مؤيد فتح الله أول سفير مصرى فى دولة جنوب السودان:
مشاعر الجنوبيين وتوجههم نحو مصر إيجابى ... وأبواب الإستثمار مفتوحة فى جميع المجالات
مصر تقيم علاقات متوازنة بين دولتى شمال وجنوب السودان .. وستواصل مساعيها لحل خلافاتهما
أجرى الحوار فى جوبا
أسماء الحسينى-محمود النوبى
أكد السفير مؤيد فتح الله الضلعى أول سفير مصرى فى دولة جنوب السودان ،بعد إعتراف مصر بالدولة الوليدة كثانى دولة بعد الخرطوم إن أبواب الإستثمار مفتوحة بدولة الجنوب أمام المصريين فى جميع المجالات ،وأن مشاعر الجنوبيين وتوجهم الإيجابى وتشجيعهم للمستثمرين المصريين يساعد فى ذلك ،وقال :إن الدولة الوليدة تحتاج كل شىء تقريبا ،وإن المشروعات المصرية بها يمكن أن تجد نجاحا كبيرا ،وأكد أن مصر ستقيم علاقات متوازنة بين دولتى السودان الشمالى والجنوبى ،وستواصل العمل من أجل المساهمة فى حل خلافاتهما العالقة ،كما ستواصل دعم الدولة الجديدة فى جميع المجالات .
-كيف ترى آفاق التعاون بين مصر وجنوب السودان ؟
=التعاون بيننا ممتد منذ عام 2005 ،وكانت مصر أول دولة تفتتح قنصلية عامة لها فى جوبا بعد توقيع إتفاق السلام ،وحجم التعاون بين مصر والجنوب فى تنامى مستمر وفى مختلف المجالات ،الكهرباء والمجال الصحى والمدارس والمشاريع المائية بتطهير المجارى المائية وحفر الآبار ،وهناك العديد من الدورات التدريبية التى نقدمها لكوادر حكومة الجنوب ،وهناك تأكيدات من رئيس الوزراء الدكتور عصام شرف لدى زيارته للجنوب فى أول زيارة له خارج مصر بإستمرار هذا التعاون بغض النظر عن إنفصال الجنوب ،وأكد حرص مصر الدائم على إستمرار التعاون وتنميته ،سواء مع دولة شمال السودان ودولة جنوب السودان بصفتهما دولتين مستقلتين ،ونحن نحترم سيادة كل دولة فيهما ،ونسعى أيضا لتقريب وجهات النظر بين الجانبين فى أى خلاف نظرا للخبرة المصرية فى هذا المجال ،ومصر كانت قد أقامت ورشة عمل بين المؤتمر الوطنى والحركة الشعبية لتقريب وجهات النظر ،وبعد تجدد الأحداث الأخيرة فى أبيى وجنوب كردفان أبدينا استعدادنا التام للتوسط وقوبل ذلك بترحيب الجانبين ولم يتحدد شكل هذا التدخل .
-كم عدد المصريين فى جنوب السودان وفى أى المجالات يعملون ؟
=المصريون فى الجنوب عددهم فى تزايد ،ومعظمهم جاء من الخرطوم للبحث عن عمل جديد فى الجنوب ،ومعظم المصريين هنا يعملون عمال فى مجال التشييد والبناء ،والسفارة المصرية تسعى جاهدة لجذبهم وإقناعهم بتسجيل أنفسهم فى السفارة ،المسجلون عندنا 50مواطنا فقط فى حين أننا نقدر أنهم تقريبا 500 مواطن،ونوضح لهم أن التسجيل لصالحهم إذا ما أصابهم أى مكروه تكون لدينا وسيلة إتصال بهم ونستطيع أن نصل إليهم ،ونتمنى أن يسجل الجميع أنفسهم.
-ماهى المشكلات التى تواجههم فى الجنوب ؟
=حدثت بعض المشكلات مؤخرا عندما أتى بعض المصريين من الشمال للجنوب عن الطريق النهرى ،وللأسف بعضهم فقد أوراقه الثبوتية ،وتعرض للحجز ،ولكن بتدخلنا لا يوجد أى مصرى محتجز فى السجون الجنوبية ،وأفرج عنهم جميعا،واستخرجنا لهم جوازات جديدة ،ونحاول تذليل كل العقبات لهم .
