(ما تبَّقى) !!
هيثم الفضل
23 February, 2023
23 February, 2023
صحيفة الجريدة
سفينة بَوْح -
على المستوى (العملي) و(التكتيكي) من الطبيعي أن يكون هذا الإنحياز الحماسي لقائد الدعم السريع نحو الإتفاق الإطاري ومبدأ الإسراع في إستئناف التحوُّل اليدوقراطي (بما فيه من ندم على ما كان) محل حفاوة وتقدير من كل الحادبين على دعم كل بارقة أمل في إنتشال البلاد والعباد من هذا الجُب المُظلم العميق ، لكن على المستوى الأخلاقي والقيِّمي ، وجب أن نقول في هذا المقام أن مُجرَّد الندم والإعتذار لا يكفي لسبر أغوار الجراح وإضفاء الإضاءات المشرقة على ماضٍ حالك الظلام ومُفعم السواد ، في خطابه الأخير يقول قائد الدعم السريع أنه نادم على مشاركته في إنقلاب 25 أكتوبر المشئوم لأنه فتح باباً لعودة الفلول إلى دهاليز السلطة والنفوذ ، لكنهُ نسى أو تناسى تحت وطأة الخوف من المسئولية المودية إلى الحساب والعقاب أن يذكر في خطابه (ما تبَّقى) من تداعيات كارثية أحدثتها مشاركته التي ندم عليها في صناعة الإنقلاب ودفع ثمنها الكثير من الضحايا ، والذين عاجلاً أم آجلاً سيُطالبون صُناع الإنقلاب (بالتسوية وتصفية الحسابات) ولسانهم حالهم (ماذا يفيد الندم).
مشاركة قائد الدعم السريع في إنقلاب 25 أكتوبر المشئوم لا يمكن (إختصا) و(تقزيم) مُبرِّرات الندم عليها في مُجرَّد كونها فتحت باباً لعودة الفلول ، إذا أن هذا الطرح الفطير المُستهتر بالكارثة سيفتح الباب مُشرعاً للعقلاء والحقانيين المؤمنين صدقاً بدولة العدالة والقانون أن يتسائلوا : وماذا عن أرواح الشهداء الذين سقطوا منذ الإنقلاب وحتى يومنا هذا آناء ممارستهم لحقهم الشرعي في التعبير عن الرأي والسعي عبر تضحياتٍ جسيمة لمناهضة الإنقلاب وإجبار قادته على الإستسلام والتراجُع ، هل يوفي الندم والإعتذار بالشرع الرباني والوضعي والعُرفي حق أولياء الدم في القصاص لمقتل فلذات أكبادهم ؟ ، ومن ناحية أخرى ماذا يفيد الندم آلاف الجرحى الذين يعانون الآن من الآثار الجسيمة لإصاباتهم وعدم القدرة على ممارسة حياتهم الطبيعة ؟ ، ثم ماذا عن تقويض النظام الدستوري كجريمةٍ عُظمى تم النص عليها وإدراجها في جميع الدساتير التي مرت بالبلاد وفي مقدمتها الوثيقة الدستورية التي تم تمزيقها بفعل الإنقلاب ، هل يوفي بها كجريمة مُجرَّد إعلان الندم في خطاب ، كيف سمح قائد الدعم السريع لنفسه حينها أن يُنَّصِب نفسه (وكيلاً) عن الشعب السوداني الذي حدَّد خياراته في حكم البلاد بالدماء الغالية والمُجاهدات والتضحيات الباذخة ، ليُقرِّر المشاركة في إنقلاب يفترض مُنفذوه أن الشعب السوداني غير مستحق للعدالة والحرية والسلام والتنمية المُستدامة لمجرد أنه قرَّر الخروج من مُستنقع حُكم المؤتمر الوطني المُضمَّخ بكل أصناف الفساد والمظالم.
من أعظم المشكلات أو الأسباب التي ساهمت في إرساء هذا القدر الفسيح من التخلَّف السياسي والإقتصادي والإداري والأخلاقي في بلادنا ، الإصرار في كل مرةٍ على إعتماد مبدأ (عفا الله عن ما سلف) ، وعدم المحاسبة و دفع أثمان ما تم تبديده من مصالح وطنيه ، هذا إن كانت تُقدَّر بثمن ، وبما أن ما كان يمنعنا من محاسبة أمثال قائد الدعم السريع هو عدم الإعتراف بما إرتكبوا من جرائم ، فضلاً عن مقاومتهم للمحاسبة بقوة السلاح والسلطة والجبروت ، فلا يوجد عذرٌ بعد الآن بعد أن إعترف الرجل وذهب إلى أبعد من الإعتراف حين أعلن الندم ، ولإن كان هذا الندم صادقاً ونابعاً من ضميرٍ حيّْ ، فليُلحقهُ قائد الدعم السريع بالتواضع الذي يدفعهُ للوقوف أمام القضاء كخصمٍ لكل الذين تضرَّروا وذاقوا المرارات بفعل الإنقلاب المشئوم وفي مقدِّمتهم الشعب السوداني.
