مايو …….. ام الكوارث
احمد عزالدين ابوالقاسم
26 May, 2024
26 May, 2024
امس كانت الذكري ال ٥٥ لانقلاب مايو عام ١٩٦٩.
اعتقد ان اكبر كارثة مرت علي السودان الحديث هي نظام مايو و بالتحديد جعفر النميري.
فبسبب مايو و جعفر نميري حدث انقلاب الجبهة الاسلامية في يونيو ١٩٨٩، و بسبب ذلك الانقلاب ظهر في الساحة السياسية السودانية محمد حمدان دقلو و دعمه السًريع الذي ادخلنا فيما نحن فيه الان.
مرت مايو بثلاثة مراحل ،
المرحلة الاولي من ١٩٦٩ الي ١٩٧١، و هي مرحلة مايو اليسارية و التي تحالفت فيها مع الحزب الشيوعي و انتهت باعدام قادة الحزب الشيوعي و اعتقال و فصل و تشريد منسوبيه.
المرحلة الثانية من ١٩٧٢ الي ١٩٧٦، مرحلة مايو الليبرالية و التي كان راس الرمح فيها د. منصور خالد و انتهت باستبعاده من السلطة و من ثم خروجه من السًودان ليهاجم مايو بمقالاته و كتبه الشهيرة و انتهت به الي الانضمام الي الحركة الشعبية بقيادة جون قرنق في حربها ضد مايو .
و المرحلة الثالثة من ١٩٧٧ الي ١٩٨٥ مرحلة مايو الاسلامية و عرابها د. حسن الترابي ، و هذه المرحلة الثالثة هي قطعا اخطر المراحل و اكثرها كارثية.
لقد تكونت الجبهة الوطنية من احزاب الاتحادي بقيادة الشريف الهندي ، حزب الامة بقيادة الصادق المهدي و الذي جعله الشريف رئيسا للجبهة الوطنية و حزب جبهة الميثاق (تنظيم الاسلاميين) بقيادة الترابي و الذي كآن لفترة طويلة في سجن مايو.
اتفقت مكونات الجبهة الوطنية علي اسقاط مايو و توجت عملها بمحاولة ٢ يوليو ١٩٧٦ المساحة حين دخلت قواتهم العاصمة و كادت ان تستولي علي السلطة الا انها فشلت و انتهت المحاولة بالقضاء علي القوات التي دخلت العاصمة.
فاجاً الصادق المهدي شريكه الهندي بان عقد لقاءا مع نميري في ديسمبر ١٩٧٦ في بورتسودان و تمت بموجبه المصالحة بين الصادق و النميري و التي اعلنت في ١٩٧٧. انضم الترابي لهذه المصالحة و هو ما اثار غضب الهندي فاتصل به مستنكرا و مذكرا له بالاتفاق الذي تم معه لاسقاط مايو، ذكر الشريف الهندي ان رد الترابي له كإن كالاتي: "انني خرجت من السجن و لم اجد احدا من التنظيم الذي كونته في فترة الديمقراطية الثانية و بالتالي لن افيدك بشيء الان فاعطيني فرصة ١٠ الي ١٢ سنة عندها ساكون قادرا علي عمل شيء يفيدك! " قال الشريف انه اقتنع بكلام الترابي!
و توفي الشريف في عام ١٩٨١ و لم يشهد ما حدث بعد ذلك .
ما فعله الترابي عند انضمامه للمصالحة هو الكارثة الحقيقية التي ادخلت السًودان في النفق المظلم ، كما ذكر الترابي في حلقات تلفزيون الجزيرة انه دخل المصالحة لتكوين تنظيم قادر علي استلام السلطة ! فقد استغل نقطة ضعف نميري بحبه للسلطة و التسلط فاظهر له الولاء الكامل و احدث له القوانين التي تعطيه السيطرة الكاملة علي الدولة بل ذهب الي ابعد من ذلك بان اعلن نميري اميرا للمسلمين ! كل ذلك لكي يعمل من خلف نميري علي تكوين تنظيمه بهدف استلام السلطة لاحقا، فارسل شبابه الي البعثات للغرب و أمريكا و كون تنظيماته في معظم انحاء السودان و ادخل بعض شبابه في سلطة مايو للتدريب علي العمل القيادي مثالا جعل علي عثمان محمد طه رائدا لمجلس شعب نميري ، كما انه خلق علاقات مع دول السعودية و الخليج و قوي من روابط افراد تنظيمه في الخارج مع تلك الدول حتي اصبح الترابي دولة داخل نظام مايو و نميري لا يدري بما يدور من حوله و عندما افاق الي الواقع بعد زيارة جورج بوش نائب الرئيس الامريكي وقتها و الذي اخطره بها ( و كان هذا عمل استخباراتي ذكي من بوش عندما احس بان نظام مايو علي وشك الانهيار و ان تصلب شرايين نميري تجعله غير قادر علي الاستمرار ، اراد ان يحافظ علي الاسلاميين الذين تورطوا كثيرا مع مايو و بالتالي اي تغيير و هم في السلطة سيجعل قوي اليسار تسيطر علي الموقف، فكان اعتقال الترابي و عدد من قيادات الاخوان قبل شهر من سقوط النظام حفاظا عليهم)
لولا مايو و جهل النميري و حبه للسلطة الذي عماه بما يفعله الترابي لما كانت الانقاذ التي ادخلت السًودان في هذا الدمار الذي نحن فيه الان.
اذن مايو و جعفر النميري هما الكارثة الحقيقية التي اصابت السودان الحديث!