-وما هى العقبات التى تواجه رجال الأعمال والمستثمرين المصريين ؟
=توافد عدد كبير من رجال الأعمال على الجنوب قبيل الإستقلال ،وأخذنا وعودا من المسئولين هنا بتذليل كافات العقبات ،للأسف كما يقال رأس المال جبان حتي ياتي رجل اعمال مصري ليفتتح مشروع في الجنوب فلا بد من قدر من المجازفة فلا يوجد مشروع كامل 100% و ذو ضمانات للنجاح و الدولة الجديدة لم تصدر القوانين الجديدة بعد لكن الواضح لنا أن الحكومة الجديدة تسعى جاهدة لجذب الإستثمارات ورؤوس الأموال ورجال الأعمال ،وخاصة المصريين وتقديم التسهيلات .
- ما هى أفضل المجالات التى يمكن الإستثمار فيها ؟
=كافة المجالات مفتوحة ، والبلد تحتاج كل شىء ،ليس هناك صناعات فى الجنوب ،وكل الإعتماد على الإستيراد من الخارج ،خاصة كينيا وأوغندا ،والشمال . بعد الأحداث الأخيرة أغلقت كل سبل التجارة مع الجنوب ،وبالتالى هناك نقص حاد فى المنتجات والسلع ،والأسعار تضاعفت ،وبالتالى أى مشروع مصرى أعتقد أنه سينجح نجاحا كبيرا ،وسيؤدى إلى إستفادة الجانبين رجل الأعمال المصرى والمواطن الجنوبى .
-وماذا عن توفرالأمن ؟
=هذا يدخل فى جزء المجازفة الذى نتحدث عنه ،لكن أستطيع أن أقول الآن أن الأوضاع مستقرة ،وهناك سيطرة كاملة للحكومة على الوضع ،وقد ظهر هذا واضحا خلال الإحتفالات بالإستقلال ،حيث شهدت جوبا حملة لجمع السلاح .
-البعض فى الدول العربية مازال يعتبر الجنوب منطقة معادية للمصريين والعرب والإسلام ..كيف ترى ذلك ؟
=قضيت فى الجنوب عاما ونصف ،لم أشهد خلالها أى شىء معادى للمصريين أو العرب أو الإسلام ،الفكرة كلها أن تجربة الجنوبيين مع حكم الإنقاذ أدى إلى بعض مشاعر عدائية ضد بعض مفاهيم العروبة الإسلام ،بالتالى هذا العداء موجه ضد حكومة الإنقاذ ،وليس ضد العروبة والإسلام .
-هل التوجه المصرى نحو الجنوب خلال السنوات الماضية أثمر أوعلى الأقل خلق مشاعر إيجابية فى الجنوب نحو مصر ؟
=أرى مشاعر الجنوبيين وتوجههم نحو مصر إيجابى جدا ،ويساعد ذلك ان كما كبيرا من المسئولين والمثقفين الجنوبيين تلقوا تعليمهم فى مصر ،هناك 6 وزراء فى الحكومة ورئيس البرلمان ومستشارين للرئيس تلقوا تعليمهم فى مصر .
أحداث المهندسين فقط هى التى خلقت نوعا من الفجوة بيننا وبين الجنوب،ولكن الآن أعتقد أنه تم تدارك ذلك ،والمشاعر إيجابية تماما .
-هل العمل المصرى الرسمى كاف فى علاقاتنا بالجنوب أم أن الأمر يحتاج إلى جهد شعبى أكبر من ذلك عبر المثقفين ومنظمات المجتمع المدنى وغيرها ؟
=أكيد بالطبع الدبلوماسية الشعبية تلعب دورا كبيرا ،وهو دور مساند ومكملل للدبلوماسية الرسمية ،وكان وفد الدبلوماسية الشعبية الذى زار الجنوب له دور كبير فى توطيد العلاقات ،وقد تم إستقبالهم على أعلى مستوى ،واستقبلهم الرئيس سلفاكير نفسه ،وعدد كبير من المسئولين ،وتم خلال الزيارة أيضا تقديم عدد من المشروعات عن طريق أعضاء الوفد المصرى وأيضا عدد من المنح الدراسية .
