ما أشبه الليلة بالبارحة (2ـ2)!. صحيفة من وجيش من؟!
حسن الجزولي
17 December, 2021
17 December, 2021
تعليقاً على تهجم صحيفة القوات المسلحة على الحزب الشيوعي!.
حسن الجزولي
ألجمت الدهشة طيفاً واسعاً من الوطنيين الحادبين على البلاد عند اطلاعهم على مقال المقدم الركن إبراهيم الحوري رئيس تحرير صحيفة القوات المسلحة والذي انبرى فيه بالشتائم المقذعة والاهانات والسفه للحزب الشيوعي السوداني وعضويته، حيث أن عنصر الدهشة والعجب ليس فيما ساقه من تهم ظلت أفواه أعداء الحزب تلوكها منذ أربعينيات القرن الماضي صباح مساء ـ وهي على كل إتهامات ممجوجة وبائسة وفقيرة وضحلة ـ إنما في كون أن التهجم (السياسي) يأتي من منبر إعلامي للقوات المسلحة السودانية، وليس معروفاً ما إن كان (سعادة) المقدم ينطلق في ما كتبه من قناعات (شخصية) تخصه وحده، إم يا ترى هو رأي القوات المسلحة السودانية في الحزب الشيوعي السوداني!، لآن أحلاهما مر كالحنظل!، فإن كان يتحدث منطلقاً من رأي شخصي، هل يعني هذا أن أفراد القوات النظامية مسموح لهم بالانتماء والخوض في السياسة لهذه الدرجة لمصلحة قوى سياسية ضد قوى سياسية أخرى يا ترى؟!، وأما إن كان يتحدث إنابة عن القوات المسلحة، فهي الطامة الكبرى، لأن الجيش سيضحى في هذه الحالة مؤسسة ليست قومية مطلقاً ولا تقف من جميع المكونات والقوى السياسية بالبلاد على مسافة واحدة، بل تقف إلى جانب قوى سياسية بعينها ضد أخرى!، فمالذي سيختاره سيادته؟!.
يعود المقدم الحوري عبر مقال (تفسيري) آخر بصحيفة القوات المسلحة معقباً على الكتابات والاستنكار الواسع الذي جوبه به مقاله حول التهجم على الحزب الشيوعي، فلم يطرح جديداً أو يبرر فعلاً، بل كان ما كتبه دفعاً للهجوم والاستنكار ( أكثر بؤساً)، حيث كابر وغالط مواصلاً هجومه المقذع ومتناولاً سيرة حزب سياسي بالساحة، فقد تحدث عنه كما في السابق، بشكل سلبي يفضح مرامي وتوجهات كاتب المقال، والذي هو برتبة عسكرية ويتبوأ منصباً مرموقاً في هرمية القوات المسلحة، مستغلاً المنبر الاعلامي للجيش السوداني والذي من المفترض أن يكون حسب واقع الأحوال ضمن منصات التوجيه الاعلامي الرصين داخل القوات المسلحة لمجموع ضباط وجنود المؤسسة الاعلامية انطلاقاً من منطلقات قومية ووطنية بحتة، شاحذاً لهممهم ومعمقاً فيهم روح الجندية المتجهة لمجموع الشعب بكلياته، خاصة والقوات المسلحة في هذه الفترة الانتقالية خارجة من أتون حقبة امتدت لثلاثين عاماً تم فيها امتهان معاني القومية للجندي السوداني وتم تجييره لمصلحة توجهات سياسية لتنظيم وحيد وفقير ومعزول كتنظيم الأخوان المسلمين، لتتحول عقيدة القوات المسلحة السودانية من فسيح المنطلقات القومية إلى مضيق المنطلقات الحزبية، مما عرض القوات المسلحة لتدمير في بنيتها بالكامل، وكان المأمول تبن إصلاح جذري يبدأ بهيكلة صحيحة لها من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه، ولكنا وللأسف نجد أننا أمام نفس الممارسات سيئة الصيت بالمقال غير السوي من السيد رئيس تحرير صحيفة القوات المسلحة وهو يشحذ قلمه للتهجم على حزب سياسي انتصاراً لأفكار حزب آخر!.