haythamalfadl@gmail.com
سفينة بَوْح -
على المستوى (العملي) و(التكتيكي) من الطبيعي أن يكون هذا الإنحياز الحماسي لقائد الدعم السريع نحو الإتفاق الإطاري ومبدأ الإسراع في إستئناف التحوُّل اليدوقراطي (بما فيه من ندم على ما كان) محل حفاوة وتقدير من كل الحادبين على دعم كل بارقة أمل في إنتشال البلاد والعباد من هذا الجُب المُظلم العميق ، لكن على المستوى الأخلاقي والقيِّمي ، وجب أن نقول في هذا المقام أن مُجرَّد الندم والإعتذار لا يكفي لسبر أغوار الجراح وإضفاء الإضاءات المشرقة على ماضٍ حالك الظلام ومُفعم السواد ، في خطابه الأخير يقول قائد الدعم السريع أنه نادم على مشاركته في إنقلاب 25 أكتوبر المشئوم لأنه فتح باباً لعودة الفلول إلى دهاليز السلطة والنفوذ ، لكنهُ نسى أو تناسى تحت وطأة الخوف من المسئولية المودية إلى الحساب والعقاب أن يذكر في خطابه (ما تبَّقى) من تداعيات كارثية أحدثتها مشاركته التي ندم عليها في صناعة الإنقلاب ودفع ثمنها الكثير من الضحايا ، والذين عاجلاً أم آجلاً سيُطالبون صُناع الإنقلاب (بالتسوية وتصفية الحسابات) ولسانهم حالهم (ماذا يفيد الندم).
مشاركة قائد الدعم السريع في إنقلاب 25 أكتوبر المشئوم لا يمكن (إختصا) و(تقزيم) مُبرِّرات الندم عليها في مُجرَّد كونها فتحت باباً لعودة الفلول ، إذا أن هذا الطرح الفطير المُستهتر بالكارثة سيفتح الباب مُشرعاً للعقلاء والحقانيين المؤمنين صدقاً بدولة العدالة والقانون أن يتسائلوا : وماذا عن أرواح الشهداء الذين سقطوا منذ الإنقلاب وحتى يومنا هذا آناء ممارستهم لحقهم الشرعي في التعبير عن الرأي والسعي عبر تضحياتٍ جسيمة لمناهضة الإنقلاب وإجبار قادته على الإستسلام والتراجُع ، هل يوفي الندم والإعتذار بالشرع الرباني والوضعي والعُرفي حق أولياء الدم في القصاص لمقتل فلذات أكبادهم ؟ ، ومن ناحية أخرى ماذا يفيد الندم آلاف الجرحى الذين يعانون الآن من الآثار الجسيمة لإصاباتهم وعدم القدرة على ممارسة حياتهم الطبيعة ؟ ، ثم ماذا عن تقويض النظام الدستوري كجريمةٍ عُظمى تم النص عليها وإدراجها في جميع الدساتير التي مرت بالبلاد وفي مقدمتها الوثيقة الدستورية التي تم تمزيقها بفعل الإنقلاب ، هل يوفي بها كجريمة مُجرَّد إعلان الندم في خطاب ، كيف سمح قائد الدعم السريع لنفسه حينها أن يُنَّصِب نفسه (وكيلاً) عن الشعب السوداني الذي حدَّد خياراته في حكم البلاد بالدماء الغالية والمُجاهدات والتضحيات الباذخة ، ليُقرِّر المشاركة في إنقلاب يفترض مُنفذوه أن الشعب السوداني غير مستحق للعدالة والحرية والسلام والتنمية المُستدامة لمجرد أنه قرَّر الخروج من مُستنقع حُكم المؤتمر الوطني المُضمَّخ بكل أصناف الفساد والمظالم.
من أعظم المشكلات أو الأسباب التي ساهمت في إرساء هذا القدر الفسيح من التخلَّف السياسي والإقتصادي والإداري والأخلاقي في بلادنا ، الإصرار في كل مرةٍ على إعتماد مبدأ (عفا الله عن ما سلف) ، وعدم المحاسبة و دفع أثمان ما تم تبديده من مصالح وطنيه ، هذا إن كانت تُقدَّر بثمن ، وبما أن ما كان يمنعنا من محاسبة أمثال قائد الدعم السريع هو عدم الإعتراف بما إرتكبوا من جرائم ، فضلاً عن مقاومتهم للمحاسبة بقوة السلاح والسلطة والجبروت ، فلا يوجد عذرٌ بعد الآن بعد أن إعترف الرجل وذهب إلى أبعد من الإعتراف حين أعلن الندم ، ولإن كان هذا الندم صادقاً ونابعاً من ضميرٍ حيّْ ، فليُلحقهُ قائد الدعم السريع بالتواضع الذي يدفعهُ للوقوف أمام القضاء كخصمٍ لكل الذين تضرَّروا وذاقوا المرارات بفعل الإنقلاب المشئوم وفي مقدِّمتهم الشعب السوداني.
haythamalfadl@gmail.com