ما الهدف من الهجوم علي الحزب الشيوعي؟

 


 

 

1
من جديد يشتد الهجوم الممجوج المعاد والمكرر منذ تأسيسه عام 1946 علي الحزب الشيوعي السوداني ،مع اقتراب التسوية التي رفضها الحزب الشيوعي ،والهادفة لتصفية الثورة والشراكة مع العسكر والاستمرار في القمع ونهب ثروات البلاد والتبعية والتفريط في السيادة الوطنية بديلا للحكم المدني الديمقراطي الكامل ، و طالب بعودة العسكر للثكنات وحل الجنجويد ومليشيا ت "الكيزان" والحركات المسلحة وقيام الجيش القومي المهني الموحد ، واختار طريق التغيير الجذري أو الحل النهائي الهادف لاستدامة الديمقراطية بالخروج من دوامة الانقلابات العسكرية، وفشل تجارب الفترات الانتقالية كما حدث في ما بعد اكتوبر 1964 ، وانتفاضة مارس - ابريل ، والفترة الانتقالية ما بعد ثورة ديسمبر (11 أبريل 2019 – 25 أكتوبر 2021) التي انتهب بانقلابات مايو 1969 ، وانقلاب يونيو 1989 وانقلاب اكتوبر 2021 علي التوالي.
الهجوم جاء بدعوي شق الصف والاشتراك في تحالف قوي التغيير الجذري كما في الأمثلة الآتية علي سبيل المثال لا الحصر :
- وصف رئيس مكتب السياسات بحزب الأمة إمام الحلو أن برنامج تحالف التغيير الجذري يؤسس للماركسية بقوله "التحول الجذري المطروح يعني إعاد بناء هيكل الدولة علي اسس جديدة قائمة علي ايديولوجية الحزب الشيوعي الماركسية اللينينية المعروف الحزب الشيوعي بها"!!! ( سودان برس : 26 يوليو 2022).
أما الأستاذ عمر العمر فقد كتب مقالا بعنوان " جذور التغيير الجذري" ذكر فيه " لن يضيف التجمع الشيوعي الوليد الي حراك الثورة الجماهيري عنفوانا"!!! " وأن البيان التأسيسي لقوى التغيير لا يشبه دأب الحزب الشيوعي التاريخي " " وأن عبد الخالق محجوب يتمسك بالعمل الدوؤب الصبور وسط جماهير القوي السياسية".
لكن عمر العمر يناقض نفسه حين يقول " محاور البيان التأسيسي هي ذاتها غايات حراك جماهير ثورة ديسمبر"، فما المشكلة اذن؟

2
تحالف التغيير الجذري لا يؤسس للماركسية ولا يحزنون ، ولا قفز فوق المراحل وهروب الي الأمام ، بل هو استمرار للعمل الصبور الدؤوب لتحقيق مهام الفترة الانتقالية وأهداف الثورة ، و جاء مستندا الي المواثيق السابقة التي وقعت عليها قوي المعارضة السودانية والحركات المسلحة مثل : ميثاق اسمرا ،يونيو 1995 ، ميثاق إعادة هيكلة الدولة السودانية ، ابريل 2016 ، وإعلان قوى الحرية والتغيير ، يناير 2019.. كما جاء بهدف استعادة الثورة التي تمّ اختطافها من قوي "الهبوط الناعم "، وسد الطريق أمام اختطاف الانتهازيين للثورة مرة أخري، والتحضير الجيّد لبناء الحكم المدني الديمقراطي من القاعدة الي القمة، ومواصلة الثورة حتى تحقيق أهدافها ، استنادا علي الوجود الجماهيري المتعدد الأشكال والمستويات في الشارع باعتباره العامل الحاسم واستمرار التراكم النضالي الجماهيري الجاري من مليونيات واعتصامات ووقفات احتجاجية ، واضرابات ، ومذكرات.الخ، وتمتين اصطفاف قوي الثورة ( لجان المقاومة، تجمع المهنيين حركات وأحزاب ثورية معارضة للنسوية ، حركات مطلبية، نقابات ولجان تسيير ، تنظيمات شبابية ونسائية ، والمفصولين تعسفيا . الخ ،حتى الانفجار الشعبي الشامل ، والاضراب السياسي والعصيان المدني الذي يطيح بالحكومة ، واستبدالها بحكومة مدنية ديمقراطية