-وماذا بشأن جامعة الإسكندرية فرع جنوب السودان ..لماذا تأخر إفتتاحها ؟
=للأسف هناك بعض التأخير فى أعمال البناء ،وليس فى التمويل أو أى شىء آخر ،وتقرر أن يكون العام الأول للطلاب فى جامعة الإسكندرية الأم لحين الإنتهاء من المبانى .
-بالنسبة لقضية مياه النيل ستكون دولة الجنوب الدولة رقم 11 فى دول الحوض ...هل تلقت مصر منها تأكيدات فى هذا الشأن ؟
=هذا موضوع مهم جدا ويقع فى مقدمة إهتماماتنا ،ولكن هناك العديد من الأقاويل التى تخشى من إستقلال الجنوب لتأثير ذلك على الأمن المائى ،وقد سعت الدبلوماسية المصرية من التأكيد على هذا الموقف ،وقد تلقينا تأكيدات من القيادة الجنوبية وعلى رأسها الرئيس سلفاكير نفسه بأن لاتوجد أى مشاكل مع مصر فيما يخص مياه النيل ،وأنه لو كانت هناك أى مشاكل فيما يخص حصة دولة الجنوب من المياه فلن تكون مع مصر ،وإنما بين دولتى شمال وجنوب السودان ،وللسيد سلفاكير مقولة شهيرة ،أنه حتى لوتبقت زجاجة مياه واحدة فإنه سيتم إقتسامها مع مصر ،طبعا هذه وعود وتأكيدات ،ولكننا فى نفس الوقت نسعى للتعاون المثمر مع جنوب السودان فى مجال المياه وهناك العديد من المشروعات المائية المقدمة من مصر للجنوب فيما يتعلق بتطهير المجارى المائية والمنح والتدريب وحفر الآبار ،وأعتقد أن التعاون يسير بشكل مرضى للطرفين ،وحتى الآن لاتوجد أى مشكلات .
-كيف سيكون موقف الدولة الجديدة فى الجنوب بشأن الخلافات داخل دول الحوض ؟
=فى آخر زيارة للسيد رئيس الوزراء لجوبا تلقينا تأكيدات من القيادة الجنوبية بأنهم لن يقدموا على أى خطوة ضد مصالح مصر ،بل على العكس ،أنهم مستعدون للتحدث مع باقى الدول التى تريد التوقيع على إتفاق عنتيبى لإقناعهم بوجهة نظر مصر ،وأن تتم كافة القرارات عن طريق التشاور بين كافة دول حوض النيل .
-كان هناك حديث عن إرسال مصر معدات لتطهير المجرى الملاحى للنيل فى الجنوب وبينه وبين الشمال وأن هذه المعدات احتجزت فى ميناء بورسودان وطالبت السلطات السودانية برسوم عنها..هل تم الإفراج عنها ؟
= نعم صحيح لكن تم الإفراج عنها ،هى مشكلات متعلقة بالرسوم ،والمفروض أنها معفاة من الجمارك ،وتم التباحث فى الموضوع ،وتم الإفراج عنها .
-كم بلغت فترة الإحتجاز ؟
=قضت فترة ...لكن كان هناك أيضا سبب إضافى هو بعض الأحداث فى المنطقة وعدم الإستقرار الأمنى.
-والأن تعمل ؟
=نعم وتم تطهير الميناء النهرى بواو ،وستساعد فى إنسياب التواصل بين أجزاء الجنوب عبر النهر .
-كيف يمكن المساهمة فى تعزيز اللغة العربية فى الجنوب ؟وهل سيأتى يوما تندثر فيه خاصة بعد إعتماد الإنجليزية لغة رسمية فى العمل والتعليم ؟
=لا أعتقد أن اللغة العربية ستندثر فى الجنوب ،أكثر من 70% يتحدثون العربى أو مايعرف بعربى جوبا ،وهناك بعض المناسبات يلقى فيها رئيس الجنوب خطبه باللغة العربية عندما يوجه حديثه للشعب مباشرة ،أما إعتماد الإنجليزية لغة رسمية فى دولة الجنوب فإنه يأتى أيضا فى إطار البحث عن هوية مختلفة عن الهوية العربية .
=نحن فى مصر تلقينا طلبات من وزارة التعليم لنساعدهم فى توفير أساتذة للغة العربية والعلوم والرياضيات ،وإن شاء الله ستلعب مصر دورا هاما فى هذا الموضوع .
