ماذا سيغني مصطفى سيد أحمد لو حضر هذا الزمان؟!
فايز الشيخ السليك
18 January, 2024
18 January, 2024
فايز الشيخ السليك
يا مصطفى؟ ماذا كنت ستغني بعد مرور ٢٧ عاماً على رحيلك؟ يا حبيبنا الفي عينيك عايشة الناس، يا أيها الرجل الفنان؟. هل تصدق أن أرض الجزيرة التي أحببت تبدلت فيها المفردات؟ وأن وظائف الأشياء القديمة تغيرت؟ هل تتذكر عندما كان اهل الجزيرة يفرح لرؤية طائرات المشروع عندما تحلق فوق رؤوس الناس؟ كانوا يبتسمون، يلَّوحون لكابتن الطائرة بأياديهم محبةً وفرحاً، ونحن الصغار نهرول نحو الترع حتى نلتقط الأسماك قبل أن تنفق لأن مبيد الطائرات يخنقها فتموت وتطفو فوق الماء؟هل تظن أن أهل مدينة ودي مدني يرفعون اليوم أياديهم للطائرات؟ هل تظن أنها تبعث تباشير الموسم الجديد، فتنبت الأرض وعداً وقطناً وقمحاً وتمني؟.
هل سيحتوي مشروعك يا سيد الفنانين كل هذه المتغيرات؟ أذكر أنك في أوج حضورك الجمالي والثوري ذكرت في حوار صحفي أنك "صاحب مشروع " لا يزال في البداية، وما بين الأف والياء عمر يغني للإنسانية والإنسان"، هكذا صاحب " الحلم الفسيح" يرى أنه في بداية الطريق، مع أنه كان حينها الرقم الصعب، الأكثر انتشاراً.أؤكد لك أنك باقٍ لم تمت، ولا يزال مشروعك بمضامينه الثورية، وأشكاله الجمالية ذات المشروع، لم يتغير شيئاً كثيرا، نعم بدأنا مشروع " ثورة لم تكتمل" أو وقفت عند منتصف الطريق، لكن القوم الذين تعرفهم جيداً، شنوا حملات انتقامية، أكثر شراسةً من حملات " عبد القيوم" بطل صديقك القاص بشرى الفاضل، ولا يزال " الحزن فينا كائنٌ يمشي على ساقين"، ولا تزال قصيدة صديقنا المبدع الصادق الرضي، هي عنوان المرحلة!الحزن لا يتخير الدمع ثياباً.
كى يسمى بالقواميس بكاء.
هو شىء يتعرى من فتات الروح.
يعبر من نوافير الدم الكبرى.
ويهرب من حدود المادة السوداء.
شىء ليس يفنى فى محيط الكون.
او يبدو هلاما فى مساحات العدم.
الحزن فينا كائن يمشى على ساقين.
لا زلنا نستعير صوتك مثلما كنت الصوت الوحيد في تسعينيات القرن الماضي، حين كان صوتك ينطلق في منتصف الليالي من غرف " داخليات طلاب وطالبات الجامعات"، ما يمرُّ انسانٌ قرب غرفة؛ إلا وتسرب إليه صوتك منطلقاً من جهاز تسجيل قديم" بعد المشاوير البقت ممدودة في عصب التعب"، وأنت في بواكير العمر، زهو الشباب، تحلم " تعود ويلقاك زول حفظ الوداد زمناً صعب"، ذاك الزمن الذي بدأ فيه الليل المدلهم يطول بطول أزمنة حيرة عم عبد الرحيم، الذي مات مرتين، حكم الحجي، الدجل الكجور، والعسكري كسار الجبور، وعمنا الحاج ود عجبنا، الذي قهره حظر التجول الإسلامي. كانت سماء الخرطوم ملبدة بغيوم المشروع الحضاري الأكذوبة، سماءٌ مكفهرة، لا تمطر إلا وابل وعيد، ولا تبرق إلا بروق خُلّب، كانت مليشيات الخرساء والمغيرات صبحا ومساءٍ تطارد الطالب الوطني/ الديموقراطي، تلاحقه داخل البركس، أو تطارده كتائب الموت " السَمبلة" في شوارع الخرطوم المتربة.
