ما بين بلاغ الشرطة وسعة صدر الرئيس !! (1_2) … بقلم: نادية عثمان مختار

 


 

 

مفاهيم

Nadiaosman2000@hotmail.com
عندما كتبت  مقالي  تحت ذات اسم العمود هذا ( مفاهيم) بصحيفة ( الأخبار) الغراء التي يرأس تحريرها آنذاك الأستاذ الجليل محمد لطيف بعنوان ( عفواً فخامة الرئيس .. نحن المدغمسون) إنتقاداً ورداً على ما جاء في خطاب سيادته بالقضارف فيما يتعلق بتطبيق الشريعة الإسلامية بعد الإنفصال وإعتماد اللغة العربية لغة رسمية على أن يكون ما عدا ذلك ( دغسمة) مرفوضة بحسب توصيف سعادته ؛ عندما نُشر ذلك المقال هاتفني وراسلني عبر الإيميل عشرات الناس منهم الأصدقاء ومنهم من لا أعرفه من قبل للتعليق على ذلك المقال ، وكانت رسائل الأصدقاء ملئية بالقلق على شخصي الضعيف مما سألاقيه جراء ما أعتبروه جراءة و( ميتة) قلب في خطابي ذاك الموجه مباشرة للسيد رئيس جمهورية البلاد عمر البشير ؛ خاصة وأنني كتبت مكتوبي ذاك لرئيس البلاد وأنا بداخلها وليس خارج حدودها !!
وكانت فحوى رسائلهم وإتصالاتهم  قد تركزت في أقوال كـالآتي : ( يابت بقبضوك) و ( يانادية إنتي قايلة نفسك في فرنسا تتكلمي مع الرئيس كدا ) ( ياأستاذة معقولة في حرية صحافة قدر ده في البلد) و ( يا زولة خافي على بتك كان ما خائفة على روحك كان قبضوك البراعيها منو ) و ( إنتي ماشايفة الحصل للبت الإغتصبوها) و...... هكذا كانت كلماتهم تصب بمجلمها في خانة القلق على شخصي من مصير قد الأقيه على يد الرئيس أو مؤسسة الرئاسة ، لأنني إنتقدت حديثه في القضارف بشكل وصفه مسئول متنفذ في المؤتمر الوطني بأنه ( غير لائق) بينما سألني أحد رجالات الأمن مستغرباً ( مافي زول سألك) ؟!!
كل هذه الأشياء جعلتني أطمئن وأقول بملء الفم إن في بلدي متسع من الحريات الصحفية ؛ وبل أن مؤسسة الرئاسة نفسها ؛ والرئيس بذاته وشحمه ولحمه ليس فوق النقد ؛ هتفت غبطةً وقلت لنفسي هذه هي الديمقراطية إذن ورغم كل ما في بلادي من مسالب إلا أن كفالة الحريات الصحفية تكفي وهي التي ستسوق للإصلاحات المطلوبة ؛ آو ليست الصحافة سلطة رابعة ؟! إذن لا خوف على البلاد والعباد ولا هم يحزنون !!
هكذا ظننت حتى جاءت قضية الفتاة ( ص) التي قالت إن ثلاثة من أفراد الأمن قد تناوبوا إغتصابها  ، وذلك عبر شريط مصور تم نشره في كافة الوسائط التكنولوجية وتمت إستضافة الفتاة  في العديد من القنوات الفضائية ويومها إنتظرت أن يخرج علينا مسؤول كبير من الأمن ليوضح ملابسات ما جرى ، ويُطمئن قلوبنا بأن الحادثة أن كانت حقيقية فهي فردية ولن يفلت الجناة من رادع العقاب أو يخرج ذات المسؤول ليقول لنا بالقرائن والدلائل الواضحة بأن في الأمر شيء مخالف لما ذكرته الفتاة حتى لو كان ذلك الأمر هو ( النفي) لحديث ( ص) وإبراز ما لديهم من أدلة تؤكد قولهم ! وعندما طال إنتظاري ولم يخرج أي مسؤول ليقول لنا الحقيقة وبعدما أتى إثبات صحة الواقعة منشوراً عبر موقع ( سودانيز اون لاين) وعليه أختام رسمية من خلال أورنيك (8) تيقنت أن الحادثة صحيحة وخرجت لإنتقدها ( شعراً) حينها وبكيت حال بلادي وتوجعت وسكت !!
