ما بعد مؤتمر باريس

 


 

 

باي فوائد خرج السودان من مؤتمر باريس؟ يمكن التأكيد علي ان المؤتمر كان ناجحا سياسيا وقدم دعما معنويا كبيرا للسودان، كما أظهر دور الشباب والمرأة في ثورة ديسمبر المجيدة، وفقا للتمثيل الذي رآه المنظمون، كما أخرج أهازيج الثورة علي لسان الرئيس الفرنسي وهذا أمر ذو شان.

علي مستوي الترويج للاستثمار وعقد شراكات لم تكن النتائج واضحة، لكن في هذه المواضيع يصبح البيان بالعمل هو المطلوب، اذ لا تجدي هنا النوايا الحسنة، وعندما نتحدث عن الاستثمار الأجنبي يجب التشديد علي اي نوع من الاستثمار؟ وكيف تتم تلك الاستثمارات؟ في اي حقل وتخصص؟ وأين تتم وكيف وبأي شروط وما هي جدواها الاقتصادية والاجتماعية؟ وهذا موضوع طويل، ولكن بالتأكيد السودان في حاجة لجذب الاستثمار الأجنبي لتوفير الأموال اللازمة للتنمية، توطين تكنولوجيا الإنتاج ولتشغيل العمالة وتدريبها، وهنا يجب أن نؤكد علي اهمية المشروعات التي تم إعدادها للمؤتمر، وفي حالة استقطاب استثمار لتك المشروعات بشروط مجزية وبمعايير تفي بالخطط الاستراتيجية للتنمية وصيانة الموارد والمصالح الاستراتيجية للحاضر والأجيال المقبلة فستتحقق الأهداف بالشكل المطلوب،

اما علي المستوي الاقتصادى العام (الجوانب الخاصة بدعم الموازنة العامة وعوامل الاستقرار الاقتصادي ذات العلاقة بميزان المدفوعات، استقرار الأسعار واستقرار سعر الصرف) وفيما يتعلق بالاعفاء من الديون فقد كانت النتائج متواضعة (وهو أمر متوقع نسبة لتعقد هذه الملفات) والغلبة كانت للوعود مما دفع صندوق النقد الدولي لمطالبة المؤتمرين بكتابة وعودهم حتي لا تصبح كلاما تذروه الرياح.

الخطورة كانت في اشتراط تنفيذ الروشتة المشتركة للصندوق والبنك الدوليين حتي يصل السودان إلي نقطة اتخاذ القرار ليصبح مؤهلا للوصول لنقطة التنفيذ الخاصة بالاستفادة من المبادرة المشتركة للصندوق والبنك الدوليين المعروفة بالهيبك (الدول الفقيرة المثقلة بالديون).

الخطورة تتمثل في اشتراط (تحرير أسعار الوقود والكهرباء اي مزيد من رفع أسعارها ورفع معدلات التضخم التي فاقت ال 330% في أبريل الماضي) إضافة لتوحيد سعر الصرف بمعني إلغاء الدولار الجمركي وسعر دولار الدواء وهذا بدوره سيؤدي إلي انهيار سعر صرف الجنيه السوداني ومعه القوة الشرائية وتصبح المرتبات حتي العليا منها قاصرة عن توفير رغيف الخبز وفاتورة الكهرباء،،،
اذا كان هناك من عقل متدبر في مراكز اتخاذ القرار فليعمل علي تجنب وقوع هذه الكارثة،

في هذا الشأن تمت الإشارة بوضوح للجوانب الخاصة باستراتيجية الحد من الفقر والجانب الخاص بسداد الديون لصندوق النقد الدولي وبنك التنمية الأفريقي، إلا أنه قد تم دفن الشرط الخطير الذي أشرنا إليه اعلاه تحت ما سمي (بالخطة ) التي تم إعدادها لفترة ستة أشهر والمراقبة من خبراء البنك والصندوق الدوليين وتلك (الخطة) مفترض أن تنفذ بنهاية شهر يونيو 2021م القادم، وبهذا ندق ناقوس الخطر للانتباه للوقوع الوشيك لتلك الكارثة التي لن تحول حياة الكثيرين إلي جحيم فقط وإنما ستنهي حياتهم بشكل مباشر أو غير مباشر بسبب ويلات العوز وانفراط عقد الأمن الاجتماعي وتفشي الجريمة أكثر مما هي متفشية الان.

من هنا تاتي ضرورة التفاوض والاتفاق مع البنك والصندوق الدوليين (بحكم أن هذا الاتفاق شرط لا يمكن للحكومة القائمة تجاوزه)، بشكل يتوافق مع الواقع الاقتصادي الذي يعيشه السودان، والذي أوقع البلاد تحت ضائقة معيشة خانقة لا تحتمل مزيد من التأزيم ،وإنما تقتضي الضرورة البحث الجاد عن وسائل للتخفيف منها بدلا عن مفاقمتها، خاصة وأن تلك الضائقة مصحوبة بالمعاناة الخاصة بتوفر الوقود، الخبز وغاز الطبخ، كما ان الاستعداد لانجاح الموسم الزراعي الوشيك شرط حياتي للبلاد في مجملها. إذا ربطنا كل تلك العوامل بالأداء الحكومى والمشاكل السياسية فسنجد أن الاحتقان قد وصل لحد يهدد بانفجار الأمور في وقت، وهذا ما يجب، في رأي أن تتضافر الجهود لتجنبه نسبة التبعات الخطرة علي الأمن القومي المحاط بالتهديد من مختلف الجوانب.

mnhassanb8@gmail.com
////////////////////

 

آراء