وكم من شابٍ خرج من بيت أهله كي يشتري لهم احتياجات في تلك الأزمنة البوار، إلا أنه لم يعد ، يصطاده الجندرمة المهاويس، يقتادونه مكبلاً بالقيود والخوف والوعيد، يذهب إلى الجنوب بتذكرة ذهاب بلا عودة، يصبح حطباً تشعل به الانقاذ نيران الحقد في غابات الجنوب، لتأكل الانسان والحيوان والأشجار والخرائط. في ذاك الزمان، لا عاصم لك إلا أغنياتك ، تقف عند " كشك " ليمون" مثلج تروي به ظمأ الحلق الجاف، فتمتزج عذوبة صوتك، مع حلاوة طعم الليمون؛ فترتوي الأرواح وترقص الأجساد ، وتنتشي " نشوة ريد" وتسكب في القلب الصغير " عطر الصبابة الما انسكب، "، لا تشعر أنك " واقف براك" بل ثمة ما يغرس فيك الأمل، يرسل إلى النفوس رسائل الأحلام الفسيحة.والأطفال يا بنية بغنوا.واليومّ!
لا نزال نحتاج إلى صوتك في كامل عنفوانه كما نهر النيل " مدفق بالطمي"، يعزف ألحان الحياة، " نبنيك جديد"، يوزع الحَب والحُب والحليب، تتزين الأغنيات من نبرات صوتٍك الطروب، الموشى بالحلي والزخارف، لتهزم " عصب الزمن الأشتر" وتحمل " كتف الغنى الميل". في زماننا ذلك وكيف كانوا يغنون " أمريكا روسيا دنا عذابها"وأنا عائد في يدي " القذيفة".ويهتفون " فلترق كل الدماء" هل تعلم أنهم لا يزالون يرددون ذات الأناشيد النشاز؟! في السابق كنا نركب الحافلات، لكن اليوم لا حافلات، حينا كنا نستغلها متوجهين إلى " السوق العربي" أو " الشعبي" مهمومين بكوابيس " ساحات الفداء" وأكاذيب " جهاد القرود في صفوفهم ، وإصرار الغزالة التي ترقد على الأرض، بعد أن تمد رأسها متوسلةً" أذبحوني ، أذبحوني"، حتى يسدون رمقهم، تظن تلك الغزالان أن الأيادي التي تمسك المصحف خلفها قلوب رقيقة، يبكيها دم الغزال، مع أنها تلك الأيادي والقلوب لا تتردد في إقامة حفل تعذيب داخل بيوت سيئة السمعة. وسط تلك الكوابيس يأتينا صوتك يا مصطفى سيد أحمد، صوتك لا يشبه تلك الأصوات النشاز. ينطلق صوتك الفخيم داخل حافلةٍ حزينة، فيزرع الأحلام، ويبث الأشواق للحبيبة الوطن والوطن الحبيبة، وعلاقة الجدل ما بين فاطنة والأرض، ونورا والغيم، وطيبة وحلم العالم " الناس تتسالم والبني آدم صافي النية".يا مشرع الحلم الفسيح
أنا بينى مابينك جزر تترامى .. والموج اللّديح القدرة والزاد الشحيح كملتو .. ما كِمل الصبر.
نتلاقى في الزمن المريح ميعادنا في وش الفجر.