ثم بعدها جاءت عبر الصحف تصريحات للسيد مدير شرطة الولاية الفريق محمد الحافظ حسن عطية ، فظننت وليس كل (الظن إثم ) ! أنني وأنا التي أتسع لإنتقادها صدر الرئيس شخصياً ولم يفتح في شخصي الضعيف أي بلاغات جنائية أن الأمر سيكون كذلك مع سعادة الفريق وسيتسع صدر الرجل ليسمع صوت الصحافة التي إنتقدت تصريحاته ليس إعتباطاً ولا لتصفية حسابات ولا لتشهويه صورة ولكن فقط لتباطؤ إجراءات التحقيق حتى إستشعرت الخوف والإهانة والفجيعة تسرى في أوصالي من الذي يحدث في بلدي ولا نافِ لهذه الفعل المشين ؛ ولا أحد يطمئننا بأنها حادثة فردية ولا يحزنون !!
 ولكن هل إتسع صدر سعادته للنقد الموضوعي وكان مثل الرئيس البشير ؟!
هذا ما سنقوله غداً ان كان في العمر بقية باذن الله !
و
القومة ليك يا بلد !!
\\\\\\\\\\\\\\
مفاهيم
ما بين بلاغ النيابة .. وسعة صدر الرئيس !!(2_2)
نادية عثمان مختار
Nadiaosman2000@hotmail.com
فرحتي بما توهمته نوافد وأبواب لنسيم بعض ( الحريات) الصحفية في البلاد بعد خطابي ذاك للسيد الرئيس لم تدم طويلاً !!
وربما مرروا لي ذلك المقال ( بمزاجهم) تلك المرة لأن الحرية الصحفية لا تتجزأ فإذا كانت هي الديدن والنهج الذي تسير على هديه البلاد وتهتدي بنوره العباد لما قامت الدنيا وقعدت هكذا عندما جاءت بعض أقلام صحفية من أبناء هذا الشعب الطيب ، وهذه المهنة المرهقة لينتقدوا إنتهاكاً قالت إحدى فتيات هذا الوطن إنه قد تم بحقها في العلن وعلى الفضاء الطلق !
 فتاة خرجت تستنجد بالعالم الخارجي ، فكتب أبناء جلدتها ليقولوا كلمة حق إرتأوها ؛ وليشجبوا فعل قبيح ودخيل على عاداتنا السودانية السمحاء .. فماذا كان مصيرهم ؟!
إستدعاءات ، إتهامات ومحاكم بالإجمالي وليس القطاعي !!
في حيثيات تصريحات قرأتها فيما يتعلق بقضية الفتاة ( ص) قالوا أنها عمدت لإشانة ( صورة) من قالت أنهم إغتصبوها ؛ فتسآءلت وبكل الموضوعية عن ماهية ( الثأر) الذي يجعل من فتاة تضحي بأغلى ما تملكه وتعرض نفسها وأسرتها لهكذا بلبلة ؟! فهل تمت الإجابة ؟ لا .. بل فُتح في مواجهتي بلاغ !!
والآن هنالك عدد لا يستهان به من الصحفيين والحقوقيين قد تم تضمينهم قائمة ( الإتهام) وتهمتهم هي ( الدفاع) عن ( متهمة) عبر أقلامهم ، والمطالبة بإجراء تحقيق عادل وعاجل يبث في قلوب النساء والرجال في بلادي الطمأنينة ؛ والثقة في إننا نعيش في دولة محترمة وليس غابة يأكل القوي فيها الضعيف ، فأي جريمة إرتكبها هؤلاء ليستحقوا المسآءلة بينما القضية الأساسية والجناة الذين قالت الفتاة إنهم إغتصبوها لم نسمع أقوالهم في الإتهام الموجه إليهم بعد ؟!!