3
طيلة نضاله ضد الأنظمة الديكتاورية مارس الحزب تكتيكات مختلفة ، ودخل في تحالفات وخرج منها مثل: انسحابة من جبهة قزى المعارضة أيام عبود ، بعد ان طرح شعار الاضراب السياسي العام لاسقاط الانقلاب الذي رفضته أحزاب المعارضة ، وواصل نضاله المستقل حتى انفجار ثورة اكتوبر ونجاح الاضراب السياسي العام الذي قادته جبهة الهيئات.
كما رفض فرية المصالحة الوطنية ايام النميري عام 1977 ، وطرح البديل "جبهة للديمقراطية وانقاذ الوطن" ، وسرعان ما انفرط عقد المصالحة الوطنية التي كان الهدف منها توسيع قاعدة نظام مايو واطالة عمره لا تصفيته ، وكان قد طرح شعار الاضراب السياسي العام والعصيان المدني منذ دورة اللجنة المركزية في يناير 1974 لاسقاط ديكتاتورية مايو ، حتى انفجار انتفاضة مارس – أبريل 1985 ، وتنفيذ الاضراب العام الذي اطاح بالانقلاب، وتكوين تحالف انقاذ الوطن ، ولكن انقلاب سوار الدهب قطع الطريق أمام الانتفاضة .
كما طرح الحزب الشيوعي شعار الاضراب السياسي العام لاسقاط نظام الانقاذ بعد تزوير انتخابات 2011 وانفصال الجنوب، في دورة اللجنة المركزية اغسطس 2015 ، في وجه دعاوي الحوار الكاذبة التي كان الهدف منها اطالة عمر نظام البشير ، ووقف ضد حوار الوثبة والمشاركة في انتخابات 2020 ، مع هجوم واسع علي الحزب ، لكن التجربة أكدت صحة موقف الحزب باندلاع ثورة ديسمبر التي سرعان ما قطع الطريق أمامها انقلاب اللجنة الأمنية في 11 أبريل 2019 ، الذي تحالفت معه قوي" الهبوط الناعم" بعد التوقيع علي الوثيقة الدستورية "المعيبة" ، حتى الانقلاب العسكري في 25 أكتوبر 2021 .

4
الهجوم علي الحزب الشيوعي مفضوح الهدف منه تمرير التسوية واعادة الشراكة مع العسكر ، والسير في طريق الخيبات وادمان الفشل ، وإعادة إنتاج الأزمة بالاستمرار في سياسات النظام البائد القمعية والاقتصادية والتفريط في السيادة الوطنية وتمزيق وحدة البلاد ونهب ثرواتها.
الهجوم علي الحزب الشيوعي ليس جديدا، وصمد أمام عواصفه القوية، فقد خبر ا الهجوم بمختلف اشكاله العنيفة والناعمة الذي غذته دوائر استخباراتية محلية وعالمية اصبحت مكشوفة لشعبنا بهدف تصفيته لاعتقادها أنه يقف حجر عثرة أمام مصالحها في نهب ثروات البلاد بتحالف مع المكون العسكري.
لكن تمت هزيمة مخطط الهجوم عليه وتأجيج الصراع داخله بهدف تصفيته منذ الحكم الاستعماري ومجازر ديكتاتورية عبود والنميري والبشير، وحكم الأحزاب الطائفية والأخوان المسلمين كما في مؤامرة حل الحزب الشيوعي وطرد نوابه من البرلمان عام 1965 ، مما أدي لمصادرة الديمقراطية بانقلاب 25 مايو 1969 ، وذهبت ريح تلك الأنظمة وبقي الحزب الشيوعي صامدا ومدافعا عن مصالح شعبنا وسيادته الوطنية.
كما اصبح الهجوم علي الحزب الشيوعي منذ تأسيسه ممجوجا ورمزا للفشل في معالجة مشاكل البلاد الاقتصادية والسياسية الاجتماعية والثقافية ،وآخرها خلال ثلاثين عاما من حكم الإسلامويين الفاشي الدموي، وبعد انقلاب اللجنة الأمنية في 11 أبريل 2019، عندما رفض الحزب الشيوعي دعاوي انحياز اللجنة الأمنية للثورة وأكد أن الانقلاب قطع الطريق أمام الثورة للحفاظ علي المصالح الاقتصادية للرأسمالية الطففيلية المدنية والعسكرية، وعرقلة تنفيذ مهم الفنرة الانتقالية في تفكيك التمكين واستعادة أموال الشعب المنهوبة ، ومحاكمة رموز النظام البائد مرتكبي الجرائم ضد الانسانية والإبادة الجماعية، كما رفض دعوات المصالحة مع الاسلامويين قبل تفكيك التمكين والمحاسبة واستعادة أموال الشعب المنهوبة ، وتكوين المجلس التشريعي وهذا ما ثبت صحته بعد انقلاب 25 أكتوبر الذي اعادة مهزلة التمكين والأموال المنهوبة للفاسدين.
بالتالي لا بديل غير السير في طريق الحل النهائي أوالتغيير الجذري الذي يحقق أهداف الثورة ومهام الفترة الانتقالية حتى قيام المؤتمر الدستوري ، والتوافق علي دستور ديمقراطي وقانون انتخابات ديمقراطي يفتح الطريق أمام انتخابات حرة نويهة في نهاية الفترة الانتقالية.

alsirbabo@yahoo.co.uk
////////////////////////////

 

آراء