وفي واقع الأمر فقد بدأ تسلل جماعات الأخوان المسلمين وأبواقهم بمختلق تسمياتهم وتوجهاتهم الفكرية، منذ ما يسمى بالمصالحة الوطنية في عهد السفاح النميري ونظامه المايوي عام 1977 عندما تم طرحه في محاولة لفرملة تصاعد النشاط الجماهيري وتهديد بقاء النظام المايوي، فلم يلبي تلك الدعوة للمصالحة سوى تنظيم الأخوان المسلمين الذي رأى فيها فرصة تكتيكية للتغلغل داخل جسم السلطة المايوية واستغلال وجوده فيها ليتمدد رويداً، وهي المرحلة التي أطلقوا عليها (مرحلة الكمون) لبناء تنظيمهم و (تسمينه) تماماً كالقراد بواسطة امتصاصهم دماء جسم السلطة، وقد اهتموا وتوجهوا بكلياتهم نحو القوات المسلحة التي اخترقوها بشتى السبل والأحابيل، لتأتي مرحلة الحكومة الانتقالية بعد سقوط النظام المايوي فترة الانتفاضة ليقدم لهم المشير الراحل سوار الدهب (المساعدات اللوجستية) في طبق من ذهب!.
نذكر أنه في تلك الفترة وقد ضرب الجفاف والتصحر أجزاء كبيرة من البلاد التي دخل مواطنوها في مرحلة المسغبة، أن تقدمت قيادة اتحاد الشباب السوداني بطلب للقاء المشير سوار الدهب ـ باعتباره رئيس المجلس العسكري الانتقالي في تلك الفترة ـ من أجل توفير معينات في وجهة مساهمة الاتحاد بتقديم المساعدة للتخفيف من آثار الجفاف والتصحر في أوساط المواطنين الذين تضرروا، وقبعت قيادة الاتحاد في انتظار ذلك اللقاء حتى انتهاء الفترة الانتقالية دون الحصول على إذن باللقاء!، في حين أن منظمة شباب البناء التنظيم التابع للجبهة القومية الاسلامية وقتها وجد فرصة واسعة للقاء المشير سوار الدهب بمجرد أن تقدموا له بطلب ليلتقوه، بل أكثر من ذلك تبنى المشروع الذي تقدموا به والمتعلق (بدعم القوات المسلحة مادياً ومعنوياً)! وهو المشروع الذي مهدوا به الطريق للتغلغل بصورة أوسع داخل جسم القوات المسلحة. حول هذه الجزئية نعيد نشر المقال الذي كتبه الأستاذ الراحل التيجاني الطيب منبهاً لخطورة مثل هذه التوجهات، مما يعتبر ذلك يدخل كما ذكرنا في باب ( ما أشبه الليلة بالبارحة)!:ـ
***
هل هذا في مصلحة الشعب.. أو قواته المسلحة
(نشر بتأريخ: الأحد 20 أكتوبر 1985م، بصحيفة الميدان)
التيجاني الطيب بابكر
ذكرت في تقريري عن حوار (الميدان) مع اللجنة السياسية للمجلس العسكري الإنتقالي أن الفريق محمد ميرغني والعميد عبدالعزيز الأمين أبديا عدم علمهما بالمشروع الكامل الذي تقدمت به منظمة شاب البناء وقبله الفريق سوار الذهب، وكان ظنهما أنه يقتصر على التبرع بالدم، وأنا أنقل عن صحيفتي (المراية) و(الصحافة) ما نشرناه عن المقابلة التي تمت بين وفد المنظمة المذكورة والسيد رئيس المجلس العسكري الإنتقالي وما دار فيها وأعقبها من حديث وتصريحات.
