ما سر غضب البلابسة من حديث شريف عثمان؟

 


 

 

كنت أتحدث عن سبب ردة الفعل القوية لدرجة ايقاف برنامج تلفزيوني نتيجة تصريحات شريف محمد عثمان.
فسألت أحدهم عن سبب الغضبة الحقيقية.
قال لي
غاظهم الحديث عن شوالات الرمالة قدام القيادة العامة، واتهام الجيش قتل المواطنيين بالطيران.
قلت له.. لا أرى ذلك كافياً، نعم حديث الرملة وطريقة صديقنا شريف كانت لاذعة ومست غرور الجنرال، واتهام الجيش بالقتال لا يجد قبولاً لأن القوم في حالة انكار، وهي حالة مرضية تتماشى مع تصميم ما نسميه بناءً على علم النفس دائماً العقل المعياري، وطرائق تفكيره، والانكار يعد أحد الوسائل الدفاعية لامتصاص الصدمات والهروب من مواجهة الحقيقة.
لكن ثمة شيئ آخر، قد تستغربونه، ولا يجول بخاطر الكثيرين.
سالني عن هذا الشيئ الخطير.
قلت له،:
الادانة الصريحة والواضحة لقوات الدعم السريع، والحديث عن انتهاكاتها المستمرة في الجزيرة، وتحميلها مع الجيش مسؤولية الحرب.
استغرب محدثي، وسألني كيف يغضبون من ادانة الدعم السريع وهم يدينونه صباح مساء؟ كيف يرفضون ذلك وهم من يبنون كل خطابهم السياسي على الانتهاكات؟ بل يسعدون لوقوع الانتهاكات؟
شكك في جديتي، أو ربما مفارقتي للواقع، فهم فعلاً يدينونه كل يوم، ويتهمون القوى المدنية بعدم الادانة بين كل كلمةٍ وأخرى ، بل يعتبرون تقدم أنها الجناح السياسي للدعم السريع.
قلت له.
هنا مربط الفرس هنا ما سبب الغضبة الكبيرة، ، هم لا يريدون حرق هذه الورقة، ورقة الانتهاكات، لا يريدون طمس صورة ذهنة اجتهدوا في رسمها كي تكون حقيقةً لأن معركتهم الاستراتيجية ليست مع الدعم السريع، بل مع قوى الثورة، يريدون لها صورة العميل والتابع، والخائن " وعليك أن تأخذ ما تشاء من شغل التلات ورقات وترمي به في وجوههم".
أما الدعم السريع فسوف يقبلونه غداً إذا ضمنوا وقوفه إلى جانبهم مثلما قبلوا أبو عاقلة كيكل؛ برغم أنه كان قائد دخول الجزيرة، وأن غالبية الانتهاكات حدثت تحت قيادته طوال قرابة العام، سيقبلون بالدعم السريع مثلما قالت الشيخة سناء حمد،ان جنحوا الى السلم سيفاوضون حمدان، وسوف يقاسمونه السلطة بشرط أن يكون حارساً للقصر لا سيداً فيه، أما المعركة الحقيقية فهي مع ثورة ديسمبر، مع القوى المدنية.
يريدون لها أن تكون مدموغة بالخيانة، وأن تظل وصمة الصورة الذهنية المصنوعة باقية في الجبين،
لكن أن يتحدث أحد قادة تقدم بذلك الوضوح والشجاعة فهذا ما يعذبهم لأنه ينسف الرواية.
قلت لمحدثي ، هذا في علم النفس أيضاً يدخل في سياق الوسائل الدفاعية، ويسمى الازاحة وهي " تحويل الفرد لمشاعره السالبة من المصدر الأساسى للتهديد إلى مصدر بديل، بسبب الفشل في مواجهة مصدر التهديد الحقيقي، و يقول المثل المصري " غلبتو مراتو مشى يؤدب حماتو". أو تحويل غضب الزوج من رئيسه بالعمل إلى زوجته بالمنزل".
لكن أسراب القطيع يحفظون ما يسمعونه دون أن يفهمونه " حافظ لكن ما فاهم"
بالمناسبة لم تكن هي المرة الأولى، التي يدين فيها قادة القوى المدنية قوات الدعم السريع، وللحقيقة ظلت الادانات تصدر تباعاً،مثلما لم تكن تصريحات شريف هي المرة الأولى التي يتحدث فيها الناس عن استعدادات الحرب منذ يونيو ٢٠٢١؛
إلا أن طريقة شريف الذكية والواضحة وخطابه الشفاف والسياق الذي أدلى فيه بتصريحاته هو ما رسخ الموقف، وهو ما أدى إلى اهتزاز الصورة الذهنية.

 

آراء