-هل يمكن أن يشارك الأزهر أيضا بالنسبة للمسلمين فى الجنوب ؟
=لم نتلق أى طلبات له ،وقد أجرينا إتصالات مع رابطة مسلمى جنوب السودان ،وأبدينا إستعدادنا لتقديم أى معونة لهم يحتاجونها سواء فى مجال الكتب أو المصاحف أو غيرها ،وحتى الآن لم يتم بلورة هذا التعاون ،ومازالوا يدرسونه ،وعندما يبلغوننا بمايريدون سنتعاون معهم فيه .
-إتفاقية الحريات الأربع المعمول بها بين مصر والسودان هل ستشمل دولة الجنوب أيضا ؟
=سيكون ذلك خاضعا لرغبة الطرفين ،ولابد أن نقيم إتفاقية العلاقات القنصلية مع الدولة الجديدة .
-وماذا بشأن حالات السفر للجنوب ..هل سيتم الحصول على تأشيرة ؟
=حالات السفر مستمرة كما هى ،وهناك فترة سماح 3 شهور .
-هل ستدعم مصر ترحيب الجامعة العربية بإنضمام دولة الجنوب إليها ؟
=أكيد لو أبدوا رغبة فى ذلك ،وأعتقد أن هذا الأمر سيأخذ منهم وقتا وتفكيرا عميقا .
-هل ستضيف دولة جديدة فى جنوب السودان عبئا إضافيا على الدبلوماسية المصرية فى ظل أوضاع معقدة لها مع دولة الشمال ؟
=لا أعتقد أنه سيكون عبئا ،لأننا من البداية أوضحنا للجانبين أن السودان ككل هى أمننا ،وأننا نحترم إرادة شعب الجنوب ،كما نحترم سيادة دولة الشمال وسيادة دولة الجنوب ،ونسعى لتحقيق المصالح المشتركة بينهما وبين مصر ،وأعتقد أن الجانبين مقتنعين بالموقف المصرى ،وليس لديهما أى مشكلات تتعلق بذلك .
-وماذا بشأن الخلافات والقضايا العالقة بينهما ؟
=فى حال وقوع أى خلافات سنبذل كل مساعينا لحلها بين الجانبين ،وعدم ترك الأمور تتصاعد بين الجانبين ،وعندما صدر قرار فى الشمال أن الطلاب الجنوبيين ستتم إعادتهم للجنوب ،أبدت مصر إستعدادها لإستضافة عددا منهم فى الجامعات المصرية لمساعدة الجنوب ،نظرا لأن الجامعات هنا لاتكفى لإستيعاب جميع العائدين .
-لماذا لم يكن للوفد المصرى كلمة فى إحتفالات إستقلال الجنوب ؟
=للأسف برنامج الإحتفال وضع مبكرا ،وقد أبدينا رغبة بالمشاركة فى كلمة يلقيها الدكتور يحيى الجمل نائب رئيس الوزراء وقتها ،لكن للأسف لم نتمكن نظرا لضيق الوقت ،وكان الإحتفال قد بدأ متأخرا .
-هل تشهد الفترة المقبلة تكثيف للتعاون مع الدولة الجنوبية ؟
=بالتأكيد وقد قدمنا عدد من الدعوات للمسئولين الجنوبيين لزيارة مصر ،من بينهم وزير الخارجية دينق ألور ووعد بتلبيتها قبل شهر رمضان ،وهناك دعوة أخرى موجهة لوزير الرى ووزير الصحة .
-هل كان تسيير خط مصر للطيران لجوبا عاملا إيجابيا فى تعزيز العلاقات ؟
=تسيير خط مصر للطيران لجوبا كان له تأثير عظيم على حركة الأفراد والتبادل التجارى بين البلدين ،ونحن الآن نحاول مع مصر للطيران لتسيير خط مباشر ،حتى ولو رحلة من رحلتيها الحاليتين بدون توقف فى الخرطوم ،كما نحاول بإقناعها بتسيير رحلة نقل بضائع حتى لو واحدة كل شهر ،نظرا للطلب الكبير على هذا الموضوع ،خاصة فى ظل الإقبال على السلع المصرية ،لكن مازال موضوع النقل معوقا.