د. احمد عزالدين ابوالقاسم
ahmed.gassim@hotmail.co.uk
اعتقد ان اكبر كارثة مرت علي السودان الحديث هي نظام مايو و بالتحديد جعفر النميري.
فبسبب مايو و جعفر نميري حدث انقلاب الجبهة الاسلامية في يونيو ١٩٨٩، و بسبب ذلك الانقلاب ظهر في الساحة السياسية السودانية محمد حمدان دقلو و دعمه السًريع الذي ادخلنا فيما نحن فيه الان.
مرت مايو بثلاثة مراحل ،
المرحلة الاولي من ١٩٦٩ الي ١٩٧١، و هي مرحلة مايو اليسارية و التي تحالفت فيها مع الحزب الشيوعي و انتهت باعدام قادة الحزب الشيوعي و اعتقال و فصل و تشريد منسوبيه.
المرحلة الثانية من ١٩٧٢ الي ١٩٧٦، مرحلة مايو الليبرالية و التي كان راس الرمح فيها د. منصور خالد و انتهت باستبعاده من السلطة و من ثم خروجه من السًودان ليهاجم مايو بمقالاته و كتبه الشهيرة و انتهت به الي الانضمام الي الحركة الشعبية بقيادة جون قرنق في حربها ضد مايو .
و المرحلة الثالثة من ١٩٧٧ الي ١٩٨٥ مرحلة مايو الاسلامية و عرابها د. حسن الترابي ، و هذه المرحلة الثالثة هي قطعا اخطر المراحل و اكثرها كارثية.
لقد تكونت الجبهة الوطنية من احزاب الاتحادي بقيادة الشريف الهندي ، حزب الامة بقيادة الصادق المهدي و الذي جعله الشريف رئيسا للجبهة الوطنية و حزب جبهة الميثاق (تنظيم الاسلاميين) بقيادة الترابي و الذي كآن لفترة طويلة في سجن مايو.
اتفقت مكونات الجبهة الوطنية علي اسقاط مايو و توجت عملها بمحاولة ٢ يوليو ١٩٧٦ المساحة حين دخلت قواتهم العاصمة و كادت ان تستولي علي السلطة الا انها فشلت و انتهت المحاولة بالقضاء علي القوات التي دخلت العاصمة.
فاجاً الصادق المهدي شريكه الهندي بان عقد لقاءا مع نميري في ديسمبر ١٩٧٦ في بورتسودان و تمت بموجبه المصالحة بين الصادق و النميري و التي اعلنت في ١٩٧٧. انضم الترابي لهذه المصالحة و هو ما اثار غضب الهندي فاتصل به مستنكرا و مذكرا له بالاتفاق الذي تم معه لاسقاط مايو، ذكر الشريف الهندي ان رد الترابي له كإن كالاتي: "انني خرجت من السجن و لم اجد احدا من التنظيم الذي كونته في فترة الديمقراطية الثانية و بالتالي لن افيدك بشيء الان فاعطيني فرصة ١٠ الي ١٢ سنة عندها ساكون قادرا علي عمل شيء يفيدك! " قال الشريف انه اقتنع بكلام الترابي!
و توفي الشريف في عام ١٩٨١ و لم يشهد ما حدث بعد ذلك .
ما فعله الترابي عند انضمامه للمصالحة هو الكارثة الحقيقية التي ادخلت السًودان في النفق المظلم ، كما ذكر الترابي في حلقات تلفزيون الجزيرة انه دخل المصالحة لتكوين تنظيم قادر علي استلام السلطة ! فقد استغل نقطة ضعف نميري بحبه للسلطة و التسلط فاظهر له الولاء الكامل و احدث له القوانين التي تعطيه السيطرة الكاملة علي الدولة بل ذهب الي ابعد من ذلك بان اعلن نميري اميرا للمسلمين ! كل ذلك لكي يعمل من خلف نميري علي تكوين تنظيمه بهدف استلام السلطة لاحقا، فارسل شبابه الي البعثات للغرب و أمريكا و كون تنظيماته في معظم انحاء السودان و ادخل بعض شبابه في سلطة مايو للتدريب علي العمل القيادي مثالا جعل علي عثمان محمد طه رائدا لمجلس شعب نميري ، كما انه خلق علاقات مع دول السعودية و الخليج و قوي من روابط افراد تنظيمه في الخارج مع تلك الدول حتي اصبح الترابي دولة داخل نظام مايو و نميري لا يدري بما يدور من حوله و عندما افاق الي الواقع بعد زيارة جورج بوش نائب الرئيس الامريكي وقتها و الذي اخطره بها ( و كان هذا عمل استخباراتي ذكي من بوش عندما احس بان نظام مايو علي وشك الانهيار و ان تصلب شرايين نميري تجعله غير قادر علي الاستمرار ، اراد ان يحافظ علي الاسلاميين الذين تورطوا كثيرا مع مايو و بالتالي اي تغيير و هم في السلطة سيجعل قوي اليسار تسيطر علي الموقف، فكان اعتقال الترابي و عدد من قيادات الاخوان قبل شهر من سقوط النظام حفاظا عليهم)
لولا مايو و جهل النميري و حبه للسلطة الذي عماه بما يفعله الترابي لما كانت الانقاذ التي ادخلت السًودان في هذا الدمار الذي نحن فيه الان.
اذن مايو و جعفر النميري هما الكارثة الحقيقية التي اصابت السودان الحديث!
د. احمد عزالدين ابوالقاسم
ahmed.gassim@hotmail.co.uk