لم يكن مشروعك ، مشروعاً غنائياً للطرب أو الترفيه، بل مشروع فكري وسياسي وثقافي واجتماعي شامل؛ غايته الحرية والمساواة والعدالة والسلام، هو مشروع ثوري تعبر عنه قصائد سنابل، تحمل القمح والكرامة.وما يميزك؛ أنك فنان " ثوري" مصادم بأغنياتك وألحانك، تهبنا معنى الجمال لنهزم به القبح ، تخرج كلماتك رموزاً مثيرة، مستفزة، تجعل المستمع يفكر فيما وراء الكلمات، ويطرح " أسئلة ليست للإجابة" بل هي أسئلة وجودية وفلسفية " ما معنى أن نحي ولا ندري أن العشق قد يبقى سجيناً في الخلايا؟ما معنى موات أن نشهد موات الأغنيات؟ ما هذا الصمت الذي لا ينتهي؟ برغم حوجتنا الصراخ؟رحل مصطفى قبل ثلاثين عاما، ولا يزال حياً وباقياً فينا، يغني لنا اليوم مآسينا، النزيف، الحرب والدماء والنزوح. طوريتك في الطين مرمية.وكوريتك فاضية ومجدوعة"ترحل يا حبيبنا، وود سلفاب، وكل الجزيرة دخلت فصلاً جديداً من فصول المآسي، كيف كنت ستغني اليوم؟ ماذا ستقول مع القدال، لحليوة؟ ويكون ضل الخريف فاتنا؟ ليس لدي غير صوت رفيقك أبو عركي " أرضك ظمأى وخريفك شح هذا العام"، لقد استبدل " الأوباش" ريحة الدعاش" برائحة الدم، والعسكري كسار الجبور، لا يزال هو هو، يحكم بالحجي الدجل الكجور.هل تعلم يا أبو السيد، أن طائرات رش القطن التي تمنح الأرض الحياة اختفت؟ وأن الطائرات التي تحلق اليوم في سماوات الجزيرة تمنح الناس الموت؟، هل كنت تظن أن هذا سيحدث؟؟.يا سيدي فبالفعل؛ تغطَّت" الأرض بالتَّعب" " والبحر لا يأمن الآن السفينة"، والناس نزوح، ليتهم لو كانوا في مرافئ المدن النفطية، بل يمسكون النيران في أطراف ثيابهم، يزحفون بها من مدينة إلى قرية، أينما يكونوا تدركهم الحرب، لقد أضحت لهم أرض المليون فجيعة أضيق من خرم إبرة، ولا تزال مشاويرهم ممدودة في نبض التعب، وهل تعلم أن " عم عبد الرحيم " مسجيٌ فوق التراب، لا " يسحقه " الكجر" وحدهم، فقد أثبتت الأيام أنهم كانوا أسوداً على الثوار، وفي الحروب نعامة، لذلك جسدك تدهسه دبابات الإسلاميين وتاتشرات " الجنجويد".
يا مصطفى؟ ماذا كنت ستغني بعد مرور ٢٧ عاماً على رحيلك؟ يا حبيبنا الفي عينيك عايشة الناس، يا أيها الرجل الفنان؟. هل تصدق أن أرض الجزيرة التي أحببت تبدلت فيها المفردات؟ وأن وظائف الأشياء القديمة تغيرت؟ هل تتذكر عندما كان اهل الجزيرة يفرح لرؤية طائرات المشروع عندما تحلق فوق رؤوس الناس؟ كانوا يبتسمون، يلَّوحون لكابتن الطائرة بأياديهم محبةً وفرحاً، ونحن الصغار نهرول نحو الترع حتى نلتقط الأسماك قبل أن تنفق لأن مبيد الطائرات يخنقها فتموت وتطفو فوق الماء؟هل تظن أن أهل مدينة ودي مدني يرفعون اليوم أياديهم للطائرات؟ هل تظن أنها تبعث تباشير الموسم الجديد، فتنبت الأرض وعداً وقطناً وقمحاً وتمني؟.
هل سيحتوي مشروعك يا سيد الفنانين كل هذه المتغيرات؟ أذكر أنك في أوج حضورك الجمالي والثوري ذكرت في حوار صحفي أنك "صاحب مشروع " لا يزال في البداية، وما بين الأف والياء عمر يغني للإنسانية والإنسان"، هكذا صاحب " الحلم الفسيح" يرى أنه في بداية الطريق، مع أنه كان حينها الرقم الصعب، الأكثر انتشاراً.أؤكد لك أنك باقٍ لم تمت، ولا يزال مشروعك بمضامينه الثورية، وأشكاله الجمالية ذات المشروع، لم يتغير شيئاً كثيرا، نعم بدأنا مشروع " ثورة لم تكتمل" أو وقفت عند منتصف الطريق، لكن القوم الذين تعرفهم جيداً، شنوا حملات انتقامية، أكثر شراسةً من حملات " عبد القيوم" بطل صديقك القاص بشرى الفاضل، ولا يزال " الحزن فينا كائنٌ يمشي على ساقين"، ولا تزال قصيدة صديقنا المبدع الصادق الرضي، هي عنوان المرحلة!الحزن لا يتخير الدمع ثياباً.