تلك الجهة ( لو قلنا إسما الهوا بقسما) !! التي فتحت في شخصي الضعيف وزملائي الأفاضل عدة بلاغات جنائية وتحت قائمة طويلة من بنود القانون سارعت بإصدار بيانات فورية من قبل وفي عدة أمور أقل أهمية من حادثة الإغتصاب تلك لتنفي عن نفسها التهمة وبالأدلة والبراهين فما الذي جعلها تسكت عن نفي أو وبكل شجاعة إثبات هذه الواقعة وإصدار بيان فوري بأن القانون سيأخذ مجراه ولن يفلت آثم من العقاب ؟!
هذا ما كانت الصحافة تريده وهذا ما كتبه الزملاء الأفاضل ومنهم شخصي الضعيف ، ولكن السؤال هو لماذا يتم التعامل بكل هذا العداء مع الصحافيين ولمصلحة من ؟!
ماذا يمكن أن نسمي هذا الذي يتم بحق صحفيين لم يفعلوا غير فعل الإدانة لفعل (قبيح) والمطالبة بتحقيق العدالة في هذا الوطن سوى أنه
( إبتزازاً ) صريحاً ، الغرض منه ترويعهم وتخويفهم ومحاولات إسكاتهم عن قولة الحق التي ترضي ضمائرهم ؟!
لماذا لم ولا تقم تلك الجهات بإقامة مؤتمر صحفي لتنوير وتمليك الحقائق ( أياً كانت) للصحافة وللصحفيين بدلاً عن تعقبهم والسعي وراءهم
( جريدة جريدة ، صحفي صحفي ، قلم قلم ، حرف حرف وزنقة زنقة) أيضاً  ؟!!
لماذا يجعلون الصحافة تمثل أمام المحاكم بدلاً عن الدخول لقاعات المؤتمرات الصحفية لمعرفة من الجاني ومن المجني عليه وتمليك ونقل ذلك للرأي العام السوداني والعالمي أيضاً والذي تصله كل شاردة ووأردة عن بلادنا وحالنا بينما تُمنع الصحافة في الداخل من نشر مايُنشر عنا في الخارج !!
أكرر يا سادة لا أعتقد أن ثمّة عداء بين أي صحفي وتلك الجهات يستوجب الإنتقام وتشويه الصورة والكذب الصراح ( كما تظن هي ) !
ولكن أن كانت تلك الجهات تخشى على نقاء صورتها أمام الله والمجتمع والناس فلتعلن وقوفها إلى جانب كافة الضحايا في كل القضايا وليس
( ص) وحدها ولتسارع بمعاقبة الجناة مهما كانوا وإينما كانوا !
هذه هي الطريقة الوحيدة التي يقبلها العقل وعدا ذلك فمن حق الصحافة أن تتحدث ولن تسكت ولن يسكت أهلها ولو أصبح مقرهم الدائم
( المحاكم) !
فهي كلمة حق يا ( سادة) إن نقلها نمت وأن لم نقلها نمت .. وقد إخترنا أن نقلها ونمت !!
والله واحد والعمر واحد والموت واحد .. والزراعنا غير الله اليجي يقلعنا !!
اقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولزملائي الأعزاء من الصحفيين الذين أعتز بأن جمعني بهم وطن واحد ومنهم أستاذي الذي علمني حروفاً ومعان للحياة منذ بواكير الصبا الأول الأستاذ سعد الدين إبراهيم ومنهم من علمني أبجديات الصحافة في بداياتي عبر جريدة الخرطوم ، وهو أستاذي فيصل محمد صالح له ألف تحية فهو كما عرفته دوماً صاحب القلم المصادم والضمير اليغظ على الدوام ، والتحية للأساتذة الأجلاء عبد الله الشيخ ، فائز الشيخ السليك ود. عمر القراي والزميلات العزيزات أمل هباني ، فاطمة غزالي ، رشا عوض وكل قلم منافح عن الحق وساع لنشر العدالة والخير والجمال في سوداننا الحبيب !
و
القومة ليك يا بلد !!
 (( نقلاً عن أجراس الحرية)
 

 

آراء