جاء في جريدة (الراية) السبت 5 أكتوبر 1985م:
(أستقبل الفريق أول سوار الذهب صباح أمس الأول السادة زيدان حسن رئيس منظمة شباب البناء، ومحمد عثمان محجوب أمين عام المنظمة ومحمد مندور المهدي أمين تعبئة الإغاثة بالمنظمة وقد قدم الوفد لسيادته مشروع المنظمة لدعم القوات المسلحة مادياً ومعنوياً. وأوضح السيد رئيس المنظمة لسونا أن المشروع يهدف إلى تأكيد قيمة الجندية وإستنهاض الشعور القومي بتحمل مسئولية الدفاع عن الوطن والعرفان والتقدير لمن ضحوا بأرواحهم في سبيل إستقرار وأمن بلدهم ومواطنيهم.
(وأشار إلى أن المنظمة ستصدر سلسلة كتيب (بطولات الجندي السوداني) وستقوم بتوثيق أسماء وصور شهداء قواتنا المسلحة ونشرها في كتب وتكريم الشهداء في المناسبات القومية وتخصيص أوسمة بأسمائهم بأسم منظمة شباب البناء تقديراً لدورهم الرائد.
وأوضح أن المنظمة ستتصل بكل المؤسسات والشركات وبيوتات الأعمال لدعم القوات المسلحة مادياً.
وأوردت جريدة (الصحافة) الصادرة بنفس تأريخ اليوم أن الوفد المذكور أعلاه (إلتقى بالفريق أول سوار الذهب بمكتبه صباح أمس الأول لشرح أهداف مشروع المنظمة. وقد أشاد الفريق أول سوار الذهب في لقائه بوفد المنظمة بمجهودات منظمة شباب البناء والمشاريع القومية المخلصة التي أنجزتها.
(وأشاد الفريق أول سوار الذهب بمشروع دعم القوات المسلحة الذي تتبناه منظمة شباب البناء وقال إنه قد جاء في وقت تحتاج فيه القوات المسلحة لكل دعم مادي ومعنوي من جماهير الشعب السوداني. وقال إن المشروع قد لمس مواطن الحقيقة.
(ووجه الفريق سوار الذهب جريدة القوات المسلحة وأجهزة الإعلام تبني المشروع وإتاحة مساحات تتناسب وعظمة المشروع لتغطية وإستنهاض الشعور القومي للمشاركة الإيجابية في هذا المشروع).
تعليق:
هذا مشروع حزبي بحت، والقصد منه واضح وصارخ، وقبوله لا يتفق لا مع مصلحة الوطن والشعب بشكل عام، ولا مع مصلحة القوات المسلحة بشكل خاص.
قبول هذا المشروع يمكن أن يشجع كل التنظيمات الشبابية الأخرى، الحزبية وغير الحزبية للتقدم بمشروعات مشابهة أو بديلة. وهذا يضع القوات السملحة أمام مأزق لإختيار بين أن ترفض هذه المشروعات أو أن تقبلها جميعاً.
أي بين ما يتساوى مع تأكيد الانحياز لجماعة الترابي، وبين فتح أوسع الأبواب أمام الصراعات الحزبية داخل القوات المسلحة.
من ناحيتنا نؤكد أن القوات المسلحة لن تجد الدعم المادي المعنوي والجماهيري الحقيقي من جماهير الشعب السوداني (الذي تحدث عنه الفريق سوار الذهب) عبر منظمة شباب البناء وغيرها من تنظيمات جماعة الترابي مهما تعددت وتنوعت أسماؤها ولافتاتها.
ويعرف الفريق من التجربة الحية أن هذه الجماعة فعلت كل ما في وسعها لدعم نظام السفاح نميري (مادياً ومعنوياً)، فما الذي إستطاعت أن تنجزه؟ وأين السفاح ونظامه؟
نؤكد أيضاً ومرة أخرى أن ما تحتاجه القوات المسلحة لا يدخل في باب الإحسان، وما يمكن أن يأتي من المؤسسات والشركات وبيوتات الأعمال حسبما ذكر رئيس منظمة شباب البناء لوكالة الأنباء (سونا). فما تحتاج تلك القوات حقيقة يدخل في سياسة الدولة إزاء بناءها وتدريبها وتسليحها وإعطائها الدافع الأدبي والمعنوي للوجود وللبذل في سبيل شعب الوطن.
