منصة أنشأها محامون وحقوقيون ثوريون وطنيون وهي مجموعة لا يُشق غبارها في العلم القانوني تحمل اسم (منصة دعم مفوضية الإصلاح القانوني والعدلي) لفتت الانتباه إلي حالة مُزعجة تُضاف إلي وقائع أخرى حول أوضاع القضاء والنيابة في السودان.. وبإشارة والي حالة من استهداف الثوار ولجان المقاومة ومطاردتهم ببلاغات ومضايقات من النيابات على خلفية تقديمهم بلاغات بالفساد مما يشكل حالة غير مطمئنة عن المنظومة الحقوقية والعدلية التي لازالت بعض جوانبها تحمل أنفاس الإنقاذ الكريهة الموبوءة..! ولا يُخفى أن هناك جهات عديدة تسعى إلى طمس قضايا الفساد علاوة على تحركات الفلول المكشوفة..وحتى إذا تركنا ملاحظات أهل التخصص جانباً فإن القرائن المُشاهدة والمحسوسة والملموسة تؤكد على (البطء والمماطلة والصهينة والتسويف) في محاكمة جرائم الإنقاذ (جرائم الدم وجرائم السرقات) وهذا ما دفع بعض أنصار الثورة للمطالبة الصريحة بإعادة النظر في أداء رئيسة القضاء والنائب العام.. بل النظر في استبدالهم.. فمن هو الأحق بالمطاردة: الثوار أم اللصوص..؟! ويبدو أن الحديث عن فساد الإنقاذ وجرائمها (من الأمور غير المرغوب فيها) خاصة من (تلفزيون السودان) والقنوات الفضائية.. ولكن لا ينبغي أن يكون هذا هو حال القضاء والنيابات بعد الثورة.. ولك أن تسأل ولا مجيب عن محاكمات إبادة المواطنين بالآلاف وعبر المذابح النوعية، وعن قضايا التعذيب وبيوت الأشباح والاختفاء القسري وسارقي القروض وناهبي المرافق العامة وبائعي (خط هيثرو) ومستلمي دولارات المخلوع المسروقة وحيازة الأراضي والعقارات والاختلاسات المدوية و(النهب الديناصوري)...!! فمتى يخرج النائب العام ويقول للشعب متى سيقدم هذه القضايا؟! وفي أي مرحلة هي الآن؟ وما هي المعوّقات؟ وماذا فعلت رئيسة القضاء في قضاة المليشيات وفي الفساد الذي كان يفرّخ في أركان القضائية؟ والى متى؟! ..(عامٌ مضى..عام من العمر انقضى.. وأطل عام)...؟
حتى في محكمة البشير استعجب حقوقيون وخبراء قانونيون كان آخرهم استعجاب المحامي والخبير القانوني "علي العجب" من (تقليم أظافر) خطبة الاتهام في محكمة مدبري انقلاب يونيو المشؤوم ومنع النائب العام من سرد أضرار الانقلاب على البلاد على مدى ثلاثين عاماً بحجة أن المحكمة معنية فقط بليلة الانقلاب..!! وقال العارفون أن من مهام خطبة الاتهام شرح أبعاد للجريمة بما يكشف خطورتها ومآلاتها.. فمن حق الاتهام عدم فصل تبعات الانقلاب عن القيام به، لأن الفصل بينهما يعيق تشديد العقوبة على هذا الجُرم الفادح الذي قاد إلى كوارث أقلها شطر البلاد إلي نصفين.. هذا عدا الإشارة إلى حالة الفوضى التي يثيرها المتهمون وهيئة دفاعهم والانتقاص من وقار المحكمة.. فكيف تكون الردود (غير المُحترمة) على أسئلة القاضي للمتهمين مترعة بالاستهزاء القبيح والتهكم السخيف والتفكّه الثقيل.. يسأل القاضي المتهم عن اسمه ويكون الرد بذكر (عدد الزوجات) والمطالبة بتغيير القاعات، وإطلاق الهتافات، وتعمُّد المماحكات.. في جريمة غاية في الخطورة خلفها وأمامها دماءٌ وقتلى ومشردون ومفقودون و(قبور جماعية) وضياع مقدرات وسرقة موارد وتلاعب بكيان الدولة وسيادة تراب الوطن..؟!
هذا بعض ما نقلناه بما هو اقرب إلي (نقل المسطرة) من أهل القانون.. ذكروه في المنابر والصحف والمواقع ونقلنا بعضه أيضاً من آراء ومشاعر الرأي العام التي يمكن استخلاصها من جموع الجماهير في مواقفها وفي تعليقاتها وفي مسيراتها واحتجاجاتها.. وكلها تؤكد (إن هناك شيئاً ما في مملكة الدنمارك) يثير الانزعاج حول مسيرة العدالة والقضاء ومحاكمة قادة الإنقاذ وفلولهم على جرائمهم المشهودة.. وهذا يشمل أيضاً قصور قوى الحرية والتغيير عن الاهتمام كما يجب بهذا المطلب المركزي من مطالب الثورة.. بل أن قضايا دونه تجد الكثير من (الكلام المُقال والمداد المُراق).. فما الذي يؤخر قيام مفوضية مكافحة الفساد ومفوضية الإصلاح القانوني؟ ولماذا تتأخر محاكمات الإنقاذ الكبرى كل هذا الوقت وبهذه السلحفائية؟! حتى الآن نتحفظ عن المُضي أكثر في هذا الشوط والتساؤل عن أسباب هذا التلكؤ الذي لا تخطئه العين في محاكمة جرائم عديدة وجسيمة لا يمكن إخفاؤها ..وهي تماثل (جرائر الإمام الزمخشري الافتراضية).. التي ينسبها إلى شخصه من باب تبكيت النفس..(يخشى جرائر لا يكاثرها الحصى/ لكنها مثل الجبال كبائرُ)...!
الله لا كسب الإنقاذ..!
murtadamore@gmail.com