مايو …….. ام الكوارث

 


 

 

امس كانت الذكري ال ٥٥ لانقلاب مايو عام ١٩٦٩.
اعتقد ان اكبر كارثة مرت علي السودان الحديث هي نظام مايو و بالتحديد جعفر النميري.
فبسبب مايو و جعفر نميري حدث انقلاب الجبهة الاسلامية في يونيو ١٩٨٩، و بسبب ذلك الانقلاب ظهر في الساحة السياسية السودانية محمد حمدان دقلو و دعمه السًريع الذي ادخلنا فيما نحن فيه الان.

مرت مايو بثلاثة مراحل ،
المرحلة الاولي من ١٩٦٩ الي ١٩٧١، و هي مرحلة مايو اليسارية و التي تحالفت فيها مع الحزب الشيوعي و انتهت باعدام قادة الحزب الشيوعي و اعتقال و فصل و تشريد منسوبيه.
المرحلة الثانية من ١٩٧٢ الي ١٩٧٦، مرحلة مايو الليبرالية و التي كان راس الرمح فيها د. منصور خالد و انتهت باستبعاده من السلطة و من ثم خروجه من السًودان ليهاجم مايو بمقالاته و كتبه الشهيرة و انتهت به الي الانضمام الي الحركة الشعبية بقيادة جون قرنق في حربها ضد مايو .
و المرحلة الثالثة من ١٩٧٧ الي ١٩٨٥ مرحلة مايو الاسلامية و عرابها د. حسن الترابي ، و هذه المرحلة الثالثة هي قطعا اخطر المراحل و اكثرها كارثية.
لقد تكونت الجبهة الوطنية من احزاب الاتحادي بقيادة الشريف الهندي ، حزب الامة بقيادة الصادق المهدي و الذي جعله الشريف رئيسا للجبهة الوطنية و حزب جبهة الميثاق (تنظيم الاسلاميين) بقيادة الترابي و الذي كآن لفترة طويلة في سجن مايو.
اتفقت مكونات الجبهة الوطنية علي اسقاط مايو و توجت عملها بمحاولة ٢ يوليو ١٩٧٦ المساحة حين دخلت قواتهم العاصمة و كادت ان تستولي علي السلطة الا انها فشلت و انتهت المحاولة بالقضاء علي القوات التي دخلت العاصمة.
فاجاً الصادق المهدي شريكه الهندي بان عقد لقاءا مع نميري في ديسمبر ١٩٧٦ في بورتسودان و تمت بموجبه المصالحة بين الصادق و النميري و التي اعلنت في ١٩٧٧. انضم الترابي لهذه المصالحة و هو ما اثار غضب الهندي فاتصل به مستنكرا و مذكرا له بالاتفاق الذي تم معه لاسقاط مايو، ذكر الشريف الهندي ان رد الترابي له كإن كالاتي: "انني خرجت من السجن و لم اجد احدا من التنظيم الذي كونته في فترة الديمقراطية الثانية و بالتالي لن افيدك بشيء الان فاعطيني فرصة ١٠ الي ١٢ سنة عندها ساكون قادرا علي عمل شيء يفيدك! " قال الشريف انه اقتنع بكلام الترابي!
و توفي الشريف في عام ١٩٨١ و لم يشهد ما حدث بعد ذلك .
ما فعله الترابي عند انضمامه للمصالحة هو الكارثة الحقيقية التي ادخلت السًودان في النفق المظلم ، كما ذكر الترابي في حلقات تلفزيون الجزيرة انه دخل المصالحة لتكوين تنظيم قادر علي استلام السلطة ! فقد استغل نقطة ضعف نميري بحبه للسلطة و التسلط فاظهر له الولاء الكامل و احدث له القوانين التي تعطيه السيطرة الكاملة علي الدولة بل ذهب الي ابعد من ذلك بان اعلن نميري اميرا للمسلمين ! كل ذلك لكي يعمل من خلف نميري علي تكوين تنظيمه بهدف استلام السلطة لاحقا، فارسل شبابه الي البعثات للغرب و أمريكا و كون تنظيماته في معظم انحاء السودان و ادخل بعض شبابه في سلطة مايو للتدريب علي العمل القيادي مثالا جعل علي عثمان محمد طه رائدا لمجلس شعب نميري ، كما انه خلق علاقات مع دول السعودية و الخليج و قوي من روابط افراد تنظيمه في الخارج مع تلك الدول حتي اصبح الترابي دولة داخل نظام مايو و نميري لا يدري بما يدور من حوله و عندما افاق الي الواقع بعد زيارة جورج بوش نائب الرئيس الامريكي وقتها و الذي اخطره بها ( و كان هذا عمل استخباراتي ذكي من بوش عندما احس بان نظام مايو علي وشك الانهيار و ان تصلب شرايين نميري تجعله غير قادر علي الاستمرار ، اراد ان يحافظ علي الاسلاميين الذين تورطوا كثيرا مع مايو و بالتالي اي تغيير و هم في السلطة سيجعل قوي اليسار تسيطر علي الموقف، فكان اعتقال الترابي و عدد من قيادات الاخوان قبل شهر من سقوط النظام حفاظا عليهم)
لولا مايو و جهل النميري و حبه للسلطة الذي عماه بما يفعله الترابي لما كانت الانقاذ التي ادخلت السًودان في هذا الدمار الذي نحن فيه الان.
اذن مايو و جعفر النميري هما الكارثة الحقيقية التي اصابت السودان الحديث!
د. احمد عزالدين ابوالقاسم

ahmed.gassim@hotmail.co.uk

 

آراء