هل لنا أن نسمع من الفريق والعميد؟
hassanelgizuli3@gmail.com
////////////////////////////
حسن الجزولي
ألجمت الدهشة طيفاً واسعاً من الوطنيين الحادبين على البلاد عند اطلاعهم على مقال المقدم الركن إبراهيم الحوري رئيس تحرير صحيفة القوات المسلحة والذي انبرى فيه بالشتائم المقذعة والاهانات والسفه للحزب الشيوعي السوداني وعضويته، حيث أن عنصر الدهشة والعجب ليس فيما ساقه من تهم ظلت أفواه أعداء الحزب تلوكها منذ أربعينيات القرن الماضي صباح مساء ـ وهي على كل إتهامات ممجوجة وبائسة وفقيرة وضحلة ـ إنما في كون أن التهجم (السياسي) يأتي من منبر إعلامي للقوات المسلحة السودانية، وليس معروفاً ما إن كان (سعادة) المقدم ينطلق في ما كتبه من قناعات (شخصية) تخصه وحده، إم يا ترى هو رأي القوات المسلحة السودانية في الحزب الشيوعي السوداني!، لآن أحلاهما مر كالحنظل!، فإن كان يتحدث منطلقاً من رأي شخصي، هل يعني هذا أن أفراد القوات النظامية مسموح لهم بالانتماء والخوض في السياسة لهذه الدرجة لمصلحة قوى سياسية ضد قوى سياسية أخرى يا ترى؟!، وأما إن كان يتحدث إنابة عن القوات المسلحة، فهي الطامة الكبرى، لأن الجيش سيضحى في هذه الحالة مؤسسة ليست قومية مطلقاً ولا تقف من جميع المكونات والقوى السياسية بالبلاد على مسافة واحدة، بل تقف إلى جانب قوى سياسية بعينها ضد أخرى!، فمالذي سيختاره سيادته؟!.
يعود المقدم الحوري عبر مقال (تفسيري) آخر بصحيفة القوات المسلحة معقباً على الكتابات والاستنكار الواسع الذي جوبه به مقاله حول التهجم على الحزب الشيوعي، فلم يطرح جديداً أو يبرر فعلاً، بل كان ما كتبه دفعاً للهجوم والاستنكار ( أكثر بؤساً)، حيث كابر وغالط مواصلاً هجومه المقذع ومتناولاً سيرة حزب سياسي بالساحة، فقد تحدث عنه كما في السابق، بشكل سلبي يفضح مرامي وتوجهات كاتب المقال، والذي هو برتبة عسكرية ويتبوأ منصباً مرموقاً في هرمية القوات المسلحة، مستغلاً المنبر الاعلامي للجيش السوداني والذي من المفترض أن يكون حسب واقع الأحوال ضمن منصات التوجيه الاعلامي الرصين داخل القوات المسلحة لمجموع ضباط وجنود المؤسسة الاعلامية انطلاقاً من منطلقات قومية ووطنية بحتة، شاحذاً لهممهم ومعمقاً فيهم روح الجندية المتجهة لمجموع الشعب بكلياته، خاصة والقوات المسلحة في هذه الفترة الانتقالية خارجة من أتون حقبة امتدت لثلاثين عاماً تم فيها امتهان معاني القومية للجندي السوداني وتم تجييره لمصلحة توجهات سياسية لتنظيم وحيد وفقير ومعزول كتنظيم الأخوان المسلمين، لتتحول عقيدة القوات المسلحة السودانية من فسيح المنطلقات القومية إلى مضيق المنطلقات الحزبية، مما عرض القوات المسلحة لتدمير في بنيتها بالكامل، وكان المأمول تبن إصلاح جذري يبدأ بهيكلة صحيحة لها من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه، ولكنا وللأسف نجد أننا أمام نفس الممارسات سيئة الصيت بالمقال غير السوي من السيد رئيس تحرير صحيفة القوات المسلحة وهو يشحذ قلمه للتهجم على حزب سياسي انتصاراً لأفكار حزب آخر!.
