مجمع الفقه يري الإبقاء على مناهج الإنقاذ !!
وما هي سلطة مجمع الفقه حتى يحكم بالإبقاء على المناهج التعليمية التي فرضها الإنقاذ؟ وما هو سلطانه الذي يجعله يقف حائلاً دون إصلاح المناهج ومراجعتها وتصويبها وتطهيرها من السموم؟! تاريخ هذا المجمّع وتركيبته هي من تاريخ الإنقاذ وتركيبتها.. ولا أحد في حاجة لتدخلاته في ما لا يعنيه بهذا الأسلوب الفج الذي يريد به أن يجعل من نفسه ومن عضويته رقيباً على التعليم والفكر والثقافة وهو الذي صمت طوال عقود عن كل سوءات الإنقاذ التي قتلت وشرّدت وخرّبت واغتصبت الحقوق جهاراً نهاراً ونصبت بوجود هذا المجمع وتحت عيونه محارق القمع وأنشأت (الأسواق الحرة للنهب)..! أين كانت بيانات الفقه حينها؟ وهل كان المجمع يتدخل في المناهج على أيام الإنقاذ؟ أم أن أنوف البخلاء كبيرة (لأن الهواء مجاني)..؟!
المناهج من عمل الخبراء والمعلمين والتربويين المتخصصين .. والهيئة المعنية به بين هيئات الدولة الموكل لها إعداد المناهج أو مراجعتها وتنقيتها وتنقيحها وتطويرها وفق احدث الأساليب العلمية هي إدارة المركز القومي للمناهج والبحوث التربوية؛ وهي المخوّلة بما ترى إلغاءه أو اعتماده.. وقد سبق أن فتحت الباب واسعاً للمساهمة المجتمعية وقبول مقترحات المختصين وغير المختصين من المواطنين والمواطنات وقدم الكثيرون مقترحاتهم وجرى الأخذ بالمفيد منها وفق الأسس التربوية والتعليمية التي يقرها أهل العلم والاختصاص؛ وإذا كان لهذا المجمع (الهمايوني) آراء ومقترحات حول المناهج فلماذا لم يتقدم بها.. بدلاً من أن يخرج علينا مدافعاً عن مناهج الإنقاذ التي أفقرت المعرفة وارتكست بالتعليم وهبط بمستوياته أسفل سافلين وبثت فيه هرطقتها وخزعبلاتها وأرهقت كتوف النشء وعقولهم بالحشو الفارغ الذي لا يؤسس معرفة ولا ينير عقلاً ولا يبني شخصية.. بل يؤسس للفرقة بين المواطنين وبين مكونات البلاد ويدعو للاقتتال ويحض على الكراهية والتبعيض ويهدد الوحدة الوطنية ويسئ للتنوع السوداني البهي..! وعندما يشمّر الناس لإصلاح هذا الخراب يخرج علينا بضعة أفراد يقولون أنهم يمثلون فقهاء الأمة السودانية داعين إلى الإبقاء على مناهج الإنقاذ من غير أن يوضحوا (في سطر واحد) مآخذهم على المنهج الجديد حتى يكون الأمر حواراً موضوعياً حول نقاط معلومة..! إذا كان (الجهل راحة) كما يقولون.. لماذا لا يرتاح هؤلاء الناس ويريحونا..!
لم يحترم هذا المجمع القضية التي يخاطبها حيث كان عليه أن يجلس قليلاً على مقاعده الوثيرة وينفق بعض الجهد ويحدد ما يعترض عليه في مقرر الصف الأول للمرحلة الابتدائية حتى تجيب وزارة التعليم وخبراء المناهج على نقاط الاعتراض.. فهل المقصود هو العرقلة المقصودة (لذاتها) وتعويق التغيير واعتراض مسيرة الثورة وهيهات .. سيتم الانتصار على حملات التآمر على الثورة وتفكيكها (حلقة بعد حلقة) ولو كره الإنقاذيون..! ولن يجدي التستر خلف اللافتات القديمة التي كانت تقصد الإنقاذ بها إنشاء هيئات ومؤسسات على ذات تركيبتها التنظيمية من أجل إعلاء راية التجهيل والمتاجرة بالدين والتغطية على التجاوزات على غرار الهيئات التي قالت أنها تمثل (الرقابة الشرعية على البنوك) فكان فساد البنوك تحت إشرافها مما تتواضع أمامه مافيا المخدرات وعصابات (آل كابوني) ..!
هذه (حركات) الإنقاذ التي تشرعن الفساد وتختفي تحت لافتات التديّن الكاذب .. والغريبة أن جماعة المجمع الذين تقدموا بالاعتراض على منهج الصف الأول كشفوا عن جهلهم بالفرق بين المقررات الدراسية وبين المنهج التعليمي.. وعلى عبارة السيد المسيح للفريسيين: أيها المراءون تبتلعون الجمل وتشتكون من البعوضة..فإن هؤلاء المعترضين على منهج سنة أولى ابتدائي وهو بين أيدي الخبراء التربويين لم يقدم مجمعهم هذا في تاريخه مذكرة احتجاج واحدة على مقتل السودانيين على يد الإنقاذ طوال عهدها الدموي الذي ذهبت فيها أرواح مئات الآلاف والمجمع صامت.. فبالله عليك ما هو نفع من يصمت على قتل الناس وحرق القرى وتشريد السكان وطرد الناس من وظائفهم؟! ومتى يتم استخدام (فقه صيانة النفس) و(فقه الأخذ بيد الظالم)؟!
لكم بلغت الإنقاذ غاية الإسفاف وهي تنشئ الأجسام الهلامية الموالية وتزرعها في جسم الدولة حتى تستقوي بها على المواطنين وتستنجد بها في القهر والقمع الفكري وغير الفكري مثل هيئة علماء السودان وتوابعها وما شابهها.. تنفق عليها الأموال والمخصصات وهي مؤسسات عاطلة (زائدة عن الحاجة) في حين تترك المستشفيات والمدارس أطلالاً وخرابات.. ولم يجرؤ أي من هذه الكيانات أن يحتج على جلوس التلاميذ في أصقاع السودان تحت (شاشوق) الرواكيب المهلهلة وتحت (صقيعة) الشمس الملتهبة والسموم اللافحة..أو جلوسهم على التراب و(كُسّار الطوب) جوعي بلا إفطار ولا (أزيار مويه) في قلب العاصمة القومية..؟؟! ماذا تلد الهرة سوداء الأبوين غير هرٍ اسود.. هل القصد من هذا التخريف حول المناهج مجرد تعكير الأجواء والإسهام في البلبلة التي يثيرها الفلول..؟ أم يريد المجمع الفقهي أن يثبت وجوده بعد أن طال عليه الصمت وأفاق من صدمة ثورة الوعي الجديد.. فشعر بغضب مكبوت..مثل شخص يملك بطاقة تأمين صحي وأغاظه أنه لم يمرض منذ سنوات؟؟!
... الله لا كسّب الإنقاذ..!
murtadamore@gmail.com