

المرحلة الثانية " العزم ":هي مرحلة الانتقال مما هو ممكن إلى ما ينبغي أن يكون ، ويمكن التعبير عنها بمصطلح العزم ، و من أدلتها مفهوم العزم الذي يرتبط بما ينبغي أن يكون كما في قوله ( وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ )( الشورى: 43 ) ، وهذه المرحلة لها مستويان :

مستوى أصلى : هو مستواها العملي"التطبيقي" .ويتضمن الانتقال مما هو ممكن الى ما ينبغي ان يكون. باكمال التنفيذ العملى لكل هذه الحلول النظرية فى واقع الامه.

مستوى فرعي: هو مستواها الاعتقادي"الفكري". ويتضمن الاجتهاد العلمي فى وضع حلول نظرية جديده، للمشاكل الجديدة التى سيطرحها الواقع العملى للامه، بعد حل المشاكل السابقه.

________________________
الموقع الرسمي للدكتور/ صبري محمد خليل خيري | دراسات ومقالات https://drsabrikhalil.wordpress.com
//////////////////////////////

 

آراء