وفي واقع الأمر فقد بدأ تسلل جماعات الأخوان المسلمين وأبواقهم بمختلق تسمياتهم وتوجهاتهم الفكرية، منذ ما يسمى بالمصالحة الوطنية في عهد السفاح النميري ونظامه المايوي عام 1977 عندما تم طرحه في محاولة لفرملة تصاعد النشاط الجماهيري وتهديد بقاء النظام المايوي، فلم يلبي تلك الدعوة للمصالحة سوى تنظيم الأخوان المسلمين الذي رأى فيها فرصة تكتيكية للتغلغل داخل جسم السلطة المايوية واستغلال وجوده فيها ليتمدد رويداً، وهي المرحلة التي أطلقوا عليها (مرحلة الكمون) لبناء تنظيمهم و (تسمينه) تماماً كالقراد بواسطة امتصاصهم دماء جسم السلطة، وقد اهتموا وتوجهوا بكلياتهم نحو القوات المسلحة التي اخترقوها بشتى السبل والأحابيل، لتأتي مرحلة الحكومة الانتقالية بعد سقوط النظام المايوي فترة الانتفاضة ليقدم لهم المشير الراحل سوار الدهب (المساعدات اللوجستية) في طبق من ذهب!.
نذكر أنه في تلك الفترة وقد ضرب الجفاف والتصحر أجزاء كبيرة من البلاد التي دخل مواطنوها في مرحلة المسغبة، أن تقدمت قيادة اتحاد الشباب السوداني بطلب للقاء المشير سوار الدهب ـ باعتباره رئيس المجلس العسكري الانتقالي في تلك الفترة ـ من أجل توفير معينات في وجهة مساهمة الاتحاد بتقديم المساعدة للتخفيف من آثار الجفاف والتصحر في أوساط المواطنين الذين تضرروا، وقبعت قيادة الاتحاد في انتظار ذلك اللقاء حتى انتهاء الفترة الانتقالية دون الحصول على إذن باللقاء!، في حين أن منظمة شباب البناء التنظيم التابع للجبهة القومية الاسلامية وقتها وجد فرصة واسعة للقاء المشير سوار الدهب بمجرد أن تقدموا له بطلب ليلتقوه، بل أكثر من ذلك تبنى المشروع الذي تقدموا به والمتعلق (بدعم القوات المسلحة مادياً ومعنوياً)! وهو المشروع الذي مهدوا به الطريق للتغلغل بصورة أوسع داخل جسم القوات المسلحة. حول هذه الجزئية نعيد نشر المقال الذي كتبه الأستاذ الراحل التيجاني الطيب منبهاً لخطورة مثل هذه التوجهات، مما يعتبر ذلك يدخل كما ذكرنا في باب ( ما أشبه الليلة بالبارحة)!:ـ
***
هل هذا في مصلحة الشعب.. أو قواته المسلحة
(نشر بتأريخ: الأحد 20 أكتوبر 1985م، بصحيفة الميدان)
التيجاني الطيب بابكر
ذكرت في تقريري عن حوار (الميدان) مع اللجنة السياسية للمجلس العسكري الإنتقالي أن الفريق محمد ميرغني والعميد عبدالعزيز الأمين أبديا عدم علمهما بالمشروع الكامل الذي تقدمت به منظمة شاب البناء وقبله الفريق سوار الذهب، وكان ظنهما أنه يقتصر على التبرع بالدم، وأنا أنقل عن صحيفتي (المراية) و(الصحافة) ما نشرناه عن المقابلة التي تمت بين وفد المنظمة المذكورة والسيد رئيس المجلس العسكري الإنتقالي وما دار فيها وأعقبها من حديث وتصريحات.
جاء في جريدة (الراية) السبت 5 أكتوبر 1985م:
(أستقبل الفريق أول سوار الذهب صباح أمس الأول السادة زيدان حسن رئيس منظمة شباب البناء، ومحمد عثمان محجوب أمين عام المنظمة ومحمد مندور المهدي أمين تعبئة الإغاثة بالمنظمة وقد قدم الوفد لسيادته مشروع المنظمة لدعم القوات المسلحة مادياً ومعنوياً. وأوضح السيد رئيس المنظمة لسونا أن المشروع يهدف إلى تأكيد قيمة الجندية وإستنهاض الشعور القومي بتحمل مسئولية الدفاع عن الوطن والعرفان والتقدير لمن ضحوا بأرواحهم في سبيل إستقرار وأمن بلدهم ومواطنيهم.