كى يسمى بالقواميس بكاء.
هو شىء يتعرى من فتات الروح.
يعبر من نوافير الدم الكبرى.
ويهرب من حدود المادة السوداء.
شىء ليس يفنى فى محيط الكون.
او يبدو هلاما فى مساحات العدم.
الحزن فينا كائن يمشى على ساقين.
لا زلنا نستعير صوتك مثلما كنت الصوت الوحيد في تسعينيات القرن الماضي، حين كان صوتك ينطلق في منتصف الليالي من غرف " داخليات طلاب وطالبات الجامعات"، ما يمرُّ انسانٌ قرب غرفة؛ إلا وتسرب إليه صوتك منطلقاً من جهاز تسجيل قديم" بعد المشاوير البقت ممدودة في عصب التعب"، وأنت في بواكير العمر، زهو الشباب، تحلم " تعود ويلقاك زول حفظ الوداد زمناً صعب"، ذاك الزمن الذي بدأ فيه الليل المدلهم يطول بطول أزمنة حيرة عم عبد الرحيم، الذي مات مرتين، حكم الحجي، الدجل الكجور، والعسكري كسار الجبور، وعمنا الحاج ود عجبنا، الذي قهره حظر التجول الإسلامي. كانت سماء الخرطوم ملبدة بغيوم المشروع الحضاري الأكذوبة، سماءٌ مكفهرة، لا تمطر إلا وابل وعيد، ولا تبرق إلا بروق خُلّب، كانت مليشيات الخرساء والمغيرات صبحا ومساءٍ تطارد الطالب الوطني/ الديموقراطي، تلاحقه داخل البركس، أو تطارده كتائب الموت " السَمبلة" في شوارع الخرطوم المتربة.
وكم من شابٍ خرج من بيت أهله كي يشتري لهم احتياجات في تلك الأزمنة البوار، إلا أنه لم يعد ، يصطاده الجندرمة المهاويس، يقتادونه مكبلاً بالقيود والخوف والوعيد، يذهب إلى الجنوب بتذكرة ذهاب بلا عودة، يصبح حطباً تشعل به الانقاذ نيران الحقد في غابات الجنوب، لتأكل الانسان والحيوان والأشجار والخرائط. في ذاك الزمان، لا عاصم لك إلا أغنياتك ، تقف عند " كشك " ليمون" مثلج تروي به ظمأ الحلق الجاف، فتمتزج عذوبة صوتك، مع حلاوة طعم الليمون؛ فترتوي الأرواح وترقص الأجساد ، وتنتشي " نشوة ريد" وتسكب في القلب الصغير " عطر الصبابة الما انسكب، "، لا تشعر أنك " واقف براك" بل ثمة ما يغرس فيك الأمل، يرسل إلى النفوس رسائل الأحلام الفسيحة.والأطفال يا بنية بغنوا.واليومّ!
