ماذا يدور في الجهاز المركزي للإحصاء !!

 


 

 

منذ الأيام الأولى لحكومة حمدوك بعد ثورة ديسمبر العظمى ظللنا ننادي بضرورة الاهتمام بمؤسستين أو هيئتين لا يمكن أن تنهض دولة بغير الاهتمام بهما والبداية منهما...)المركز القومي للبحوث( و)الجهاز المركزي للإحصاء(...هذا إذا شئنا الجدّية...! وقلنا حينها إننا لم نسمع (ربما منذ الاستقلال) بأن اهتم رئيس دولة أو رئيس حزب بتسجيل مجرد زيارة لهاتين الهيئتين تؤكد الاهتمام بهما والتطلع إلى عونهما حتى يعرف من أين يبدأ خطته الاقتصادية التنموية..أو وكيف يصمم برنامجه الانتخابي..! فقد اعتدنا أن نأخذ السياسة والعمل العام على طريقة (سبهللية) يتجسّد الآن مثالها في سلوك وتصرفات الانقلابيين والبرهان وكباشي وجبريل وأردول ومناوي وعسكوري..وهو نهج من الخبط العشوائي والاعتزاز بالجهل..يسميه أحد الأصدقاء الساخرين نهج (صدقني ما بقدر أعيد)..!
أقول لقد أصابنا قدر كبير من الانزعاج عندما قرأنا وسمعنا عن ما يدور في الجهاز المركزي للإحصاء بالنظر إلى الأهمية البالغة لهذا المرفق، وباعتبار أنه الجهة المهنية الرئيسية والوحيدة المعنية بجمع البيانات واستخراج المؤشرات الخاصة بالتخطيط والتنمية..مثل الناتج المحلي الإجمالي ونسبة التضخم ومعدل الفقر..إلخ وهذا من صميم حياة الدول وحياة الناس..دعك من انه المكان الذي يتم فيه التعداد السكاني ومعدلات الأعمار..إلخ ولا ندري كيف يتم إجراء الانتخابات التي يلهج بذكرها الفلول وجماعة الانقلاب من أجل إجهاض الثورة وتسميم الفترة الانتقالية بالهرجلة وتهيئة المناخ لمواصلة تزوير الانتخابات على طريقة الإنقاذ المشهورة في (خج الصناديق)..!
على كل حال قرأنا في الصحف والمواقع عن استقالات جماعية تتم في جهاز الإحصاء بسبب (خلل جسيم) في إدارة هذا المرفق وظلامات واتهامات بالمحسوبية والمحاباة والتوجهات الخاطئة التي قادت إلى شلل في وتيرة العمل وأداء المهام، مع إشارة إلى ممارسات مختلفة من الفساد الإداري والمالي..ونحن هنا لا نرمي بالاتهامات من غير سند وكل المطلوب أن يتم (تحقيق عاجل وعادل) حتى لا تضيع حقوق العاملين أو الإدارة..وأهم من ذلك حقوق الوطن واستقامة تقاليد وقوانين الخدمة المدنية..فليس صدفة أن يتقدم عشرات العاملين باستقالاتهم من هذا المرفق كما جاء في مواقع إخبارية وصحف يومية...خاصة وأن من بين المستقيلين المتضررين كفاءات عالية التأهيل وبعضهم عمل في هذا المرفق لعشرات السنين ..!
لقد ذكر بعض العاملين في جهاز الإحصاء (ومعهم حق) أنهم يرون بعدم صوابية (التعيينات السياسية) في هذا المرفق الذي يقوم على (المهنية الصماء) والأرقام والبيانات التي لا تقبل التلاعب..! وقد بدأت الإنقاذ هذا النهج من أجل تزييف وتزوير الأرقام الحقيقية للمؤشرات المالية والاقتصادية والتعداد السكاني وغيرها من بيانات من أجل تزييف الحقائق وتزوير الواقع والعبث بالمال العام والتلاعب بسمعة الدولة ومعيشة المواطنين..!! وتقول هذه المجموعة التي قدمت استقالتها أنهم رفعوا شكواهم لرئاسة مجلس الوزراء التي يتبع لها جهاز الإحصاء منبهين لخطورة ما يجري فيه من ممارسات مخلّة في إسناد الوظائف وتوزيع المهام وصرف المخصّصات الباهظة في غير مكانها والمخالفة الصريحة لقوانين الخدمة المدنية..الخ وإذا صحّت هذه المعلومات فلا يمكن لشخص واحد أن يمنح نفسه ثلاثة مرتبات شهرياً (بثلاثة طواقي) لمجرد (أن القلم بيده) وأنه يستطيع مكافأة نفسه بالتصديق ثم التوقيع ثم الاستلام...!
طبعاً غنيٌ عن القول أن البلاد تعيش حاليا تحت (انقلاب أرعن) وفوضى عارمة وغياب للحكومة وحالة (شلل رباعي) لوزراء مكلفين..وقد خلق ذلك (استباحة وظيفية شاملة) يقوم بانتهازها حالياً كل المتلهفين لنهب مال الدولة ومرافقها ومعهم أهل العلل النفسية وأنصار الجهالة الذين تحتشد بهم مرافق الخدمة المدنية والذين يريدون استعراض أمراضهم الاجتماعية في التسلط والانتقام من الكفاءات وتصفية حساباتهم من الموظفين أصحاب الاستقامة...فليس أضرّ على أي مدير فاسد من موظف مستقيم...!
ماذا يدور في جهاز الإحصاء..؟ وألا يستوجب الأمر تحقيقاً عاجلاً..؟! فماذا يصنع الناس إذا وصل الفساد إلى (الملح) وإلى أجهزة مهنية عالية الحساسية لا يكون الضرر فيها من الاختلال الإداري والمالي مثل الضرر في (مدينة ملاهي) أو في (كوافير شعبي).. إنه الجهاز المركزي للإحصاء...!

murtadamore@yahoo.com
/////////////////////

 

آراء