(وأشار إلى أن المنظمة ستصدر سلسلة كتيب (بطولات الجندي السوداني) وستقوم بتوثيق أسماء وصور شهداء قواتنا المسلحة ونشرها في كتب وتكريم الشهداء في المناسبات القومية وتخصيص أوسمة بأسمائهم بأسم منظمة شباب البناء تقديراً لدورهم الرائد.
وأوضح أن المنظمة ستتصل بكل المؤسسات والشركات وبيوتات الأعمال لدعم القوات المسلحة مادياً.
وأوردت جريدة (الصحافة) الصادرة بنفس تأريخ اليوم أن الوفد المذكور أعلاه (إلتقى بالفريق أول سوار الذهب بمكتبه صباح أمس الأول لشرح أهداف مشروع المنظمة. وقد أشاد الفريق أول سوار الذهب في لقائه بوفد المنظمة بمجهودات منظمة شباب البناء والمشاريع القومية المخلصة التي أنجزتها.
(وأشاد الفريق أول سوار الذهب بمشروع دعم القوات المسلحة الذي تتبناه منظمة شباب البناء وقال إنه قد جاء في وقت تحتاج فيه القوات المسلحة لكل دعم مادي ومعنوي من جماهير الشعب السوداني. وقال إن المشروع قد لمس مواطن الحقيقة.
(ووجه الفريق سوار الذهب جريدة القوات المسلحة وأجهزة الإعلام تبني المشروع وإتاحة مساحات تتناسب وعظمة المشروع لتغطية وإستنهاض الشعور القومي للمشاركة الإيجابية في هذا المشروع).
تعليق:
هذا مشروع حزبي بحت، والقصد منه واضح وصارخ، وقبوله لا يتفق لا مع مصلحة الوطن والشعب بشكل عام، ولا مع مصلحة القوات المسلحة بشكل خاص.
قبول هذا المشروع يمكن أن يشجع كل التنظيمات الشبابية الأخرى، الحزبية وغير الحزبية للتقدم بمشروعات مشابهة أو بديلة. وهذا يضع القوات السملحة أمام مأزق لإختيار بين أن ترفض هذه المشروعات أو أن تقبلها جميعاً.
أي بين ما يتساوى مع تأكيد الانحياز لجماعة الترابي، وبين فتح أوسع الأبواب أمام الصراعات الحزبية داخل القوات المسلحة.
من ناحيتنا نؤكد أن القوات المسلحة لن تجد الدعم المادي المعنوي والجماهيري الحقيقي من جماهير الشعب السوداني (الذي تحدث عنه الفريق سوار الذهب) عبر منظمة شباب البناء وغيرها من تنظيمات جماعة الترابي مهما تعددت وتنوعت أسماؤها ولافتاتها.
ويعرف الفريق من التجربة الحية أن هذه الجماعة فعلت كل ما في وسعها لدعم نظام السفاح نميري (مادياً ومعنوياً)، فما الذي إستطاعت أن تنجزه؟ وأين السفاح ونظامه؟
نؤكد أيضاً ومرة أخرى أن ما تحتاجه القوات المسلحة لا يدخل في باب الإحسان، وما يمكن أن يأتي من المؤسسات والشركات وبيوتات الأعمال حسبما ذكر رئيس منظمة شباب البناء لوكالة الأنباء (سونا). فما تحتاج تلك القوات حقيقة يدخل في سياسة الدولة إزاء بناءها وتدريبها وتسليحها وإعطائها الدافع الأدبي والمعنوي للوجود وللبذل في سبيل شعب الوطن.
هل لنا أن نسمع من الفريق والعميد؟
hassanelgizuli3@gmail.com
////////////////////////////