لا نزال نحتاج إلى صوتك في كامل عنفوانه كما نهر النيل " مدفق بالطمي"، يعزف ألحان الحياة، " نبنيك جديد"، يوزع الحَب والحُب والحليب، تتزين الأغنيات من نبرات صوتٍك الطروب، الموشى بالحلي والزخارف، لتهزم " عصب الزمن الأشتر" وتحمل " كتف الغنى الميل". في زماننا ذلك وكيف كانوا يغنون " أمريكا روسيا دنا عذابها"وأنا عائد في يدي " القذيفة".ويهتفون " فلترق كل الدماء" هل تعلم أنهم لا يزالون يرددون ذات الأناشيد النشاز؟! في السابق كنا نركب الحافلات، لكن اليوم لا حافلات، حينا كنا نستغلها متوجهين إلى " السوق العربي" أو " الشعبي" مهمومين بكوابيس " ساحات الفداء" وأكاذيب " جهاد القرود في صفوفهم ، وإصرار الغزالة التي ترقد على الأرض، بعد أن تمد رأسها متوسلةً" أذبحوني ، أذبحوني"، حتى يسدون رمقهم، تظن تلك الغزالان أن الأيادي التي تمسك المصحف خلفها قلوب رقيقة، يبكيها دم الغزال، مع أنها تلك الأيادي والقلوب لا تتردد في إقامة حفل تعذيب داخل بيوت سيئة السمعة. وسط تلك الكوابيس يأتينا صوتك يا مصطفى سيد أحمد، صوتك لا يشبه تلك الأصوات النشاز. ينطلق صوتك الفخيم داخل حافلةٍ حزينة، فيزرع الأحلام، ويبث الأشواق للحبيبة الوطن والوطن الحبيبة، وعلاقة الجدل ما بين فاطنة والأرض، ونورا والغيم، وطيبة وحلم العالم " الناس تتسالم والبني آدم صافي النية".يا مشرع الحلم الفسيح
أنا بينى مابينك جزر تترامى .. والموج اللّديح القدرة والزاد الشحيح كملتو .. ما كِمل الصبر.
نتلاقى في الزمن المريح ميعادنا في وش الفجر.
لم يكن مشروعك ، مشروعاً غنائياً للطرب أو الترفيه، بل مشروع فكري وسياسي وثقافي واجتماعي شامل؛ غايته الحرية والمساواة والعدالة والسلام، هو مشروع ثوري تعبر عنه قصائد سنابل، تحمل القمح والكرامة.وما يميزك؛ أنك فنان " ثوري" مصادم بأغنياتك وألحانك، تهبنا معنى الجمال لنهزم به القبح ، تخرج كلماتك رموزاً مثيرة، مستفزة، تجعل المستمع يفكر فيما وراء الكلمات، ويطرح " أسئلة ليست للإجابة" بل هي أسئلة وجودية وفلسفية " ما معنى أن نحي ولا ندري أن العشق قد يبقى سجيناً في الخلايا؟ما معنى موات أن نشهد موات الأغنيات؟ ما هذا الصمت الذي لا ينتهي؟ برغم حوجتنا الصراخ؟رحل مصطفى قبل ثلاثين عاما، ولا يزال حياً وباقياً فينا، يغني لنا اليوم مآسينا، النزيف، الحرب والدماء والنزوح. طوريتك في الطين مرمية.وكوريتك فاضية ومجدوعة"ترحل يا حبيبنا، وود سلفاب، وكل الجزيرة دخلت فصلاً جديداً من فصول المآسي، كيف كنت ستغني اليوم؟ ماذا ستقول مع القدال، لحليوة؟ ويكون ضل الخريف فاتنا؟ ليس لدي غير صوت رفيقك أبو عركي " أرضك ظمأى وخريفك شح هذا العام"، لقد استبدل " الأوباش" ريحة الدعاش" برائحة الدم، والعسكري كسار الجبور، لا يزال هو هو، يحكم بالحجي الدجل الكجور.هل تعلم يا أبو السيد، أن طائرات رش القطن التي تمنح الأرض الحياة اختفت؟ وأن الطائرات التي تحلق اليوم في سماوات الجزيرة تمنح الناس الموت؟، هل كنت تظن أن هذا سيحدث؟؟.يا سيدي فبالفعل؛ تغطَّت" الأرض بالتَّعب" " والبحر لا يأمن الآن السفينة"، والناس نزوح، ليتهم لو كانوا في مرافئ المدن النفطية، بل يمسكون النيران في أطراف ثيابهم، يزحفون بها من مدينة إلى قرية، أينما يكونوا تدركهم الحرب، لقد أضحت لهم أرض المليون فجيعة أضيق من خرم إبرة، ولا تزال مشاويرهم ممدودة في نبض التعب، وهل تعلم أن " عم عبد الرحيم " مسجيٌ فوق التراب، لا " يسحقه " الكجر" وحدهم، فقد أثبتت الأيام أنهم كانوا أسوداً على الثوار، وفي الحروب نعامة، لذلك جسدك تدهسه دبابات الإسلاميين وتاتشرات " الجنجويد".